الترتيل الأمبروزياني
الترتيل الأمبروزياني (بالإنجليزية: Ambrosian chant): انشق آريوس بطريرك الإسكندرية (القرن 3 / 4 م) على العقيدة الأرثوذكسية حين نادى بأن المسيح له طبيعتان: طبيعة إلهية وأخرى ناسوتية مخالفًا ((قانون إيمان الرسل)) The Apostles’ Creed الذي يقضي بأن المسيح لم يفارق لاهوته ناسوته، لأن الطبيعتين مندمجتان تمامًا. وقد استعار آريوس بعض الأغاني الشعبية وأدخله في الإنشاد الديني مشركًا فيه جمهور المصلين على عكس ما كانت تفعل الكنائس البيزنطية التي كانت تسند الإنشاد إلى مجموعة من المغنين المدربين المحترفين.
وجاء القديس أمبروزو الميلاني ( 340 - 397 م) فتبنى فكرة إنشاد جمهور المصلين بجانب مجموعة المنشدين، وذلك بعد القضاء على العقيدة الأريانية، إذ رأى في ذلك مقاومة لتاثيرها، وكان يقول: ((لا باس من مقاومة النار بالنار)).
وكان يقسم جمهور المصلين إلى مجموعتين تضم إحداهما الرجال على حين تضم التانية النساء والأطفال. ويبدأ رئيس المرتلين بالإنشاد، ثم يردد الجمهور جميعه الإنشاد وراءه وهو ما يسمى بأسلوب الترديدات responsorial singing، أو تقوم كل مجموعة يترديد أبيات مختلفة عن الأبيات التي ترددها المجموعة الأخرى بالتناوب وهو ما يسمى باسلوب المجاوبات antiphonal singing، وإن اشتركت المجموعات في النهاية في غناء الحمد أو التهليل ((هللويا)) alleluia.
وقد انتشر هذ الأسلوب بعد ذلك في جميع الكنائس الغربية في حين بقيت الكنائس الشرقية تقصر الإنشاد على مجموعة من المحترفين على غرار كنيسة أيا صوفيا بالقسطنطينية التي وضع لها الإمبراطور جوستنيان الأول Justinian (565 - 483 م) إلى جوار مجموعة قوانينه الشهيرة [مدونة جوستنيان] Justinian corpus juris نظامًا خاصًا إذ ألحق بها مئة مقرئ إنجيل وخمسة وعشرين منشدًا، نص في قرار تعيينهم على تحريم الغناء عليهم في المسارح وفي الاحتفالات العامة.
وقد بلغت الموسيقى الكنسية، بفضل المقرئين القائمين بالترتيل في الصلاة وبفضل مجموعة المنشدين المدربين درجة عالية من النضج، كما تألق فيها التأليف الكورالي، وهو ما لم يحدث في الكنائس التي اعتمدت على مشاركة جماهير المصلين في إنشاد الألحان البسيطة التي يسهل عليهم داؤها، مما جعل الأمر ينتهي بالكنائس الغربية إلى هجر طريقة الإنشاد الجماهيرية والاقتصار على المجموعة المدربة من المنشدين المحرفين ثم اتباع الترتيل الغريغوري Gregorian chant* في القرن الثامن الميلادي.