تفهنا الأشراف
تفهنا الأشراف هي إحدى قرى مدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية مصر. بها فرع جامعة الأزهر تضم عدة كليات جامعية. وتعد القرية المصرية الوحيدة التي بها كلية فضلا عن جامعة شبه متكاملة بها كلية التربية وكلية التجارة وكلية الدراسات الإسلامية. كما تضم عدة مصانع للأعلاف وأعمال النجارة وغيرها.لا عاطل بهذه القرية إذ وفق أبناؤها بزعامة الحاج صلاح عطية إلى تطوير اقتصاديات القرية وتنمية مجتمعها المحلي. نسأل القرى الأخرى الاقتداء بذلك وليس غريبا فقد كان تجار ميت غمر أصحاب بنك اهلي ومشاريع صناعية وزراعية وتجارية رائجة.
تقع تفهنا الاشراف على بعد 8 كلم من مدينة ميت غمر. وعلى بعد 17 كلم من مدينة الزقازيق. ويعمل أهلها بالزراعة. وبتفهنا الاشراف محطة قطار للسكك الحديدية طنطا / ميت غمر الزقازيق.
تفهنا الأشراف:
قرية تفهنا الأشراف قرية مصرية تقع في أغوار مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، يفصل بينها وبين القاهرة 120 كيلومترًا، وهي قرية فقيرة يبلغ عدد سكانها خمسة آلاف نسمة، وذات زمام زراعي محدود (أقل من خمسمائة فدان)..حتى عام 1966 لم يكن بها شخص واحد في أي مرحلة تعليمية، وكانت معروفة بتصدير عمال التراحيل للمناطق المحيطة، ولم تكن تعرف اختراع التليفون، إلا أن القرية ومنذ عام 1982 تعيش تجربة من أروع تجارب التكافل غيرت وجهها ومعالمها؛ لتؤكد أثر الزكاة كفريضة في حياة الشعوب في وقت عجزت فيه المواثيق والعهود والمؤسسات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة في تحقيق مثل هذه المعجزة لقرية واحدة من آلاف القرى التي تعيش نفس الواقع الأليم لقرية "تفهنا الأشراف"، ويكفي القول: إنه خلال هذه السنوات القليلة في عمر الشعوب أصبحت معالم القرية الأمية- سابقا- كالتالي: أربع كليات جامعية أزهرية: للشريعة، والتربية بنين، والتجارة، والدراسات الإنسانية بنات، ومدينة جامعية للطلاب تسع ألف طالب، وأخرى للطالبات تسع 600 طالبة، وخمسة معاهد أزهرية، وحضانة بها 350 طفلًا، ومستشفى مركزي، ومحطة للسكة الحديد لم تكن موجودة من قبل، وسنترال للاتصالات، ومجمع إسلامي للخدمات.
أقام الأهالي هذه المشروعات بالجهود الذاتية في إطار سلسلة من المشروعات السنوية التي لم تتوقف بل تتجه للتزايد بعد أن قرروا الدخول في مشروعين كبيرين كل عام بعد أن كان المعدل مشروعًا واحدًا سنويًّا، واستطاعوا القضاء على الفقر وحولوا الأرامل والمطلقات إلى طاقة منتجة وتم تشغيل العاطلين من الحرفيين وخريجي الجامعات والنتيجة أنهم لا يجدون مستحقًا لزكاة المال في قريتهم مما دفعهم إلي إنفاق زكاة أموالهم بالقرى المجاورة.
منهج الإصلاح لم يقتصر فقط على المشروعات الخيرية والتعليمية، بل تعداه إلى الجانب الأمني وتسبب وجود لجنة للمصالحات في عدم وصول أي قضية للشرطة حتى إن أحد مكاتب المحاماة بالقرية تحول إلى مأذون لعدم وجود زبائن.
