روبرت بويل

(بالتحويل من روبيرت بويل)

روبرت وليام بويل (بالإنجليزية: Robert Boyle)‏ (25 يناير 1627– 31 ديسمبر 1691أنجلو إيرلندي، عضو بالجمعية الملكية، فيلسوف طبيعي، كيميائي، فيزيائي ومخترع. ولد في لايمور بمقاطعة وترفورد، أيرلندا. الابن الرابع عشر لإيرل كورك الأول في إيرلندا. يعد من أبرز الذين عملوا في مجال الغازات وخواصها، وهو أحد مؤسسي الكيمياء بمعناها الحديث، وأحد أهم رواد الطريقة العلمية التجريبية الحديثة. في عام 1657 قام بتطوير مضخة هوائية وبدأ بدراسة العلاقة العكسية بين الضغوط والحجوم للغازات المختلفة عند ثبوت درجة الحرارة في نظام مغلق، ووضع بذلك قانوناُ يعرف الآن باسمه قانون بويل. يعتبر صياغته لقانون بويل أهم أعماله، يعد كتابه الكيميائي المتشكك حجر زاوية في علم الكيمياء. كما أنه يعد أول من قام بفصل الميثانول من بين المنتجات الناتجة عن التقطير الاتلافي للخشب وذلك عام 1661. وهو أول من وضع تعريف للعنصر، وقال بأنه مادة نقية بسيطة لا يمكن تحليلها إلى ما هو أبسط منها بالطرق الكيميائية المعروفة. كان بويل أنجليكاني وله كتابات عديدة في علم اللاهوت.

السيرة الذاتية

السنوات الأولى

ولد بويل في قلعة لايمور، مقاطعة وترفورد، أيرلندا. الابن السابع والطفل الرابع عشر لريتشارد بويل- الإيرل الأول لكورك- وكاثرين فنتون. وصل ريتشارد بويل إلى دبلن من إنجلترا في عام 1588. في فترة حكم أسرة تيودور أصبح ريتشارد من ضمن حاشي الملك (إنتفع ريتشارد في ذلك الوقت من قانون تحويل ورث الأفراد الذين ليس لهم ورثة إلى الولاية أو إلى أعضاء الأسرة الحاكمة وحاشيتهم). قبل ولاده روبرت كان ريتشارد قد حصل على ملكية العديد من الأراضي. أما أمه كاثرين فنتون فهي ابنه السير جوفري فنتون مستشار سابق في حكومة الدولة الإيرلندية، المولود في دبلن عام 1539، وأليس وستون، ابنه روبرت وستون المولودة في لايمور في عام 1541.

أرسل بويل إلى أسرة محلية لتكفلة (كانت هذه الممارسة شائعة في أيرلندا وويلز واسكتلندا) وهو ما زال طفل صغير وهو ما حدث ما إخوته الأكبر سنا. وقبل أن يبلغ الثامنة من العمر كان قد تلقى دروسا في اللاتينية واليونانية والفرنسية. بعد وفاة والدته، أرسله والده إلى كلية إيتون في إنكلترا، حيث كان صديقه هنري وتون عميدا للكلية.

في ذلك الوقت، إستاجر والده مدرس خصوصي له يدعى روبرت كارو، الذي كان على علم كافي بالأيرلندية ليكون مدرس خاص لإبنه في إيتون. بالرغم من محاولات كارو لتعليمة الأيرلندية كان كل اهتمام بويل منصبا على الفرنسية واللاتينية. حاول روبرت تحويل اهتمام بويل للأيرلندية بدلا من الفرنسية واللاتينية لكن بلا جدوى. أمضى روبرت بويل ثلاث أعوام في إيتون قبل أن يسافر إلى فرنسا. سافر أيضا إلى إيطاليا في عام 1641 حيث أمضى فصل الشتاء في فلورنسا ليدرس مفارقات غاليليو غاليلي الذي كان مازال حيا.

