سعيد الفيومي

سعيد بن يوسف أبو يعقوب الفيومي المشهور ب«سَعْدِيا» (ولد في 268 هـ / 882م، الفيوم - توفي في 330هـ / 942م، بغداد) حاخام وفيلسوف يهودي مصري. تأثر بالمدرسة الكلامية ومذهب المعتزلة. ودافع عن شرعية النبوة ووحدانية الله، كما رفض الإيمان بالسحرة والمنجمين. وهو أول شخصية عبرية مهمة تكتب على نطاق واسع بالعربية، ويعتبر مؤسس الأدب العربي اليهودي.

مسيرته

ولد في الفيوم في مصر. وخلال أيام إقامته في مصر كانت له علاقة قوية مع صاحبه الحاخام إسحق بن سليمان الإسرائيلي الذي سكن في القيروان. وغادر الفيوم في سن مبكرة للدراسة في طبرية فتتلمذَ هناك على يد أبي كثير يحيى بن زكريا الكاتب. وفي فصل الصيف عام 921 م عاش الفيومي في حلب. وهناك كان له دور كبير في الجدل القانوني والسياسي الذي نشأ بشأن التقويم اليهودي وقد اختلف مع الحاخام هارون بن مئير، رئيس يهود الشام، في ذلك الزمن. دافع عن موقف حكماء اليهود العراقيين حول التقويم اليهودي واستطاع أن يقنع يهود الشام برأي حكماء العراق الذين وافقوا على السير على هذا التقويم. وقد ألف في ذلك كتابا سماه الفصول.

رئيس المسبيين

قام رئيس المسبيين داود بن زاكاي بتعيين الفيومي رئيساً لمدرسة صورا عام 928 م، ومن المعروف بأن رؤساء المدرستين العراقيتين كانوا دائماً من أهل العراق، ويعود تاريخ منصب «رئيس المسبيين» إلى فترة الفتح الإسلامي للعراق عندما أعاد المسلمون هذا المنصب لليهود، فأنشأت آنذاك مدرستان كبيرتان، إحداهما في مدينة صورا والأخرى في بومبيديتا وكان انتخاب حاخام مصري الأصل رئيساً لمدرسة عراقية حدثاً عظيماً لأنها كانت المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك.. وأطلق في الفترة الإسلامية الاسم "جأون" أو «غاؤون» - بمعنى الرئيس الأعظم - على الحاخامين رئيسي المدرستين في العراق.

وتحت قيادته أصبحت مدرسة صورا مقراً علمياً كبيراً لحاخامات اليهود. وبعد فترة ليست طويلة نشب خلاف بينه وبين رئيس المسبيين الحاخام الأكبر للخلافة العباسية داود بن زكاي. فعندما أخرج الفيومي كتابه في التوحيد اليهودي باللغة العربية، وعنوانه: كتابات الأمانات والاعتقادات، لمح الحاخام زكي فيه أثرا من منطق المعتزلة المسلمين، فاعترض عليه، وأصر سعيد على آرائه، فاتهمه داود بمخالفة الشريعة الموسوية تملقا للمسلمين، وتجمهر عوام اليهود ضد سعيد الفيومي، ورجموا داره بالحجارة، ونادوا بسقوطه، فاستقال من منصبه، وبقي في بيته بضع سنين يترجم أسفار (العهد القديم) من العبرية إلى العربية، ويضع عليها شرحا مختصرا وآخر مطولا بالعربية، وصلتنا منه أجزاء لا بأس بها. ويظن الباحثون أن العثور على كل أعمال سعدي الفيومي مايزال ممكنا لو تم التفتيش عنها في اليمن، لأن يهود اليمن كانوا يؤمنون بعلمه وينسخون كل كتبه ويحتفظون بها لدراستها أو لمجرد التبرك بها. وانتهت هذه المحنة بعد أن انتهت الخلافات بعودته إلى أكاديمية صورا من جديد. وخلفه في المنصب بعد موته الجأون السموأل بن حفني (1003-1013 م).

