تشارلز فرانسيس ريختر

تشارلز فرانسيس ريختر (بالإنجليزية: Charles Francis Richter) (26 أبريل 1900 - 30 سبتمبر 1985) هو عالم زلازل وفيزيائي أمريكي. وريختر معروف بأنه مخترع مقياس ريختر، والذي كان ولا زال يستخدم لقياس قوة الزلازل.

طفولته وتعلمه

وُلد ريختر في أوفربيك في ولاية أوهايو. امتلك ريختر أصولًا ألمانية إذ جاء جده الأكبر من بادن بادن (بادن فورتمبيرغ في ألمانيا) في عام 1848 بسبب عدم الاستقرار السياسي. والد ريختر هو فريدريك ويليام ووالدته ليليان آنا (كينسينجر) ريختر، انفصلا عندما كان صغيرًا جدًا. نشأ مع جده من والدته، والذي نقل الأسرة (بما في ذلك والدته) إلى لوس أنجلوس في عام 1909. التحق بعد تخرجه من مدرسة لوس أنجلوس الثانوية بجامعة ستانفورد وحصل على شهادته الجامعية في عام 1920. بدأ في عام 1928 العمل على شهادة دكتوراه في الفيزياء النظرية من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وعُرض عليه لكن قبل أن ينتهي منها منصب في معهد كارنيجي في واشنطن. أحب علم الزلازل (دراسة الزلازل والأمواج التي تنتجها في الأرض). عمل بعد ذلك في مختبر الزلازل الجديد في باسادينا تحت إشراف بينو غوتنبرغ. طور ريختر وغوتنبرغ في عام 1932 مقياسًا للأحجام النسبية لمصادر الزلازل سُمي مقياس ريختر. عاد في عام 1937 إلى معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا حيث قضى بقية حياته المهنية، وأصبح في النهاية أستاذ علم الزلازل في عام 1952.

حياته المهنية

ذهب ريختر للعمل في معهد كارنيجي في واشنطن في عام 1927 بعد أن عرض عليه روبرت ميليكان منصب معيد هناك، حيث بدأ التعاون مع بينو غوتنبرغ. أراد مختبر الزلازل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا البدء في نشر تقارير منتظمة عن الزلازل في جنوب كاليفورنيا وكان بحاجة كبيرة لنظام قياس قوة الزلازل لإنجاز هذه التقارير. ابتكر ريختر وجوتنبرج المقياس الذي أصبح معروفًا بمقياس ريختر تلبيةً لهذه الحاجة، والذي يعتمد على قياس كمية إزاحة الأرض بواسطة الموجات الزلزالية.

صمم العالمان جهاز قياس الزلازل لقياس هذه الإزاحة ووضعا مقياسًا لوغاريتميًا لقياس الشدة. جاء وصف الحجم لهذا القياس من اهتمام ريختر منذ طفولته في علم الفلك (يقيس علماء الفلك النجوم بكتلتها). كانت مساهمة غوتنبرغ كبيرة لكن كرهه للمقابلات ساهم في ترك اسمه خارج العمل. تبنى علماء الزلازل المقياس بعد نشره في عام 1935 بسرعة لاستخدامه في قياس شدة الزلازل.

بقي ريختر في معهد كارنيجي حتى عام 1936 عندما حصل على وظيفة في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، حيث عمل مع غوتنبرغ. نشر غوتنبرغ وريختر كتاب الزلازل الأرضية في عام 1941. وتعتبر الطبعة المنقحة التي نشرت في عام 1954 مرجعًا أساسيًا في هذا المجال.

أصبح ريختر أستاذًا في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في عام 1952. ونشر في عام 1958 كتاب علم الزلازل الأساسي بناءً على ملاحظاته التدريسية الجامعية. نادرًا ما نشر ريختر في المجلات العلمية التي يراجعها الأقران، لذلك يعتبر الكتاب أهم مساهماته في علم الزلازل. أمضى ريختر عامي 1959 و1960 في اليابان كباحث في برنامج فولبرايت. انخرط في ذلك الوقت من حياته المهنية في مجال هندسة الزلازل من خلال تطوير قوانين البناء للمناطق المعرضة للزلازل. أزالت حكومة مدينة لوس أنجلوس العديد من الزخارف والبروزات من المباني في الستينيات نتيجة لحملات التوعية التي قام بها ريختر.

ذكرت المدينة أن تحذيرات ريختر كانت مهمة في منع العديد من الوفيات بعد زلزال سان فرناندو عام 1971.  تقاعد ريختر عام 1970.

مقياس ريختر

في الوقت الذي بدأ فيه ريختر العمل مع غوتنبرغ كانت الطريقة الوحيدة لتقييم الصدمات هي مقياس طوره الكاهن والجيولوجي الإيطالي جوسيب ميركالي في عام 1902. يستخدم مقياس ميركالي الأرقام الرومانية ويصنف الزلازل من المرحلة الأولى إلى الثانية عشر اعتمادًا على كيفية استجابة المباني والناس للهزة. تصنف الهزة التي جعلت الثريات تتأرجح على أنها I أو II على هذا المقياس، في حين أن الزلازل التي دمرت مباني ضخمة وأحدثت حالة من الذعر في مدينة مزدحمة قد تُصنف X. كانت المشكلة الواضحة في مقياس ميركالي اعتماده على مدى قوة تشييد المبنى. كما كان من الصعب على مقياس ميركالي تقييم الزلازل التي حدثت في المناطق النائية ذات الكثافة السكانية المنخفضة.

