باراسيلسوس

لقد كان طبيب القرن السادس عشر الذي أطلق على نفسه بارسیلسیوس من أوائل العلماء الذين قاموا بتحدي الحكم والأفكار القديمة في مجال العلوم والطب التي وصلت أوروبا عن طريق بلاد العرب واليونان. وعلى الرغم من عدم حصوله على التدريب الكافي ، قام بارسیلسیوس ببعض الأنشطة الجراحية والعلمية في بازل بسويسرا عام 1520. كما كان دائم الخلاف مع زملائه ومع السلطات، ولذلك قضى معظم حياته وهو يتجول في أنحاء أوروبا وتوفي وهو في سن 48.

لقد عارض بارسیلسیوس بشدة الأفكار العامة التي كان يؤمن بها الجميع في عصره، ويقال إنه قام علانية بحرق الكتب الرئيسية المعروفة لكل من جالينوس والطبيب العربي ابن سینا راو على الأقل طالب بذلك). ولقد شكك بارسيلسيوس في الحكم الكلاسيكية التقليدية التي ترجع الأمراض التي تصيب الإنسان إلى عدم التوازن الوظيفي بين السوائل الأربعة التي توجد في جسم الإنسان، بل بحث بارسیلسیوس عن العوامل الخارجية لذلك وقام برس أنواع بعينها من العلاج لبعض الأمراض.

لقد كان لهذا العالم نظامه الخاص به ويتكون نظامه من مجموعة من العناصر، ويمثل الكبريت في هذا النظام النار، بينما يمثل الزئبق الحركة ويمثل الملح الصلابة. ولكن، لا تفسير هذه العناصر إلى المواد الشائعة التي يطلق عليها هذه الأسماء. ومع ذلك، فقد اشتملت معظم الأدوية التي وصفها هذا العالم على الكبريت والزئبق والملح والزرنيخ والأنتيمون والحديد بدلا من الأعشاب التي كان يتم استخدامها في صنع الأدوية في عصره. ومن هنا، بعد أنه وضع قواعد دراسة جديدة تحت عنوان الأدوية الكيميائية. كما أنه توصل إلى الفوائد الطبية التي يمكن استخلاصها من نبات الأفيون. وكان هذا العالم هو أول من أشار الى الكحول الإثيلي النقي، كما كان له السبق في اكتشاف معدن أطلق عليه الزنك.

لقد كان لهذا العالم شخصية محيرة ومتناقضة. فبينما ظل هذا العالم مقتنا بأجزاء المرة من الكيمياء القديمة، فإنه قام بتأييد بعض طرق التجريب وبعض التفسيرات المديدة. كما أنه اقترح أنه يمكن استخدام الكيمياء القديمة بطرق أكثر فعالية من خلال او ليلها للبحث عن علاج للأمراض المختلفة التي تصيب الإنسان بدلا من توظيفها لتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب.

"الطب ليس علما فحسب، بل يعد أيضا فئا. لا يشتمل الطب فقط على حبوب الدواء والمسكنات؛ بل يتعامل مع عمليات الحياة نفسها التي يجب فهمها أولا، لكي نتمكن من السيطرة على تلك الحياة. " بارسيلسيوس

لكن هذا العالم لم يكن محبوبا على مستوى العلاقات الإنسانية والاجتماعية، وربما يرجع ذلك إلى غروره وتصرفاته غير المحتملة. والدليل على ذلك أنه اختار لنفسه اسم بارسیلسیوس لكي يشير إلى تكافئه ومساواته بالطبيب الروماني الشهير سلسیوس. ولكن كل ذلك لا يمكن أن يقلل من قيمة الإنجازات العلمية التي ساهم بها هذا العالم.