بونافنتورا

القديس بونافنتورا، الرهبنة الفرنسيسكانية، (بالإيطالية: San Bonaventura)؛ (1221 - 15 يوليو 1274)، أُطلِق عليه اسم جوفانّي دي فيدينسا (Giovanni di Fidanza) عند ولادته، وهو عالم لاهوت وزعيم مسيحيوفيلسوف إيطالي سكولاستي ينتمي إلى القرون الوسطى. وكان سابع كاهن عام للرهبانية الصغرى، كما كان أسقفًا كاردينالًا لألبانو.

في عام 1257م أصبح بونافنتورا رئيسًا عامًا للأخوة الفرنسيسكانية. كرّس بونافنتورا نفسه لإعادة الوحدة بين المجموعات المتعارضة ضمن الأخوية. وساند الفقر باعتباره غاية فرنسيسكانية لكنه دافع عن امتلاك الكتب والمباني لمواصلة التعليم. وكان يؤمن بأن الرهبان يجب أن يتعلموا ويعلّموا في الجامعات.

وقام البابا سيكتوس الرابع بإعلان قداسته في 14 من إبريل 1482م، وأعلنه البابا سيكتوس الخامس ملفانًا في عام 1588م. وقد عُرِف أيضًا باسم «الملفان السيرافيمي»(باللاتينية: Doctor Seraphicus)‏. وقد تم جمع العديد من الأعمال التي كان يُعتقد أنها له في القرون الوسطى تحت اسم شبه-بونافنتورا (Pseudo-Bonaventura).

كتب بونافنتورا عدة كتب دينية مؤثرة، كما كتب سيرة القديس فرانسيس الأسيسي، مؤسس الأخوة الفرنسيسكانية.

وُلد بونافنتورا بمدينة باجنوريا بالقرب من فيتربو بإيطاليا. وقد تعلّم ودرّس في جامعة باريس خلال منتصف القرن الثالث عشر الميلادي. وتم تعيين بونافنتورا أسقفًا كارديناليًا لمدينة ألبانو عام 1273م. وأُعلن قديسًا عام 1482م، وعالمًا لاهوتيًا بارزًا عام 1588م.

حياته

ولد في بانيوريجو في لاتيوم، وهي ليست ببعيدة عن فيتيربو، والتي أصبحت جزءًا من الدولة البابوية. لا تتوفر أية معلومات عن طفولته، سوى اسم أبويه، جوفانّي من فيدينسا وماريا ريتيلا (Maria Ritella).

انضم إلى الرهبنة الفرنسيسكانية في 1243م ودرس في جامعة باريس، ربما على يد ألكسندر هايلز (Alexander of Hales)، ولكن من المؤكد أنه درس على يد خليفة ألكسندر، جون دى لاروشيل (John of Rochelle). وفي 1253م، ترأَّس منصب الرهبنة الفرنسيسكانية واستمر كأستاذ لعلم اللاهوت. لسوء حظ بونافنتورا، تسبب الخلاف الذي حدث بين العلمانيين والمتسولين في تأخير الاعتراف به رسميًا كأستاذ حتى 1257م، حيث حصل على درجته بالاشتراك مع توما الأكويني (Thomas Aquinas). وقبل ثلاث سنوات، ساهمت شهرته في الحصول على درجة محاضر لكتاب The Four Books of Sentences—وهو كتاب عن اللاهوت لبيتر لومبارد (Peter Lombard) في القرن الثاني عشر الميلادي؛ وفي 1255م، حصل بونافنتورا على درجة الماجستير، وهي الدرجة المعادلة للدكتوراة في القرون الوسطى.

انتُخِب بونافنتورا رئيسًا عامًا للرهبنة الفرنسيسكانية بعد نجاحه في الدفاع عن رهبانيته ضد الانتقادات الموجهة له من حزب المناوئين للرهبنات المتسولة. وفي 24 من نوفمبر 1265م، تم اختياره لمنصب كبير أساقفة يورك (Archbishop of York)، ولكن بالرغم من ذلك لم يتم تقديسه نهائيًا، وترك المنصب في أكتوبر 1266. وقد تم منع روجر باكون (Roger Bacon)، وهو راهب فرانسيسكاني، من إلقاء المحاضرات في أوكسفورد بأوامر من بونافنتورا، وأُجبِر على أن يضع نفسه تحت إشراف الرهبنة في باريس.

