إحياء اللغة العبرية

تمت عملية إحياء اللغة العبرية في أوروبا وإسرائيل في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث تحولت اللغة العبرية من لغة مكتوبة خاصة بالطقوس الدينية إلى لغة محكية واللغة الرسمية لدولة إسرائيل. لم تكن عملية إحياء اللغة العبرية عملية لغوية على نحو محض، بل كانت جزء من فكر مرتبط بالصهيونية وتأسيس دولة إسرائيل في عام 1948.

وتعتبر عودة استخدام اللغة العبرية بانتظام أمر فريد من نوعه، فلا يوجد مثال آخر للغة منقرضة أصبحت لغة وطنية واللغة الأم لملايين البشر.

وطرأت تغيرات لغوية في اللغة العبرية خلال عملية إحيائها. فبالرغم من إصرار قادة العملية على أن عملهم يكمن فقط في الإكمال من حيث انتهت حيوية اللغة، إلا أنهم في حقيقة الأمر قاموا بإنشاء وضع جديد للغة، وتنتشر اليوم في أنحاء إسرائيل الخصائص المشتقة من اللغة العبرية على مر العصور وأيضاً من اللغات الأوربية وتترأسها اللغة اليدشية واللغة العبرية الحديثة.

تاريخ

ملف:1524 dictionary by Yuhanna al-Asad and Jacob Mantino Arabic-Hebrew-Latin p alif.jpg
قاموس عربية-عبرية-لاتينية، 1524

تحدث اليهود لمدة 1300 سنة اللغة العبرية منذ غزو أرض إسرائيل إلى حرب باركوخبا، أو اللغة الآرامية من نهاية حرب باركوخبا إلى القرون الوسطى. ثم أصبحت اللغة العبرية مخصصة للطقوس الدينية والمؤلفات الأدبية ولغة الصلوات طوال الستة عشر قرن التالية إلى عملية إحيائها كلغة عبرية محكية.[١] لم تكن اللغة العبرية لغة أم منذ انتهاء استخدام لغة الميشنايك العبرية المحكية في القرن الثاني الميلادي، لكن اليهود كانوا يستخدمونها في القرون الوسطى في عدد كبير من التخصصات مما حافظ على بقاء جزء كبير من السمات المميزة للغة العبرية.

• أولاً، تم الحفاظ على اللغة العبرية التوراتية من خلال مصادر معترف بها على رأسها التناخ (خاصة الأجزاء المستخدمة منه في الطقوس مثل التوراة والهفتاروت والمجيلوت والمزامير) والميشناه. إلى جانب ذلك، عُرفت العبرية من خلال الترانيم والصلوات والمدارش وما شابه.

• اُستخدمت اللغة العبرية في القرون الوسطى كلغة مكتوبة في المؤلفات اليهودية، ويتضمن ذلك الهالاخاه والأحكام الدينية وكتب التأمل. وكان هذا الاستخدام للعبرية في أغلب الحالات غير طبيعياً البتة خاصة في بداية عملية إحياء اللغة في القرن الثامن عشر في أوروبا. فكانت اللغة منمقة ومليئة بالاقتباسات والأساليب الغير نحوية ويخالطها لغات أخرى خاصة الآرامية.

• لم يكن استخدام اللغة العبرية محصور في الكتابة، فكانت تستخدم أيضاً كلغة منطوقة في الكنيس وغرف الدراسة اليهودية. وبهذا حُفظت أصوات اللغة العبرية ولفظ حروفها العلة والصحيحة. وبالرغم من ذلك فإن تأثير اللغات الأجنبية في المنطقة قد أحدث الكثير من التغيرات التي أدت إلى ظهور ثلاثة أشكال مختلفة من اللفظ:

