المعلقات
المُعَلَّقَاتُ مصطلح أدبي يطلق على مجموعة من القصائد المختارة لأشهر شعراء الجاهلية، تمتاز بطول نفَسها الشعري وجزالة ألفاظها وثراء معانيها وتنوع فنونها وشخصية ناظميها. وهيَ مِنْ أَشْهَرِ ما كتَب العَرَبُ في الشِّعرِ. قام باختيارها وجمعها راوية الكوفة المشهور حماد الراوية (ت نحو 156هـ، 772م).
وتعدّ هذه القصائدُ أروعَ ما قيل في الشِّعْرِ العربيِّ الْقَدِيمِ وأنفسَه؛ لِذلكَ اهْتَمَّ الناس قديمًا بها ودَوّنوها وكتبوا شُروحًا لها، وهي عادةً ما تبدأُ بذِكْرِ الْأَطْلَالِ وتَذْكُرُ ديارَ محبوبةِ الشاعرِ وكانتْ سَهْلةَ الحِفْظِ وتكون هذه المعلقات من محبته له شعاره الخاص.
جمعها
قيل إن حَمَّادًا الرَّاويةَ هو أولُ مَن جمع القصائدَ السَّبْعَ الطِّوَالَ وسماها بالمعلقاتِ (السموط). وكان يقولُ أنها مِن أعذبِ ما قال العربُ وأنَّ العربَ كانوا يسمونها بالسموطِ (الْمُعَلَّقَاتِ). وقد ذهب الأُدباءُ والكُتَّابُ من بعدِه لدِراسَتِها. مثلُ ابنِ الكَلْبِيِّ. وابْنِ عَبْدِ رَبِّهِ صاحبِ العقد الفريد وأضاف بكِتَابِهَ أَمْرَ تَعْلِيقِهَا عَلَى الْكَعْبَةِ. قَدْ تَجِدُهُنَّ سَبْعَ قَصَائدَ في كلِّ كتابٍ قديمٍ لكِنَّ منهمْ مَن أضاف قصيدةً لشاعِرٍ وأهمل قصيدةً لِشاعرٍ آخَرَ. فاحتاروا مَن السبعةُ، فجعلوها عشرًا.
شرح المعنى
اسم المعلقات أكثر أسمائها دلالة عليها. وقد قيل لها مُعَلَّقَاتٌ لأنها مثلُ العقود النفيسة تَعْلَقُ بالأذهان. ويقال أن هذه القصائد كانت تكتب بماء الذهب وتعلق على أستار الْكَعْبَةِ قبل مجيء الْإِسْلَامِ.
المعلّقات لغةً من العِلْق: وهي المال الذي يكرم عليك، تظنّ به، تقول: هذا عِلْقُ مضنَّة. وما عليه علقةٌ إذا لم يكن عليه ثيابٌ فيها خير، والعِلْقُ هو النفيس من كلّ شيء، وفي حديث حذيفة: «فما بال هؤلاء الّذين يسرقون أعلاقنا» أي نفائس أموالنا. والعَلَق هو كلّ ما عُلِّق.
اصطلاحًا
قصائدُ جاهليّةٌ بلغ عددُها السبعَ أو العشرَ—على قولٍ—برزت فيها خصائصُ الشعرِ الجَاهليِّ بِوُضُوحٍ، حتّى عُدَّتْ أَفْضَلَ ما بَلَغَنَا عن الجاهِلِيِّينَ من آثارٍ أدَبيَّةٍ.
والناظر إلى المَعْنَيَيْنِ اللُّغويِّ والاصطلاحيِّ يجدُ العلاقةَ واضحةً بينَهُما، فهي قصائدُ نفيسةٌ ذاتُ قيمةٍ كبيرةٍ، بلغتْ الذُّرْوَةَ في اللغةِ، وفي الخيالِ والفِكرِ، وفي الموسيقا وفي نضجِ التجربةِ، وأصالةِ التعبيرِ، ولم يَصِلِ الشعرُ العربي إلى ما وصل إليه في عصر المعلَّقاتِ من غَزَلِ امْرِئِ القَيْسِ، وحماسِ المُهلهِلِ، وفخر ابنِ كُلْثُوم، إلَّا بعدَ أن مرّ بأدوارٍ ومراحلِ إعدادٍ وتَكْوينٍ طَوِيلَةٍ.
