الخزنوية



الخزنوية

الخزنوية في سطور في الشمال الشرقي من سوريا على الحدود التركية، ولد أحمد بن مراد في نهاية القرن التاسع عشر، من أبوين كرديّين في قرية من قرى الأكراد، وما إن ناهز سن الرشد حتى بدء بطلب العلم وأخذ ينتقل -كما هي العادة - من ملا إلى آخر حتى انتهى إلى قرية نورشين على الحدود التركية الروسية، وكان يقطنها شيخ الطريقة النقشبندية، الشيخ محمد ضياء الدين الملقب "بحضرة "، تلقى أحمد بن مراد في مدرسته علوم النحو والصرف وفقه الشافعية، وأمضى في الطريقة النقشبندية سنين عددا حتى أخذ الخلافة في الطريقة وعاد لبلده.

سكن قرية خزنة ولهذا لقّب بالخزنوي، وأخذ ينشر الطريقة ويعلم الناس بعض أحكام الشريعة على المذهب الشافعي مما ضاعف عدد أتباعه.
وكان كل تابع يحمل إليه زكاة ماله ويخدمه بماله ونفسه، وكان أتباعه يحيون له موات الأرض ويتملكها هو بينما ينهاهم عن الدنيا  وملذاتها وجمع حطامها.

لم تمض سنين كثيرة على هذا الحال حتى أصبح أحمد الخزنوي إقطاعي كبير، ولكن ما يميزه عن البقية أن الناس تخدمه بالمجان، بحجة أنه يطعم الناس ويعلّمهم، فغدا هذا الرغيف الطلسم الذي فتح به الخزنوي كنوز قارون. كان له الأثر الواضح مع شيوخ العشائر في تخدير مشاعر الناس اتجاه المحتلّين الفرنسيين، فما أثر عنه ولو حرف نحو الفرنسيين لا بالسلب ولا بالإيجاب. أنجب من زوجته الأولى ثلاثة من الذكور وأنثى، ومن الزوجة الثانية ولداً واحداً، وعندما توفي أوصى بالخلافة لابنه الأكبر محمد معصوم ومن بعده لأخيه علاء الدين، ومن بعده لأخيه عز الدين، ثم للولد الصغير عبد الغني، وكان ما أوصى به إلا أن عزالدين خالف أمر والده ومنح الخلافة لولده محمد الخزنوي، ولا ننسى أنهم يدّعوا أنها لا تعطى إلا لمن هو أهل لها، ولا دخل للوراثة بذلك، وهذه دعوى غير صحيحة ، كذّبتها الأيام . لا يزال الخزنوية يعيشون على عمل أتباعهم، رغم حصولهم على المليارات . نشروا في الجزيرة الخرافات والشركيات وتقديس الموتى، وعملوا على إفقار أتباعهم، كما يشتهر الخزنوية بالحقد والضغينة لاسيما على أرحامهم، والشراهة الغريبة في جمع المال، ويتصفوا بالكبر والعجب، ولذلك يرفضون تزويج نسائهم للعرب لما يرون ما لسلالتهم "المجهولة " من قداسة. يمتلكوا أكثر من عشرين مركز لبيع الوقود" كازية"، وعدد من المطاحن والمخابز إضافة إلى تجارتهم المتنوعة، وتهريب السلاح والوقود، إلى جمع أموال التجار الكبار لاسيما تجار تركيا بحجة توزيعها على الفقراء . كما يمتاز الخزنوية بالتعصب المذهبي الأعمى، فهم مقلدون للشافعية إلا في بعض المسائل من مثل قراءة القرآن على الموتى والمقابر، وكفارة الصلاة عن الميت . والتعصب المذهبي سمة النقشبنديين في تلك المنطقة، مثل آل حقي و آل الديرشوي وتشترك هذه العوائل الثلاث ببث الفرقة بين المسلمين، فلكل عائلة منطقة محرمة على أتباع الطريقة الأخرى كما تنتشر الكراهية والحقد والحسد بينهم، مع أن دعواهم واحدة، وهي طهارة القلب والمحبة ولو قالوا نجاسة القلب والحقد الأسود، لكان الكلام مستقيماً وصادقاً. وكلهم يدعي عبادة الله لا طمعاً في الجنة ولا خوفاً من النار، وقد يظن المسلم في عصرنا الحاضر أن هذه العقيدة عقيدة سامية، ولكنها عقيدة غير صحيحة إذ هي مخالفة لعقيدة الكتاب والسنة. فقد وصف الله حال الأنبياء في عبادتهم وتقربهم ودعائهم بأنهم كانوا {ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين } والرغب هو الطمع في فضل الله وجنته، والرهب هو الخوف من عقابه، والأنبياء هم أكمل الناس عقيدة وإيماناً وحالاً. وكذلك وصف تبارك وتعالى أكمل المؤمنين إيماناً بقوله تعالى: {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكّروا بها خروا سجداً وسبّحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون* تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً وممّا رزقناهم ينفقون* فلا تعلم نفسٌ مّا أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } فهؤلاء الذين ادخر الله لهم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر لا شك أنهم أكمل الناس إيماناً، ومع ذلك فهم يدعون ربهم خوفاً وطمعاً، خوفاً من عذابه وطمعاً في جنته. وآيات القرآن في هذا المعنى لا تحصى كثرة. وأما السنة فلا حصر للأحاديث في ذلك، ومن أبلغها في الدّلالة على هذا الأمر قول أحد الأعراب للنبي : والله إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، وإنما أقول: اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار؛ فقال : [حولها ندندن] ، فإذا كان الرسول  يدندن بدعائه حول الجنة، فهل يتصور عقلاً وجود رجل أو امرأة أكمل منه  فيدعو الله ويعبده لا طمعاً في جنته ولا خوفاً من نار؟. وهذه الحالة التي سعى المتصوفة إلى تحقيقها، وهي عبادة الله مجردة عن الطمع والخوف، جرّت على قدمائهم البلايا، فقد سعوا إلى غاية أخرى بالعبادة، وهي القول بالفناء في الرب وجرّهم هذا إلى الجذب، ثم جرّهم هذا إلى الحلول، ثم جرّهم هذا في النهاية إلى وحدة الوجود . وأما المحدثين أمثال الخزنوية فقد جرّهم إلى استحلال الفروج وهتك الأعراض، لاسيما ما وصل إليه محمد الخزنوي.

