عبد الرشيد إبراهيم
هذه المقالة بحاجة إلى إعادة كتابة باستخدام التنسيق العام لويكيبيديا، مثل استخدام صيغ الويكي، وإضافة روابط. الرجاء إعادة صياغة المقالة بشكل يتماشى مع دليل تنسيق المقالات. بإمكانك إزالة هذه الرسالة بعد عمل التعديلات اللازمة. وسمت هذا المقالة منذ: يونيو_2011 |
عبد الرشيد إبراهيم هو داعية "قرمي قازانيّ تتري" عاش في روسيا التي استولت قديماً على بلادهم، وولد سنة(1273هـ) 1846م ببلدة "تارا" في سيبريا، وطلب العلم على مشايخ في بلاده، ولما بلغ من العمر اثنتي عشرة سنة ذهب إلى الحرمين ليمكث في الأراضي الحجازية عشرين سنة، وليعلن برحلته تلك ابتداء سلسلة من الرحلات الطويلة على مدار تسعين سنة تقريباً فأين ارتحل؟ ولماذا؟ وماذا حصل في رحلاته؟
كل هذا كتبه في جزأين نشرا في تركيا قديماً بعنوان "عالم إسلام" وصدق الأستاذ الكبير "عبد الوهاب عزام" حين قارن بين رحلته تلك المليئة بالفوائد ورحلة "ابن بطوطة" المليئة بالخرافات، والمجد الشخصي، والحكايات التي ليس في أكثرها عبرة وعظة مناسبة لأبناء الزمان، ثم تحسر على اختفاء رحلة "عبد الرشيد إبراهيم" من المكتبات، وامتلائها برحلة ابن بطوطة هذا معنى كلامه يرحمه الله الذي نقله الأستاذ الأديب "محمد رجب البيومي" حفظه الله ونفع بعلمه.
وسخر الله اليوم لرحلته هذه الأستاذ الكبير "صالح السامرائي" العراقي، ثم الياباني، فاعتنى بها، وهي في طريقها للخروج إلى القراء بحلة عربية قشيبة إن شاء الله تعالى.
رحلة طويلة
مكث داعيتنا في الحجاز عشرين سنة ينهل من العلوم، ثم عاد إلى روسيا ليدعو إلى الله تعالى، وترامت أخباره إلى أسماع المسلمين فتوافدوا إليه واجتمعوا عليه فضيقت عليه السلطات الروسية القيصرية آنذاك فهرب إلى تركيا.
ولما هزمت اليابان القياصرة الروس وخفت حدة ظلمهم، وانكسرت شوكتهم عاد إلى بلاده ونشر رسائل تدعو إلى الله تعالى، وتلقفها الناس وقبلوها.
لكن الأحداث المتتالية في روسيا أوحت إليه بالارتحال، فشد رحاله عازماً الذهاب في رحلة طويلة إلى اليابان ماراً ب"منشوريا، ومنغوليا، والصين، وكوريا، ثم اليابان، ثم الملايو"، ولم يكن آنذاك قد حصل التقسيم السياسي لها إلى عدة دول ماليزيا وإندونيسيا، وبروناي، وسنغافورة، ثم الهند، ثم مر بجزيرة العرب وحج، وارتحل من هناك إلى بلاد الشام بالقطار العثماني الذي كان قد افتتح في هذا الوقت ، ثم سار إلى "بيروت" وارتحل منها إلى إسطنبول، وكان ذلك سنة(1324هـ) 1907م.
من غرائب ترحاله
ومن غرائب رحلته التي فيها عبر وعظات كثيرة جداً ما يلي :
-1-
مر على كوريا، فوجد الكوريين يعملون حمالين عند الصينيين واليابانيين، ويقضون حاجاتهم في الطرقات، فإذا جاء الليل أووا إلى حظائر للنوم، فقابل أحد الكوريين في القطار فسأله عن مستقبل الأمة الكورية، وكان من دأب الشيخ سؤال الناس عن مستقبل أممهم، فرد الكوري باكياً : "نحن أمة كالبهائم، نحن أمة لا مستقبل لها " .
وقد انتابتني مشاعر غريبة وأنا أقرأ هذا في رحلته، فكوريا قبل أقل من مائة عام لم يكن أحد يتوقع لها أن تصل إلى شيء من الحضارة المادية، واليوم كوريا تصل إلى مستويات رفيعة في عالم التقنية والإنتاج، وهي أمة صغيرة قليلة بلا تاريخ ولا دين ولا حضارة سابقة، وكدت أبكي وأنا أتذكر أمتي ذات الحضارة العظيمة والتاريخ الرائع، والدين السامي الجليل، والتراث الذي ليس مثله تراث في الدنيا، تذكرت كل ذلك وقارنته بما نحن عليه اليوم من تخلف وضعف، ولا يقارن حالنا بحال كوريا، وللمقارنة فقط أقول إن براءات الاختراع التي ثبتت لكوريا من سنة 1400حتى1420هـ/ 1980 حتى2000م كانت قرابة أربعة عشر ألف براءة، أما الدول العربية مجتمعة فكان ما ثبت لها في المدة نفسها قرابة أربعمائة براءة اختراع فقط فإنا لله وإنا إليه راجعون.