ترى كيف كانت البداية؟؟
اقرأ في الموضوع:
1- البداية مزرعة بألفي جنيه
2-350 طفلًا يدرسون بالمجان
3- موكب رسمي لزفاف اليتيمات 4- زكاة الأطباء .. متابعة المرضى 5- لجنة أهلية لفض المنازعات 6- الرواج يمتد للقرى المجاورة
البداية مزرعة بألفي جنيه
يقول المهندس صلاح عطية - رئيس مجلس إدارة المركز الإسلامي بتفهنا الأشراف والأب الروحي للتجربة: إن القرية كانت تعاني من مشكلة الفقر المدقع، وكانت مصدرًا لعمال التراحيل في جميع القرى المجاورة، كما أنه لم يكن هناك معلم من معالم مركز ميت غمر يسمى "تفهنا الأشراف"، وكنا عبارة عن قرية صغيرة جدًّا نتبع قرية مجاورة اسمها المقدام حتى السيارات تقف عند المقدام ولا يعرف السائق شيءًا اسمه تفهنا الأشراف، المهم أن قريتنا كان يسكنها أقل من خمسة آلاف نسمة حتى عام 1982 عندما اجتمع عدد من أبناء القرية لوضع حد لعلاج مشكلة الفقر قمنا بحصر أصحاب الأملاك من الأغنياء، وكل من يستطيع أن يؤدي زكاة، وركزنا على أهمية جمع الزكاة كخطوة أولى لمعالجة الفقر ثم قمنا بإنشاء مزرعة وكانت هي بداية قصة هذا التحول باشتراك تسعة من الشباب الذين تعارفوا خلال فترة التجنيد بالجيش، واتفقوا على إنشاء مزرعة للدواجن بعد انتهاء فترة تجنيدهم تكلفت ألفي جنيه، ونظرًا لتواضع أحوالهم المادية فقد باع بعضهم مصاغ زوجته؛ ليستطيع الوفاء بنصيبه في الشركة، وخلال كتابة عقد الشركة قرروا تخصيص نسبة10% من الربح لإنفاقها في وجوه الخير وسميناه "سهم الشريك الأعظم" وعندما وجدونا حصيلة الربح كبيرة جدًّا وأكثر مما كنا نتوقع قررنا زيادة نسبة "سهم الشريك الأعظم" إلي20% من الربح في الدورة التالية شكرًا لله على ما تحقق من حصيلة كبيرة، وكان نتاج الدورة التالية من الإنتاج غير مألوف فقررنا زيادة نسبة "سهم الشريك الأعظم" لوجوه الخير من الربح إلي30% وتكرر النتاج الكبير في الدورة التالية فزدنا النسبة إلي40% وهكذا استمرت الزيادة إلى أن أصبحت 100% في إجمالي عشر مزارع .
وبمرور السنين زاد عدد المزارع وتم إنشاء مصنع للأعلاف وآخر للمركزات ومصنع لعلف الماشية مع الاتجار في الحاصلات الزراعية وتصدير الموالح والبطاطس والبصل لعدة بلدان خارج مصر حيث أصبح النشاط التجاري من الأنشطة الرئيسية في مجال عملنا، كما تمت إقامة مزارع أخرى في التل الكبير حتى أصبح حجم الاستثمارات حاليًا 35 مليون جنيه، وتقوم الشركات الثلاث التي تضم المشروعات بدفع ما عليها من ضرائب لخزينة الدولة بعد خصم نسبة 7% طبقا للقانون المصري.
