تشريط

التشريط (الارتباط الشرطى) (بالإنجليزية: Conditioning) هو مصطلح يستخدمه علماء المدرسة السلوكية فى علم النفس فى إطار مايسمى بالمنبه والاستجابة فى نماذج التعلم. ويشير إلى العملية التى تتضمن تكوين ارتباطات بين المنبه الجديد والاستجابة.

يميز علماء المدرسة السلوكية - عادة - بين نوعين من التشربط. النوع الأول الكلاسيكى للتشريط، أو نموذج S (المنبه Stimulus). هذا النوع كان إيفان بافلوف أول من تعرف عليه فى تجاربه الشهيرة مع الكلاب، حينما ربط بين وجود منبه جديد و استجابة موجودة بالفعل. ويقوم ارتباط المنبه الجديد - الاستجابة من خلال تزامن المنبه الجديد- الذى كان محايدافى السابق-مع منبه قديم كان يؤدى بالفعل إلى استثارة الاستجابة. وفى تجارب بافلوف كانت الاستجابة غير المشروطة للطعام تثير فى الفم استجابة منعكسة غير مشروطة. وعندما يتكرر اقتران هذا المنبه بمنبه جديد (صوت الجرس)، فإن هذا المنبه الجديد سوف يؤدى -فى الوقت المناسب- إلى إسالة اللعاب. ولهذا سوف تظهر هنا علاقة جديدة بين المنبه الشرطى (صوت الجرس) وبين الاستجابة المشروطة (اللعاب). وفى هذه العملية فإن اقتران الطعام بصوت الجرس يعمل على تقوية أو تعزيزعلاقة المنبه الجديد/ا لاستجابة، بمعنى أن حدوث إستجابة اللعاب عند سماع صوت الجرس يصبح أكثر احتمالا. ومن شان كثرة تكرار المنبه الجديد (صوت الجرس) بدون تعزيز (تقديم الطعام) أن يؤدى إلى انطفاء الاستجابة المشروطة (اللعاب).

وفى التشريط الاجرائى أو النموذج R (الاستجابة = Response) للتشريط، فإن وجود استجابة جديدة يرتبط بمنبه كان محايداً فى السابق. ويتم تشجيع حدوث هذه الاستجابة من خلال تقديم بعض التعزيز (التدعيم) لها كلما تكرر وقوعها. ويرتبط هذا المدخل بصفة خاصة بعالم النفس الأمريكى ثورندايك (انظر مؤلفه: ذكاء الحيوان، الصادر عام 1911، وسكنر (انظر كتابه: سلوك الكائنات الحية، الصادر عام 1938) فى تجاربه الشهيرة على الفقئران فى الأقفاص، حيث كان الضغط على قضيب (رافعة) يتم تعزيزه بإعطاء الفأر كرة صغيرة من الطعام (منبه التعزيز) فى كل مرة. ويطلق على التعزيز الذى يؤدى إلى السرور مصطلح التعزيز الايجابى. أما عند ما يأخذ التعزيز شكل تحاشى شئ ما غير سار (مثل الصدمة الكهربانية- أو الطعام ذى المذاق غير المقبول) فيطلق عليه مصطلح التعزيز السلبى. وعندما يستمد منبه التعزيز قيمته من خلال التعليم، فإنه يطلق عليه مصطلح معزز ثانوى. فعلى سبيل المثال إذا تعلم الفار كيف يحصل على إشارات للحصول على طعام، فإن هذه الإشارات يمكن استخدامها كمعززات ثانوية فى خلق ارتباط شرطى مع استجابة جديدة. ويستخدم التشريط الإجرائى أيضا كأساس لبعض الإجراءات العلاجية للإنسان. فعندما يتعلم الإنسان أن هناك أنماطاً معينة من السلوك يترتب عليها نتائج مرغوبة يكافى على أساسها، فإن ذلك يزيد من احتمالات حدوث هذا النوع من السلوك فى المستقبل.

وقد انصب معظم الجدل بين الباحثين قى نظرية التعلم على تفسير الملاحظات الإمبيريقية فى دراسات التسريط. وطور علماء المدرسة السلوكية الأوائل تحليلات للتشريط باعتباره عملية بسيطة، ولاشعورية، وآلية. إلا أن بعض التجارب التى تمث قد قدمت شواهد مقنعة على وجود عمليات معرفية فى تكوين علاقات الارتباط بين المنبه والاستجابة التى جرت ملاحظتها فى دراسات التشريط. وفى علم النفس الأكاديمى -منذ الستينيات وما بعدها- أدى تزايد التأكيد على الإدراك و الاهتمام به، وكذلك على عملية تحليل المعلومات إلى تحويل الانتباه بعيدا عن دراسة التشريط عند الحيوان و الإنسان، كما أبعدها عن صياغة مفهومات التعلم فى ضوء نماذج المنبه - الاستجابة.