البادهة

البداهة في اللغة أول كل شيء، وما يفجأ منه، تقول لحقه في بداهة جريه، أي في أول جريه.

1 ـ والبده أن تستقبل الإنسان بأمر مفاجأة، والاسم البديهة أي المفاجأة، تقول فلان صاحب بديهة، أي يصيب الرأي في أول ما يفجأ به، وأصاب على البديهة أي من غير تفكير.

2 ـ ويقال : هذا معلوم في بدائه الأمور، أي يفهم ويدرك من دون حاجة إلى إعمال الروية والفكر.

3 ـ والبداهة في اصطلاحنا هي الوضوح التام الذي تتصف به المعرفة عند حصولها في الذهن ابتداء.

4 ـ وقد عرفوا البداهة بقولهم : هي المعرفة الحاصلة ابتداء في النفس لا بسبب الفكر. (كليات أب البقاء).

5 ـ والبديهي هو الذي لا يتوقف حصوله في الذهن على نظر وكسب، سواء احتاج إلى شيء آخر من حدس أو تجربة، أو غير ذلك، أو لم يحتج، تعريفات الجرجاني) وهو بهذا المعنى مرادف للضروري.

6 ـ ولكن قد يراد بالبديهي ما لا يحتاج العقل في التصديق به إلى شيء أصلا، فيكون أخص من الضروري لعدم شموله التصور.

7 ـ لقد بين ديكارت أن البداهة معيار الحقيقة، وأن المعاني لا تكون بديهية إلا إذا كانت واضحة ومتميزة.

8 ـ ومع أن البداهة التي يتكلم عليها ديكارت هي البداهة العقلية، لا البداهة الحسية، فإن شرط البداهة وحده لا يمكن أن يكون معيارا صادقا للحقيقة.

9 ـ هذا الذي أشار إليه كانت ورينوفي بقولهم : أن هنالك بداهة شخصية خداعة مضللة، ألا ترى أن المعاني التي نجزم ببداهتها هي المعاني الموافقة لميولنا وآرائنا ومعتقداتنا؟ ونحن نفهمها بسهولة، ونمنحها قيمة موضوعية تامة من دون أن تكون مطابقة للحقيقة؟

10 ـ فليس كل ما توجبه بديهة الإنسان بصادق، بل كثير منها كاذب، إنما الصادق بديهة العقل المؤيدة بالحس والتجربة.(انظر المعجم الفلسفي لجميل صليبا الجزء الأول صفحة 199).