مؤلفاته

في سن العشرين أكمل عمله الأول بتأليف قاموس عبري خصصه للشعراء عرف أولا باسم (معجم الأجرون) ثم سماه باسم كتاب أصول الشعر العبراني. وأيضا له كتاب اللغة أو ما يسمى كتاب فصيح لغة العبرانيين. وتفسير السبعين لفظة المفردة.

ذكر الحاخام ابن عزرا الأندلسي في تفسيره عن التوراة بأن الفيومي كتب ترجمةً للكتاب المقدس العبري بالحروف العربية. أطلق على ترجمته الاسم «كتاب التاج» وأضاف لجميع الكتب مقدمات وتفاسير بالعربية ولكن بالحروف العبرية. واندثرت كثير من هذه التفاسير كما ضاع الكثير من كتبه. وكتب عدة مقالات طويلة دافع فيها عن شرائع التلمود، وانتقد آراء الباحث حيوي البلخي وتلاميذه حول نصوص التوراة.

كان هدف الفيومي من خلال ترجمته للكتاب المقدس العبري يهدف لتقديم صورة صحيحة، من وجهة نظره، عن التوراة باللغة العربية، التي كانت سائدة في أيامه والتي يتكلمها العرب أجمعون. كان هدفه من الترجمة تبسيط الكلام وتقريبه للقارئ العربي، وابتعد في ترجمته وتفاسيره للتوراة عن تجسيم الله وتشبيهه. ومن تلك الأمثلة ذكرت التوراة ﴿لاَ يَكُنْ مِنْ بَنَاتِ إِسْرَائِيلَ وَلاَ مِنْ أَبْنَاءِ إِسْرَائِيلَ زَانِيَاتٌ وَمَأْبُونُو مَعَابِدَ﴾ بينما ترجمها الفيومي: ﴿لاَ يَكُنْ مِنْ بَنَاتِ إِسْرَائِيلَ مُمْتَعَةٌ وَلَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُمْتَعٌ﴾. ومن مؤلفاته أيضا:

  • «كتاب التاج»
  • «كتاب جامع الصلوات والتسابيح» يضم الصلوات اليومية وصلوات أيام الأعياد جميعاً كما ضمنه الشرائع اللازمة لكل يهودي في جميع المناسبات وكتبها باللغة العربية وبالحروف العبرية.
  • «كتاب الأمانات والاعتقادات» الذي ألفه عام 933 م.

وذكر ابن النديم في الفهرست: ومن أفاضل اليهود وعلمائهم المتمكنين من اللغة العبرانية، ويزعم اليهود أنها لم تر مثله، الفيومي، واسمه سعيد ويقال سعديا وكان قريب العهد، وقد أدركه جماعة في زماننا وله من الكتب:

  • كتاب المبادئ، وهو تفسير لكتاب «سفر يتزيراه» أو كتاب الخليقة المنسوب إلى إبراهيم الخليل.
  • كتاب الشرائع.
  • كتاب تفسير إشعياء.
  • كتاب تفسير التوراة، نسقا بلا شرح.
  • كتاب الأمثال، وهو عشر مقالات.
  • كتاب تفسير أحكام داود.
  • كتاب تفسير النكت، وهو تفسير زبور داود عليه السلام.
  • كتاب تفسير السفر الثالث من النصف الآخر من التوراة، مشروح.
  • كتاب تفسير كتاب أيوب.
  • كتاب إقامة الصلوات والشرائع.
  • كتاب العبور، وهو التاريخ.

انظر أيضًا

سعديا الفيومي

مفكر وحبر يهودي وفيلسوف لاهوتي، وهو سعديا بن يوسف جاؤن.

