ثريا قابل

ثريا قابل (1940-إلى الآن)، كاتبة صحفية وشاعرة غنائية من مدينة جدة غرب المملكة العربية السعودية. وهي صاحبة أول ديوان شعر نسائي فصيح ينشر باسم مؤلفته الصريح. تعاونت ثريا مع كبار الفنانين السعوديين كفوزي محسون، وطلال مداح، محمد عبده وعبادي الجوهر. ثريا قابل تُعرف باسم «شاعرة الحجاز» و«خنساء الجزيرة العربية»، هي إحدى رائدات الشعر النسوي الحديث.

نشأتها وعائلتها

ولدت في حارة المظلوم بمدينة جدة القديمة عام 1940، ويرتبط اسمها بأحد أعرق الشوارع التجارية القديمة في جدة «شارع قابل». قابل هو أحد الأسماء الملازمة ل مدينة جدة ومينائها، وذلك لعدة أسباب أولها أنه أحد الأسماء المعروفة لإحدى العائلات التجارية المعروفة منذ حكم الإشراف للحجاز حيث كانت من أهم مصادر للتموين والاتجار بالمواد الغذائية، والسبب الثاني هو أن عائلة قابل كانت ثرية جدا ما ساعدها على شراء شارع تجاري قام الشريف الحسين بن علي بتأسيسه واضطر لاحقا لبيعه على عميد عائلة قابل «سليمان بن أمان الله بن عبدالله بن حامد قابل» مقابل بعض السلع الغذائية والأموال التي كان الشريف بحاجة إليها وسمي الشارع  اسم «شارع قابل».

تعليمها ومسيرتها الأدبية

فقدت والدها مبكرًا فتولت عمتها عديلة قابل تربيتها ورعايتها. حصلت ثريا قابل على تعليمها الأولي في الكتاتيب على يد معلمة تسمى الفقيهة، وبعد ذلك تعلمت على يد بعض المعلمين مثل حمزة سعداوي، وكانت معروفة بالشجاعة والجرأة والتحدي، حيث شاركت في مجال الشعر الذي كان مقتصرا على الرجال فقط لفترة طويلة جدا.

سافرت ثريا قابل الى لبنان في بداية عمرها مع والدها للعلاج، وهناك التحقت في الكلية الاهلية الثانوية في بيروت التي تعلم فيها الكثير من الدارسين والدارسات من دول الخليج. وتمكنت من تنمية موهبتها الشعرية في هذه الفترة، وقامت بإرسال نصوص من شعرها للنشر في صحيفتي «الحياة» و«الأنوار» اللبنانيتين. قيل أن ثريا قابل كانت تنوي البقاء في بيروت للدراسة في الجامعة الأمريكية ولكنها لم تستطع بسبب وفاة والدها وحالتها العائلية.

تزوجت ثريّا عام (1963م) من ابن عمّها "سليمان حسن عبد القادر قابل"، وأنجبت منه ابنهما حسام سنة (1967م)، وفي تلك الفترة صقلت موهبتها الشعريّة التي بدأت بالظهور هواية عندها عندما كانت طالبة في الكلية الأهلية، وكانت ترسل أشعارها إلى الصحف لنشرها كصحيفتي: الحياة والأنوار وفي عام (1963م) خرج ديوانها الأول إلى النور بعنوان: "وادي الأوزان الباكية" ليُصبِح أول ديوان شعريّ نسائيّ سعوديّ يطبع باسم حقيقيّ، كما سبّب ديوانها معركة أدبيّة بين المحافظين مثل عبد العزيز الربيع وحسن القرشي، والليبراليين مثل محمد حسن عوّاد الذي وصفها بخنساء القرن العشرين، وأنها أشعر من أحمد شوقي كتعبير عن رضاه ممّا نظمته من شعرها.

المناصب التي تولتها

وقد شغلت العديد من المواقع في الصحافة المحلية، محررة في جرائد عكاظ والرياض، وكاتبة لعديد من الزوايا في الصحف المحلية، ورئيسة لتحرير مجلة «زينة» في الفترة (1986-1987 م). كتبت كذلك مقالات في صحف قريش المكية، والبلاد السعودية، والأنوار اللبنانية في حقبة الستينات.

شعرها الشعبي والغنائي

اشتهرت بالشعر الشعبي، حتى لقبت بصوت جدة، وهي صاحبة أول ديوان شعري فصيح نسائي مطبوع في تاريخ المملكة العربية السعودية، باسم (وادي الأوزان الباكية).

ثنائي ثريا وفوزي

شكلت الشاعرة ثريا قابل مع فوزي محسون ثنائيا فنيا كان له تأثير كبير على  تطور الفن والموسيقى في بلاد الحجاز، حيث امتع هذا الثنائي الجماهير بكل ما هو جميل وراقي في الأحاسيس والمشاعر في فترة الأغنية الحجازية الذهبية .

