بنو مزيد

بني مزيد هم سلالة لحكام بالعراق من قبيلة بني أسد الذين كانوا منتشرين بصحراء القادسية (صحراء النجف) على الساحل الأيسر لنهر دجلة، أسسها أبو الحسن علي بن مزيد الأسدي في عام 388هـ/998 م، وأقام إمارته ببلدة النيل[١] (وهي بلدة على الضفة الغربية للفرات بين بغداد والكوفة، وهى اليوم قرية عامره قرب بابل على بعد حوالي خمسه اميال من مدينة الحلة[٢]) وحصل على دعم من البويهيين المسيطرين على مقاليد الدولة العباسية في ذلك الوقت، قال ابن خلدون في الجزء الرابع من تاريخه: (كان بنو مزيد هؤلاء من بني أسد وكانت محلاّتهم من بغداد إلى البصرة إلى نجد وهي معروفة. وكانت لهم النعمانية. وكان بنو دُبيس من عشائرهم في نواحي خوزستان في جزائر معروفة بهم). ثم انتقل حكم تلك الأسرة إلى مدينة الحلة والتي أنشئها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي عام 494هـ/1101م ويعتبر المؤسس الحقيقي لتلك الإمارة فجعلها عاصمة له، واحترفوا الغارات والنهب خلال فترات الاضطراب والفتن. كما لم يتردد أمراؤها في محالفة الصليبيين فيما بعد[٣]. فبنو مزيد وبنو دُبيس قبيلان أسديان، أو بطنان قريبا الوشيجة، وكان لهما زعامة، وفيهما وجاهة في عهد دولة بني المسيب الذين هم أمراء بني عقيل وبنو نمير وبنو خفاجة بطون عامر بن صعصعة، وعهد ملوك بني بويه وملوك السلاجقة. ثم انتهى الأمر في هؤلاء البطون إلى أن أصبحوا ولاة الأطراف وذوي إقطاع يساهمون في الأمر، والملك في ضعف الدولة العباسية التي لم يكن لخلفائها شيء من الأمر سوى السلطة الاسمية، واستمر حكم بني مزيد الأسديين في الحلة حتى سنة 558هـ/ 1163م، حين استولى الخليفة العباسي المستنجد بالله على الحلة بدعم من قبيلة بني المنتفق لمساعدتهم السلطان السلجوقي لما حاصر بغداد فأمر يزدن بن قماج بقتالهم وإجلائهم عن البلاد وقتل أربعة آلاف أسدي في الحلة. على إثر ذلك نزح الكثر من بني أسد بعد ذلك جنوباً واستقروا أخيراً في منطقة الجزائر (عند الأهوار).

ابتداء أمرهم

أول أمراء تلك الإمارة هو أبو الحسن علي بن مزيد (388-408هـ / 998-1017)، وجاء بعده ولده دبيس الذي كان عند وفاة أبيه علي في الرابعة عشرة من عمره. فأقره أبو شجاع سلطان الدولة البويهي على ملك أبيه، واستمر في الحكم سبعاً وستين سنة وتوفي سنة (474هـ/1081م). فقام بعده ولده منصور أبو كامل وكانت الدولة البويهية قد زالت وحل محلها السلاجقة. ودام حكم منصور خمس سنين وتوفي سنة (479هـ/1086م) فتولى بعده ولده سيف الدولة صدقة. وكانت مدة ولايته إثنتين وعشرين سنة. وقد خضعت له القبائل الفراتية وامتدت أمارته إلى البصرة وواسط والبطيحة والكوفة وهيت وعانة والحديثة، وسيطر على أقوى القبائل العراقية لذلك العهد مثل بنو خفاجة وبنو عقيل وبنو عبادة وقبيلة جاوان الكردية. وقد اهتمّ بالشؤون الإدارية والعمرانية والثقافية. ورأى أفضل ما يعينه على ذلك هو العدل في الحكم. هذا عدا عما كان يلقاه العلماء والأدباء في كنفه من الرعاية فأقبلوا عليه من كل ناحية. وفي سنة 501هـ/1107م حصلت منافرة بين الأمير صدقة والسلطان محمد السلجوقي وذلك لأن الأمير صدقة آوى بعض الفارين من السلطان، ولم يسلمهم له وأظهر له الخلاف فهاجمه السلطان السلجوقي محمد وحصلت المعركة وانتهت بمقتل الأمير صدقة وكان عمره تسعا وخمسين سنة. وقد ندم السلطان على قتله وذكر أن الأقدار غلبته على ذلك.