ولد في أبو صوير (محافظة الفيوم) سنة ٨٨٢م. ثم نفي أبوه من مصر، وسافر إلى فلسطين وتوفي في يافإ ■ وهنا في فلسطين تعلم سعديا من أبو كثير يحيعى بن زكريا الكاتب الطبري (نسبة إلى طبرية - فلسطين) . ولكنه لما كان لا يزال في مصر ألف كتابين، وجرت له مراسلات مع الحبر إسحاق بن سليمان الاسرائيلي القيرواني. وليست لدينا معلومات عن حياته في الفترة ما بين سنة ٩٠٥م و٩٢١م كما أننا لا نعرف السبب في مغادرته لمصر وكان في حلب في سنة ٩٢١. ومن حلب سافر إلى بغداد، فوصلها في سنة ٩٢٢.

ولما صار في العراق التحم في الصراع الذي كان قائماً آنذاك بين هارون بن مائير، رئيس مدرسة أورشليم، وبين زعماء الجالية اليهودية في العراق، وهو صراع كان يدر أساساً حول تحديد مواعيد الأعياد اليهودية والتقويم اليهودي بعامة (رأس السنة، الفصح، الخ) وقد ناصر سعديا زعماء الجالية ضد هارون بن مائير. وفي الوقت نفسه أخذ في الرد على القرائين، وعلى بعض الهراطقة اليهود مثل حيوي البلخي.

وعين رئيساً لمدرسة سورا، كبرى المدارس اليهودية في العراق. لكنه وقع في صراع مع زعماء الجالية اليهودية في العراق، اضطر في إثره إلى التخلي عن منصب الجاؤن وتوفي في سنة ٩٤٢.

إنتاجه الفلسفي

كان سعديا أول كاتب يهودي يكتب باللغة العربية , وكان بذلك قدوة لخلفائه من «الجيونيم" الذين صاروا يكتبون خصوصاً باللغة العربية .

وإنتاجه العلمي يتناول ميدانين «الهالاخاة»، والعقائد الدينية. والهالاخاة (من الجذر العبري: هلخ = ذهب) هي الشريعة أو الفقه اليهودي، وتشتمل على الأحوال الشخصية والشؤون الاجتماعية والقومية والعلاقات الدولية وسائر المعاملات والسنن اليهودية -تمييزاً لها من «الهاجادا» التي تتناول الشؤون غير القانونية. وقد كتب سعديا عدة رسائل في «الهالاخاة»، وقد جمع الكثير منها ونشرها Muller ٠ل في باريس سنة ١٨٩٧. وتشتمل على رسالة في الميراث، ورسالة في الوصايا ال٦١٣؛ تفسير قواعد التأويل الثلاث عشرة؛ أجوبة مجموعة.

أما مؤلفاته في (العقائد) الدينية فهي التي تهمنا هنا. وكتابه الرئيسي في هذا الميدان هو: «كتاب الأمانات والاعتقادات»، وقد كتبه باللغة العربية ونشر النص العربي س. لانداور s. Landauer سنة ١٨٨٠, وترجمه إلى الإنجليزيه س. روزنبلات s. Rosenblatt بعنوان Book of Beliefs and opinions سنة ١٩٤٨. وكان قد ترجمه إلى اللغة العبرية يهوداً بن طبون في سنة ١١٨٦م بعنوانن "سفر امونوت وهاديعوت» (طبع في القسطنطينية سنة ١٥٦٢) وفي سنة ١٩٧٠ قامي كفح

سعديا الفيومي

بإعادة طبع الأصل العربي مع ترجمة عبرية جديدة

ويبدو بوضوح من هذا الكتاب أن سعديا كان متأثراً تأثراً كبيراً جداً بمذهب المعتزلة المسلمين. وفي الوقت نفسه تأثر بفلسفة أرسطو وبأفلاطون وبالرواقية من خلال الترجمات العربية للمؤلفات اليونانية، لأنه لم يكن يعرف اللغة اليونانية، وإنما كان يعرف فقط اللغة العربية واللغة العبرانية. . بل نستطيع أن نقرر أن علمه بالفلسفة اليونانية لم يكن مباشراً وعن طريق النصوص اليونانية المترجمة إلى العربية، وإنما كان من خلال تأثر المتكلمين المسلمين، خصوصاً المعتزلة، لأنه لا ينقل نصوصاً بحروفها عن ترجمات كتب أرسطو وأفلوطين وما نقل إلى العربية من آراء للرواقيين