لعب بونافنتورا دورًا مساعدًا في انتخاب البابا غريغوري العاشر (Pope Gregory X)، الذي منحه لقب أسقف كاردينال ألبانو، وأصر على وجوده في مجلس ليون الكبير في 1274م. ولكن بعد إسهاماته الهامة التي أدت إلى اتحاد الكنيستين اليونانية واللاتينية، توفيّ بونافنتورا فجأةً وفي ظروفٍ غامضة. تملك الموسوعة الكاثوليكية (Catholic Encyclopedia) أدلة تقول بأنه قد توفي مسمومًا. ويبقى الأثر الوحيد الموجود من القديس بونافنتورا هو الذراع واليد اللتين كتب بهما Commentary on the Sentences، وهو محفوظ حاليًا في بانيوريجو، في أبرشية كنيسة سانت نيكولاس.

مذهبه

فيلسوف مسيحي ، يلقب ب « العالم السرافي» ولد في Bagnoregio ( نواحي Viterbo في وسط إيطاليا ) حوالى سنة١٢١٧ أو سنة ١٢٢١ وتوفي في ليون 1٧00 سنة ١٢٧٤ .

سافر الى باريس لتلقي العلم حواى سنة ١٢٣٨ ،

وهناك تابع دروس الكساندر دي هالس وجان دي لاروشا وايدرجو Eudes Rigault الذين علموه مذهب أوغسطين. لكنه درس بعض مؤلفات أرسطو، واعتنق مذهب أرسطو في بداية تطوره الفكري كما تشهد على ذلك نقوله الكثيرة عن أرسطو في مؤلفاته الأولى . لكنه ما لبث أن تخلى عن فلسفة أرسطو في مؤلفاته التالية. وقد انخرط ، وهو في باريس ، في سلك الرهباية الفرنسيسكانية . وصار اكثر ميلأ الى فلسفة أوغسطين .

ولما حصل على البكالوريوس فيسنة١٢٤٣ قام بتدريس الكتاب المقدس، ثم شرح كتاب «الأقوال» لبطرس اللمباردي فيسنة ١٢٥٠ -١٢٥١.وفيسنة ١٢٥٤ حصل على اجازة التدريس (ما يعادل الدكتوراه اليوم ) . لكن الصراع ضد تولي الرهبان التدريس في جامعة باريس ( راجع مادة : توما الأكويني ) أخر حصوله على حق التدريس في جامعة باريى الى ٢٧ اكتوبر سنة١٢٥٧ . لكن لم يستمر طويلا، إذ اختاره قبيل ذلك اتباع الطريقة الفرنسيسكانية في فبراير سنة ١٢٥٧ مرشدا عاما للطريقة ، وبقى في هذا المنصب حتى سنة ١٢٧٣ حين عين كاردينالاً . واسقفاً لابنوAlbano ودعي لحضورمجمع ليون Lyon ( في فرنسا ) في سنة ١٢٧٤ فتوفي هناك . وقد أعلنه قديسا البابا سكستوس الرابع

مذهبه

من المعتاد أن يقال عن مذهب بونافنتورا أن « الفلسفة واللاهوت والتصوف امتزجت فيه دون أن تختلط» ذلك أنه رأى أن الفلسفة لا تكفي وحدها لحل بعض المسائل ولا بد لها من اللاهوت ، وهذا بدوره قد لا يكفي فيحتاج الى اننصوف . ويتضح هذا جلياً من نظريته في المعرفة -

أ) نظرية المعرفة :

يقسم بونافنتورا المعرفة الى ثلاثة أنواع:

١ - حسية ، وهي التي تدرك الأمور المادية بواسطة الاس.

٢ - علمية ، وهي التي تستند الى لتجريد العقلي .

٣ - وحكمية، وهي التي تستعين بالاشراق الإلهي.