  • العبرية الإشكنازية: يستخدمها يهود أوروبا الغربية والشرقية، وقد حافظت في الغالب على بناء حروف العلة، لكن ربما اضاعت النبر والمضاعفة، وهذا مما لا يمكن تأكيده حيث لا توجد تسجيلات لأصوات اللغة ولكناتها.
  • العبرية السفاردية: يستخدمها اليهود المزراحيون، وقد حافظت على بناء يختلف عن بناء نقود اللغة العبرية الطبرية المكونة من خمسة حروف علة فقط، لكنها حافظت على الحروف الصحيحة.
  • العبرية اليمنية: يعتقد البعض أنها حافظت على لفظ اللفة العبرية التوراتية بالكامل تقريباً، ولكنها كانت بالكاد تُعرف عندما بدأت عملية إحياء اللغة.

• توجد ضمن كلاً من هذه المجموعات مجموعات جانبية أخرى مختلفة في اللفظ. فهناك على سبيل المثال اختلافات بين العبرية التي يتحدثها يهود بولندا وتلك التي يتحدثها يهود لتوانيا أو الأخرى التي يتحدث بها يهود ألمانيا.

• تُشير الأدلة التي اكتشفها الباحثون إلى ظهور نسخة محكية من اللغة العبرية في أسواق القدس خلال الخمسين سنة السابقة لبداية عملية إحياء اللغة العبرية. فقد احتاج يهود السفارد الذين تحدثوا اللادينوا أو العربية ويهود الإشكناز الذين تحدثوا اليدشية إلى لغة مشتركة لأغراض تجارية، فكانت اللغة العبرية الاختيار الأكثر تجلياً. بالرغم من أن اللغة العبرية كانت تستخدم في هذه الحالة، إلا أنه يجدر الإشارة أنها لم تكن لغة أم بل كانت لغة رطلة.

• قامت عملية إحياء اللغة العبرية في وضع لغوي يسوده ازدواجية اللغة حيث توجد لغتين في ثقافة واحدة؛ لغة مرموقة وأخرى عامية. ولقد تضاءلت هذه الظاهرة في أوروبا مع بداية اللغة الإنجليزية في القرن السادس عشر، لكن لا زال هناك فروق بين اللغة المحكية في الشارع واللغة المكتوبة. تحدث الروس على سبيل المثال اللغة الروسية الشعبية فيما بينهم، ولكن كانوا يكتبون بأسلوب أكثر أدبية باللغة الروسية أو الفرنسية، بينما تحدث الألمان بلهجة محلية وكتبوا باللهجة الألمانية الرسمية. وكان اليهود لديهم وضع مشابه: فاللغة اليدشية هي اللغة المحكية، أما اللغة العبرية هي اللغة المكتوبة لأغراض خاصة بالطقوس الدينية وهي لغة الحضارة بشكل عام سواء كانت روسية أو ألمانية أو فرنسية أو بولندية أو تشيكية لأغراض حياتية.

إحياء اللغة العبرية المكتوبة

جرت عملية إحياء اللغة العبرية أثناء تطبيقها واقعياً في خطين متوازيين يتمثلان في إحياء اللغة العبرية المكتوبة من جهة وإحياء اللغة العبرية المحكية من جهة أخرى. فلم تكن العمليتان متصلتان في العقود الأولى القلائل، بل كانت تحدث في أماكن مختلفة أيضاً، حيث كانت اللغة العبرية المكتوبة تُجدد في مدن أوربية، بينما طُورت اللغة العبرية المحكية بشكل أساسي في فلسطين. لم تبدأ العمليتان بالاندماج إلى في بداية القرن العشرين، فكانت هجرة حاييم نحمان بياليك إلى فلسطين في عام 1924 نقطة فاصلة في هذه العملية. لكن الاختلاف الكبير بين اللغة العبرية المحكية والمكتوبة بقي بعد نقل الأخيرة إلى فلسطين، ولا زال هذا الاختلاف قائم إلى اليوم. لم تبدأ خصائص اللغة العبرية المحكية في التسرب إلى الإنتاج الأدبي إلى في الأربعينات، ولم تظهر اللغة العبرية المحكية على نحو واسع إلا في التسعينات وكتب ايتغار كيريت مثال على ذلك.