السنوات الوسطى

عاد بويل إلى إنجلترا في منتصف عام 1644 بعد جولتة في أوروبا القارية مهتما بالبحث العلمي، بعد عام من وفاة والده الذي ترك له مزرعة ستالبريدجي في دورست، إنجلترا، غير ممتلكاته التي حصل عليها في مقاطعة ليميريك، أيرلندا. منذ ذلك الوقت، كرس روبرت حياته للبحث العلمي، وسريعا ما أخذ مكانا بارزا في مجموعة بحثية باسم الكلية الخفية (مجموعة بحثية إهتمت بتطوير الفلسفة الجديدة وهي الأصل الممهد للجمعية الملكية). حيث كان يقابلهم في لندن، وتحديدا في كلية جريشام أوجامعة أكسفورد.

بدأ روبورت بالسفر لمباشرة أعماله في إيرلندا منذ عام 1647، إلى أن انتقل إليها في عام 1652. لم يكن سفره بالأمر الجيد لمسيرته العلمية نتيجة لتعرضة للتشتيت وعدم قدرته على متابعه أعماله الكيميائيه. وصف بويل إيرلندا في إحدي خطاباته واصفا إيها بالبلد الهمجية، والتي لا يفهم سكانها شيئا عن علم الكيمياء.

في عام 1654، غادر بويل إيرلندا متوجها إلى أكسفورد ليواصل عمله بنجاح، يوجد له نقش على حائط كلية بالجامعة (يسمى الآن بموقع النصب التذكاري شيلي) موضحا البقعة التي كانت حتى القرن التاسع عشر ساحة الجامعة. إستاجر بويل غرف من صيدلي ثري يمتلك القاعة.

اقتداءا بنموذج أوتو فون غيريكا لمضخة الهواء عام 1657، قرر بمساعدة روبرت هوك أن يطور هذه الآلة، لينجح في عام 1659 أن يصنع ألة بويلينا وتسمى أيضا محرك بنيوماتيكال، ثم بدأ بعد ذلك بإجراء سلسلة من التجارب لدراسة خواص الهواء. نشرت ملخص أعمال بويل مع مضخة الهواء في عام 1660 تحت عنوان تجارب جديدة للفيزياء الميكانيكية.

إنتقد العديد من العلماء محتوى كتاب بويل مثل اليسوعيون وفرانسيس لاين (1595–1675)، الذي رأى أن بويل لم يكن الأول الذي أشار إلى العلاقة العكسية بين حجم الغاز وضغطه عند ثبوت درجة الحرارة في نظام مغلق، وأن بويل لا يستحق أن يسمى القانون على اسمه. فقد سبقة العالم الإنجليزي هنري باور الذي أشار إلى هذا القانون عام 1661. نشر بويل في عام 1662 ورقة بحثية بالمصادر الذي إعتمد عليها في كتابه كان بينها رسالة بينه وبين باور. في أغلب أوروبا ينسب القانون إلى آدم ماريوت على الرغم من أنه لم ينشر أعماله حتى عام 1676 وأنه كان على الأرجع مدركا لأعمال بويل في ذلك الوقت.

في عام 1663 أصبحت مجموعة الكلية الخفية تعرف بجمعية لندن الملكية لتحسين المعرفة الطبيعية، وتمت الموافقة على ميثاق الجمعية من قبل تشارلز الثاني ملك إنجلترا على شرط أن يكون بويل عضوا في المجلس. في عام 1680، تم انتخاب بويل رئيسا للجمعية، ولكنه رفض المنصب لاعتقاده أنه غير كفء.

كتب بويل قائمة أمنيات بالاختراعات المحتلمة المتوقع ظهورها قريبا شملت إطالة عمر الإنسان، فن الطيران، الضوء الأبدي، صناعة دروع خفيفة وصلبة للغاية، سفن تسير بالرياح فقط (السفن الشراعية)، سفن غير قابلة للغرق، طرق مؤكده لتحديد خطوط الطول، مخدرات هلوسة، ذاكرة محمولة، وأدوية لتهدئة الألام، أدوية منومة، أدوية طاردة للأحلام السيئة. كانت هذه القائمة مجرد خيال في عقله آنذاك وبالفعل تم تحقيق أكثر من أمنية في هذه القائمة.