والمعرفة الحسية لا تتم بمجرد انتزاع النوع من

بونافنتو

مدركات الحس ، لأن النفس فعالة وليست منفعلة فقط في حالة المعرفة الحسية، بناء على المبدأ الميتافيزيقي الذي يقول : ا،ن1لأدف لا يمكن أن يؤثر في الأعلى» والمحسوس ادنى من النفس لأنه مادي بينما النفس روحية . والذي يجدث في المعرفة الحسية هو أن العضو الحاس ينفعل أولاً بالاجسام ، ثم ترد النفس هذا الفعل فتقوم بنشاطها الذ اني ، وذلك بتكوين الأنواع والكليات يوجه عام .

ولا توجد في النفس معرفة فطرية- ولهذا يقول صراحة أن العقل هومثل لوحة بيضاء Intellectusest.,, sicut 11 :5 . .1 .و ,2 .م3 .0 .11 11 Sent) ه25] tabula ه118 ويستند بونافنتورا ها هنا الى ما يقوله أرسطو عن التجريد لكنه لا يأخذ بالتمييز الأرسطي - وفي أثره تفسير ابن سينا- بين العقل المنفعل والعقل الفعال، لأنه لا يريد أن يتصور العقل منفعلاً خالصاً ، ولهذا يقول ان كليهما يؤثر في الآخر فعلا وانفعالاً، وليس احدهماانفعالاً خالصاً، لكن ادراك الحقيقة لايتم في هاية الأمرإلا بواسطة «نورغيرخلوق» هو الاشراق الإلهي على النفس، ومعرفة الله تأقي من حيث هو علة فاعلية وعلة نمائية للموجودات : فبوصفه علة فاعلية يمنح الوجود العقلي، وبوصفه علة غائية يحرك القوة على الفعل. ولهذا فإن الاشراق ينحل إلى «الرؤية في العلل الأزلية» Visio in rationibusaeternis فالنفس، في كل فعل من أفعال المعرفة تحيل الشيء إلى العلة الأزلية، إلى قيمته المطلقة الثابتة في الوجود المطلق، وهو الله، أي في صورته النموذجية idea exemplaris ، والغاثية هي التي تقود الصيرورة في العقل.

ب).وجده:

وعند بونافنتورا أن وجود الله هو أوضح الحقائق. لكن أخطاء ثلاثة يمكن أن تحجب هنا هذه الحقيقة البينة وهي الخطأ في التصور، الخطأ في البرهان ، الخطأ في الاستنتاج . فقد يحدث ألا نفهم جيداً معنى كلمة : « الله» : وذلك ما حدث للوثنيين حين تصوروا ان اللههو كل موجود أعلى من الإنسان وقادر على التنبؤ بالمستقبل - وقد يحدث ان نخطىء في البرهان ، كما حدث لأولئك الذين استنتجوا من كون الأشرار لا يعافبون في هذه الدنيا أنه لا يوجد إله - وقد يحدث ثالثاً من عجز العقل ع أن يدفع البرهنة الى نتيجتها النهائية ، فيتوقفون عند تأثيرات الأجسام المادية والنجوم ,

لكن حتى لو احتطنا من هذه الأخطاء الثلاثة ، فإن

معرفة الله ليست بالأمر السهل ، كما يلوح بادى ء الأمر. ذلك ان المعرفة على ضربين: الادراك، والاحاطة، والادراك هومجرد العلم بوجود الشيء ، اما الاحاطة فهي المعرفة التامة بماهيته . ومن الواضح ان الاحاطة لا تتحقق إلآ إذا كانت ماهية العالم في مرتبة اومستوى المعلوم. لهذا لا يمكن الانسان ان يعرف الله معرفة إحاطة، للفارق الهائل في المرتبة أو المستوى بين الله وبين الانسان. لهذا لم يبق إلا ان نعرف الله معرفة ادراك، اي أن نشهد حضوره بيقين.

ولدى اانسان ثلاثة طرق لإدراك اش:

١ - الطريق الأول هوأن وجود الله حقيقة فطرية في عقل كل انسان . ولا يقصد بذلك أنا ندرك ماهيته بالفطرة انما ندرك بالفطرة وجودهفقط، وتفسيرذلك أن الته حاضر في النفس ، والنفس تدرك نفسها ، وبالتالي تدرك الله لأنه حاضر فيها .

