إميل بوترو
Etienne- 1011111•- Marie Boutroux
فيلسوف فرنسي ومزرخ للفلسفة. ولد في ضاحية مونروج Montrouge (إحدى ضواحي باريس الجنوبية) في ٢٨ يوليو سنة ١٨٤٥، وتوفي في باريس في٢٣ نوفمبر سنة ١٩٢١.
أمضى دراسته الثانوية في ليسيهات باريس، ثم دخل مدرسة المعلمين العليا الشهيرة حيث تتلمذ على لاشلييه Lachelier الذي كان ذا تأثيركبيرعلىتطوره الفكري، وتكوينه الفلسفي، وسافر إلى المانيا حيث تعرف إلى أدورد تسلرمؤرخ الفلسفة اليونانية العظيم، وحضردروسه. وترجم بعد ذلك القسم الأول من كتابه «فلسفة اليونانيين» . ثم عاد إلى باريس، وحصل في سنة ١٨٧٤ على الدكتوراه برسالتين: الصغرى اللاتينية بعنوان: «في الحقائق السرمدية عند ديكارت»، والكبرى الفرنسية بعنوان: «في إمكانية قوانين الطبيعة» .
وتوزع نشاطه الفلسفي بعد ذلك في كلا الميدانين: تاريخ الفلسفة، الألمانية منها بخاصة، وفلسفة العلوم وخصوصا العلية، والحتمية في قوانين الطبيعة.
أما في ميدان تاريخ الفلسفة فينبغي ان نذكر له:
١ - ترجمة القسم الأول من كتاب تسلر: «فلسفة اليونانيين» في ثلاثة أجزاء، باريسسنة.(١٨٧٧- ١٨٨٤).
٢ - «دراسات في تاريخ الفلسفة»، Etudes d'histoire ,de la Philosophie,Paris
٣ - محاضرات عن كنت نشرت بعنوان Philosophie ه1 Kant حل
٤ - اهع1025
٥ - William James
٦ - مقدمات إضافية لطبعة كتابي ليبنتس: Nouveaux Essais، وءذى010ل1٧1014.
أما إنتاجه المبتكر فنذكر له فيه، إلى جانب رسالة الدكتوراه الكبرى:
-0110 ه1 01 l'idée de 101 natruelle dans la science ه10 .1
.1895 Sophie contemporaine. Paris
Philosophie contempor- ه1 215ل 2. Science et religion
.1968 ,aine. Paris
وقد عين أستاذاً أولاً في جامعة كان Caen (شمالي فرنسا) ثم في مونبلييه، ثمفينانسيحيث تعرف إلى أخت الفيلسوف الرياضي الكبير هنري بوانكاريه وتزوج منها. وفي سنة ١٨٧٧ عين أستاذا للفلسفة في مدرسة المعلمين العليا بباريس، ثم في كلية الآداب (السوربون - بجامعة باريس) . . وفي سنة ١٩٠٢ ترك التدريس، وصار رئيسا لمؤسسة Thiers . وانتخب عضواً في اكادية العلوم السياسية والأخلاقية بمعهد فرنسا، ثم عضواً في الأكاديمية الفرنسية في سنة ١٩١٤
فلفته
كان لاميل بوتروتأثيرهائل في الفلسفة الفرنسية في الربع الأخيرمن القرن الماضي، وأوائل هذ القرن، خصوصاً من خلال تدريسه في كلية الآداب ومدرسة المعلمين العليا بجامعة باريس لمدة ثلاثة أعوام. وكان من أبرز تلاميذه: برجسون، فردريلثا روه ،جورس Jaures ، موريس بلوندل، جاستونمليو، جستاف بلو،هنري دلاكروا، فكتوردلبوس، اكسافييه ليون، ليون برنشفك، أندريه لالاند إلخ.