أسماء أخري
وهناك أسماء أخرى أطلقها الرواة والباحثون على هذه المجموعة من قصائد الشعر الجاهلي، إلا أنها أقل ذيوعًا وجريانًا على الألسنة من لفظ المعلقات، ومن هذه التسميات:
السبع الطوال. وهي وصف لتلك القصائد بأظهر صفاتها وهو الطول.
السُّموط. تشبيهًا لها بالقلائد والعقود التي تعلقها المرأة على جيدها للزينة.
المذَهَّبات. لكتابتها بالذهب أو بمائه. ويُقال: إنها قد سميت بالمذهّبات، لأنها اختيرت من سائر الشعر فكُتبت في القباطي بماء الذهب، وعُلقت على أستار الكعبة، فلذلك يقال: مُذهبة فلان، إذا كانت أجود شعره. ذكر ذلك غير واحد من العلماء. وقيل: بل كان الملك إذا استجيدت قصيدة الشاعر يقول: علِّقوا لنا هذه، لتكون في خزانته.
القصائد السبع المشهورات. علَّل النحاس أحمد بن محمد (ت 338هـ،950م) هذه التسمية بقوله: لما رأى حماد الراوية زهد الناس في حفظ الشعر، جمع هذه السبع وحضهم عليها، وقال لهم: هذه المشهورات، فسُميت القصائد السبع المشهورات لهذا.
السبع الطوال الجاهليات. أطلق ابن الأنباري محمد بن القاسم (ت 328هـ ، 939م) هذا الاسم على شرحه لهذه القصائد.
القصائد السبع أو القصائد العشر. الاسم الأوّل هو عنوان شرح الزوزني الحسين بن أحمد (ت 486هـ، 1093م)، أما التبريزي يحيى بن علي (ت 502هـ، 1109م)، فقد عنْون شرحه لهذه القصائد بـ شرح القصائد العشر.
وقد أشار ابن رشيق في كتابه العمدة إلى بعض هذه المصطلحات، فقال: "وقال محمد بن أبي الخطاب في كتابه المسمًّى بجمهرة أشعار العرب: إن أبا عبيدة قال: أصحاب السبع التي تسمىالسُّمُط: امرؤ القيس وزهير والنابغة، والأعشى ولبيد وعمرو بن كلثوم وطرفة. قال: وقال المفضل: "من زعم أن في السبع التي تسمى السمط لأحد غير هؤلاء، فقد أبطل"، فأسقط من أصحاب المعلقات عنترة، والحارث بن حلِّزة، وأثبت الأعشى والنابغة.
عددها
وكما اختلفوا في تسميتها، اختلفوا في عددها وأسماء شعرائها. لكن الذي اتفق عليه الرواة والشُّرَّاح أنها سبع، فابن الأنباري، والزوزني اكتفيا بشرح سبع منها هي:
1ـ معلقة امرئِ القيس ومطلعها:
قفانَبْكِ مِنْ ذِكْرى حبيبٍ ومنزلٍ | بسِقط اللِّوى بين الدَّخول فحوْمَل |
2ـ ومعلقة طرفة بن العبد ومطلعها:
لخولة أطلالٌ بِبُرقة ثهمد | تلـوح كباقي الوشم في ظاهر اليد |
3ـ معلقة زهير بن أبي سُلْمى ومطلعها:
أَمِنْ أمِّ أًَوْفَى دمْنةٌ لم تَكَـلَّم | بَحْــومَانـــة الدُّرّاج فالمتَـثَـلَّــــم |
4ـ ومعلقة عنترة بن شداد ومطلعها:
هل غادَرَ الشُّعراء من مُتَردَّم | أم هَلْ عرفْـتَ الـدار بعـد توهــم ؟ |
5ـ ومعلقة عمرو بن كُلثوم ومطلعها:
ألا هبيِّ، بصحْنِك فاصْبحينا | ولا تُبـــقي خُمـــور الأنْدَرِينــــا |
6ـ ومعلقة الحارث بن حِلِّزة ومطلعها:
آذنتْنـــا ببينـهــــا أسْمـــــاءُ | رُبَّ ثــــاوٍ يُمَـــلُّ منـه الثَّـــواُء |
7ـ ومعلقة لبيد بن ربيعة ومطلعها:
عَفَتْ الدِّيارُ مَحَلُّها فَمُقامُهَا | بمنى تَأبَّـــد غولُهـــا فِرَجامُهَــــا |