اللغة العبرية أثناء حركة هاسكالا

طرأت تغيرات في اللغة العبرية قبل عملية إحياء الكتابة العبرية الأدبية أثناء حركة هاسكالا اليهودية المشابه لحركة التنوير العلمانية. رأى أعضاء هذه الحركة المدعوون ماسكيليم والذين ناءوا بأنفسهم عن اليهودية الحاخامية بأن لغة الأدب الرفيع يجب أن تكون العبرية أو اللغة العبرية التوراتية. فكانوا يعتبرون الميشنايك واللغة الآرامية وأشكال أخرى من العبرية ناقصة وغير مناسبة للكتابة. وطغى على الكتابات الأدبية أثناء حركة هاسكالا مبدأين هما: الصفائية واللغة المنمقة. وينص مبدأ الصفائية على أن جميع الكلمات المستخدمة يجب أن تكون من أصل توراتي حتى لو لم يكن المعنى كذلك. أما مبدأ اللغة المنمقة فهو قائم على جلب آبيات كاملة وتعابير كما هي من التناخ، وكلما كان البيت منمق كلما اُعتبر أكثر جودة. وتعتبر الكلمات المفردة التي ترد في النص مرة واحدة ميزة لغوية أخرى تزيد من مقام النص. كان من السهل كتابة القصص التي حدثت في الحقبة التوراتية والتعامل مع موضوعات توراتية، لكن كتاب تلك الحقبة وجدوا صعوبة كبيرة في الكتابة عن المواضيع المعاصرة.ويرجع ذلك إلى نقص في المفردات الحديثة، وصعوبة ترجمة كتب الرياضيات والعلوم والأدب الأوروبي. ولقد قام الكاتب مندلى موخير سفاريم بكسر هذا الحاجز أخيراً في نهاية الثمانينات من القرن التاسع عشر.

مندلي موخير سفاريم

أُطلق على مندلى (1846 – 1917) المدعو يعقوب إبراهيم لقب "موخير سفاريم" أي بائع الكتب. بدأ مندلى الكتابة بالعبرية في زمن حركة الهاسكالا وتقيد بجميع مبادئ كتابتها، ثم قرر أن يكتب ياللغة اليدشية فسبب ثورة لغوية تتجسد في الانتشار الواسع لاستخدام اللغة اليدشية في الأدب العبري. وعاد مندلى إلى الكتابة باللغة العبرية في عام 1886 بعد انقطاع طويل، لكنه قرر أن يتجاهل قواعد اللغة العبرية التوراتية وأضاف حشد من المفردات من العصر الحاخامي والقرون الوسطى. عكس أسلوبه السلس والمتوع في كتاباته اللغة العبرية المحكية في محيطه، وحافظ في الوقت ذاته على جميع الأطوار التاريخية للغة العبرية. كان مندلى في حاجة إلى لغة لتمثل اللغة العامية التي تحتوي على النكات اللغوية والوصف التفصيلي في أعماله باللغة العبرية والتي كان بعضها ترجمات لكتبه باللغة اليدشية. وسد هذا الاحتياج بنبذ قيود العبرية الهاسكاليه التوراتية المنمقة واستخدام التعابير والمفردات من الكتابات الحاخامية ودمج خصائص قواعد اللغات المحكية الأوربية.

استمرار إحياء اللغة العبرية المكتوبة

انتشر أسلوب مندلي بسرعة وتبناه الكتاب المعاصرون بلهفة كبيرة. وتوسع استخدام هذا الأسلوب في مجالات إضافية حيث استخدمه آحاد هعام في مقالته "ليس هذا هو الطريق" في عام 1889، واستخدمه أيضاً حاييم نحمان بياليك في الشعر في قصيدته "إلى الطير" في ذات السنة. وإضافة إلى ذلك أُقيمت جهود كثيراً لكتابة الكتب العلمية وبهذا زادت المصطلحات العلمية والتقنية بشكل كبير. وشهدت أوروبا في الوقت ذاته نهوض اللغة العبرية في الصحف والمجلات وكانت جلسات ونقاشات الجماعات الصهيونية تُجرى وتُسجل باللغة العبرية. ومارس شعراء وكتاب اللغة العبرية حين قدموا إلى فلسطين قدراً معيناً من التأثير على تطور اللغة العبرية المحكية كذلك.