٢ - والطريق الثافي هو الذي يقود الى الله من خلال المخلوقات . ويمكن البرهان بمجرد التطبيق لمبدأ العلية . وهذ لمبدأ لا يسمح فقط باستنباط العلة من لمعلول، بل وايضاً بالصعود من المعلول الى العلة فإن كان الته هو علة الأشياء حقاً ، فلا بد ان يكون من الممكن الابتداء من الأشياء للصعود إلى وجود الله، أي ان نتعرفه ابتداء من معلولاته. ويستوي في هذا ان نبدا من أي محسوس كائناً ما كان .

٣ - والطريق الثالث هو الذي ابتدعه القديس أنسلم ، وهوأن تصور ماهية الله تقتضي وجوده ، اذ اكمل كائن يمكن تصوره لا بد ن يكون موجودا ، ما دام الوجود كمالا من كمالاته .

ج) الخلق:

لكن هذه البراهين لا تبين لنا كيف خلق الله الموجودات الله علة الموجودات لكن هل هو علتها

التامة أو الجزئية ، الصورية أو المادية ؟ والجواب عن هذا السؤال عند بونافنتورا هو أن تأثير العلة يكون أشمل ، كلما كانت أكمل . والله هو أكمل موجود يمكن تصوره لهذا كان فعله في الايجاد أشمل ما يمكن تصوره , انه اذن العلة التامة لكل ما هو موجود . وهكذا يكون الخلق من العدم الذي لم يسبقه شيء . فاله خلق العالم اذن من العدم .

يأقي بعد ذلك سؤال آخر لا يقل عن الأول أهمية

بونافتورا

٣٨٥

وهو: متى خلق الله العالم من العدم؟ والجواب عند بونافنتورا أن من التناقض ان يقال ان الله خلق لعالم من العدم في زمان معلوم ، فما دام العالم لم يوجد قبله شيء ، فإنه حتما لم يوجد قبله زمان ، وبالتالي لا يمكن التحدث عن زمان جرى فيه فعل الخلق ، بل وجد الزمان مع الخلق . ويتناول بونافنتورا بالتفصيل مشكلة أزلية العالم . فيسوق براهين لإثبات استحالة ازلية العالم:

١ - البرهان الأول هوأنه لوكان العالم أزلياً لكان لامتناهياً ، واللامتناهي لا يقبل أن يضاف اليه شيء فكيف اذن نضيف الأيام المقبلة علىما لا نهاية له من الأيام الماضية؟!

٢ - البرهان الثافي : القول بأزلية العالم يناقض لمبداً القاثل باستحالة ترتيب ما لا غهاية له من الحدود . ذلك أن كل ترتيب ( نظام ) يبدأ من بداية ويمر بوسط وينتهي الى نهاية. فلو كانت الدورات لفلكية سرمدية، فإنه لا بداية لها ولا وسط ولا نهاية. وبالتالي لا ترتيب فيها. لكن تعاقب الأيام والفصول ينفي صحة هذ الزعم ، ويدل على وجود ترتيب .

٣ - والبرهان الثالث يقوم على أساس أن اللامتناهي لا يمكن عبوره . فلو كان العالم ازليا ، أي بغيربداية ، فإنه لا بد أنه مر بما لا نهاية له من الدورات الفلكية . فكيف أفضت الى يوم الناس هذا اذا كانت لامتناهية ، واللامتناهي لايكنعوره؟١

٤ - البرهان الرابع القول بلانهائية العام يناقض المبدأ القائل بأن المتناهي لا يمكن أن يحيط باللامتناهي ٠ فلو قلنا بأزلية وأبدية العالم ، لوقعنا في هذا التناقض وقلنا المتناهي يحيط باللامتناهي . وبيان ذلك أن النه وحده هو اللامتناهى ، وما عداه متناه . وأرسطو يعلمنا أن كل حركة سماوية نما يحركها عقل. فلوكان العالم لامتناهياً ، لكانت الحركات السماوية لامتناهية . لكن هذا العقل هو متناه ، لأن الله هو وحده اللامتناهي ، وما عداه متناه . فكيف يحيط هذا العقل ، وهو متناه ، بحركات سماوية لامتناهية ؟! هذا محال ، فالفرض الاصلي محال ، وهو أن يكون العالم بلا بداية ولا هاية .