وقد أثر هذا الكتاب في الفلاسفة اليهود في العالم الإسلامي، مثل؟ بحيا بن فاقودة، رموسى بن عزرا، وابرهيم بن عزرا، وابرهيم بن داود. أما موسى بن ميمون فلم يذكر اسم سعديا، وإن كان يهاجم بعض آرائه دون ذكر لصاحبها.

ويقول سعديا إنه ألف هذا الكتاب ليقدم إلى إخوانه في الدين من اليهود دليلاً يهتدون به في مواجهة التشويش الذي أحدثته الفرق الدينية والمنازعات الكلامية التي سادت القرن العاشر الميلادي، ومن أجل محاربة المبتدعة اليهود مثل حيوي البلخي. فهو في الجملة جدال ضد الفرق والمذاهب التي رأى سعديا أنها ضالة أو منحرفة عن جادة الديانة اليهودية، كما تصورها سعديا ٠

وعلى غرار كتب علم الكلام الإسلامية، بدأ سعديا كتابه هذا بالكلام عن المعرفة، فقال إن مصادرها ثلاثة (١) الإدراك الحسي؛ (٢) المبادىء الضرورية؛ (٣) البرهان العقلي بالقياس المنطقي . ثم أضاف إلى هذه المصادر الثلاثة التي يقول بها الفلاسفة مصدراً رابعاً هو النقل الديني الصحيح . ويرى سعديا أن هذا المصدر ضروري لمن لا يستطيعون التفكير العقلي المنطقي.

ويرى سعديا اتفاق المعقول والمنقول الصحيح، ويؤكد أنه لا تعارض بين ما جاء في النصوص الدينية وما يقرره العقل. لكنه اضطر في سبيل هذا إلى الاعتماد على التأويل حينما لا يتفق النص الديني في الظاهر مع ما يقضي به العقل.

وبعد هذا المدخل الأبستمولوجي، يتناول سعديا العقائد الرئيسية . وهنا نراه ينقل عن المعتزلة مجمل آرائهم في هذه المسائل، ولا يكاد يختلف عنهم في شيء.

فهو يبدأ كتابه . بعد هذه المقدمة - بالكلام عن الخلق، ويقرر أن الخالق خلق الكون من العدم. ويسوق على هذا أربعة براهين: الأول منها يستند إلى أرسطو، والثلاثة الباقية مستمدة من علماء الكلام المسلمين.

وبعد أن ساق هذه البراهين الأربعة، أخذ في الرد على مذاهب المخالفين في هذا الباب: مثل مذهب القائلين بأزلية العالم (بأن العالم قديم)، ومذهب الشكاك الذين ينكرون إمكان معرفة وجه الحق في أمر الخلق.

ثم ينتقل سعديا إلى البحث في الله . فيقول إن الشه هو خالق كل الوجود المادي، لكنه لا يمكن أن يكون وجوده من مادة، لأنه لو كان من مادة لكان غيره هو خالقه. ولما كان اش ليس بمادي، فإنه لا يخضع لأعراض المادة : من كم وكيف ولهذا لا يمكن أن يكون إلا واحداً أحداً. ويقوده هذا إلى وصف الله بالصفات الثلاث الجوهرية، وهي: الحياة، والقدرة، والحكمة. ووصف اله بهذه الصفات لا يتضمن القول بالكثرة في ذات الله، بل هذه الصفات هي عين ذاته. واله لم يضطر إلى خلق العالم، بل خلقه بمحض إرادته. وقد خلقه ليعبده المخلوقون بالتزام أوامره ونواهيه، وهو ما يؤدي بهم إلى السعادة.