350 طفلًا يدرسون بالمجان
ويستكمل المهندس عطية قصة النجاح قائلًا: من حصيلة الأرباح قمنا بإنشاء حضانة كبيرة بها350 طفلًا يدرسون بالمجان، ثم معهد أزهري ابتدائي مكونًا من 53 فصلًا ثم معهد أزهري إعدادي للبنين وآخر إعدادي للبنات وتلاهما معهد أزهري ثانوي للطلاب وآخر ثانوي للطالبات، وأنشأنا مجمعًا للخدمات بالقرية من أربعة طوابق يضم سنترالا ومشغلاً لتعليم الفتيات ومكتبة عامة ومقرًا للجنة المصالحات، كما استطعنا بفضل الله وتوفيقه إقامة محطة للسكك الحديدية تتوقف عندها القطارات المتحركة ما بين طنطا والزقازيق، وشراء سيارات خاصة تتبع المركز الإسلامي وتقوم هذه السيارات بجلب طلاب الحضانة من القرى المجاورة مجانًا ويتم منح اشتراكات مجانية لطلاب المعاهد الأزهرية بالسكة الحديد بالإضافة إلى توزيع الزي الأزهري مجانا لطلاب وطالبات المعاهد الأزهرية، وقبل شهر رمضان بيومين تقوم السيارات بتوزيع عبوات الدقيق والسمن على كل بيوت القرية البالغ عددها حوالي ألف منزل حتى منزل العمدة يأخذ نصيبه حتى لا ينظر أحد إلي الأمر على أنه صدقة وكل ذلك بفضل ريع المشاريع الموقوفة لله.
ويضيف المهندس صلاح عطية : الأمر لم يقتصر على إقامة المعاهد الأزهرية والخدمات مثل مشروع الصرف الصحي ومشروع التشجير خارج القرية وداخلها وزراعة ألف نخلة بلح زغلول، بل امتد إلى الجانب الاجتماعي حيث كانت البداية عام 1984 باجتماع عام لأهالي القرية برئاسة عمدة القرية الحاج محمد فكري القرموطي ـ والذي يشغل هذا المنصب منذ عام 1958 وحتى الآن ـ حيث قرروا خلاله إنشاء مركز إسلامي يتولى تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من مشروعات خيرية وذلك من خلال لجان عمل إحداها للتعليم والأخرى للزراعة ولجنة للشباب ولجنة للصحة ولجنة للمصالحات ولجنة للزكاة.
موكب رسمي لزفاف اليتيمات
و يقول: إنه من المعتاد لأهل القرية في أول جمعة من رمضان كل عام أن يقيموا إفطارًا جماعيًّا يحضره كل أبناء القرية المقيمين وغير المقيمين، ويجهز كل منزل صينية طعام لا يجلس أصحابها عليها، كما أنه عقب صلاتي عيد الفطر وعيد الأضحى يقيمون احتفالا تتعدد فيه المسابقات الشعبية التي يشارك فيها الكبار مستخدمين حيوانات الحقل بقصد إدخال البهجة على الجميع لكي ينسى الرجل أرملته المتوفاة وينسى الأب ابنه الغائب في العراق إلي غير ذلك من مثيرات الأحزان، ويقومون بتجهيز الفتيات الفقيرات للزواج من الإبرة للبوتوجاز وحتى أدق لوازم البيت وأغلبها مصنوع في تفهنا الأشراف، وبصفة خاصة في حالات زواج اليتيمات خارج القرية يتحرك أتوبيسان من القرية إلى مكان العرس لينزل العمدة أولًا ومن خلفه كبار رجال القرية مرتدين أفخم ما لديهم كي يشعر أهل الزوج أن العروس لها عزوة، والموكب نفسه يتحرك للقرى المجاورة لأداء واجب العزاء مشيرا إلى أن القرية كلها أسرة واحدة في الأفراح والأحزان.
زكاة الأطباء .. متابعة المرضى
وحول إستراتيجية القضاء على الفقر يحكي لنا عضو لجنة الزكاة والخدمات الاجتماعية بالمركز الإسلامي طارق القرموطي-موجه لغة عربية- أن لجنة الزكاة بدأت بحصر السكان والفقراء بحيث يتم جمع الزكاة من السكان حسب نشاطهم فالمزارع يعطي من محصوله والتاجر يعطي مما لديه من سلع حتى الأطباء بالقرية اتفقنا مع كل واحد منهم على القيام بمتابعة حالة محددة من مرضى القرية الفقراء كزكاة عن عملهم، وفي إنفاق الزكاة وجدنا أن إعطاء الفقراء أموالا سائلة يترتب عليه إنفاقها في وقت قليل دون القضاء على الفقر فقمنا بتوزيع40 نعجة (أنثى الأنعام) حاملة على الأرامل، وكان الهدف من كونها حاملًا أن تلد بسرعة.
