بداء
البداء في اللغة : الظهور بعد الخفاء ،يقال: بدا له: أي ظهر له ما كان خافيًا عنه، أو إنشاء الرأي الجديد الذي لم يكن يعلمه من قبل، فهو مستلزم للجهل، وحدوث علم جديد بعد جهله به. والبداء في الاصطلاح :هو التغيير والتبديل في الأخبار التي في علم الغيب وأخبر عن وقوعها الرسول صلى الله عليه وسلم، بينما النسخ هو في الأحكام فقط، وأهل السنه يجوزون النسخ وينكرون البداء بينما الشيعه الاثني عشريه يقولون بالبداء.
أصل البداء
البداء موجود في عقائد اليهود كنتيجه لنسبهم النقائص لله تعالى جاء في التوراة: "فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على الأرض. فندم الرب خلقه الإنسان على الأرض وتنكد بقلبه، وقال الرب: لأمحون الإنسان الذي خلقته عن وجه الأرض.." [١] و، بينما لم تظهر عقيده البداء عن الشيعة الامامية الا بعد وفاة إسماعيل بن جعفر الذي كان الشيعة يظنونه سيكون الامام بعد والده فحدث انشقاق كبير في المذهب الشيعي لا يزال موجود ليومنا هذا وظهرت فرقان، الفرقه الاسماعيلية التي تنسب الامامه لإسماعيل بن جعفر والشيعة الاثني عشريه الذين قالوا في البداء. و سبب الشقاق انهم ادعوا ان جعفر الصادق قال ان الامامة ستكون لابنه من بعده لكن الابن مات بحياة ابيه، والاب لا يمكن ان يكون كاذب لان الشيعة يعتقدون بعصمه الائمة وعلمهم الغيب "يعلمون ما كان وما يكون ولا يخفى عليهم الشيء" [٢] فلم يكن امام القسم الثاني الا القول بالبداء وادعائه على لسان جعفر الصادق فنسبوا روايات لجعفر تقول: "ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني.. إذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنّه ليس بإمام بعدي" [٣]
البداء والشيعة الامامية
تعتقد الشيعة الامامية بالبداء وأنه من المسلّمات وأنه قد حثّت روايات أهل البيت (ع) على الاعتقاد به وهو ان الله تعالى يبدي ويظهر ما كان خافياً على الناس.[٤]
البداء في روايات الشيعة الامامية
روى العلامة المجلسي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال : ما بعث الله عزَّ وجلَّ نبيّاً حتى يأخذ عليه ثلاث خصال : الإقرار بالعبودية، وخلع الأنداد، وأن الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء، وعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال : (ما بُعِث نَبيّاً قط إلا بتحريم الخمر، وأن يُقرَّ له بالبداء).[٥] وفي رواية أخرى أن الإمام الصادق (عليه السلام) أخبر عن زمان المحو والإثبات فقال (عليه السلام) : (إذا كان ليلة القدر، نزلت الملائكة والروح والكَتَبَة إلى سماء الدنيا، فيكتبون ما يكون من قضاء الله تعالى في تلك السنة، فإذا أراد الله أن يقدم شيئاً أو يؤخره، أو ينقص شيئاً، أمر الملك أن يمحو ما يشاء ثم أثبت الذي أراد).
أقوال الشيعة في البداء
نقل الامام أبو الحسن الأشعري عن الشيعه ثلاث أقوال في البداء القول الأول أن: إن الله تبدو له البداوات وإنه يريد أن يفعل الشيء في وقت من الأوقات ثم لا يحدثه لما يحدث له من البداء وإنه إذا أمر بشريعة ثم نسخها فإنما ذلك لأنه بدا له فيها وإن ما علم أنه يكون ولم يطلع عليه أحد من خلقه فجاز عليه البداء فيه وما أطلع عليه عباده فلا يجوز عليه البداء فيه.[٦]
و القول الثاني : منهم يزعمون أنه جائز على الله البداء فيما علم أنه يكون حتى لا يكون وجوزوا ذلك فيما أطلع عليه عباده وأنه لا يكون كما جوزه فيما لم يطلع عليه عباده. القول الثالث : منهم يزعمون أنه لا يجوز على الله عز وجل البداء وينفون ذلك عنه تعالى.