وكانت معروفة بمد محسون بالشعر الغنائي الذي يعتمد على المعنى والفظ الرقيق النابع من اللهجة الجميلة لمجتمع الحجاز ، المفردة السهلة،  كما استطاع محسون بحسه الموسيقي ومهارته الفنية العالية ،  بتحويل هذه التعابير والجمل  والكلمات إلى أغان وصلت إلى أعماق هواة الطرب الأصيل، بل عبرت الحدود السعودية إلى الخارج.

وتعتبر أغنية  «سبحانه وقدروا عليك وخلوك تنسى أحبابك» المعروفة بـ أحد مقاطعها هو «نسيتنا واحنا في جده، ونسيت أيامنا الحلوة» هي أفضل نتائج التعاون بين محسون وقابل، بالإضافة الى مجموعة أخرى من الأغاني الجميلة التي ظهرت نتيجة التعاون بين الطرفين  «جاني الأسمر جاني» (غنتها المطربة عتاب في ما بعد)، «حبيـّب يا حبيـّب ليش عني مغيـّب»، «يا من بقلبي غلا»، «مين فتن بيني وبينك»، «حاول كده وجرب»، «متعدي وعابر سبيل»، «على فين واخدني»، «ما عشقت غيرك».

تعاون ثريا قابل مع طلال مداح ومحمدعبده

في بداية المشوار الفني ارتبطت ثريا قابل بالفنان الكبير طلال مداح، وقام بغناء العديد من الأغاني لها ، حيث قيل عنهما أنه قابل بالنسبة لطلال مثل أحمد رامي بالنسبة لأم كلثوم. من أبرز هذه الأغنيات: «بشويش عاتبني» ألحان محمد شفيق، «ياللي الليالي مشوقة لساعة لقاك»، «إديني عهد الهوى»، «تمنيت من الله»، «ما يكفيني أحبك»، «يا من بقلبي غلا»، بالاضافة الى أغنية «من بعد مزح ولعب». التي تعكس موهبة الشاعرة ثريا قابل.

في عام 1969م هو العام الذي تعاونت فيه الفنانة ثريا قابل مع الفنان محمد عبده لأول مرة عن طريق أغنية  «لا وربي» من ألحان فوزي محسون وجددها محمد عبده في اواخر التسعينيات بابها، وأغنية أخرى في أواخر التسعينات هي أغنية  «واحشني زمانك» من ألحان محمد شفيق.

بعد وفاة الفنان طلال مداح والفنان فوزي محسون دخلت الشاعرة ثريا قابل في فترة من العزلة ولكن استطاع الملحن محمد شفيق مساعدتها ، خصوصا أن محسون كان قد أكمل بصعوبة كوبليهات أغنيته الأخيرة «الله على دي العيون، خلتني عاشق ومفتون» وهو على فراش المرض.

الفنانون الذين خدموا شعر ثريا قابل  فنياً

كانت قابل مشهورة بأنها لا تطارد احد بنصوصا الشعرية وانما كانت تعطيها للأصوات التي تستطيع خدمة شعرها فنيا . وكان من أهم هؤلاء الفنانين الفنان طلال مداح والفنان فوزي محسون حيث أرتبطت قابل بهما أكثر من غيرهما.  وقالت ثريا قابل في أحد اللقاءات الفنية «كنت أعطيهم الكلام، ويجوني البيت اليوم الثاني، ما أعرف مَن لحّن، ويُسمعوني الأغنية، طلال على العود، وفوزي على الإيقاع»، ثم أضافت: «كان فوزي يجيني البيت باستمرار مع زوجته أم إبراهيم -رحمها الله- ويتابع المطالع التي كتبتها! وعموما، فوزي هو سبب شهرتي»

بينما لم يغن لها عبادي الجوهر سوى أغنية واحدة عام 2010م بعنوان «اسمحلي يا قلبي» وذلك بعد خلاف طويل وقطيعة دامت بين الاثنين.

ديوان الأوزان الباكية

أصدرت ثريا قابل في بيروت عام 1963م ديوانها الأول الأوزان الباكية، وهو أول ديوان شعري نسائي في ألادب المحلي السعودي الحديث. وتصدر الديوان إهداء من الشاعرة إلى عمتها «عديلة» تحية لها وعرفانا بالجميل. ويلاحظ جرأة الشاعرة التي نشرت باسمها الصريح ولم تتعامل قط بالأسماء المستعارة، خلافا للمعهود من غالبية النساء وقتها، ولها كلمة تقول فيها«الكتابة مسؤولية مواجهة». وقد حصلت الشاعرة على العديد من الجوائز في عدد من الدول العربية على ديوان الأوزان الباكية، فيما واجهت العديد من الانتقادات الشرسة في السعودية وذلك لجرأتها الكبيرة وعدم تعود المجتمع على مشاركة المرأة وانغماسها في المجتع والبوح بمشاعرها بهذه الطريقة، فيما احتفل الأديب محمد حسن عواد (توفي 1980م) بهذا الديوان وغالى في تقديره حتى وصف الشاعرة ب«خنساء القرن العشرين» وأنها «أشعر من أحمد شوقي» وتصدى بشراسة لكل من انتقد الديوان من أمثال الناقد عبد العزيز الربيع والشاعر حسن قرشي.