بعد وفاة السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي أطلق ولده محمود، دبيسا بن صدقة الذي كان في أسر أبيه وأعاده إلى الحلة سنة (512هـ/1118م) فأنشأ الدولة من جديد. وقال فيه ابن خلكان في وفيات الأعيان: «ملك العرب صاحب الحلة المزيدية، كان جواداً كريماً، عنده معرفة بالأدب والشعر وتمكن في خلافة المسترشد واستولى على كثير من بلاد العراق، وهو من بيت كبير. ودبيس هو الذي ذكره الحريري صاحب المقامات في المقامة التاسعة والثلاثين بقوله: والأسدي دبيس، لأنه كان معاصراً له فرأم التقرب إليه في مقاماته ولجلالة قدره، وله نظم حسن... ». وقد تمكنت سلطته في البلاد واجتمعت عليه القبائل العربية والكردية. وأغضبه الخليفة المسترشد فجمع جيوشه ودخل بغداد وضرب سرادقه بازاء دار الخلافة وهدد المسترشد، فاسترضاه المسترشد فرجع إلى الحلة. وقام صراع بينه وبين السلاجقة فانتصر عليهم عند نهر بشير شرقي الفرات سنة 516هـ/1122م.

وامتد الصراع إلى أن اضطر دبيس للجلاء عن الحلة، ثم عاد إليها وتكرر الجلاء والعودة. إلى أن دعاه إليه السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي وبعد أن أكرمه عاد فغدر به وقتله سنة 529هـ/1134م.

خلف دبيس أبناءه الثلاثة صدقة الذي توفي قتيلا عام 532هـ / 1137م، فحكم أخوه محمد من بعده حتى عام 540هـ / 1145م عندما ثار عليه أخوه الثالث علي بن دبيس فطرده من الحلة بعد أن هزمه. ويروي ابن الإثير أن عل بن دبيس قد مات مسموما في أسد آباد عام 545هـ / 1150م. وقد طرد الخليفة العباسي المستنجد بالله -بواسطة قبيلة بني المنتفق- قبيلة بني أسد من الحلة بسبب تعاونهم مع السلاجقة عند حصارهم لبغداد، وذلك عام 558هـ / 1162م. وقد قتل منهم حوالي 4 آلاف قبل نزوحهم النهائي إلى الأهوار، وتستولي المنتفق على أراضيهم.

تسلسل الأمراء

المصادر

  1. ^ النِّيل: بُليدة في سواد الكوفة، قرب حلّة بني مزيد يخترقُها نَهْرٌ يتخلّج من الفرات العظمى، حفره الحجاج بن يوسف وسمَّاه نيل مصر، وهو عمود عمل قُوسان يَصُبُّ فاضله إلى دجْلة تحت النعمانية، مراصد الاطلاع: ج3 ص 1413.
  2. ^ معجم البلدان، ج‏5 ص 385، طبعه دار الكتب العلميه‏1990 (فم) ط‏1.
  3. ^ عيسى الحسن. تاريخ العرب من الحروب الصليبية إلى نهاية الدولة العثمانية/فصل الأحوال العربية قبيل الحروب الصليبية. الطبعة الأولى 2008. الأهلية للنشر والتوزيع عمان الأردن

انظر أيضا

  • تاريخ الشيعة السياسي والثقافي والديني. تأليف: العلامة الشيخ سليمان ظاهر، عضو المجمع العلمي العربي بدمشق. حققه وضبطه: عبد الله سليمان ظاهر.

fa:مزیدیان