إحياء اللغة العبرية المحكية

يُعتبر إليعيزر بن يهودا محيي اللغة العبرية بالرغم من أن مساهمته الرئيسية في هذا المجال كانت فكرية ورمزية؛ حيث كان أول من نشر فكرة إحياء اللغة العبرية، وأول من نشر مقالات في الصحف بخصوص هذا الموضوع، وشارك في مشروع يُعرف بقاموس بن يهودا.[٢] عمل بن يهودا بلا ككل لتوعية الناس في هذه القضية وحارب خصومه. لكن الإجراءات العملية التي أدت أخيراً إلى إحياء اللغة العبرية لم يقم بها بن يهودا في القدس، بل قامت في مستوطنات الهجرة اليهودية الأولى والثانية إلى أرض فلسطين. أُسست المدارس العبرية الأولى في هذه المستوطنات، وأصبحت اللغة العبرية محكية ومستخدمة في الأمور الحياتية اليومية، وأصبحت أخيراً لغة وطنية ونظامية. وتنبع شهر بن يهودا من مبادرته في نشر الفكرة وقيادته الرمزية لعملية إحياء اللغة العبرية.

يُقسم إحياء اللغة العبرية إلى ثلاثة مراحل تتزامن مع الهجرة اليهودية الأولى إلى فلسطين (1) والهجرة اليهودية الثانية إلى فلسطين (2) وفترة الانتداب البريطاني(3). تمركز النشاط في المرحلة الأولى على المدارس العبرية في المستوطنات وفي نادي بن يهودا، وتوسع استخدام العبرية في المرحلة الثانية إلى الاجتماعات والنشاطات العامة، وأصبح اليشوب والسكان اليهود يستخدمون العبرية لأغراض عامة خلال الانتداب البريطاني. وكان للعبرية في هذه المرحلة جانبين محكي ومكتوب، وانعكست أهميتها في مكانتها الرسمية أثناء الانتداب البريطاني. تميزت جميع المراحل بتأسيس العديد من المنظمات التي كان لها دور فعال وفكري في نشاطات اللغة العبرية. ونتج عن ذلك تأسيس مدارس ثانوية عبرية والجامعة العبرية والفيلق اليهودي والاتحاد العام لنقابات العمال هستدروت وأول مدينة يهودية تل أبيب.

وكانت العبرية على مر الزمان لدى مؤيديها ومعارضيها على حد السواء نقيضاً لللغة اليدشية. لقد قامت اللغة العبرية، لغة العلمانية والصهيونية والرواد الشعبيين وتحول الأمة اليهودية إلى أمة عبرية تحتل أرضاً، وقفت في مواجهة اللغة اليدشية، لغة المنفى والحاخامية والبرجوازية. ويُطلق على اللغة اليدشية لغة عامية إساءة لها، وواجه المتحدثين بها معارضة قاسية.

