عبد القادر عودة
عبد القادر عودة (1903-1954م) قاضي وفقيه دستوري، والده الحاج علي أحمد عودة – من الاعيان. من مواليد 22 يونيه عام 1903م كفر الحاج شربيني - عزبة علي أحمد عودة - مركز شربين – محافظة الدقهلية، اشتغل بالزراعة، ثم عاد فواصَل الدراسة وحصل على البكالوريا، ثم التحق بكلية الحقوق - جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة) 1929م. وتخرج فيها عام 1933م، وكان ترتيبه الثاني على دفعته.
ثم التحق كطالب بقسم الدكتوراه بمكافأة سنوية 120 تدفعها له الكلية بشرط تفرغه للدكتوراه وعدم عمله في مجال أو مكان آخر. قيد بنقابة المحامين 12 يوليو 1933م. ولكن شاء الله عز وجل أن يعين بالنيابة قدراً وذلك عند مقابلته للنائب العام وإعجاب الأخير بشخصه وعلمه وتعجبه من عدم استخدامه لأية وساطة أو محسوبية لتعيينه بالنيابة العمومية حينذاك، فأصدر النائب العام قراراً بتعيينه معاونا للنيابة بمدينة طهطا في 6 ديسمبر 1933م. كان اول لقاء مع الامام الشهيد حسن البنا عام 1939م. ثم عين وكيلاً نيابة ابو قرقاص ثم جرجا. ثم نقل إلى مدينة الزقازيق فكان وكيل نيابة فاقوس عام 1943م. عين مراقباً عاماً لجماعة الاخوان بالزقازيق – محافظة الشرقية عام 1944م. رقي رئيساً للنيابة، ثم رقي ليصبح رئيس محكمة. ولكنه خير بين منصبة كقاضي وبين انتسابه لجماعة الاخوان المسلمين، فكان منه أن كتب خطاباً للأمام الشهيد حسن البنا طالباً منه الموافقة على استقالته من للقضاء فكان من الأمام أن رفض الاستقالة. فنقل إلى مدينة سوهاج بصعيد مصر. ثم استقال وهو يشغل منصب قاضي اول محكمة المنصورة الكلية بعد موافقة الأمام الشهيد حسن البنا له وللمستشار/ حسن الهضيبي من القضاء المصري وافتتح مكتباً للمحاماة في 30 أكتوبر 1951 مؤثراً أن يهب نفسه للدعوة واصبح كما قال عن نفسه حين ذاك محاميا واخاً مسلما. اصبح وكيلاً عاماً لجماعة الاخوان وعضواً بمكتب الارشاد منذ عام 1951م.
وكانت له مواقف مثالية. في عهد "عبد الهادي" قدمتْ إليه -وهو قاضٍ- أكثر من قضية من القضايا المترتبة على الأمر العسكري بحل جماعة "الإخوان المسلمين"، فكان يقضي فيها بالبراءة؛ استنادًا إلى أن أمر الحل غير شرعي. وكان له فيها مواقف لامعة في الدفاع عن الحريات، ومحاولة إقامة الدستور على أسس واضحة من أصول الإسلام، وتعاليم القرآن. في عام 1953م انتدبته الحكومة الليبية لوضع الدستور الليبي.
