الدين عند أفلاطون
النزعة الدينية واضحة في كل مزلفات افلاطون. وهي واضحة على الخصوص في عحاورة «النوامي فإنه يقول في هذه المحاورة إن الخطا الأكبر الذي يرتكبه الناس إغا مصدره واحد من اثنين : إما تصوير الألهة بصور لا تتفق مع الالوهية، ونسبة امور إلى الألهة لا يمكن أن تصدر عنهم، وإما ان يكون مصدر ذلك إنكار الألهة والالحاد. وياخذ افلاطون على الناس قولهم إن الألهة لا يعنون بالبشر، ويؤكد وجود العناية الالهية في كل شى ء : فليست توجد في حركات الكواكب وصورة العالم العامة فحسب، بل توجد ايضا في الانسان وفي كل شي، في الوجود، إذ لا يليق مطلقاً بالالوهية وما لها من مقام ان تترك الأشيام بغير نظام. ويجمل افلاطون هنا على الطبيعيات الألية التي تحاول ان تفر الوجود تفسيراً آلياً غرجة منه كل علة غانية. ويستمر في توكيد هذه العناية الإلهية، حاملا بثدة على هزلاء الذين ينسبون الافعال اليئة إلى عدم وجود العاية الالهية في الكون.
فإذا انتقلنا من العناية الالهية وتوكيد أفلاطون لها، إلى بيان ماهية الألوهية، وجدنا الشكوك تحيط باكثر الافكار التي أدلى بها في هذا الباب : فنحن نراء تارة يتحدث عن إله في صيغة المفرد يوصف أنه الخير والعلم والحكمة. وتارة اخرى نراه يتحدث عن الآلهة في صيغة الجمع.فهل هناك له فوق الألهة؟ وهل هذا الاله من جنر ا لألهة؟ وهل الصانع هو الاله الاعلى؟ هذ، الآسنلة لا نتطع أن نجد في ععاورات أفلاطون بيانا وافيا عنها لكن يلاحظ مع ذلك أنه بالنبة إلى السؤ ال الخاص بوجود إله فوق الآلهة نجد افلاطون يزكد وجود هذا الاله. أما عن السؤل الثاني الخاص بطبيعة هذا الاله وهلهومنجن الآلهة فإن أفلاطون ينكر كل الإنكار ان يكون هذا الاله الأعلى مننوعالألهة: فئوا، أكانت هذ٠ الألهة كونية مل أورانوس إله اب، ام كانت هذ. الآلهة الهة الأولمب، فإن هذا الاله الذي يعلوها من طبيعة مختلفة كل الاختلاف. أما هذه الألهة الشعبية فهى كواكب ، أو بعبارة ادقا، نفوس الكراكب: فإن أفلاطون ينسب إلى هذ. الكواكب نفوساً، بل يضيف إلى هذه الكواكب عقولا لكي يتير لها ان تدور هذه الدورات الكونية في انسجام مع بقية الكون وفي انسجام بعضها مع بعض. وهذا مذهب مشهور عن أفلاطون، ونعفى به فوله إن للكواكب نفوسا.
إلا ان هذه الألهة الموجودة في الكواكب تعترق كل الافتراق عن الصانع، وذلك لان الصانع هو الذي مخلق نفوس الكواكب اي انه هو الذي يخلق هذه الألهة. ثم إن هذه الألهة لا تسمر إلا على الاشياء التي توجدها، ومهمتها إيجاد النفوس الفانية،، فهي لا تعلو إذن إلا على الانان.وعلى الكس من هذا نرى الصانع يخلق نفوس الكواكب أو هذه الالهة نفسها، فلا بد إذن ان يكرن هذا الصانع من طبيعة اخرى غالفة لطبيعة الألمة.
لكن، هل هذا الصانع هو الاله الاعلى؟ هنا نجد افلاطون يقول إن الصانع يصنع هذه الأشيا، بتأمله للحي بداته، اي ان هناك شيئا اعلى من الصانع يقلده الصانع حين يصنع الأشياء ؛ وهذا الثيء هو الصور، فكاننا إذن بإزاء ثلاث طبقات من طبقات الوجود الالهي : اولا الصور والحي بذاته، وثانياً الصانع الذي يصنع الوجود على غرار الصور والحي بذاته، وثالنا الكون او العالم؛ ثم ارواح الكراكب.