عندما كان بويل في أكسفورد في ذلك الوقت منح لقب فارس، بدأ إعطاء هذا اللقب في أكسفورد بأمر ملكي قبل وقت قليل من وصول بويل. شهدت الفترة الأولى من وصول بويل بالعديد من أحداث العنف داخل البرلمان، وتعرف هذه الفترة بالفترة الأكثر سرية لترقية الأفراد للقب فارس.

في عام 1668 غادر بويل أكسفورد متجها إلى لندن ليقيم في منزل مع أخته الكبرى كاثرين جونز، ليدي رانيل، بال مول. عرف جميع معاصرية مدى تأثير كاثرين عليه وعلى أعماله، ولكن لسبب ما لم يذكر أغلب المؤرخين هذا الدور.

السنوات الأخيرة

تعرض بويل في عام 1669 لأكثر من نوبة صحية وبدأت صحته بالانهيار، فإنسحب تدريجيا من الارتباطات العامة، توقف عن مراسلة الجمعية الملكية، وأعلن عن رغبته في أن يعفى من إستقبال الضيوف ما لم يكن أمرا طارئ أو مناسبة شديدة الأهمية بشرط أن تكون قبل ظهيرة يوم الثلاثاء والجمعة أو بعد ظهر يوم الأربعاء والسبت. في أوقات فراغة قام ترتيب أوراقه، وتحضير العديد من التحقيقات الكيميائية التي أراد أن تترك كتراث له. ساءت صحته جدا في عام 1691، وتوفي في 31 ديسمبر في نفس العام، بعد أسبوع من وفاة شقيقته التي عاش معها لأكثر من عشرين عامًا. توفي بويل عن عمر يناهز 64 عاما من الشلل.

دفن بويل في ساحة كنيسة سانت مارتن، خطب الأسقف جيلبرت برنت في جنازته. ترك بويل مع وصيته سلسلة من المحاضرات المعروفة الآن بمحاضرات بويل.

يوجد نصب تذكاري له ولروبرت هوك في نصب شيلي التذكاري لجامعة أوكسفورد نقش عليه:

في منزل في هذا الموقع
ما بين عام 1655 وعام 1668 عاش
روبرت بويل
هنا إكتشف قانون بويل
هنا قام بتجاربه وإستطاع
بناء مضخة هوائية بمساعدة
روبرت هوك
مخترع، عالم، مهندس معماري
مخترع الميكروسكوب
وصاحب أول وصف صحيح عن
الخلايا

الإسهامات العلمية

يرجع سبب اعتبار بويل باحث علمي من الدرجة الأولى إلى تطبيقه لمبادئ فرانسيس بيكون الذي ذكرها في كتابه نوفوم أورجانوم (Novum Organum) "أداة جديدة في العلوم". بالرغم من أنه لم يعتبر نفسه أبدا تابعا لبيكون، أو لأي مدرس آخر. لم ينكر بويل أو يؤكد أي من النظريات الحديثة وأصر على أن يكون رأيه محايدا حتى تأتي تجربة تؤكد أو ترفض النظرية، كما إمتنع عن أي إجراء أي دراسة حول الذرية أو النظام الديكارتي.

كان روبرت بويل خيميائيا إعتقد بإمكانية التحويل بين العناصر وبعضها، وقام بإجراء العديد من التجارب في محاولة منه لإثبات صحة رأية، ولكنه لم يستطع تحقيق ما يذكر. لم يكن حظه من الفيزياء كحظة في الكيمياء، فلم يكن اكتشافه لقانون بويل هو العمل الفيزيائي الوحيد الشهير له، فيرجع لبويل الفضل في اكتشاف أن تغلل الهواء في كائن ما يولد صوت، غير دراسته القيمة عن تجمد المياة، الجاذبية الخاصة، ظاهرة الإنكسار، البلورات، الكهرباء، الألوان والموائع. بالرغم من تأثيره الكبير في الفيزياء كانت الكيمياء هي المادة المفضلة لدية.