ومع ذلك يعتقد جلعاد تسوكرمان أن اللغة اليدشية هي مساهم أول في العبرية في إسرائيل لأنها كانت اللغة الأم للغالبية الساحقة من الذين عملوا في إحياء اللغة العبرية والرواد الأوائل في أرض إسرائيل.[٣] ويرى تسوكرمان أنه بالرغم من أن الذين عملوا على إحياء العبرية رغبوا في التحدث بالعبرية مع قواعد ونطق السامية إلا إنهم لم يتمكنوا من تجنب عقلية الأشكناز الناتجة من منشأهم الأوربي. وقال بأن محاولتهم لنكر جذورهم الأوربية ونفيهم للشتات وتجنبهم للتهجين (كما هو واضح في اليدشية) قد باءت بالفشل. "ولو كان الذين عملوا على إحياء العبرية يتحدثون العربية (كيهود المغرب على سبي المثال) لكانت اللغة العبرية في إسرائيل لغة مختلفة تماماً وأكثر ساميةً وراثياً وتصنيفاً. ولا يمكن مقارنة أثر السكان المؤسسين مع أثر المهاجرين اللاحقين." ويقول تسوكرمان أن التهجين علامة ثراء وحيوية لا تلوث وشوائب.

العليا الأولى

أُخذ إليعازر بن يهودا بالأفكار الصهيونية الجديدة مع ظهور القومية اليهودية في أوروبا في القرن التاسع عشر. وكان الاعتقاد السائد في ذلك الوقت أن واحد من المعايير اللازمة التي تحدد أمة ما ذات حقوق وطنية هو استخدامها للغة مشتركة يتحدث بها المجتمع ككل والأفراد. هاجر بن يهودا إلى فلسطين ليعيش في القدس عام 1881، وحاول حشد الدعم لفكرة التحدث بالعبرية في القدس التي كان يسكنها مجتمع صغير ناطق بالعبرية، وقرر أن تبدأ عائلته بالتحدث في العبرية فقط وحاول أن يقنع العائلات الأخرى بذلك، وأسس جمعيات تهتم بالعبرية، وبدأ بإصدار صحيفة بالعبرية، ودرس اللغة العبرية في المدارس لفترة قصيرة. لكن جهود بن يهودا لم تكن مثمرة للغاية، فبعد عقدين من الجهود المستمرة ذكرت زوجته أنها صنعت كعكة للأسرة العاشرة التي وافقت على التحدث بالعبرية فقط.

في الجانب الآخر بدأ النشاط بالانتشار في نطاق واسع في مستوطنات العليا الثانية الريفية والتي تركزت في المدارس العبرية. وأُسست أول مدرسة عبرية عام 1986 في مستوطنة ريشون لتسيون اليهودية حيث كانت تدرس بعض الحصص باللغة العبرية. وكان التقدم في ذلك الوقت بطيئاً وواجه العديد من الصعوبات، فعارض الأباء تعليم أبنائهم لغة غير مُمارسة في التعليم العالي، ولم تكن مدارس أبناء المزارعين متطورة بما يكفي، وفيها نقص كبير في وسائل التعليم، بالإضافة إلى عدم وجود كلمات لوصف الأنشطة اليومية، وعدم توفر مناهج مدرسية لتعليم اللغة. ولم يكن هناك اتفاق على استخدام أي لهجة حيث تحدث بعض المعلمين بالعبرية الأشكنازية والبعض الآخر بالعبرية السفاردية.

وتم تأسيس اتحاد مدرسين اللغة العبرية في عام 1903، وشارك 60 معلم تقريباً في الاجتماع الافتتاحي. بالرغم من أن الرقم لا يبدو كبيراً إلا أن البرنامج المدرسي كان نواة لبضع مئات من المتحدثين بالعبرية كلغة أم، وأثبتوا أنه من الممكن استخدام العبرية في الحياة اليومية.