٥ - والبرهان الخامس والأخير الذي يسوقه بونافنتورا لبيان استحالة سرمدية العالم هو استحالة أن يوجد معاً ما لا

نهاية له من الكاثنات المعطاة معاً . ان العالم خلق من أجل الانسان، لأنه لا يوجد فيهشيء ا يتعلق بالانسان على نحو ما بين الانحاء . واذن لم بوجد العالم دون إنسان ، وما دام لكل نسان نفس خالدة، فلوكان العالم ازليا، لكان موجوداً معاً الآن ما لا نهاية له من النفوس الخالدة . وهذا محال كما قلنا ، لأنه لا يمكن ان يوجد معاً ما لانهاية له من الموجودات . فالفرض الأول باطل وهو أن يكون العالم سرمديا

د ) وهذا لخلق لما كان من صنع الله فلا يد ان تكون فيه اثاره ، وهذا هو ما يسمى باسم « المناظرة الكلية » Analogie universelle بين الخالق والمخلوقات . ومعنى هذا ان ثمة تناظراً يين ال لقه والموجودات، لكن مع مراعاة الفارق الهائل بينهما . فالتناظر هنا هو بين النموذج والنسخة . ويتجلى ذلك أعلى ما يتجلى في النفس : ففيها الثالوث الذي في الله : اذ فيها ثلاث قوى : الذاكرة، والعقل، والإرادة. وفي الله وحدة في الماهية وثلاث في الأقانيم - كذلك في النفس وحدة في الماهية وثلاث في القوى. والآب يلد المعرفة السرمدية التي في الكلمة، والكلمة بدورها ترتبط بالآب بواسطة الروح القدس، فكذلك الذاكرة بما تحتوي عليه من صور وأفكار تولد معرفة الأفكار، والمحبة هي التي تربط بين كليهما.

لكن النفس بعد الخطيئة في حاجة الى تطهيز ، وهذا التطهير لا يمكن أن يأي إلا من سلطة أعلى ، أي من الله ، وذلك بفضل منحة إلهية هي اللطف الإلهي Grâce ٠ والفرض لأساسي من اللطف الإلهي هو جعل الانان قادراً على النجاة وتحقيق الغاية منه ان الله، بملاء وجوده، قد خلق نفساً عاقلة قد قدر لها السعادة الأبدية . لكنها بالخطيئة الأولى سقطت ، ولا منجاة لها إلا بلطف إلهي . ونجاتها تقوم في اكتسابها للخير الأسمى .

واللطف الإلهي يقوم بشلاث عمليات : التطهير، التنوير ، التكميل . وهذه العمليات الثلاث هي التي سبق وأن حددها التصوف المنسوب الى ديونسيوس الأريوفاغي . وقد رأى بونافنتورا أنه بفضل هذه العمليات الثلاث تعد للنفس صورتها الإلهية الأصلية deiformis . إن الهدف من التصوف هو : الصعود في الدرجات التي تؤدي لى الته . ويسلك الانسان هذا الطريق اذا استعمل قواه الثلاث : الذاكرة ، العقل ، الارادة ، على الوجه الذي ينبغي. إن النفس ، وقد خلقها الله على صورته ، تستطيع - بعد تلطخها بالخطيئة - أن تتطهر وتستنير وتكمل لتسترد صورة اله نقية صافية .

واللطف الإلهى اذا نزل بالنفس تملك جوهرها وقواها معاً . انه ينزل على حرية الارادة وعلى الأفعال المتوقفة على حرية الارادة . ومتى ما استولى عليها رتبها علىالوجهالأتم، وثمة ثلاث عمليات تحدد حياة لنفس أن تبحث عن الله خارجها ، ان تبحث عنه داخلها ، أن تبحث عنه فوقها. واللطف يعيد لنفس الى داخلها ، كي ترتب ملكاتها ، ثم عليها أن تركز حياتها في داخلها . ويتلو ذلك أن تسعى الى كمالها الخارق للطبيعة ، أي ما فوقذاتها. ويصف بونافنتورا هذا الطريق في كتابه : « سفرة النفس الى الله » ويقوم هذا كله على أساس تجربة حية شخصية ، ولهذا لا يمكن وصفها بعبارة عامة . غير أن بونافننورا يؤكد أن رؤية الله غير متاحة لنا في هذه الحياة الدنيا ، مهما صعدنا في مدارج السفر الى الله.

وهكذا نجد أن مذهب بونافنتورا يمثل ذروة التصوف النظري .