يعتبر كتاب الكيميائي المتشكك هو أول كتابات بويل، نشر عام 1661. ناقش بويل في هذا الكتاب التجارب التي حاول فيها العلماء إثبات أن الملح، الكبريت والزئبق هي المواد الأساسية الحقيقية. كما حاول إثبات أن الكيمياء هي علم تكوين المواد لا علم مساعد للخيميائين والأطباء.

صنف بويل المواد على حسب حالتها المادية وفرق بين أنواع مختلفة من المركبات والأخلاط. فإكتشف طريقة للكشف عن مكونات أي مركب أو خليط وسمى الطريقة التحليل. وإقترح بعد ذلك أن العناصر تتألف من جزيئات مختلفة من الأنواع والأحجام لا نستطيع فصلهم بأي طريقة معروفة في الوقت الحالي. لبويل العديد من الإسهامات في مجال كيمياء الإحتراق، علم وظائف الأعضاء والطفيليات وخصوصا دراسة البكتيريا.

تجارب روبرت بويل عن الهواء

كان بويل أيرلندي المولد وينتمي لأسرة ثرية. ولقد تعلم بويل في جامعة يتن. وكان بويل يقوم بتكريس معظم وقته وجهده لإجراء الأبحاث. فقد كان واحدا من العقول العظيمة في وقته. ولبضع سنوات، عاش بويل في كسفورد. وقد كان بويل رائدا في الجمعية الملكية. كما كان يحضر المحاضرات، ولكنه ترك الجامعة دون أن يحصل على أية درجة علمية. وبالنسبة لآخر عشرين عاما في حياته، خاش بويل مع أخته في لندن. ولقد توفي بويل دون أن يتزوج عن عمر يناهز الرابعة والستين. كما كان بويل متدينا وورعا. فقد عمل في مجالي الدين والعلم. وقد قام بویل بترجمة الكتاب المقدس على نفقته الخاصة وساهم ببعض المال لتمويل المحاضرات الخاصة بالعقيدة المسيحية في العهد الجديد للعلم. وبالنسبة له ولآخرين من معاصریه ، لم يكن هناك صراع وخلاف بين العلم والعقيدة.

في عام 1659، بينما كان بويل في أكسفورد، فإنه اطلع على العمل الذي أنجزه أوتو فون جاريك في عام 1957 فيما يخص المضخة الهوائية والفراغ الجزئي. وصمم بويل على تكرار تعمل نفسه باستخدام مضخة هوائية أكثر دقة وأسهل في الاستخدام. وقد قام بعمل ذلك بمساعدة روبرت هوك (1665) الذي أصبح مساعده فيما بعد. ولقد تم توصيل هذه المضخة الهوائية ببرطمان زجاجي كان على شكل جرس، وقد وضع داخله العديد من الأشياء وقام بملاحظة ما يحدث داخله.

لاحظ بويل أنه حينما يخرج الهواء عن طريق الضخ، فإن صوت دقات الساعة داخل الجرس يتوقف تماما على الرغم من أن الساعة لا تزال موجودة بالفعل). كما لاحظ أيضا أن أية شمعة محترقة أو أية قطعة من الفحم المشتعل قد تنطفئ. كما أن الحيوانات الصغيرة مثل الطيور أو الفئران قد تجد صعوبة في التنفس ثم تموت. من هنا، توصل بویل – شأنه في ذلك شأن جاريك – إلى أن الصوت يحتاج إلى الهواء لينتقل من مكان لآخر. كما أضاف بويل أن الضوء لا يحتاج إلى الهواء حتى ينتقل. كما أنه لا يمكن لعمليتي التنفس في الحيوانات والاحتراق أن يستمرا دون وجود هواء.

قانون بويل (قانون ماريوت): إذا تعرضت كمية معينة من الغاز الحرارة ثابتة، فإن حجمها سيكون متناسبا بطريقة عكسية مع الضغط الواقع عليها. 