إعجابه باليابان
-2- مر على اليابان، وأعجب بها أيما إعجاب، بنظافتها، وأخلاق أهلها وأدبهم، وحسن استقبالهم للضيف، وصراحتهم وعدم خديعتهم، والنظام الذي يسود حياتهم، وأهم من ذلك كله استعدادهم الكبير للإسلام، وقد استقر ذلك في نفسه بعد مقابلات عديدة لأمراء ووزراء وكبراء، وهذا الداعية العجيب لم يهدأ في رحلته اليابانية، فقد زار المرافق والسجون والبرلمان، وزار الجامعات والمدارس والمراكز التجارية والبريد والأسواق والجمعيات، واطّلع على علوم اليابانيين وحرفهم وطرائق عيشهم وزار الناس على مختلف طبقاتهم، وكان يجلس إليهم، ويتحدث الساعات الطويلة معهم، ويقبل دعوتهم، وهذا شأن الداعية الذي يريد أن يؤثر في العقول والقلوب، وقد حسّن إليهم الإسلام بذكر محاسنه وفضائله، وكان لكل ذلك أثره فيما بعد، وقد أسلم عدد يسير من اليابانيين في هذه الرحلة الأولى، وتعلم بهمته من اللغة في وقت يسير ما استطاع بها أن يتفاهم مع القوم هناك.
ثم غادر اليابان وفي عزمه الرجوع إليها، وعاد بعد مدة ليقيم فيها إقامة طويلة وليتوفى فيها سنة(1364هـ)1944م يرحمه الله تعالى عن عمر يناهز قرابة مائة سنة، وكان من آثار عمله أن اعترفت اليابان بالدين الإسلامي، وأُنشئت عدة مساجد فيها، وأسلم عدد من أهلها.
وكان له فيها قصة جليلة طويلة أحيل من يريد معرفتها إلى مذكراته يرحمه الله تعالى لكني أجتزئ هذا النص الجليل من ترجمة الأستاذ الدكتور "محمد رجب البيومي" له حيث قال: "إذا ذهب مصلٍّ إلى مسجد الإسلام بطوكيو عجب حين يرى الرجل الأسطورة في الخامسة والتسعين من عمره ينهض قبل شروق الفجر فيقيم صلاة التهجد، ثم يؤم الناس في صلاة الصبح، ولا يكاد يفرغ من تسبيحه حتى يتحلق عليه جماعة من حوارييه ليشرح لهم سور القرآن وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا أشرقت الشمس انتقل إلى حجرة الدراسة الملحقة بالمسجد ليجد نفراً من صبيان المسلمين يستقبلونه فيقوم لهم بدور المعلم، يكتب لهذا لوحه، ويسمع من ذلك سورته، ثم لا يستنكف أن يكون في هذه السن المتقدمة، وبعد هذا الجهاد المتواصل معلم صبيان تُقرأ على يديه مبادئ اللغة العربية ويُحفظ الناشئة قصار السور من جزء عم، وبعض المأثور من حديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وهو من كبار زعماء الإسلام في ثلاثة أجيال ناهزت القرن".
-3- كتب أحد القساوسة العاملين في الصين إلى وزارة خارجية بلاده يخبرها أن النصرانية تعاني من جهود عدو يزحف عليها بقوته، فبعثت وزارة الخارجية تسأل عن هذا العدو؛ فإذا بالإجابة المفاجئة أنه عبد الرشيد إبراهيم الذي حقق بعض المكاسب في الصين أمام النصرانية الزاحفة . هذا وقد دار الرجل في الصين، والتقى ببعض المسلمين فيها، وكانت له جهود هنالك جيدة، فرحمه الله وغفر له.
-4- شارك في حرب طرابلس مع الليبيين ضد الإيطاليين الغزاة الذين أقبلوا كالجراد المنتشر ينشرون الخراب والفساد في الأرض، وكان ذلك سنة(1330هـ) 1912م، وكان آنذاك قريباً من السبعين من عمره لكنه كان من صنف من الرجال عظيم لا يقنع بشيء إلا أن يرى انتصار الإسلام وعلو رايته في كل مكان.
-5-
ثم ذهب إلى ألمانيا ليكون بجوار أسرى الترك في الحرب العالمية الأولى ليخفف من أحزانهم، ويضمد جراحهم.
-6-
كل هذا كان يعمله بقروش قليلة، وقد عانى كثيراً بسبب فقره المدقع، ولم يكن يجد ثمن تذكرة الباخرة أو القطار أحياناً.[١]