وفي السنة التالية قمنا بتوزيع 20 عجل جاموس للرجال الفقراء، ومع كل عجل حبل ووتد ونصف إردب ذرة، وكنا قد اشترينا أرضًا لبناء المنشآت التعليمية عليها، وكانت خالية فخصصنا لكل فرد من أصحاب العجول ستة قراريط يزرعها برسيما ثم اتجهنا إلى الشباب العاطل بتقديم الآلات الخاصة بالحرف سواء للنجارة أم الميكانيكا أم الحدادة، ومع أصحاب الحالات المرضية قمنا بعمل أكشاك أو تقديم عربات مجهزة ببضاعتها والحصول على شهادة صحية لهم، وتتم المتابعة عن بعد لهؤلاء بتوصية تجار الجملة بتسهيل إمدادهم بالسلع وضمانهم عند التعثر دون أن يشعروا بذلك كي يجيدوا تجارتهم.
وبالنسبة للفتيات اللاتي لم يكملن تعليمهن قمنا- والكلام للقرموطي- بعقد دورات تدريب لهن على ماكينات الخياطة، وشمل التدريب الخياطة إلى جانب يوم لتعلم إدارة المنزل وإعداد الحلويات ومحو الأمية وبعد الدورة تأخذ الفتاة ماكينة خياطة ومزورة وأربع قطع قماش وأربع بكرات خيط مجانا لتبدأ عملها وشق طريقها مودعة الفقر لتصبح إضافة اقتصادية جديدة في المجتمع، وتم تخريج ثلاث دفعات ونظرًا لقيامنا بتوزيع زي الحضانة وزي المعاهد الأزهرية؛ فإننا نقوم بتشغيل هؤلاء في بيوتهن حيث نقوم سنويًّا بتوزيع ثلاث آلاف مريلة بداخل القرية وبالقرى المجاورة.
ومع وجود ثلاث كليات جامعية بالقرية فقد قمنا بحصر عدد الطلاب المغتربين المقيمين بالقرية ووجدناهم630 طالبًا وطالبة وخصص لكل منهم كارت يحصل به بالمجان من منفذ معروف بكلية الشريعة على حصص شهرية من الزيت والسكر والسمن والخبز، وفي خطتنا القادمة عمل تدريب على الحرف لخريجي الكليات النظرية من أبناء القرية لخلق فرص عمل لهم؛ وإبعادهم عن شبح البطالة، وقد تم الاتفاق مع مشروع شروق (مشروع حكومي لتنمية القرية المصرية) على عمل دورات في السباكة والنجارة للشباب.
لجنة أهلية لفض المنازعات
ويذكر القرموطي عضو مجلس إدارة المركز الإسلامي أن لجنة فض المنازعات كان الهدف منها إحداث سلام اجتماعي بين الأهالي وأصبح معتادًا أنه عند حدوث خلاف بين شخصين أن يتقدما ببلاغ لرئيس اللجنة، والذي يستعين بسكرتير اللجنة للنظر في هذا الخلاف بالإضافة إلى أعضاء متخصصين حسب نوعية المشكلة، فإذا كانت أحوالا شخصية فيمثل فيها حملة ليسانس الحقوق، وإذا كانت نزاعًا على أرض زراعية كان من أعضاء اللجنة مهندس زراعي وعدد من المزارعين، وقبل الجلسة يوقع الأطراف على شيكات لضمان الجدية في الالتزام بحكم اللجنة.. ولا توجد طعون في قرارات اللجنة؛ لأنها محايدة، كما يتم تسجيل القضايا في محاضر مسلسلة كي يمكن الرجوع إليها واستنساخ صور منها ولو بعد عدة سنوات والنتيجة أنه لا توجد قضية من القرية في نقطة الشرطة أو المركز، وإذا أفلتت قضية فإن المأمور ينصحهم باللجوء للجنة المصالحات، ومن النتائج أيضًا أن أحد المحامين بالقرية تحول إلى مأذون لعدم وجود زبائن بينما الباقون ركزوا نشاطهم في القرى المجاورة .