إسهامات تشارلز ريختر في مجال دراسة الزلازل

عندما يحدث زلزال في أي وقت، يتمثل أول سؤال في ااستفسار عن مدى قوة ذلك الزلزال. من الطبيعي أن يكون طرح السؤال أمر سهلاً، ولكن الإجابة ليست سهلة بمثل هذا القدر فعند سؤالك عن مدى الدمار الذي أحدثه الزلزال أو عن مقدار الهزة لأرضية التي حدثت، فإنك بذلك تسأل عن مدى شدة الزلزال وفقا لقياس مركلي (نسبة لعالم الجيولوجيا الإيطالي) ويتشابه ذلك الأمر مع سؤالك عن مدى قوة الإشارة التي تبثها محطة الراديو في المكان الذي تستمع فيه. ويعني تسجيل القراءة عند رقم ١ أن الزلزال ضعيف وأنه لم يشعر به أحد تقريبا، بالكاد استطاعت الأجهزة تسجيله. بينما تبين قراءة الرقم ٠ ١ أن الزلزال يؤدي إلى الدمار بشكل كلي.

الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للزلزال هو التعرف على مقياس شدة الزلزال؛ أي كمية الطاقة المنطلقة منه في مركزه وكمية الصخور التي تحركت. لقد استطاع مقياس ريختر الذي أنشأه العالم الأمريكي تشارلز ريختر ي عام ١٩٣٥ التعرف على كل ذلك. ففي بداية الأمر، تم تطبيق هذا المقياس على الزلازل الواقعة فقط في جنوب ولاية كاليفورنيا بالقرب من لوس أنجليس (حيث يكثر وقوع الزلزال)، وهو مكان عمل ذلك العالم في ذلك الوقت. أما الآن، فقد تم استعمال هذا المقياس في العالم كله، وأصبح اسم العالم ريختر جزء من لغتنا اليومية.

تختلف الزلازل بشدة من حيث شدتها، فالزلازل المدمرة تنطلق منها ملايين الأضعاف من الطاقة التي تنطلق من الزلازل الضعيفة. ولذلك، فإن ذلك المقياس يعتبر لوغاريتمي؛ أي كل خطوة تعني زيادة عشرة أضعاف في حجم الطاقة امنطلقة. فبالنسبة للزلزال الذي تصل قوته إلى ٧ درجات، تنطلق منه طاقة يترتب عليها تدمير بعشرة أضعاف التدمير الناتج عن زلزال قوته ٦ درجات، كما ينطلق منه مائة ضعف طاقة التدمير المنطلقة من زلزال قوته ٥ درجات وألف ضعف من الطاقة المنطلقة من زلزال قوته ٤ درجات وهكذا.

ليس لذلك المقياس نهاية معينة؛ أي أنه ليس محدودا. فقد بلغت قوة أكبر الزلازل المسجلة تاريخيا حوالي تسع درجات بمقياس ريختر، مثل الزلزال الذي تسبب في أمواج تسونامي المدمرة في جنوب شرق آسيا في شهر ديسمبر من عام 2004. ولكن، من المستبعد أن تسجل قوة أي زلزال . ١ درجات، ومع ذلك فإنه يمكن لقياس ريختر التعامل مع هذه الدرجة إن حدثت، بل والتعامل مع الدرجات الأكبر منها.

لاحظ العالم ريختر شيئا آخر عن ذلك المقياس في عام ١٩٥٤ ؛ فهو يعكس الكيفية التي من المحتمل أن تحدث بها الزلازل بمختلف شدتها. فالزلازل التي تبلغ قوتها ٦ درجات من المحتمل أن تحدث بمقدار عشرة أضعاف احتمال حدوث الزلازل التي تبلغ قوتها ٧ درجات، وكذلك فإنها تحدث بمقدار مائة ضعف احتمال حدوث الزلازل التي تبلغ قوتها ٨ درجات.

يوجد الآن الكثير من المحطات التي تسجل قوة الزلازل موزعة في جميع أنحاء العالم. وتلتقط مرسمات الزلازل حركة موجات طاقة الزلازل، غالبا بعد انتقال هذه الموجات لآلاف الكيلو مترات خلال الأرض. وبالاعتماد بأكبر شكل ممكن على الأوقات التي تصل فيها تلك الموجات إلى محطات قياس الزلازل المتعددة، فإنه يمكن للخبراء أن يستنتجوا المكان الذي وقع فيه مركز الزلزال بالتحديد، كما يمكنهم معرفة بعده عن سطح الأرض ومدى قوته التي وقع بها. وعند وضع كل هذه البيانات على خريطة العالم، سنجد أن معظم الزلازل تحدث في امناطق الجيولوجية الضيقة، خاصة في منطقة النشاط البركاني والزلزالي بمحاذاة أطراف المحيط الهادى وعلى امتداد حواف قارة آسيا وفي جبال الهيمالايا ومنطقة الشرق الأوسط وأوروبا. توجد في نهاية تلك امناطق المسماة بحزام الزلازل مدينة لشبونة بالبرتغال والتي تحطمت بأكملها نتيجة زلزال مدمر في عام ١٧٥٥ . تعمل نماذج الزلازل (والبراكين) على إعطاء دعم فعال لنظرية الألواح التكتونية التي مفادها أن هناك بقايا كبيرة من مكونات القشرة الأرضية توجد في حركة دائمة بالتناسق فيما بينها (١٩٩٢).

انظر أيضا