كان بويل هو من أطلق اسم "البارومتر" على الأنبوبة المملوءة بالزئبق التي استخدمها توريشيلي في تجاربه. ومن خلال جهاز البارومتر، اتضح في عام 1643 أن الهواء له وزن . وتعني كلمة "بارومتر" وسيلة لقياس الوزن. وفي عام 1662، قام بویل بتفسير ما يسمى الآن بقانون بويل. وقد قام بويل أيضا بعمل جهاز بسيط؛ وهو عبارة عن أنبوبة اختبار منحنية على شكل حرف ل مع إحكام غلق طرفها السميك. وحينما قام بویل بسكب الزئبق في الطرف الطويل المفتوح من الأنبوبة التي على شكل الحرف J، تم حبس فقاعة صغيرة من الغاز في قاع هذه الأنبوبة. وكلما زادت كمية الزئبق التي يتم سكبها في الأنبوبة، تصبح هذه الفقاعة أصغر. إن الاختلاف بين مستويات الزئبق في طرفي الأنبوبة التي على شكل ل يمثل الضغط الواقع على فقاعة الغاز. ولذلك، فإنه كلما زاد الضغط، قل الحجم. وهذا هو قانون بویل الذي يوضح العلاقة العكسية بين حجم الغاز والضغط الواقع عليه.

باستخدام هذا الجهاز البسيط، أثبت بويل أنه كلما زاد الضغط الواقع على فقاعة الغاز، قل حجمها بالنسبة نفسها. ويعد هذا أمرا صحيحا فقط إذا ظلت درجة الحرارة ثابتة.

على الرغم من أن بويل لم يجزم بالفعل بهذا الأمر (وإنما افترضه فقط)، فإن هذه العلاقة تحقق فقط حينما تكون درجة الحرارة ثابتة. ومن الجدير بالذكر أن عالم الفيزياء الفرنسي ماريوت قد قام بإعادة اكتشاف هذه العلاقة بين الحجم والضغط بعد ۲۰ عاما وكنتيجة ذلك، كان هذا هو قانون ماريوت في أوروبا، والذي أوضح أن الحرارة يجب أن تكون ثابتة. بن العلاقة بين الحرارة والحجم والضغط قد تستغرق قرئا آخر حتى يتم فهمها جيدا (1783).

هذا، وهناك سؤال آخر يطرح نفسه ؛ ولماذا يتم ضغط الغازات بسهولة في المساحات الصغيرة في حين أن الأمر لا يكون كذلك في حالة كل من السوائل والأجسام الصلبة؟ لماذا تعد الغازات مرنة؟ ولقد استند بويل في إجابته عن هذا السؤال إلى النظرية الأكثر شيوعا والقديمة التي قام العالم الفرنسي بيير جاسندي بإحيائها في عام 1623، وهي أن كل المواد تتكون من جسيمات صغيرة للغاية (وقد أطلق عليها بویل اسم "جزيئات دقيقة "). وفي حالة تغاز، تكون هناك مسافة بين الجزيئات الدقيقة التي تصور بويل أنها ممتلئة بجسيمات دقيقة للغاية كتلك الموجودة في لفة الصوف. ولذلك، قد تقترب الذرات من بعضها البعض وينضغط الغاز. أما في حالة السوائل والأجسام الصلبة ، فإن الجسيمات تكون قريبة جدا من بعضها ويكون من الصعب أو المستحيل حدوث أي ضغط آخر. وحينما تتخلص هذ: الجسيمات من الضغط الواقع عليها، فإن الذرات تنفصل مرة أخرى.

هنا، كان ذلك الأمر بمثابة تدعيم لفكرة أن الذرات الخاصة بالطبيعة تتعدى كونها مجرد فكرة مثيرة. فهي بالفعل توضح السبب في عمل المادة بهذا النحو.

دور روبرت بويل في ابتكار اسم علم الكيمياء الحديثة

قام الباحث الأيرلندي الأرستقراطي المبدع روبرت بویل بتسمية كتابه الإبداعي الذي أصدره عام 1661 باسم The Sceptical Chymist. وعند قيامه بذلك، قام بویل بابتکار اسم جديد لمادته التي يبحث فيها وهي علم الكيمياء بعد حذف أول مقطع من كلمة "الخيمياء" التي تعني علم الكيمياء القديمة. ولقد اعتمد بويل في أفكاره على التجربة والملاحظة، بدلا من المنطق والحدس. وبحذر شديد، قام بویل بوزن المواد التي تدخل في التفاعلات. وقد أوضح، على سبيل المثال، أن المواد يزيد وزنها حينما تتعرض للتسخين. ولقد اكتشف بويل أن المستحضرات النباتية مثل الشراب المستخلص من زهور البنفسج يتغير لونها في الأحماض عن القلويات (أول استخدام للمؤشرات).