العليا الثانية

بدأ استخدام اللغة العبرية يخرج من إطار الأسرة والمدرسة إلى الأماكن العامة في العليا الثانية. أنشأ أفراد العليا الثانية خلايا اجتماعية مغلقة من الشباب الذين يملكون نظرة مشتركة للعالم ويحفزهم فكر رافض للشتات وثقافته اليدشية. وتستخدم العبرية في جميع التجمعات العامة في هذه الخلايا المغلقة التي غالباً ما تكون في المستوطنات الريفية.وضمنت العبرية مكانتها كلغة حصرية في التجمعات والمؤتمرات والنقاشات بالرغم من أنها لم تكن تستخدم في جميع المنازل والأماكن الخاصة. وكان أفراد العليا الثانية المثقفين على دراية مسبقة بالعبرية المكتوبة التي نشأت في أوروبا، واجمعوا على أن اللغة العبرية ممكن أن تكون بمثابة القوة الدافعة لوجود شعب قومي يهودي في إسرائيل. وقد انضم إلى هذه المجموعة خريجي المدارس العبرية السابق ذكرهم الذين كانوا قد بدأوا بالفعل بتنشأت أول جيل يتحدث العبرية كلغة أم في أسرهم.

اعتمد الكونجرس الصهيوني العالمي كذلك العبرية كلغة رسمية خلال هذه الفترة.

أسست تل أبيب أول مدينة عبرية في عام 1909، واستخدمت العبرية بشكل واسع في مقاهيها وشوارعها، وأُجبر المهاجرون الجدد على التحدث بالعبرية، وكانت جميع إشارات الطرق والإعلانات العامة مكتوبة بالعبرية.

وتطور التعليم العبري حيث ظهرت العديد من المؤسسات التعليمية العبرية ويشمل ذلك المدارس الثانوية العبرية. وأعاد بعض مدرسي العبرية إنشاء مجلس اللغة العبرية، الذي يدعى الآن مجمع اللغة العبرية، والذي بدأ بتحديد القواعد اللغوية الموحدة بدلاً من القواعد المختلفة الموجودة في السابق. وأعلن المجلس مهمته المتمثلة في إعداد اللغة العبرية لاستخدامها كلغة محكية في جميع شؤون الحياة، وصاغوا قواعد للنطق والنحو، وقدموا كلمات جديدة لاستخدامها في المدارس والأماكن العامة، وإنتاج الكتب الدرسية العبرية أيضاً قد بدأ.

بلغ تطوير العبرية ذروته سنة 1913 عندما وقعت حادثة ما يدعى بحرب اللغات. فلقد رغبت حين ذاك شركة مساعدة اليهود الألمان في تأسيس معهد للتعليم العالي للهندسة وأصرت على أن تكون لغة التدريس فيه الإلمانية. وتحرك اليشوب ضد هذه الفكرة وأجبروا المجموعة على الاعتراف بالهزيمة بعد أن أُسس أول معهد للتقنية في إسرائيل.

فترة الانتداب

بدا من الواضح بعد الحرب العالمية الأولى أن العبرية ستكون لغة التحدث في إسرائيل. وبالرغم من أن المهاجرين القادمين من الشتات لم يتحدثوا العبرية بصفتها لغتهم الأم، إلا أن أطفالهم تعلموا العبرية كلغة أولى لهم. ولم تعد العملية في ذلك الوقت عميلة إحياء للغة بل عميلة توسيعها ونشرها. وتم تأسيس جمعية للمدافعين عن اللغة العبرية في تل أبيب التي عملت على تعزيز استخدام العبرية، وكان كل من يتحدث غير العبرية في الشارع ينبه بهذه العبارة: "تحدث بالعبرية يا يهودي."

مراجع

  1. ^ A Short History of the Hebrew Language, Chaim Rabin, Jewish Agency and Alpha Press, Jerusalem, 1973
  2. ^ Harshav, Benjamin, "Flowers Have No Names: The revival of Hebrew as a living language after two thousand years was no miracle", Natural History 118 (#1 February): 24–29 ‎.
  3. ^ See p. 63 in Zuckermann, Ghil'ad (2006), "A New Vision for 'Israeli Hebrew': Theoretical and Practical Implications of Analysing Israel's Main Language as a Semi-Engineered Semito-European Hybrid Language", Journal of Modern Jewish Studies 5 (1), pp. 57-71.

Revival of the Hebrew language]] es:Recuperación del idioma hebreo he:תחיית הלשון העברית ta:எபிரேய மொழிப் புத்துயிர்ப்பு