ويسرد المهندس صلاح عطية مرة أخرى قصة بدء إدخال أول كلية أزهرية في "تفهنا الأشراف" قائلاً: إنه مع زيادة الأرباح والريع للأوقاف التي خصصناها للأزهر قمنا بالاتصال بالشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الراحل للحصول على موافقته لإنشاء كلية للشريعة تكلفت 5 مليون جنيه تقريبا وتم إنجازها في 13 شهرا ونصف، وبدأت الدراسة بها في شهر صفر من عام 1413هـ / أغسطس 1992م وتخرج فيها حتى اليوم ثلاث دفعات ويبلغ عدد طلابها الحاليين 2500 طالب، وكان من بين عمدائها مفتي الديار المصرية الحالية الدكتور نصر فريد واصل الذي أسند إليه منصب الإفتاء وهو عميد لها.
وأضاف: إننا شرعنا في إنشاء كلية تجارة للبنات قبل الانتهاء من مبنى الشريعة حتى إنه لم يتأخر عنه كثيرا، وتم إنجازها في تسعة أشهر ثم كلية للتربية أصبحت تأخذ مجموعا أعلى من تربية الأزهر بالقاهرة خلال إجراءات التنسيق، مع تجهيز الكليات بالأثاث، حيث لم نحصل من جامعة الأزهر إلا على الموافقات .
وفي الطريق كلية للدراسات الإنسانية والعربية للبنات تبدأ بها الدراسة العام القادم، كما تم وقف إيراد مصنع الأعلاف لصالح الأزهر للإنفاق على الكليات.. وتم إنشاء مدينة جامعية للطالبات تسع600 طالبة تمارس نشاطها منذ عام 1995 ومدينة جامعية للطلاب تسع ألف طالب، أطلقوا عليها اسم الرئيس مبارك "مدينة مبارك للطلاب بتفهنا الأشراف" وبدأت في استقبال الطلاب هذا العام بالفعل، كما أن المستشفى العام أوشك أن يكتمل؛ ليصبح مشفى مركزيًّا، فضلا عن مستشفى التأمين الصحي الذي ما زال تحت الإنشاء؛ لخدمة أبناء ميت غمر والقرى المحيطة.
ويوضح م. صلاح أنهم يقيمون مشروعاتهم من خلال العمل الجماعي لأصحاب المهن المختلفة بالقرية حيث يحضر كل منهم بأدواته وليس من خلال أسلوب تسليم المفتاح الذي يتولاه المقاولون لتقليل التكلفة، كما أن لديهم ورشة لتصنيع الأثاث التعليمي.
وأوضح أن هذا المشروع من بين مؤسسيه من نشأ في أسرة فقيرة، ولم يرتد في حياته الدراسية ملابس جديدة بالمرة، وإنما ملابس مستعملة من السوق، وكانوا يعملون بالصيف في مكافحة دودة القطن؛ لتدبير مصاريف الدراسة بكلية الزراعة.
وقال صلاح منصور عضو مجلس إدارة المركز ـ موظف بالمدينة الجامعية للطالبات ـ إن أهالي القرية تحمسوا للتبرع للمشروعات بعد أن حسبوا الأمر جيدًا فلو أن الأب علم ابنه الجامعي في محافظة أخرى فكم يتكلف؟ في حين أنه بمساهمته البسيطة في بناء كليات داخل القرية فلن يتكلف مصاريف المواصلات والإقامة لابنه، بالإضافة إلى أن تلك المشروعات توفر فرص عمل لأبناء القرية.
