تاريخ المغرب الاقتصادي

ملف:ReceptionOfLouisXIVsAmbassadorToSultan.jpg
السلطان إسماعيل بن علي الشريف يستقبل فرانسوا بيدو دو سان أولون ‏‏ سفير لويس الرابع عشر ملك فرنسا سنة 1693.[١]

خلال القرن الثامن عشر أخذت المصالح الأوروبية تنمو يوماً بعد آخر في البحر الأبيض المتوسط، وأصبحت تلك المصالح تحتم على الدول الأوروبية تأمين تجارتها في محاولة للحد من حركة الجهاد البحري التي كانت تقوم بها الأساطيل المغربية في تلك الفترة، ونتيجة لذلك أخذت الكثير من الدول الأوروبية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر في عقد أو تجديد معاهداتها مع المغرب، ففي عهد السلطان محمد الثالث (في المنصب: 1757 حتى 1790) على سبيل المثال، عقدت حوالي سبع دول أوروبية معاهدات صداقة وتجارة مع المغرب اشتملت على تأمين تجارتها في البحر المتوسط وإعطاء امتيازات لقناصلها وتجارها ومواطنيها، ومن خلال بنود تلك المعاهدات يُلاحظ أن هناك تركيز على سلامة سفن الدول الأوروبية وتقديم الخدمات لها في الموانئ المغربية وأن هناك تشابه بين بنود تلك المعاهدات.[٢]

مقابل ذلك، كانت العديد من الدول الأوروبية تلتزم بدفع غرامات مالية له، والسبب يعود إلى تنامي قوته العسكرية في تلك الفترة، وقد وصف المؤرخ المغربي أبو عباس الناصري (1835-1897) علاقة المغرب مع الدول الأوروبية حيث قال في وصف السلطان محمد الثالث:

تاريخ المغرب الاقتصادي وهابه ملوك الفرنج [ملوك أوروبا] وطواغيتهم، ووفدت عليه رسلهم بالهدايا والتحف، يطلبون مسالمته في البحر، بلغ ذلك رحمه الله بسياسته وعلو همته حتى عمت مسالمة أجناس النصارى (...) وكانوا يستجلبون مرضاته بالهدايا والألطاف وكل ما يقدرون عليه، (...) وكان أعظم طواغيتهم طاغية الإنجليز والفرنسيس [الفرنسيين]، فكانوا يأنفون أداء الضريبة علانية مثل غيرهم من الأجناس، فكان رحمه الله يستخرجها منهم وأكثر منها بوجه لطيف... تاريخ المغرب الاقتصادي
أبو عباس الناصري—كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى[٣]

على الرغم من ذلك، فقد استطاعت كل من فرنسا وإنجلترا أن تبرما معاهدات مع المغرب أعطتهم امتيازات أكثر مما أعطت الدول الأوروبية الأخرى، وهذا يدل على أن هاتين الدولتين كانتا تتمتعان بقوة عسكرية مكنتهما من الحصول على تلك الامتيازات.[٤]

مع نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر أخذت المصالح الأوروبية تزداد تدريجيا في البحر الأبيض المتوسط وبدأ الأوروبيون يخططون للقضاء على القرصنة البحرية في المنطقة المغاربية ومن بينها الأسطول المغربي، ولتحاشي الاصطدام مع الدول الأوروبية قرر السلطان سليمان بن محمد (في المنصب: 1797 حتى 1822) الحد من نشاط القرصنة البحرية.[٥]

مصادر

  1. ^ A second catalogue of manuscripts, in different languages John Cochran p.111
  2. ^ [عبد الرحمن بن زيدان، إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، المطبعة الوطنية، الرباط، ج 3، ص. 277-281.
  3. ^ أبو العباس أحمد بن خالد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1953، صص. 70-71.
  4. ^ الوثائق، جمع وتعليق عبد الوهاب بن منصور، المطبعة الملكية، الرباط، 1397 ه، ج 4، ص. 129.
  5. ^ التنافس التجاري بين الدول الأجنبية في المغرب الأقصى وأثره على استقلاله

Economic history of Morocco]]