مثل العديد من الباحثين، اعتقد بويل أن المادة تتكون من جزيئات، أي ذرات على الرغم من شكه في إمكانية رؤية مثل هذه الجزيئات الصغيرة جدا في الطبيعة. وفي تصوره ، بری بویل أن المواد المختلفة تحتوي على مجموعات مختلفة من الجزيئات؛ ونتيجة لإعادة عظيم هذه المجموعات من الجزيئات تحدث التفاعلات الكيميائية. هذا، وتعكس خصائص في المواد خصائص الذرات. على سبيل المثال، إن الأحماض لها مذاق لاذع وتحرق الجلد أن الجزيئات الخاصة بها لها خصائص حرق الجلد وثقبه.

أعلن بویل بأنه كان يتبع "مذهب الشك" في رفضه لقبول الأفكار القديمة دون تفكير، على سبيل المثال؛ مبدأ العناصر الأربعة. فإذا قام أحد العلماء بوصف أية مادة على أنها أحد العناصر الأربعة، فإن ذلك العالم يجب أن يثبت أن هذه المادة لا يمكن أن تنقسم إلى جزيئات أصغر. ولأول مرة، حدد بویل العناصر الأربعة بشكل عملي وليس بشكل فلسفي.

اعتقد بويل أن بعض المواد قد تكون مزيجا من عناصر يمكن فصلها بسهولة. على سبيل المثال، يمكن فصل جزيئات التراب من المياه غير النقية وبالتالي تصبح المياه صافية. أما البعض الآخر من المواد فقد يتكون من مركبات؛ أي عنصرين أو أكثر تم مزجهما، ولكن يمكن فصلهما بشكل أكثر صعوبة. هذا، ويمكن وصف هذه المواد والمركبات بأنها "مواد نقية"، على العكس من المواد الممزوجة، فقد تحتوي هذه المواد على كل من العناصر والمركبات.

إن الفصل الأول للمواد إلى عناصر ومزيج ومركبات كان بمثابة خطوة حاسمة نحو التقدم في علم الكيمياء. وعلى الرغم من أن هذه الفكرة قد استغرقت بعض الوقت حتى تم قبولها، فإنه بنهاية القرن، تمت معرفة عدد من المواد التي ينطبق عليها التعريف الذي وضعه ؛ ومن هذه المواد المعادن المعروفة مثل: الذهب والفضة والنحاس والقصدير والحديد والرصاص والزئبق، بالإضافة إلى المعادن التي تم اكتشافها حديثا مثل الزرنيخ والأنتيمون إلى جانب بعض العناصر اللافلزية مثل الكربون والكبريت والفسفور.

هذا، وقد كان الفسفور من العناصر التي تم اكتشافها حديثا في عصر بويل. وفي عام 1656، كان الكيميائي الألماني هنيش براند يسعى إلى التوصل إلى طريقة يمكنه من خلالها صناعة الذهب من الفضة كما فعل غيره من المشتغلين بالكيمياء القديمة. ولقد قام بويل بتقطير كل المواد وعلى رأسها بول الإنسان حتى تبقت لديه مادة بيضاء من شأنها أن تتوهج في الظلام وتشتعل في لمعان. وقد أطلق بويل على هذه المادة اسم فسفور وتعني "خامل الضوء". ولقد احتفظ براند بسرية هذا الأمر ربما أملا في النفع من الطاقات المتعددة للفسفور. نتيجة لذلك، كان بويل هو من قام باكتشاف الفسفور للمرة الثانية في عام 1680. ولقد ذكر بویل للعالم أنه عالم كيميائي حديث وليس مشتغلا بالكيمياء القديمة.