أقوال الشيعه في نسب البداء لله تعالى
القول الأول البداء يكون لله تعالى : وهم جمهور الشيعة من المتقدمين ولقد اتفقت الشيعة الإمامية على إطلاق لفظ البداء على الله تعالى وهذا أقربة أحد علمائهم وشيخهم الشيخ المفيد قال " واتفقت الإمامية على إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالى وإن كان ذلك من جهة السمع دون القياس " يقول شيخ الإسلام بن تيمية في كتابه منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية " وأيضا فكثير من شيوخ الرافضة من يصنف الله تعالى بالنقائص كما تقدم حكاية بعض ذلك فزرارة بن أعين وأمثاله يقولون يجوز البداء عليه وأنه يحكم بالشيء ثم يتبين له مالم يكن علمه فينتقض حكمه لما ظهره له من خطئه فإذا قال مثل هؤلاء بأن الأنبياء والأئمة لا يجوز أن يخفى عليهم عاقبة فعلهم فقد نزهوا البشر عن الخطأ مع تجويزهم الخطأ على الله وكذلك هشام بن الحكم وزارة بن أعين وأمثالهما ممن يقول إنه يعلم ما لم يكن عالما به" القول الثاني البداء يكون لله فيما أطلع عليه عباده ولا يكون في غيره : وهذا ما عبر عنه الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين حين قال والفرقة الثانية يزعمون أنه جائز على الله البداء فيما علم أنه يكون حتى لا يكون وجوزوا ذلك فيما أطلع عليه عباده وأنه لا يكون كما جوزوه فيما لم يطلع عليه عباده فقول الأشعري "فيما علم انه يكون حتى لا يكون "دل ذلك اعتقادهم وقوع الأمر من غير علم الله ولا تقديره فالأمر يقع من غير الله ويعلم به بعد وقوعه وأنه لم يكن يعلم أن هذا الأمر سيقع - تعالى الله عن ذلك وقوله " جوزوا -البداء - فيما أطلع عليه عباده " يدل على قولهم بأن الله تعالى يظهر له أمر لم يكن من قبل ويستدلون على هذا القول بقصة إبراهيم عليه السلام مع أبنه إسماعيل حين قال إبراهيم عليه السلام " إني أرى في المنام أني أذبحك " ورؤيا الأنبياء حق فلقد بدا لله في إسماعيل شأن آخر غير الذي أطلع عليه إبراهيم من الذبح فقال تعالى{ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا القول الثالث البداء لا يكون لله : وهذا ما ذهب إليه المتأخرىن من الروافض مخالفين بذلك المتقدمين منهم وبهذا القول يختلفون فيمن يكون البداء إلى رأيين الأول أن البداء يكون في علم الإنسان لا في علم الله والثاني أنه يكون في علم الملك لا في علم الله.
علاقة الدعاء به
تعتقد الشيعة الامامية ان دعائنا للشخص بان يطيل عمره الله يتعلق بمسألة البداء ويرجعون في ذالك إلى حديث عن الامام الكاظم يرويه الكليني على هذا النحو: ورد عن الامام الكاظم (ع) : (عليكم بالدعاء فان الدعاء لله والطلب إلى الله يرد البلاء وقد قدر وقضى ولم يبق إلا امضاءه فاذا دعي الله وسئل صرف البلاء صرفه) [٧]
قول أهل السنة والجماعة في البداء
يُنكر أهل السنة والجماعه البداء ويعتبرونه كُفرًا صريحًا حيث أنه تستلزم نسب العلم بعد جهل والعجز لله وقال بهذا عدد من اهل العلم مثل البغدادي (وتكفير هؤلاء واجب في إجازتهم على الله البداء، وقولهم بأنه يريد شيئاً ثم يبدو له، وقد زعموا أنه إذا أمر بشيء ثم نسخه فإنما نسخه لأنه بدا له فيه.. وما رأينا ولا سمعنا بنوع من الكفر إلا وجدنا شعبة منه في مذهب الروافض).[٨]، ويفرقون بينه وبين النسخ فالبداء التغيير في الأخبار التي بعلم الغيب بينما البداء هو التغيير بالشرائع والاحكام.
المصادر
- ^ (سفر التكوين، الفصل السادس، فقرة: 5)
- ^ [أصول الكافي، باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء: 1/260.]
- ^ [التّوحيد لابن بابويه: ص336]
- ^ الكليني / الكافي ـ باب البداء
- ^ بحار الانوار
- ^ مقالات الاسلاميين
- ^ الكافي 2 / 470 / ح2 باب ان الدعاء يرد القضاء.
- ^ الملل والنحل ص 52 - 53