ابن حبيب

ابن حبيب (170 هـ - 238هـ)

نسبه

الإمام العلامة , فقيه الأندلس أبو مروان , عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جاهمة بن الصحابي عباس بن مرداس , السلمي العباسي الأندلسي القرطبي المالكي , أحد الأعلام.

مولده

ولد في حياة الإمام مالك بعد السبعين ومائة

تعلمه

وأخذ عن : الغاز بن قيس , وزياد شبطون , وصعصعة بن سلام . ثم ارتحل في حدود سنة عشر ومائتين , وحج , وحمل عن : عبد الملك بن الماجشون , ومُطَرِّف بن عبد الله اليساري , وأسد بن موسى السُّنَّة , واصبغ بن الفرج , وأبي صالح , وإبراهيم بن المنذر الحزامي , وعدة من أصحاب مالك والليث , ورجع إلى قرطبة بعلم جَمٍّ , وفقه كثير . وكان موصوفا بالحذق في الفقه , كبير الشأن , بعيد الصيت , كثير التصانيف إلا أنه في باب الرواية ليس بمتقِن , بل يحمل الحديث تَهَوُّرًا كيف اتفق , وينقله وجادة وإجازة , ولا يتعانى تحرير أصحاب الحديث . سكن إلبيرة من الأندلس مدة , ثم استقدمه الأمير عبد الرحمن بن الحكم , فرتبه في الفتوى بقرطبة , وقرر معه يحيى بن يحيى في النظر والمشاورة , فتوفي يحيى بن يحيى , وانفرد ابن حبيب برئاسة العلم . وكان حافظا للفقه نبيلا , إلا أنه لم يكن له علم بالحديث , ولا يعرف صحيحه من سقيمه , ذُكِرَ عنه أنه كان يتسهل في سماعه , ويحمل على سبيل الإجازة أكثر روايته .

وعن محمد بن وضاح أن إبراهيم بن المنذر الحزامي , قال له : أتاني صاحبكم عبد الملك بن حبيب بغرارة مملوءة كتبا , فقال لي : هذا علمك تجيزه لي ؟ فقلت له : نعم . ما قرأ علي منه حرفا , ولا قرأته عليه . وكان محمد بن عمر بن لبابة , يقول : ابن حبيب عالم الأندلس , ويحيى بن يحيى عاقلها , وعيسى بن دينار فقيهها .

قال أبو القاسم بن بشكوال : قيل لسحنون : مات ابن حبيب . فقال : مات عالم الأندلس ! بل - والله - عالم الدنيا .

قالوا عنه

قال أبو الوليد بن الفرضي كان فقيها نحْوِيًّا شاعرا عَرُوضِيًّا أخباريا نَسَّابة , طويل اللسان , متصرفا في فنون العلم . حدث عنه : بقي بن مخلد , ومحمد بن وضاح , ويوسف بن يحيى المغامي , ومطرف بن قيس , وخلق. وآخر أصحابه موتا المغامي . حكى بعضهم قال : هاجت الريح , فرأيت عبد الملك بن حبيب رافعا يديه , متعلقا بحبال المركب , يقول : اللهم إن كنت تعلم أني إنما أردت ابتغاء وجهك وما عندك فخلصنا . قال : فسلم الله .

مصنفاته

صنف كتاب "الواضحـة " في عدة مجلدات , وكتاب " الجامع " , وكتاب " فضائل الصحابة " , وكتاب " غريب الحديث " , وكتاب " تفسير الموطأ " , وكتابا في " حروب الإسلام " , وكتاب " فضل المسجدين " , وكتاب " سيرة الإمام فيمن أَلْحَد " , وكتاب " طبقات الفقهاء " , وكتاب " مصابيح الهدى " .

قال أبو عمر أحمد بن سعيد الصدفي : قلت لأحمد بن خالد : إن " الواضحة " عجيبة جدا , وإن فيها علما عظيما فما يدخلها ؟ قال : : أول ذلك أنه حكى فيها مذاهب لم نجدها لأحد من أصحابه , ولا نقلت عنهم .

قال أبو عمر الصدفي في " تاريخه " : كان كثير الرواية , كثير الجمع , يعتمد على الأخذ بالحديث , ولم يكن يميزه , ولا يعرف الرجال , وكان فقيها في المسائل . قال : وكان يطعن عليه بكثرة الكتب . وذكر أنه كان يستجيز الأخذ بلا رواية ولا مقابلة , وأنه أخذ بالإجازة كثيرا . قال : وأشير إليه بالكذب , سمعت أحمد بن خالد يطعن عليه بذلك , ويتنقصه غير مرة . وقال : ظهر كذبه في " الواضحة " في غير شيء , فسمعت محمد بن وضاح , يقول : أخبرني ابن أبي مريم , قال : كان ابن حبيب بمصر , فكان يضع الطويلة , وينسخ طول نهاره . فقلت له : إلى كم ذا النسخ , متى تقرؤه على الشيخ ؟ قال : قد أجاز لي كتبه , يعني : أسد بن موسى , فأتيت أسدا , فقلت : تمنعنا أن نقرأ عليك , وتجيز لغيرنا ؟ فقال : أنا لا أرى القراءة , فكيف أجيز ؟ فأخبرته . فقال : إنما أخذ مني كتبي , فيكتب منها , ليس ذا عليَّ .

وقال أحمد بن محمد بن عبد البر في " تاريخه " : ابن حبيب أول من أظهر الحديث بالأندلس , وكان لا يفهم طرقه , ويصحف الأسماء , ويحتج بالمَنَاكِير , فكان أهل زمانه ينسبونه إلى الكذب , ولا يرضونه . وممن ضعَّف ابن حبيب أبو محمد بن حزم , ولا ريب أنه كان صُحُفِيًّا , وأما التعمد , فكلا .

وفاته

مات عبد الملك بن حبيب يوم السبت لأربع مضين من رمضان سنة ثمان وثلاثين ومائتين . بِعِلَّةِ الحَصَى , . ونقل آخر أنه مات في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين . فالله أعلم .