من المثير للدهشة، أن بويل نفسه لا يستطيع أن يجزم بالمواد التي تدخل ضمن العناصر أو حتى بعددها. ولقد اعتقد بويل على نحو خاطئ - على سبيل المثال - أن المعادن لیست من العناصر ويمكن أن يتحول المعدن إلى آخر (مثل تحول الرصاص إلى ذهب مثلا). وحتى في أفکار بویل التي ينتابها الشك، فهناك بضعة تلميحات وتأثيرات خاصة بالكيمياء القديمة.

الإهتمامات اللاهوتية

بالإضافة إلى الفلسفة، كرس بويل الكثير من الوقت لعلم اللاهوت، مركزا على الجانب العملي غير مكترثا بالجدل المثار في ذلك الوقت. فمع تعيين ملك جديد للبلاد عام 1660، تلقى بويل قبولا حسنا في المحكمة. وفي عام 1665، رفض بويل منصب أسقف في كلية إيتون، لاعتقاده أن كتاباته عن المواضيع الدينية كفرد عادي أفضل وأجود من كتاباته عندما يعمل بها ويتلقى راتبا منها.

شارف بويل على الحملات التبشيرية المسئولة عن نشر المسيحية في الشرق عندما كان مديرا لشركة الهند الشرقية، بتمويل هذه الحملات وتوفير الأموال اللازمة لترجمة الكتاب المقدس أو أجزاء منه إلى لغات مختلفة على حسب البلد المراد دخولها. دعم بويل سياسة تحويل لغة الكتاب المقدس إلى اللغة العامية للبلد. نشرت نسخة للعهد الجديد باللغة الأيرلندية في عام 1602 ولكنها كانت نادرة وغير متوفرة في حياة بويل. في الفترة ما بين 1680 و 1685 أشرف بويل شخصيا على عملية طباعة الكتاب المقدس العهد القديم والجديد من ماله الخاص، في إيرلندا.

إهتم بويل بدراسة علم الأعراق، فكان رائدا في دراسة الأجناس. أمن بويل بأن جميع البشر مهما كانت أشكالهم أو ثقافتهم إنحدروا من أصل واحد: آدم وحواء. لإثبات ذلك قام بويل بدراسة قصص عن آباء وأمهات أنجبوا أطفال بألوان مختلفة. وذكر أن آدم وحواء كانوا بيض اللون وأن القوقازيين قادرين على إنجاب جميع الألوان والعروق.

طور بويل نظرية روبرت هوك وإسحاق نيوتن عن الألوان وطبيعة الضوء في خطابات بوليجينيسيس، متوقعا أن هذه الاختلافات بين الألوان ترجع إلى انطباعات منووية. بأخذ ذلك في الاعتبار، قد يعتبر بويل من أوائل من قاموا بالبحث في أصول العروق ووجد تفسيرا مناسبا على حسب إمكانيات عصره، حقيقة إلى أننا نعلم الآن أن لون البشرة يعتمد على الجينات والتي تنتقل عن طريق السائل المنوي.

في وصيته، أوصى بويل بمبلغ من المال لتحضير سلسلة من المحاضرات للدفاع عن الدين المسيحي ضد المهاجمين كالملحدين والربوبيين، اليهود والمسلمين.

التكريمات والجوائز

كأحد مؤسسي الجمعية الملكية، تم انتخاب بويل عضوا في الجمعية في عام 1663. وسمى قانون بويل للغازات على اسمه تكريما له. كما خصصت الجمعية الملكية قسم الكيمياء جائزة باسمه للمتميزين في العلوم التحليلية. لم تكن تلك هي الميدالية الوحيدة المسماة على اسمه، ففي عام 1899 تم تخصيص ميدالية بويل للتفوق العلمي في أيرلندا، تمنحها الجمعية الملكية في دبلن بالاشتراك مع التايمز الأيرلندية. في عام 2012، قام معهد ووترفورد للتكنولوجيا بإنشاء مدرسة روبرت بويل الصيفية بدعم من قلعة لايمور. وهي مدرسة تنظم فاعليات سنوية لتكريم تراث روبرت بويل.

أعمال هامة

هذة قائمة بأهم أعمال روبرت بويل:

انظر أيضا