أما أحمد بن محمد النحاس، أحد شُرَّاح المعلقات، فقد أنهى شرحه لقصيدة عمرو بن كلثوم وهي القصيدة السابعة عنده بقوله: "فهذه آخر السبع المشهورات على مارأيت عند أكثر أهل اللغة... وقد رأيت من يضيف إلى السبع قصيدة الأعشى التي مطلعها:
وَدِّع هريرةَ إن الركب مُرْتحِلُ | وهل تُطِيقُ وداعًا أيُّها الرَّجُـــــلُ؟ |
وقصيدة النابغة التي مطلعها :
يادار مَيَّة بالعلياء فالسندِ | أقوتْ، وطال عليها سالِفُ الأبد |
وعلل سبب إضافة هاتين القصيدتين إلى القصائد السبع بقوله: "رأينا أكثر أهل اللغة تذهب إلى أن أشعر أهل الجاهلية امرؤ القيس وزهير والنابغة والأعشى، إلا أبا عبيدة فإنه قال: أشعر الجاهلية ثلاثة: امرؤ القيس وزهير والنابغة فحدانا قول أكثر أهل اللغة إلى إملاء قصيدة الأعشى وقصيدة النابغة لتقديمهم إياهما وإن لم تكونا من القصائد السبع عند أكثرهم".
أما التبريزي فقد أنهى شرحه لقصيدة الحارث بن حِلِّزة وهي القصيدة السابعة عنده بقوله: "هذه آخر القصائد السبع، وما بعدها المزيد عليها". فذكر قصيدتي الأعشى والنابغة السابقتين وأضاف إليهما قصيدة عَبيد بن الأبرص التي مطلعها:
أقفر من أهله ملحُوبُ | فالقُطَّبيَّات، فالذَّنُــوب |
وهي القصيدة التي من أشهر أبياتها قوله:
فكل ذي نعمة مخلوس | وكل ذي أمل مكذوب | |
وكل ذي غيبة يؤوب | وغائب الموت لا يؤوب | |
من يسأل الناس يحرموه | وسائـل الله لا يخيــب |
وكما اختلف الرواة في عدد القصائد، اختلفوا أيضًا في عدد الأبيات وترتيبها. وفي رواية بعض الألفاظ. وهو اختلاف مألوف في نصوص الكثير من الشعر الجاهلي بسبب وصوله إلى عصر التدوين عن طريق الرواية الشفوية وبسبب تعدد الرواة واختلاف مصادرهم.
المعلقات السبع
سبعُ معلقاتٍ تضافُ إليها ثَلاثٌ فَتصبحُ عشرَ مُعَلَّقَاتٍ. والسبعُ هِيَ:
- قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ (امرؤ القيس).
- لخولة أطلال ببرقة ثهمد (طرفة بن العبد).
- آذَنَتْنَـا بِبَيْنِهِـا أَسْـمَــاءُ (الحارث بن حلزة).
- أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ (زهير بن أبي سُلمى).
- أَلَا هُبِّي بِصَحْنِكِ فَٱصْبَحِينَـا (عمرو بن كلثوم).
- هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ (عنترة بن شداد).
- عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَـا (لبيد بن ربيعة).
المعلقات العشر
ويضافُ أيضًا إلى تلكَ القصائدِ ثلاثةٌ أخرى، لتسمى جميعُها المُعَلَّقَاتِ العَشْرَ وهي:
- وَدِّعْ هُرَيْرَةَ إِنَّ الرَّكْبَ مُرتَحِلُ، لـ (الأعشى).
- أقفر من أهله ملحوب، لـ (عبيد بن الأبرص).
- يا دار مية بالعلياء فالسند لـ (النابغة الذبياني).
شرح المعلقات
بذل كثير من الأدباء جهوداً في شرح المعلقات، فمن أولئك
- الحسين بن أحمد الزوزنى المتوفى 486 هـ، الذي شرح المعلقات السبع.
- فتح الكبير المتعال إعراب المعلقات العشر الطوال تأليف محمد علي طه الدرة
- منتهى الأرب شرح معلقات العرب.
- عبد العزيز بن محمد الفيصل، أستاذ الأدب العربي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
انظر أيضا
- المجمهرات
- أسواق العرب (سوق عكاظ)
- الشعر؛ العربي، الأدب (الشعر الجاهلي)