العوامل تخطيط مدينة بغداد:


العوامل تخطيط مدينة بغداد:

بعد انتقال الحكم إلى الدولة العباسية سنة 132 هجرية انتقلت العاصمة من الشام إلى بغداد, و نتيجة للظروف المناخية والحضارية الجديدة فقد تأثرت العمارة تأثيرا واضحا في تخطيط ومواد البناء والزخرفة، و أثار المعمارية التي خلدها العباسيون كثيرة منها ما هو مندثر ولكنها محفوظة في كتب التراث كمدينة بغداد المدورة ومنها ما هو قائم ليحدثنا عن الأمة العربية ومجدها وليكون شاهدا ماديا على أصالتها وعزتها ( محمد 1989 :83 ). هناك عدة عوامل لتخطيط المدينة و أهمها :

1- بشكلها الدائري: أن الشكل الدائري بحد ذاته فيه اقتصاد في المواد البنائية و يوحى بأنه قلعة حصينة يسهل الدفاع عنها أكثر من الأشكال الأخرى ذات الزوايا التي تحجب مدى الرؤيا عن المدافعين . وان كل الدلائل بان مدينة بغداد لم تتأثر بأي منها، حيث قال عنها رسول ملك الروم للمصور انك بنيت بناءا لم يبنه أحد كان قبلك ( محمد 1989: 87 ). الموضع: أن المنطقة التي اختار عاصمته على جانب كبير من الأهمية آذ أنها تقع في وسط العراق وهذا الموضع يسمح رجالها وجنودها القدرة على الحركة في كل الاتجاهات. بالإضافة أن اختيار المكان يقع إلى الغرب من نهر دجلة ويشمل طسوج تخترقه الاقنية و النهيرات من جانبه الغربي ونجوس خلال أراضيه نحو الشرق حتى تصب بنهر دجلة وتبرز الأهمية من اتخاذ بعض الشعوب عواصمهم على مقربة من هذه المنطقة. وكان أهم انهار بغداد نهر رفيل الذي كان يأخذ مياهه من الضفة اليسرى لنهر الفرات وينقسم عند المحول إلى قسمين يصب الأول منهما في دجلة ويصب الثاني في جنوب بغداد، ونهر الصرة، أن وقوع بغداد في المنطقة التي يقترب فيها نهران الكبيران دجلة والفرات ووجود عدد كبير من الأنهار ( العميد 1985 :193-191 ). ويستطيع الخليفة من قصره أن يراقب هذه الشوارع جميعا وان يعرف ما يجري فيها ، وهي شوارع تقضي إلى قصره والى المسجد الجامع. وفق أبو جعفر المنصور كل توفيق في وضع مخطط المدينة فكان من السهل الأشراف عليها ومعرفة ما يجري فيها ( العش 1982 :41 ). - الناحية الحربية: فقد كانت دمشق قريبة من الحدود البيزنطية, كما أن مركزها النائي نحو الغرب لا يلاءم دولة تمتد أراضيها من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر السند. يضاف إلى ذلك أن إقليم العراق كان حلقة الاتصال بين العالم السامي والعالم الإيراني، فأصبح واسطة العقديين العنصرين التي تألفت منها الجماعة الإسلامية. ويمتاز بغداد بحصانته العسكرية، آذ لا يمكن الوصول إليه إلا على قنطرة أو جسر, فإذا قطعت الجسور أو خربت لا يصل إليها العدو (الطقوش 1996 :67 – 68 )،فالمدينة بعيدة عن متناول العدو، ألا أذا اجتاز للوصول إليها نهرا، يمكن أهلها أن يهدموا الجسور فيمنعوا منها ( العش 1982 : 39 ) .وشكل نهر دجلة والفرات سورا وخندقين طبيعيين، كما يمتاز الموقع ببعده عن مناطق الحدود البيزنطية مما يجعله آمنا وبعيدا عن غارات البيزنطيين (العش 1989 : 68 ).

3- الدوافع الاقتصادية: أن العباسيين لم يستقروا في مكة أو المدينة لأنها أقطار فقيرة لا يتناسب مع مكانة الدولة الإسلامية المترامية الأطراف، و الأخذة في التوسيع والازدهار، كما أن إقليم الشام كان فقيرا ضئيل الشأن مقارنة مع إقليم العراق وعنى موارده الطبيعية وازدهاره بالتجارة، وتتوفر فيه سبل العيش وطيب الهواء، وجودة الغذاء، كما كانت المنطقة الزراعية ومرتبطة بأقنية للري منظمة تنظيما دقيقا. 4- الدوافع المناخية: فقد بعث المنصور روادا يختارون له مكانا مناسبا يبني فيه حاضرته، فوقع الاختيار على مكان قريب من جنوبي الموصل ، فذهب ونام فيه ليلته ولما أصبح سال رجال عن رأيهم، فذكروا اله طيب هوائه وجودة غذائه، ولكن الخليفة لاحظ افتقارها إلى مرفق للرعية، وقد في النهاية تم اختياره لموقع بغداد. في تميز موقع بغداد بميزات مناخية منها قلة الرطوبة رغم الجفاف والحرارة المرتفعة، وهو ما يجعل مناخها أفضل من المناطق الساحلية في المنطقة حيث درجة الحرارة معتدلة ألا أنها مشبعة بالرطوبة. وقد كانت مدينة بغداد مليئة بالسكان والقرى وهذه القرى كانت ساسانية وأخذت هذه القرى تندمج مع الأماكن التي شملتها الدولة العباسية ( طقوش 1996 : 69 - 70).

المصادر والمراجع : - طقوش, محمد سهيل. 1996؛ تاريخ الدولة العباسية, لبنان : دار النفائس.

- العش, يوسف. 1982؛ تاريخ عصر الخلافة العباسية, (المحرر) محمد أبو الفرج العش, دمشق : دار الفكر. العميد, طاهر مظفر. 1985؛ حضارة العراق, بغداد: جامعة بغداد, ج .9 . - محمد, غازي رجب. 1989؛ العمارة العربية الإسلامية في العصر الإسلامي في العراق, القاهرة: جامعة بغداد.