المسلمون في النرويج



المسلمون في النرويج

تقع النرويج في أقصى شمال القارة الأوروبية، تحدها برياً، شرقاً كل من: روسيا، فنلندا والسويد. أما بحراً فيحدها: جنوباً بحر الشمال، وغرباً المحيط الأطلنطي. تبلغ مساحتها 385 ألف كلم مربع ولا يتجاوز عدد سكانها الخمسة ملايين نسمة. تعتبر النرويج أفضل دولة بالعالم من حيث جودة المعيشة وهي أكبر منتج للنفط في القارة الأوروبية وثالث أكبر المنتجين للنفط في العالم.

في آخر الإحصائيات تشير إلى أن الشعب النرويجي من أكثر الشعوب الأوروبية شغفا بالقراءة. كثيرة هي مميزات هذه البلاد. في مختلف المجالات: السياسية، الاقتصادية.. وإن أول ما يتبادر إلى الذهن عند سماع النرويج هو النفط، الثروة السمكية، الملاحة والطبيعة الخلابة والثلوج البهية التي تغطي الحجر والشجر. لكن عندما يتعلق الأمر بالجالية المسلمة في النرويج فالمعلومات المتداولة باللغة العربية حولها تكاد تكون شحيحة، وتعوزها الدقة وهو ما سنحاول المساهمة بتعديله في هذا المقال الأولي.

في آخر إحصائية أوردها أودبيورن لايرفيك أستاذ الديانات في جامعة أوسلو، بأن عدد المسلمين عام 2007 بلغ 145 ألف مسلم مقيم في النرويج. وأن عدد المؤسسات الإسلامية تجاوز 90 مؤسسة على كل الخارطة الأوروبية، وثلث هذه المؤسسات في العاصمة أوسلو.

الجاليات المسلمة الأكبر في النرويج:

تعتبر الديانة الإسلامية هي الديانة الرسمية الثانية في البلاد، كما تعتبر الجاليات المسلمة بمختلف أعراقها ولغاتها الأكبر داخل النرويج، ونذكر أهمها:

1. الباكستانية، حوالي 27 ألف.

2. العراقية (أكراد وعرب) حوالي 21 ألف.

3. الصومالية، أكثر من 18 ألف.

4. التركية، حوالي 14 ألف.

5. البلقان: البوسنة وكوسوفو، معا حوالي 25 ألف .

6. الإيرانية، حوالي 14 ألف.

7. المغربية، حوالي 7 آلاف.

8. منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حوالي 7 آلاف .

هذه الإحصائيات مأخوذة من مركز الإحصاء النرويجي. وتعد الجالية الباكستانية من أقدم الجاليات المسلمة قدوماً إلى النرويج إضافة إلى الجالية المغربية (المغرب الأقصى).

التواجد الإسلامي

لم يكن للوجود الإسلامي في الستينات والسبعينات من القرن الماضي فاعلا، ولم يحمل هم الدعوة والتعريف بالإسلام، مع أن أول مسجد أسس كان بمبادرة من الجالية الباكستانية في السبعينات. ومما يذكر هنا لأهل الغيرة في الكويت الشقيقة بأن الكويت أول من بادرت إلى السعي لتخصيص مسجد للجالية المسلمة في النرويج وكان ذلك في أوائل الثمانينات عندما زار وفد كويتي برئاسة الشيخ نادر النوري حفظه الله وأطال في عمره وعلى ما يذكر ممن شهد تلك الفترة كان في أوائل 1983.