فلنبحث الأن في ماهية هذا الصانع وماذا يفعل. وهنا نرى ان الصانع في «طيماوس، هو الذي يخلق الاشيا، علىغرار الصور، بان يتامل الصور وعلى نحوها يصنع الموجودات. ونجد افلاطون يتحدث مرة اخرى - بدلا من هذا الصانع المجم-عن الفن الالهي، اي الفن الذي يوجد الأشياء، فكان العلية التي للصور فد انتقلت إلى الصانع فجعلته يصنع الأشياء، فما الفارق إذن بين هذه العلية التي لدى الصانع وبين العلية التي لدى الصرر؟ يمكن ان يقال اولا إنه لا نارق بين العليتي، وما دام افلاطون قد فرق بين الاثنتين - ولو ان هذا الصانع صورة حية أسطورية لا يقصد بها أن تزحذ كما هي -فإننا نستطيع التفوقة حينثذ على هذا الأساس، وهي ان الصررة هي التي تعطي المادة القدرة على التحرك واخذ الصور أو التشكل بها، والتعين. أما الصانع فهو الذي يصنع بالفعل هذه الصور في المحسوسات، فمهمة الصانع إذن ان يكرن وسيطا بين الصور وبين المادة، فبكون العلة الفاعلية للموجودات اب.
قلنا إ هذا الصانع يصنع الاشياء بتامله لصور علبا، فهل هذه الصور عديدة ، أو هل توجد بينها وحدة، او فوقها جمبعاً علة اولى لها؟ مهما يكون مر نعدد هذه الصور، فهي عحناجة في النهاية إلى صورة عليا، بوصف ان هذه الصورة هي العلة المثتركة بين جميع الصرر، وهذه الصورة العليا هي صورة الخير. وقد تحدث افلاطون طربلا عن الخير بوصفه العلة الاولى للصور، فهو الذي يهب الصور، لبى فقط ماهيتها بل وايضا وجودها؛ اي ان الوجود والماهية، بالنبة إلى الصور، ماخوذان مباشرة عن صورة الخير. فكانه من الممكن إذن، عن هذا الطريق، ان نرتفع إلى صورة عليا !و إله واحد هو الاله بصيغة التعريف (ال. . ). وهذا الاله الذي هو الخير يصفه أفلاطون بعد هذا بصفات الألوهية المعروفة : فيصفه بالقدرة المطلقة، وبالعلم واارادة، كما يصفه بالحياة، حتى لبكاد يجعل منه إلهاً مشخصاً . وينسب إليه، تبعاً لعلمه، العناية التامة بكل المخلرقات.
وهنا يحق لنا ان نتساءل عن إئبب الذي من أجله لم يتحدث أفلاطون حديثاً واضحاً عن الله. وإنا لنرى أرسطو في كلام ه عن مذهب أستاذه لا يبين لنا بوضوح فاً عن الالوهية وعن الله عند أفلاطون . وكل ما مكن أن يستخلص من كلامه في هذا الباب هو أن أفلاطون قد قال بأن الالوهية هي الواحد. فجمع إذن بين الواحدية والألوهية مما يشعرنا بشيء من التوحيد. لكن يجب أن نفهم هذا الكلام كما هو في الواقع، فننكر أن يكون الته عند أفلاطون هو النه الواحد المعروف في الأديان، لأن فكرة التوحيد كما هي مرجودة في الأديان المختلفة ذات الكتب المقدسة، كانت مجهولة تماماً من الروح اليونانية كلها. فللاجابة عن السؤال الذي وضعناه، نجد أولا أن أفلاطرن يقول إن المعرفة الخاصة بالاله معرفة لا تقال مطلقاً إلا لخاصة الخاصة ، لما يحيط بها من أسرار، ولا يجب التحدث عنها حديثا عاما. وإذا صحت الرسالة الثانية من رسائل أفلاطون. فإننا نجد من بين الأسباب الي أثارت أفلاطون على ديون، عدم احتفاظ الأخير بالسو فيما يختص بالمعارف التى أفضى بها إليه افلاطرن، متعلقة بالش . هذا ريلاحظ أيضاً أن روح العصر لم تكن تسمح بالتحدث كثيراً عن الالوهية، لان مجرد أية محاولة من أجلتطهيرا لدين الشعبي من التصورات الحسية والتهاريل الشعبية كان من شانها أن تستغل من جانب العامة لاتهام صاحب هذه الأقرال بالالحاد.