ورسالته للدكتوراه بعنوان: «في الإمكان العرضى
٣٧١
للقرانين الطبيعية» تحتوي على الأفكار الأساسية التي تكون مذهبه، في الفلسفة. وهويقوم على معارضة النظرة الميكانيكية والحتمية في العلم وفي الحياة. وميزة بوتروفي هذا المجال - الذي شاركه فيه غيره - أنه استخرج نتائجه من أبحاث العلماء انفسهم، وانتهى إلى ان النزعة الحتمية تتنافى مع حقائق العلم، وإلى أن الحرية، لا الضرورة المطلقة، هي الطابع الأساسي للوجود. وفي الطبيعة بين انه لا يوجد إلا درجات من الحرية.
ومن أجل ذلك بين أن الوجود أغنى من الممكن، انه يحتوي على الممكن وأكثر منه، أعني تحقيق ضد أولي من ضد آخر. وفكرة الاطراد والثبات غريبة عن الوجود المعطى بوصفه كذلك،والعليةليست إلا رابطة موضوعة ين الظواهر. وتقدم الملاحظة يكشف شيئاً فشيا عن ثراء الخواص، وعن التنوع والفردية. ويقرر صراحة أن «كل شىء عمكن تماما» («في إمكان قوانين الطبيعة» ص ٢٩)، أي أنه ليس ضرورياً ولا عرضياً، بلهوحر. إنه تعبير عن شعوركي، وعقلكلي، ومدة سرمدية خلافة .
وظهور المادة وأحوالها هو انتصار جديد للأشياء على الضرورة. وفوق المادة توجد ماهيات فيزيائية وكيمائية.
ويظهر الإمكان بشكل أظهر في عالم الأحياء . إن القوانين الفزيائية والكيمائيةلاتكفي لتفسيرالظواهرالفسيولوجية، ذلك أن «الكائن الحي يتحول باستمرار، إنه يتغذى وينمو، ويلد كائنات أخرى، ويتصف بعدم استقرار، وبمرونة عجيبة. وهناك عدم تناسب لافت ، في الكائن الحي، بين دور الوظيفة ودور المادة، مهما يكن أصل الوظيفة» (الكتاب نفسه ص ٧٨) «إن الكائن الحي يحتوي على عنصر جديد، غيرقابل للرد إلى خصائص فزيائية : السير نحو نظام تركيبي، الفردانية: وليس ثم افراد في العالم اللاعضوي، ولا تفرد. والذرة، إن وجدت، ليست فرداً لأنها قابلة للانقسام ربما إلى غيرهاية - إلى بلورات متشابهة موجودة حالياً». «والكائن الحي فرد، أو بالاحرى هوبفعل مستمر، يخلق لنفسه فردية ويلد موجودات قادرة هي نفسها على الفردية، والتنظيم هوالتفرد» (الكتاب نفسهص ٨٠).
وفي ميدان الحياة الانسانية خصوصاً نجد أن مبدأ الضرورة المطلقة غيرمعقول إطلاقاً. وفي هذا السبيل حارب بوترومحاولة رد ما هونفسي إلى ما هرفسيولوجي. يقول: «في كل الظواهر النفسانية يوجد، على درجات متفاوتة، عنصر
تحسب نظريات الفعل المنعكس أوالإحاس المتحول أنه مسلم به. . دون أن تفره: الشعور بالذات، التأمل في احوال الوجود، الشخصية» (الكتاب نفسه ص ١٠٠)
وبالمثل يحارب نظرية توازي الظواهر النفسية مع الظواهر الفزيائية والتي تقول إن النفس ليستغيروظيفة الحركة.
ولا يقصد بوترو ب »الإمكان» : الصدفة، إذ لوكانت الصدفة أم الأشياء لكأن علينا أن نتحدث عن فوضى في الكون، لكن المشاهد على العكس هو النظام والبساطة في الون.