كانت بلدية أوسلو آنذاك خصصت مكانا في وسط العاصمة لتشييد مسجد للمسلمين وقدم الوفد الكويتي لهذا الغرض حتى يقدم يد المساعدة للجالية. ولكن الوفد لم يجد من أهل العلم و الغيرة من يحمِّله هذه الأمانة. وقد شيِّد على الأرض التي كانت مخصصة للمسجد أكبر وأضخم فندق في النرويج (ساس ردسين) الذي شهد توقيع اتفاقية أوسلو. و لا تزال تعرف هذه الأرض عند الدوائر المختصة بالبناء في بلدية أوسلو بأنها أرض المسجد الذي لم يعمر! هكذا هي في الوثائق حتى هذا اليوم!. ومن المفارقات التي تذكر أن جموع المسلمين الذين تصدروا هذا الطموح لم يكونوا حتى من المصلين، مما حدا بالشيخ نادر النوري أن يتريث في خطوته الطموحة حتى يقيض الله لهذه البلد من يرفع فيها لواء الدعوة. وقد استجاب الله رجاء الشيخ نادر النوري، و بدأ الخير يفيض وكان لوزارة الأوقاف الكويتية الفضل الأول بعد الله سبحانه وتعالى وبتوجيه من الشيخ نادر بادر مجموعة من الغيورين على الإسلام بإنشاء: "الرابطة الإسلامية في النرويج" عام 1987 التي بقيت وفية للعهد وحملت مشعل الدعوة حتى أثمر زرعها مع زروع بقية المسلمين وفاق عدد المساجد والمصليات في مدينة أوسلو وحدها 30 مسجدا و بيتا للصلاة.

بحوالي 300 متر بعيدا عن تلك الأرض التي خصصت للمسلمين، تمكنت الرابطة الإسلامية في النرويج، أحفاد الشيخ نادر النوري من شراء مشروع كبير بمساحة تقارب 3 آلاف متر مربع. ونسأل الله تعالى أن يبارك فيه وفي بقية المشاريع التي هي عديدة اليوم في النرويج وغيرها من الدول الأوروبية ويتممها على خير.

تطور ايجابي

تطورت أنشطة الجالية الدعوية والتربوية والإعلامية. مما يبشر بخير كبير. ومما تتميز به النرويج أيضا أن القانون لا يميز الكنيسة عن أية مؤسسة دينية أخرى من أي دين كان. فكل امتياز للكنيسة يحق لأي مسجد أو دور للعبادة أن يتمتع به بنفس الدرجة. أيضا على كل مؤسسة دينية أن تقدم سنويا تقريرا أدبيا وآخر مالي من خبير مالي معتمد من السلطات الرسمية إلى القسم القانوني في المحافظة مما حقق شفافية وعلاقة احترام وتقدير بين المؤسسات الدينية والسلطات. وقد جنّبت هذه الصيغة النرويج و المؤسسات الدينية مختلفة والمسلمة منها خصوصا أي حرج سياسي.

ولله الحمد كان انضباط المؤسسات الإسلامية يقدّر إيجابيا. وقد وفوّت ذلك على المعادين من أن تنزلق المؤسسات إلى ردات فعل مضرة بالجالية والبلاد. ومما يحمد للجالية المسلمة في النرويج نضجها والحكمة التي تعاملت بها مع الملفات الحرجة وقد برز ذلك إبان حملة التشويه التي استهدف نبئ الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وقد رفعت الرابطة الإسلامية إبان الأزمة على لسان رئيسها الأستاذ إبراهيم بلكيلاني شعار :

" بقيمنا الدينية ندافع عن بلدنا، و بقوانين بلدنا نحمي قيمنا الدينية". وعقدت الرابطة آنذاك ملتقى "الرحمة المهداة" تحت رعاية الهيئة العالمية للمسلمين الجدد التابعة لرابطة العالم الإسلامي وبمشاركة من لجنة التعريف بالإسلام في الكويت والعديد من المشايخ والمفكرين من العالم الإسلامي ومن داخل النرويج.

وتلاه في السنة الموالية مؤتمرا لحوار الحضارت شارك فيه المجلس الكنسي النرويجي. هذه الأنشطة وغيرها تؤرخ لفاعلية كبيرة للجالية المسلمة في النرويج. ونعود إلى ما بدأنا به فالفضل بعد الله لمن أسس الحجر الأول وذلك الشرف يعود إلى الكويت الشقيقة.

ملف:Islam Symbol.png هذه بذرة مقالة عن موضوع إسلامي ديني أو تاريخي تحتاج للنمو والتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.