اختزالية

الاختزالية أو الرد المنطقي (Reductionism) تعني إما (أ) نهجًا لفهم طبيعة الأشياء المُعقدة عن طريق اختزالها إلى تفاعلاتٍ من أجزائها، أو إلى أشياء أكثر بساطةً أو أشياء أكثر أساسيةً أو (ب) موقفًا فلسفيًا يعني أن أي نظام مُعقّد ليس سوى مجموع أجزائه، وأنه يمكن اختزال أي جزء منه إلى أجزاء تتألف من مُقَوّمات أساسية فردية. ويُمكن أن يُقال هذا على الأشياء والظواهر والتفسيرات والنظريات والمعاني.

وفى أقصى صور استخدامه عمومية، يصف مصطلح الاختزالية أى استراتيجية فكرية لرد أو اختزال طائفة من الظواهر المتباينة إلى بعض المبادئ التفسيرية الأساسية أو الأولية. وعلى سبيل المثال فإن الأشكال الاختزالية للمادية كما تستخدم فى العلوم الطبيعية، حاولت شرح وتفسير الخصائص والقوى المميزة للكائنات الحية فى ضوء مفاهيم وقوانين الكيمياء.

تعكس الاختزالية بقوةٍ منظورًا مُعينًا على السببية. وفي إطار العمل الاختزالي، تُسمى الظواهر التي يمكن تفسيرها بشكلٍ كاملٍ من حيث العلاقات بين ظواهر أخرى أكثر أساسيةً الظاهرة الثانوية (epiphenomena) (هي ظاهرةٌ ثانويةٌ تحدُث جنبًا إلى جنب مع ظاهرة أولية أو بالتوازي معها). وغالبًا ما يكون هناك تَضْمِين بألا تبذل الظاهرة الثانوية أي قوةً سببيةً على الظواهر الأساسية التي تفسرها.

لا تحول الاختزالية دون وجود ما يمكن تسميته بـ الظواهر المنبثقة، ولكنها تستلزم القدرة على فهم تلك الظواهر بشكلٍ كاملٍ من حيث العمليات التي تتكون منها. ويُعد هذا الفهم الاختزالي مُختلفًا للغاية عن ذلك الذي يتم تضمينه عادةً عن طريق مصطلح 'الانبثاق'، الذي يقصد إجمالاً أن ما ينبثق هو أكثر من مجموع العمليات التي ينبثق منها.

الاختزالية الدينية

تحاول الاختزالية الدينية عمومًا تفسير الدين عن طريق تلخيصه في أسباب غير دينية مُعينة. ومن الأمثلة القليلة للتفسيرات الاختزالية لوجود الدين: أنه يمكن اختزال الدين إلى مفاهيم الإنسانية من صوابٍ وخطأ، وأن الدين في الأساس هو محاولةٌ بدائيةٌ للسيطرة على بيئاتنا، وأن الدين يُعد طريقة لتفسير وجود العالم المادي. ويستخدم علماء الأنثُرُوبُولوجيا (علماء بعلم الإنسان) إدوارد بيرنت تايلور (Edward Burnett Tylor) وچيمس چورج فريزر (James George Frazer) بعض الحجج الاختزالية الدينية. وتُعد فكرة سيغموند فرويد (Sigmund Freud) بأن الدين لا شيء سوى وَهْمٍ وعرض الماركسِيَّة للدين على أنه «تنهيدة المظلومين»، مُقدمًا فقط «السعادة الوهمية للبشرية»، هما تفسيران اختزاليان مؤثران آخران للدين.

الاختزالية في العلوم الاجتماعية

هناك درجة مُعينة للاختزالية في العلوم الاجتماعية، والتي تحاول غالبًا تفسير مجالات النشاط الاجتماعي بأكملها كمُجرد ميادين فرعية لميدانهم الخاص. وكمثال، يحاول خبراء الاقتصاد الماركسيون غالبًا تفسير السياسة باعتبارها تابعةً للاقتصاد، وينظر علماء الاجتماع في بعض الأحيان إلى الاقتصاد والسياسة كمُجرد مجالات فرعية للمجتمع.

ومحاولة تفسير أنماط الاختلاف بين البشر فى درجات الذكاء المقاسة، أو الفروق الاجتماعية بين الرجال والنساء على أساس الاختلافات الجينية (التكوينية) أو الفسيولوجية، من المحاولات التى تعرضت دائما للنقد من قبل علماء الاجتماع، باعتبارها أمثلة على الاختزال (أو الرد المنطقى) إلى أصول بيولوجية بشكل مضلل. وفى الماركسية التى يفترض فيها أن العلاقات تحدد بشكل كلى الحياة الاجتماعية والسياسية شاع نقدها باعتبارها نوعا من الاختزال أو الرد المنطقى إلى أصول اقتصادية. وقد يكون من المفيد أن نميز بين الرد المنطقى الذى يكون الهدف فيه هو اختزال القوانين الخاصة بالعلوم السطحية إلى أساس علم أكثر أساسية، وبين الاختزال أو الرد المستند إلى الدلالات اللفظية الذى تحدد فيه لغة فرع ما من العلوم بردها إلى لغة فرع آخر، وبين الاختزال أو الرد التفسيرى الذى يكون الهدف فيه توضيح كيف أن ظواهر علم معين يمكن تفسير ها باعتبارها نتائج ميكانزمات معروفة داخل نطاق فرع علمى اخر.

انظر أيضًا