وحتى الآن يشعر القارى ء بأنه إنما يقرأ كتاباً في علم الكلام الإسلامي على مذهب المعتزلة. وليس لسعديا في هذا القسم أي رأى انفرد به عن المتكلمين المعتزلة المسلمين . إنما هو تلخيص أولى بسيط لكتاب معتزلي في علم الكلام.

وكما أخذ عن المعتزلة المسلمين آراءهم في الإلهيات، كذلك فعل في ميدان الأخلاق. فقد قال إن الإنسان حر مختار في أفعاله وبرر ذلك بأن قال إن من إكرام الله للإنسان أن جعله يكتسب الجزاء الحسن بواسطة أفعاله التى هو مسؤول عنها. ولهذا يجب أن يكون الإنسان حر الإرادة، وإلآ لم يكن مسؤولاً عن أفعاله، وكانت مجازاة اشه له بالحسنى أو العذاب ظلماً لا

سعديا الفيومي

يليق بالذات الإلهية. وثم دليل اخر على حرية إرادة الإنسان وهو شعوره بأنه لا يمنعه مانع من ارتكاب ما يشاء من أفعال بحسب الطاقة الإنسانية. ويحاول سعديا التوفيق بين حرية إرادة الإنسان وبين علم اله السابق، فقال إن علم الله لي هو السبب في أفعال الإنسان، ولهذا فإنه لا يحد من اختيار الإنسان. واله إنما يعلم فقط نتيجة ما يفعله الإنسان بإرادته الحرة.

ويتساءل سعديا: لماذا يسعد الشرير في هذه الدنيا، ويشقى الطيب الخير؟ ولا يجد جواباً عن هذه المعضلة إلآ بالقول بأن ثم توازناً بين الشقاء في هذه الدنيا وبين الجزاء الحسن في الآخرة . فالطيب الذي يشقى في هذه الدنيا سينال الجزاء الحسن الأوفى في الآخرة.

وفي الفصل الأخير من كتاب «الأمانات والاعتقادات] يتناول سعديا الموضوعات التالية: بعث الموتى، والمسيح الموعود، والخلاص. ويطيل القول في واجبات الإنسان في هذه الدنيا كيما يحصل على السعادة الحقة. وهو يقول إن البعث سيحدث بعد خلق عددمعينمن لنفوس

وكان سعديا في الفصل الثالث من هذا الكتاب قد تناول موضوع الأوامر والنواهي. فقال إن الأوامر والنواهي التي أعطاها الله لبني إسرائيل تنقسم إلى نوعين: نوع يقضي به العقل، ويستطيع الإنسان أن يكتشفه بعقله؛ ونوع يقوم على المنقول في الشريعة، ولا أساس له في العقل. والقوانين العقلية تندرج تحت ثلاثة مبادىء عقلية أساسية : الأول هو أن العقل يتطلب أن يشكر المرء لمن أحسن إليه . ولهذا فمن المعقول أن يأمر الله الإنسان بشكره وحمده بواسطة العبادة. والثاني هو أن العقل يقتضي ألا يسمح الشخص العاقل بأن يهان ولهذا فإن ما يقتضيه العقل هو أن يمتنع الإنسان من إهانة الله، وذلك بأن يحلف باسم اله زوراً، أو بأن يصفه بصفات التشبيه بالإنسان. والمبدأ الثالث هو أن العقل يقتضي ألا يضز الناس بعضهم بعضاً. ولهذا كان من المعقول أن ينهي الله عن السرقة، والقتل، والزنا وإيذاء الغير بأية طريقةمن الطرق.