أفضل القصائد للشاعرة ثريا قابل

قصيدة النظرات الثكلى

وفي نظراتكِ الثكلى ألف لعنة

ألف صفعة واحتقارْ

كان فيها السحرُ حبا كان فيها الشدو وصلا

يتغنّى بدلالْ

كان

واليومَ ما غيرُ الحطامْ

ظلَّ لنا من أمسنا

ذاك الذي حفلتْ سويعاتُهُ

بأحلى غرامْ

كم تغنَّى الحلمُ فيهِ والأماني

كم شدتْ للمواعيدِ الوليدة

ألفُ خفقه في القلوب العاشقة

تتراكض قبلنا

والعيون الوالهة عشقاً

هي ذاتُ العيون التي تلعن الحبَّا

وتصفع الأمسا وترسل من عُلاها

احتقارْ

يا لَعمري ليتهُ ما كان عمرٌ

ليتهُ كان حطامْ في الترابْ

مثلَ حبي

مات بالأمس وليدا

أو كقلبي

دفنتْه يدايْ .

قصيدة يا شوق طير بيه

يا شوق طير بيه وروح

مع نسمة بعبير الزهور

من جدة على نجد الحلوة

وصل لي لحبيبي غنوة

ورسالة بالحب تفوح

يا شوق يا شوق

طير بيه وروح

على بعده والله ماني قادر

ولا عارف كيف بدي أواصل

يا غيابه شوشت الخاطر

وشغلته بالوضع الحاصل

من جدة على نجد الحلوة

وصل لي لحبيبي غنوة

ورسالة بالحب تفوح

يا شوق يا شوق

طير بيه وروح

سلم لي على ذاك الغالي

اوصف له أشواقي و حالي

وقله اسمك بيلالي

ومتمني لو كان في بالي

من جدة على نجد الحلوة

وصل لي لحبيبي غنوة

ورسالة بالحب تفوح

يا شوق يا شوق

طير بيه وروح .

قصيدة من بعد مزح ولعب

من بعد مزح و لعب أهو صار حبك صحيح

أصبحت مغرم عيون وأمسيت وقلبي طريح

وأخجل إذا جات عيني صدفة في عينك وأصير

مربوك و حاير في أمري من فرحي أبغى أطير

توحشني و أنت بجنبي وأشتاق لك لو تغيب

وأحسد عليك حتى نفسي وأخشى يمسك غريب

وأخجل إذا جات عيني صدفة في عينك وأصير

مربوك وحاير في أمري من فرحي أبغى أطير

وأنا الذي كنت أهرج و الكل من حولي سكوت

قد صرت أتلام وأسكت وأحسب حساب كل صوت

وأخجل إذا جات عيني صدفة في عينك وأصير

مربوك وحاير في أمري من فرحي أبغى أطير

والله يا أحلى عمري في عيوني مالك مثيل

تساري الروح وتغلى وتكون عنها بديل

وأخجل إذا جات عيني صدفة في عينك وأصير

مربوك وحاير في أمري من فرحي أبغى أطير

أستمع إلى من بعد مزح ولعب .

قصيدة يا حبيبي يا حياتي

يا حبيبي ويا حياتي ويا عيوني

آه لو أقدر أوصفلك شعوري

واللي عمال يدور جوا قلبي وفي ظنوني

شي كتير

وأنت حاسس به ضروري

يكفي إني فيك بافكر

كل ماله حبي يكبر

اش فيه أكتر من دا كله

يا حبيبي اش فيه أكتر ما في أكتر

مو ضروري إني أقولك

قد إيه أنت واحشني

والغياب مهما يطول بك

عمره ما يبعدك عني

أنت في قلبي شعور

طيف محبة ما يسبني

ملى أيامي سرور

فرحة تحلى بالتمني

يكفي إني فيك بافكر

كل ماله حبي يكبر

اش فيه أكتر من دا كله

يا حبيبي اش فيه أكتر ما في أكتر

والكلام كل الكلام

ما يعبر ما يكفيني في هواك

شي غريب هذا الغرام

اللي عايش به معاك

شي بيحلى شي بيغلا

في كل شي

شي يصحي الشوق يخلي النار ضي

يكفي إني فيك بافكر

كل ماله حبي يكبر

اش فيه أكتر من دا كله

يا حبيبي اش فيه أكتر ما في اكتر .

قصيدة بشويش عاتبي

ما تقول لي قصدك إيه تهجرني وتزعل ليه

بشويش عاتبي بشويش بشويش يا عيوني بشويش

يا بعيد عن عيني في خيالي طيفك يشاغلني ليالي

تعال لي وارحم حالي يا غرامي يا أغلى أماني

بشويش يا حبيبي وبكفاية عذابي وسهدي وأساي

خليني أتهنا بهوايا يا حياتي وقلبي يا مناي .