يدّعي النقشبنديون التزام الشريعة،

بل إن طريقتهم هي الإسلام بلا زيادة ولا نقصان، وهذا كذب صريح، لأنه إذا كانت الطريقة النقشبندية، كما يزعم الخزنوية  عين الشريعة، أو الشريعة على الوجه الأكمل، وآدابها هي آداب الصحابة، فهذا يلزم أن هناك خيانة حصلت من النبي  وتواطأ عليها صحابته وتابعيهم، حتى جاء من جاء من فرس وهنود في القرن الثامن  فأظهروها للناس وهذا كفر محض، وإلا فهذه الطريقة باسمها الغريب على اللغة العربية، وبتعاليمها البعيدة كل البعد عن الشريعة السمحة، ما ذكرت بنص قطعي ولا ظني في القرآن أو السنة، ولا أثرت عن صحابي ولا تابعي نعم ذكر التنديد بهذه التعاليم المنكرة و المخترعة، فقصة الشيخ التي يرويها أولئك الحمقى  عن ذلك العابد الجاهل، الذي قبّل زوجته بشهوة فنزل عن مقامه... ما هي إلا دليل صارخ على تبعية الصوفية لبوذا لا لمحمد ، فبوذا من أمر بهذا ومحمد نهى ففي الصحيحين (أما والله إني لأخشاكم لله   وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي، وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي   فليس مني) وسماها شهوة ورتّب عليها أجر وثواب، رغم أنف العابد البوذي، ففي صحيح مسلم (وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ ) .الحديث

و كيف تكون عين الشريعة، وهي مبنية كما ذكروا على أصلين أصيلين من أعطيهما أعطي كل شيء: كمال اتباع النبي ، ومحبة الشيخ الكامل.

فأما اتباع النبي  فلا نسلم لهم به، وهو يناقض الطريقة برمتها، وأما الأصل الثاني: فما هو دليله؟ ولما أخفي من القرآن والسنة  التي لا يعرف المسلمون شريعة غيرها. أما إن قصدوا بذلك محبة المؤمن، فهي لا تحصر في فرد واحد، والمحبة في الله عامّة في كل من سار على النهج السوي  أما أن تحصر في شخص معين ويعطى من الخصائص ما لا يعطى للأنبياء فلا، ولا أدري كيف تكون أقرب على المريد إلى درجات التوحيد ؟ ومبناها على التصّرف وإلقاء الجذبة المقدمة على السلوك من المرشد، ومقصدهم من التصرّف تصرّف الشيخ في قلب المريد وهذا مختص بالله وحده قال تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}  فلم يعطي التصرّف لأحد حتى لأكرم الرسل، ثم ما هذه الجذبة الملحقة مع التصرّف من المرشد اللهم إلا أن تكون شريعة بوذا وسنن زردشت.

( (فصل في مجاهدته لنفسه:

وكان قدس سره يروي هذه الحكاية:كان فيما مضى رجل صالح فرأى شخص هذا العابد في منامه مرة على رأس الجبل ومرة ثانية بعد سنة في أسفل الجبل وثالثة بعد سنة أعلى الجبل وفي كل مرة يسأل  الرجل الصالح فيقول له رؤيا خير فقال الرجل ما تفسير هذه الرؤى فقال :لما رأيتني في أعلى الجبل كنت على حال حسنة مع الله وفي الثانية نزلت عن ذلك المقام العالي بسبب أنني قبلت زوجتي مرة بشهوة فعاقبني الله .فتبت وبكيت سنة كاملة حتى ردني للمقام العلي) مجلة الذكرى الثانية ص75

؛؛