ديليا بيكون


ملف:Delia-Bacon(18811-1859).jpg
ديليا بيكون

ديليا بيكون ( بالإنجليزية: Delia Bacon ) (فبراير 1811- 2 سبتمبر 1859 ) كاتبة أمريكية , تعمل بتدريس الأدب , انسحبت من الحياة العامة وإلقاء المحاضرات في عام 1845 في وقت مبكر ، وبدأت بشكل مكثف لبحث في أعمال شكسبير متسائلة :هل يعقل أن تكون أعمال أدبية بهذه القيمة من نتاج رجل كانت حياته كالحياة التي تنسب إلى شكسبير ؟ , حتى أعلنت في عام 1852 رأياً كاملاً أن هذه المسرحيات التي تحمل اسم شكسبير قد كتبت سراً بواسطة مجموعة متآلفة من عظماء ذلك العصر هم السيد قرانسيس بيكون الفيلسوف العظيم , وسير وولتر رالى الشاعر والمؤرخ , والشاعر الكبير ادموند سبنسر وغيرهم .

وحين أعلنت دليا بيكون رأيها استوقف ذلك الرأي المفكر الأمريكي " امرسون " فطلبت منه أن يرعى رحلاتها إلى إنجلترا, لا لتبحث عن مزيد من اليقين في الكتب , بل لتحفر قبر شكسبير , فلاشك أنها ستجد السر كامناً مستخفياً فيه , وإلا فكيف خطت على القبر هذا الكلمات ذات الدلالة ؟ " ليبارك الله فيمن يحفظ هذه الاحجار ويلعن ذلك الذي يحرك عظامي " وأحالها امرسون إلى أحد الاثرياء الذين تستهويهم الطرائف , فمنحها نفقة سفرها إلى إنجلترا وإقامتها هناك ستة شهور .ابحرت المعلمة إلى إنجلترا ,وفي قرية شكسبير ألقت رحالها وغاصت في سجلات الكنيسة والقرية . وتيقنت دليا بيكون من السجلات أن والد شكسبير كان تاجرا صغيراً وأن زواجه من آن هاتاوي كان على عجلة , وأن السجلات تشير إليه بعد ذلك كممثل متقاعد ومالك لبيت طيب وضيعيعة في ستراتفورد . أما وصيته فقد أوصى بسريره لزوجته وببعض المال لخاصته , دون ذكر لحق في كتب أو مؤلفات أو خزانة تحوي كتب فلسفة أو التراث القديم كما كان يرد في وصايا ذلك الزمان. وهنا تدعمت نظرتها في نفسها , وكانت تجيب على أولئك الذين يذكرونها بأن بعض معاصري شكسبير كتبوا عنه كشاعر بحجة واضحة : " إني أعرف أن هنري شيتل و فرانسيس ميرز , بل والناقد العظيم بن جونسون قد كتبوا عنه , وأشادوا بشعره , ولكنهم لو تدرون لم يكتيلوا عن الرجل المسمى وليم شكسبير بل عن تلك المجموعة من العظماء التي كتبت هذه المسرحيات واختارت لنفسها قناع وليم شكسبير , فلقد كانوا يحيون بعضهم بعضاً من خلاله وكأنهم يعلنون أنهم يدركون أصول اللعبة التي لا تخفى على أحد من المثقفين , وإن خفيت على الملكة اليزابيث ذاتها , وإلا فإني أرجوكم أن تدلوني متى تعلم هذا الشكسبير التاريخ , ومتى قرأ آثار الإغريق , ومتى تعلم آداب البلاط وتقاليد الفروسية .؟ ومتى حصل على قدر من العلم بالقانون والطب والشئون الحربية , وكيف يتسنى له ذلك كله , وهو يكتب مسرحيتين كل عام , وهل وجدتم في أوراقه مخطوطاً لإحدى مسرحياته بخطه هو, وهب وجدتم خطايا لناشر أو كاتب زميل أو ناقد أو ممثل ؟ "

مرت أيامها في لندن حتى جاوزت أربع سنوات أتمت فيها كتابها في أضيق حال وأعسر عيش , حتى سنحت لها فرصة إزاحة الأحجار عن قبر شكسبير بحثاً وراء سره , ولكنها حين وقفت أمام القبر وحدها متواطئة مع راعي كنيسة القرية لم تجد الجرأة على المضي في قصدها بل خانتها يداها المرتعدتان , وهمست لنفسها أن الكتاب يكفي لإثبات حجتها , وهكذا انتصرت عليها لعنة شكسبير. وصدر الكتاب في ابريل 1857 بعد واحد وأربعين ومائتي عام من موت شكسبير وكان عدد صفحاته يجاوز التسعمائة صفحة , تدور كلها حول اثبات نظريتها المثيرة. والكتاب في صفحاته الأولى يبدو كأنه لون من التاريخ السري لجماعة من المثقفين ممن كانوا قربي الصلة بالبلاط الإنجليزي , ولكنهم في الوقت ذاته كانوا حريصين على أن ينشروا آراءهم المتحررة , فاتفقوا على إقامة مائدة مستديرة أدبية , ورأوا استئجار شكسبير المثل في البلاط الملكي لحمل آرائهم دون خوف من انكشاف أو مؤاخذة . ويأتي بعد ذلك الجهد العلمي الأدبي المضنى في الكتاب , وهو تتبع ماورد في مسرحيات شكسبير من أفكار أو فلسفات أو قيم , وردها إلى أصولها في كتابات هذه الجماعة , وخاصة كتابات السير فرانسيس بيكون والسير فيليب سيدني والشاعر ادموند سبنسر.

أثار الكتاب ثائرة دارسي شكسبير من الإنجليز , وعدوه وثيقة جنون دليا بيكون . بل وثيقة جنون أمريكا التي تمثلها هذه المرأة , وهاجمته جميع الصحف الأدبية ذات الوزن , ولعل هذه المرة كانت من المرات القلائل التي لم يساعد فيها هجوم النقاد على الكتاب في انتشاره , ويبدو أن هجوم النقاد إذا كان جامعاً مانعاً كما حدث في هذه الحال كان صارفاً للجمهور عن النظر في الكتاب المنقود . وهكذا سقط هذا الكتاب في صوت مكتوم تحت أقدام القراء .

المصادر

  • نبض الفكر لصلاح عبد الصبور