الرواج يمتد للقرى المجاورة
ويشرح طارق القرموطي الآثار الاقتصادية الإيجابية لما حدث في القرية فبالإضافة إلى عدم وجود بطالة فإن الطلاب يعملون في مزارع الدواجن ومصنع الأعلاف وغيرها فليس لدينا طالب لا يعمل بالصيف، كما قامت كثير من المنازل بإقامة طوابق إضافية لاستيعاب الطلاب المغتربين كمؤجرين لحجرات السكن في بيوتهم وبمقابل يتراوح بمعدل 100 جنيه للحجرة الواحدة في الشهر كما زاد الرواج لدى المحلات نتيجة حركة سيارات النقل المتعاملة مع المصانع، وكذلك الوجود الطلابي.
وكما تقول د. تفيدة عبد الحميد عميدة كلية التجارة بنات الأزهر بتفهنا الأشراف إن مستوى الدراسة هنا ممتاز للغاية حيث إن القرية منعزلة عن مواطن اللهو من دور السينما والمقاهي وصالات الألعاب المختلفة، الأمر الذي يجعل الطلاب يفرون إلى كتبهم ومذاكرتهم أكثر من أي شيء آخر وينعكس ذلك على النتيجة النهائية في نهاية العام، كما أن المدينة الجامعية كسكن مجاني للطالبات بجوار الكلية تختار على أساس التقدير، الأمر الذي جعل المنافسة تشتعل بين الطالبات وبالتالي النتيجة الممتازة التي تفوق نتيجة الكليات الأخرى وتسبب ذلك في زيادة الإقبال من الطلاب وأولياء الأمور على التقدم بالأوراق لكليات الأزهر بتفهنا إلا أن التنسيق يكون مرتفعًا للغاية؛ فنجد كلية تربية على سبيل المثال أعلى في تنسيقها من كليات القاهرة الأم بأكثر من 100 درجة، وكذلك الشريعة والتجارة بنات.
ويرى الحاج أحمد شاكر مدير المركز الإسلامي أن أهالي قرية الشعراء بمركز دمياط كانوا يرغبون في إقامة معهد أزهري بقريتهم، ولهذا قام بعض رجال القرية بزيارة تفهنا الأشراف ودعوا المهندس صلاح عطية لزيارة القرية حيث تبرع لهم بجزء من التكلفة ثم ساهم معهم في جمع التبرعات للمعهد في ليلة واحدة من أبناء القرية بأسلوبه المميز، ولقد علمنا أنه ساهم في إنشاء حوالي ألف معهد أزهري في أنحاء البلاد بتقديم بعض مواد البناء والمقاعد الدراسية وجمع التبرعات لهما بهذا الأسلوب المحبوب .
حيث وقف في سرادق حضره بعض المسئولين المحليين مناشدا الحضور التبرع لإقامة المعهد بعد أن بدأ بنفسه ونظرا لخبرته فهو يعرف احتياجات المعهد من مواد البناء حسب عدد الفصول، حيث بدأ بجمع التبرعات لكميات الأسمنت المطلوبة في شكل تبرعات نقدية أو تعهدات بالتبرع بكميات معينة يتم تسجيلها على الفور في قائمة، مهما يكن صغرها حيث تجاوب معه الحضور من الرجال والنساء والشباب بالتبرع، هذا بعدة أطنان وهذا بطن وهذا بربع طن حتى استوفى المطلوب من الأسمنت وبعده انتقل إلى كميات الطوب المطلوبة ليجمع تعهدات بالتبرع بها جزءا جزءا حتى استوفاها كاملة ثم انتقل إلى كميات الرمل المطلوبة فالزلط والأخشاب والبويات وهكذا ظل يجمع التبرعات لكل متطلبات إقامة المعهد حتى مسامير ومفصلات الأبواب والشبابيك ولم يغادرها إلا وقد تم حشد التبرعات لجميع مستلزمات البناء حتى بوابة المعهد الحديدية وعلم المعهد واللافتة.