وثم نوعان من القوانين : «فالبعض أوثق صلة بالرابطة الرياضية، ويتضمن صناعة شاقة وتنقية للتصورات، والبعض الآخر، أقربإلى الملاحظة والاستقراء الخالص البسيط. الأولى تعبر عن ضرورة دقيقة، إن لم تكن مطلقة، لكنها تظل مجردة عاجزة عن تحديد التفاصيل وطريقة التحقق لفعلي للظواهر. والثانية تتعلق بالتفاصيل وبالعلاقات القائمة بين المجموعات ألمركبة اسة. فهي إذن أكبر تأثيراً من الأولى، لكن لما لم يكن لها اساس اخر غير التجربة، وتربط بين حدود لا متجانسة تماماً، فإنهالايمكن أن تعدحاملة للضرورة. والتنبؤ الممكن لا يتضمن الضرورة، لأن الأفعال الحرة يمكن أن تتضمنها. وهكذ نجد أن الضرورة والتحدد شيئان متميزان، وعلمنا لا يصلح في مزجهما في وحدة» (الكتاب نفسه ص ١٤٠).
والخطأ الأساسى - في نظربوترو- الذي ارتكبه أوجست كونت هو انه أقام حاجزاً بين الوقاثع والأفكار، بين الحقائق المعطاة وبين الامكانيات المثالية وأنه لم يدرك «أن النفس الإنسانية تسعى لتجاوز المعطوة» («العلم والدين» ص ٧٥).
وينقد بوترو كل محاولة لرد الدين إلى الظواهر الدينية ورد هذه إلى قوانين تجريبية وأحوال اجتماعية. «إن التجربة تدل على أن الدين، اياً ما كان شكله الأولي، قد صار في الأمم المتمدينة أكثر شخصنة وبطونا» . «إن الضمائر الدينية الكبرى وضعت نفسها في مواجهة المجتمع، بوصفها تمثل- هي وحدها - الحق والحقيقة، ذلك لأن الله من ورائها، بينما لا يوجد وراء الجماعات المعطاة إلا الإنسان، والطبيعة والظروف. إن الضمير الديني لا يتاحد مع الضمير لاجتماعي (أي ليسا شيئاً واحدا)، بل يميل الإنسان إلى ان يضع حقوق الله في مقابل حقوق قيصر، وكرامة الشخص في مقابل القهر العام» («الدين واسم»ص٢٠٢)
إن العلم - في راي بوترو - لا يمكن ان يكون كل الحياة، لأنه لا يعطينا غيرمعرفة نسبية. والعلم، بطريقته، يستولي على الأشياء وعلى العقل الإنساني، ولكنه لا يأخذهاكلها والعقل الإنساني يتجاوز الكليات العقلية التي يستخدمها. فلماذا إذن لا يكون للإنسان الحق في تنمية الملكات التي لا يستخدمها العلم إلا بطريقة ثانوية، أويتركها عاطلة ؟إنه لا يجوز للعلم ان يحرم على العقل ان يهب للحياة الإنسانية معفى وقيمة، وأن يضع هدفاً ويعمل على تحقيقه.
كذلك عمل بوترو على الاستقلال الذاتي للفلسفة تجاه العلم، ومن رأيه أن من الباطل التحدث عن «فلسفة علمية» ، إذا فهمنا من هذا أن ا لفلفة يجب أن تسير بنفس الطريقة التي تسير بها ال ميكانيكا أو الكيمياء ، أو ان عليها أن تقتصر على التعميم والتركيب بين نتائج العلوم الوضعية. إن الفلسفة يجب ان تكون علماً مستقلا قائما برأسه . «إن الفلسفة، إذا شاءت أن تكون علم وقائع، فإنها لن تستطيع إلا ان تكون ازدواجاً رديئاً للعلوم الوضعية، أو محاولة لصنع تركيب منها، إذ لم تكن العلوم الوضعية نفسها قد قامت بهذا ا لتركيب منقبل» («دور تاريخ الفلسفة في دراسة الفلسفة» بحث ألقي في المؤتمر الدولي الثافي للفلسفة المنعقد في جنيف) . «إن الفلسفة هي عمل العقل الذي يستخدم العلم والحياة من أجل أن يحقق نفسه» («الطبيعة والعفل» ص ١٧١).