كان محاميا عن أسرة الأمام الشهيد حسن البنا في قضية مقتله، وعين عام 1953م عضواً بلجنة وضع دستور 1954م. قبض عليه في 28 فبراير على اثر مظاهرات عابدين 1954م الشهيرة وافرج عنه في 27مارس 1954م. اعيد اعتقاله في منزله مرة ثانية وحددت إقامته في 25 سبتمبر 1954م. نقل من تحديد إقامته الي السجن فجر 27 اكتوبر 1954م متهما في حادث المنشية المدبر. حوكم بمحكمة الشعب الصورية في 30 نوفمبر 1954م وكانت برئاسة جمال سالم وعضوية أنور السادات وحسين الشافعي، وكانت أقصر محاكمة في تاريخ مصر حيث كانت مدتها 3 ساعات قام هو بالدفاع عن نفسه فيها وكانت له كلمات شهيرة في اثناء هذه المحاكمة الهزلية – نشرت فيما بعد. وصدر الحكم في صباح السبت 4 ديسمبر 1954م وكان بالإعدام له و11 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ابرزهم المستشار/ حسن الهضيبي المرشد العام حينذاك – والذي خفف عنه الحكم بعد ذلك لكبر سنه إلى 25 عاماً - وكذلك الأستاذ/ محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين فيما بعد – وقد خفف عنه وعن اربعة آخرون الحكم فيما بعد. وتم تنفيذ الحكم بإعدامه صباح 7 ديسمبر بسجن الاستئناف في الساعة 10.30 صباحاً، وكذلك تم تنفيذه في خمسة آخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين منهم الشيخ/ محمد فرغلي – والذي كانت إنجلترا تطلب رأسه نظير ما قد فعله بها اثناء قيادته المقاومة السرية ضد جيشها في مدينة السويس.
وكذلك إعدم معهم عدد آخر من قيادات الإخوان المسلمين وهم يوسف طلعت وإبراهيم الطيب المحامى وهنداوي دوير المحامى ومحمود عبد اللطيف. وتم إعدامهم في 7 ديسمبر 1954. هذا بخلاف من قتلوا جراء التعذيب خلال الفترة من 26 أكتوبر 1954 حتى عام 1965م [١]. وتلى ذلك محاكمة عدد آخر من زعماء الإخوان المسلمين في عام 1966م، وعلى رأسهم سيد قطب حيث قضت المحكمة العسكرية بقيادة الفريق الدجوى بإعدامه مع كل من يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل (إخوان مسلمون).
بدأ هذا الأمر في 28 فبراير 1954م بمظاهرة أمام قصر عابدين، قصر الجمهورية، لتهنئة محمد نجيب بعودته لرئاسة الجمهورية. حين ارتفعت هتافات واحدة، ورفعت المصاحف: لا شرقية لا غربية.. إسلامية إسلامية.. إسلامية قرآنية. ثم ارتفع صوته بخطاب ملتهب أشار فيه إلى تصدي قوات من الجيش لطلاب جامعة القاهرة وطلاب مدارس الجيزة، وإطلاق الرصاص عليهم وسقوط عدد من الشهداء. فكان جزاء الشهيد عبد القادر أن ألقي القبض عليه وعلى الأستاذ عمر التلمساني بعد خمسة أيام من هذه المظاهرة، ووُجهت له تهمة العمل على قلب نظام الحكم في مظاهرة 28 فبراير.
دمائي لعنة عليهم
في يوم الخميس 9 ديسمبر عام 1954م كان موعد تنفيذ حكم الإعدام على عبد القادر عودة وخمسة من إخوانه... وتقدم الشهيد "عودة" إلى منصة الإعدام وهو يقول: "ماذا يهمني أين أموت؛ أكان ذلك على فراشي، أو في ساحة القتال.. أسيرًا، أو حرًّا.. إنني ذاهب إلى لقاء الله"، ثم توجه إلى الحاضرين وقال لهم: "أشكر الله الذي منحني الشهادة.. إن دمي سينفجر على الثورة، وسيكون لعنةً عليها".
أخيراً دفن الشهيد بمقابر باب الوزير ثم نقل جثمانه إلي منطقة البساتين بمحافظة القاهرة بجمهورية مصر العربية.
انجب ثمانية من الابناء كان اكبرهم فيصل والذي كان يبلغ في يوم الاعدام 17 عاماً – مما عكس عليه ذلك طيلة حياته - وتلاه على الترتيب محمد ثم نجوي ثم ناهد ثم خالد ثم فاروق ثم أحمد ثم زياد والذي كان يبلغ عشرة شهور يوم إعدام الشهيد. له شقيق وحيد وهو الأستاذ/ عبد المجيد عودة. ومن اخوته الغير اشقاء الأستاذ الدكتور/ عبد الملك عودة عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الاسبق وكذلك الفنان الأستاذ/ عبد الغفار عودة وكيل وزارة الثقافة ونقيب الممثلين سابقاً.