وعلى الرغم من أن القوانين النقلية لا أساس لها من العقل، فإن سعديا يقول إن من الممكن أن نجد لها

سنداً من العقل، أو أن نستكشف فيها وجه الحكمة ٠ فمثلاً النهي عن العمل في يوم السبت يمكن تبريره بأن الراحة من الأعمال المادية في يوم السبت تمكن من التفرغ للتأملات الروحية في يوم معين من أيام الأسبوع -

وكان سعديا أول من قام بترجمة عربية للعهد القديم من الكتاب المقدس ويبدو أنه بدأ بإعداد ترجمة كاملة لكل أسفار العهد القديم، مشفوعة بتفسير واسع قصد به إلى المثقفين من القراء. ثم تلا ذلك بترجمة ميسرة تجمع بين النقل والتفسير ولم يلتزم فيها بالترجمة الدقيقة بل لجأ إلى التلخيص والتيسير أحيانا.

وفي تفسيره حاول استبعاد كل ما يدل على التشبيه بالإنسان.

وثم خاصية أخرى لهذه الترجمة الموسعة هي أنه تابع الترجوم المنسوب إلى يونا ثان في ترجمة أسماء الإعلام الواردة في الكتاب المقدس - وهو أمر أخذه عليه إبراهيم بن عزرا (في شرحه على سفر التكوين صحاح، عبادة رقم ٢١).

وتوخى سعديا في ترجمته هذه أمرين : أن يكون الكلام مقبولا في العقل، وأن يكون سهلا في الفهم ومن أجل الأمر الأول استبعد كل ما يشعر بالتشبيه (أي المشابهة بين اله والإنسان)؛ ومن أجل الأمر الثاني التزم الأسلوب العربي الفصيح والاستعمال اللغوي العربي، مطزحاً ما يشعر بالأصل العبراني، وكان يضيف كلمات لمزيد من الوضوح في الترجمة العربية، ويحذف كلمات من الأصل العبراني لا تتق مع الأسلوب العربي وفضلاً عن ذلك أورد أسماء عربية للأشخاص والأماكن الواردة في الأصل العبراني حينما كان يرى أن في ذلك ما يعينعلى لفهم.

وقد فقد معظم هذه الترجمة، ولم يبت منها إلا شذرات قليلة .

أما تفاسيره للكتاب المقدس فقد عثر على شذرات منها ضمن مجموعة «جنيزة» مصر القديمة في القاهرة .

وفي القرن العاشر الميلادي أيضاً قام أحد القرائين، ويدعى يافث بن إيلي هاليفي بترجمة الكتاب المقدس العبراني كله إلى اللغة العربية، وزود ترجمة بشروح وفيرة وقد فقدت هذه الترجمة هي الأخرى.


ثبت مؤلفاته

أورد ابن النديم في كتابه «الفهرست» (ص٢٥ ، طبع بيروت ١٩٨٨ ) ثبتاً بمؤلفات سعديا الفيومي، هذا نضه :

«ومن أفاضل اليهود وعلمائهم المتمكنين من اللغة العبرانية - ويزعم اليهودأنها لم ترمثلهم الفيومي. واسمه سعيد، ويقال: سعديا. وكان قريب العهد، وقد أدركه جماعة في زماننا ٠

وله من الكتب : كتاب المبادىء ؛ كتاب الشرائع؛ كتاب تفسير «إشعياء»؛ كتاب تفسير التوراة نسقاً بلا شرح، كتاب الأمثال، وهو عشر مقالات؛ كتاب تفسير أحكام داود؛ كتاب تفسير النكت، وهو تفسير زبور داود عليه السلام؛ كتاب تفسير السفر الثالث من النصف الاخر من التوراة: مشروح، كتاب تفسير كتاب أيوب؛ كتاب إقامة الصلوات والشرائع، كتاب العبور، وهو التاريخ" .

واللافت للنظر في هذا الثبت أنه لم يذكر كتاب «الأمانات والاعتقادات»

وقد تشر دارنبور ما تبقى من مؤلفاته بعنوان :

Oeuvres complètes, éd. par ل. Derenburg, 5 vols, 1893.