من مؤلفاته
- الف اثناء حياته مجموعة من الكتب التي صارت فيما بعد من اهم مصادر التشريع الإسلامي وهي على الترتيب:
1- الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علماءه. 2- الإسلام واوضاعنا القانونية. 3- الإسلام واوضاعنا الاقتصادية. 4- الإسلام واوضاعنا السياسية. 5- المال والحكم في الاسلام. 6- واختتم حياته بموسوعته التشريع الجنائي الاسلامي التي ظل يكتبها حتى يوم إعدامه فخرج الجزء الأول في عام 1949م. وسلم الجزء الثاني والأخير والذي اكمله ليلة الإعدام وكذلك قلمه الرصاص - عقب تنفيذ الحكم إلى عائلته. وهنا يذكر أمر مذهل .. وهو عجز كل من الناشر وشركة الطباعة فيما بعد عن إيجاد شطب أو كشط أو حتى عدم وضوح خط الكتابة في أوراق هذا الجزء الذي ظل يكتبه الشهيد حتى أخذ لتنفيذ الحكم مما يستدعى معه إعادة كتابته أو تنقحه، فكان أن طبع بخط يد الشهيد نفسه وخرج إلى النور عام 1960م.
له العديد من المقالات والبحوث القيمة التي طبعت مرات عديدة، ومنها ما ترجم للغات شتى، بل إن العديد من طلبة الماجستير والدكتوراه في الدراسات الإسلامية قدموا أطروحاتهم عن مؤلفات الشيخ عبد القادر عودة، باعتباره الرائد في هذا الميدان.[بحاجة لمصدر]
من كلام عودة
"حين أقارن بين القانون في عصرنا الحاضر وبين الشريعة، إنما أقارن بين قانون متغير متطور، يسير حثيثًا نحو الكمال حتى يكاد يبلغه كما يقال، وبين الشريعة التي نزلت منذ ثلاثة عشر قرنًا ولم تتغير ولم تتبدل فيما مضى، ولن تتغير أو تتبدل في المستقبل، شريعة تأبى طبيعتها التغيير والتبديل؛ لأنها من عند الله، ولا تبديل لكلمات الله، ولأنها من صنع الله الذي أتقن كل شيء خلقه، فليس ما يخلقه في حاجة إلى إتقان من بعد خلقه..
نحن -إذن- حين نقارن إنما نقارن بين أحدث الآراء والنظريات في القانون، وبين أقدمها في الشريعة، أو نحن نقارن بين الحديث القابل للتغيير والتبديل، وبين القديم المستعصي على التغيير والتبديل، وسنرى ونلمس من هذه المقارنة أن القديم الثابت خير من الحديث المتغير، وأن الشريعة -على قدمها- أجل من أن تقارن بالقوانين الوضعية الحديثة، وأن القوانين الوضعية بالرغم مما انطوت عليه من الآراء وما استُحدث لها من المبادئ والنظريات لا تزال في مستوى أدنى من مستوى الشريعة".
مراجع
- ^ حياة الإخوان في المعتقل, الحلقة 7, الجزء الثاني, مذكرات القرضاوي, إسلام أون لاين
- من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة - تأليف عبد الله عقيل بن سليمان العقيل - دار التوزيع والنشر الإسلامية - مصر - القاهرة - الطبعة الثالثة - 2006م - صفحة 523.
- الخصومة الفاجرة - تأليف أ.د. خالد عبد القادر عودة - المكتب المصري الحديث- مصر - القاهرة.
وصلات خارجية
- القاضي الشهيد "عبد القادر عودة"، إخوان أون لاين، 23 ديسمبر 2003م
صفحة عبد القادر عودة على Facebook.com