ألفريد نورث وايتهيد

ألفريد نورث وايتهيد (بالإنجليزية: Alfred North Whitehead)، الحاصل على وسام ميريت وزمالة الجمعية الملكية وزمالة الأكاديمية البريطانية (15 فبراير 1861-30 ديسمبر 1947)، هو فيلسوف وعالم رياضيات إنجليزي. يُعرف وايتهيد بشدة لكونه الشخصية الأساسية في المدرسة الفلسفية المعروفة باسم «فلسفة الصيرورة»، والتي وجدت طريقها، في الوقت الحالي، للتطبيق في مجالات عدة بما في ذلك الإيكولوجي (علم البيئة) واللاهوت والتربية والفيزياء والبيولوجيا والاقتصاد والسيكولوجيا ومجالات علمية أخرى.

في بدايات مسيرته المهنية كتب وايتهيد بشكل أساسي في الرياضيات والمنطق والفيزياء. لعل أهم عمل له في تلك المجالات العلمية هو كتابه ذو المجلدات الثلاث برينسيبا ماثماتيكا (مبادئ الرياضيات)، والذي كتبه مع طالبه السابق برتراند راسل. يُعد كتابه أحد أهم الأعمال في المنطق الرياضي في القرن العشرين، إذ احتل المرتبة الثالثة والعشرين في قائمة أفضل مئة كتاب غير أدبي مكتوب باللغة الإنجليزية التي أصدرتها المكتبة الحديثة.

بدايةً من نهايات العقد الأول من القرن الماضي وبدايات العشرينيات، حوّل وايتهيد انتباهه من الرياضيات إلى فلسفة العلم، وفي نهاية المطاف إلى الميتافيزيقيا. طور وايتهيد نظامًا ميتافيزيقيًا شاملًا يحيد بصورة جذرية عن الفلسفة الغربية. حاجج وايتهيد أن الواقع يتألف من صيرورات بدلًا من مجموعة من الأجسام المادية، وتُحدد تلك الصيرورات بأفضل صورة من خلال علاقاتها مع صيرورات أخرى، وبهذا رفض النظرية القائلة إن الواقع يُبنى بصورة أساسية من أجزاء من المادة الموجودة بمعزل عن بعضها البعض. تُعتبر أعمال وايتهيد الفلسفية، حاليًا، لا سيما كتابه «الصيرورة والواقع» النصوص المؤسسة لفلسفة الصيرورة.

تحاجج فلسفة وايتهيد في الصيرورة أن هناك ضرورة في رؤية العالم بصفته شبكةً من الصيرورات المترابطة وفيها نكون نحن أجزاءً متكاملة، ولهذا فإن كل خياراتنا وأفعالنا لها عواقب على العالم المحيط بنا. لهذا السبب، كانت أكثر تطبيقات فكر وايتهيد تبشيرًا، في السنوات الأخيرة، في مجال الحضارة البيئية والأخلاق البيئية التي كان رائدها جون بي. كوب.

حياته

الطفولة والتعليم

وُلد ألفريد نورث وايتهيد في رامسغيت، كينت في إنجلترا عام 1861. كان والده، ألفريد وايتهيد، كاهن ومدير أكاديمية شاثام هاوس وهي مدرسة للبنين أسسها توماس وايتهيد جد ألفريد نورث. أشار وايتهيد بنفسه إليهما بصفتهما معلمين عظيمين، إلا أن جده كان رجلًا مميزًا جدًا. والدة وايتهيد هي ماريا سارة وايتهيد، واسمها قبل الزواج ماريا سارة بَكماستر. لم يكن وايتهيد على ما يبدو قريبًا من أمه إذ لم يأتِ على ذكرها في أي من كتاباته، وهناك دليل على ذلك بأن زوجة وايتهيد، إيفلين، كان لها رأي سيئ بخصوص أمه.

درس وايتهيد في مدرسة سيربورن في دورست وهي إحدى أفضل المدارس العامة في البلاد. وُصفت طفولته بأنها غارقة في الاهتمامات، ولكن عندما كان في المدرسة تميز في الرياضات والرياضيات وكان يحصل على المركز الأول على صفه.

في عام 1880، بدأ وايتهيد بارتياد كلية الثالوث في كامبريدج ودرس هناك الرياضيات. كان مشرفه الأكاديمي هناك إدوارد روث. حصل على الباكلوريوس من الثالوث عام 1884 وتخرج بصفته الرانغلر الرابع (الشخص الذي يحصل على المراتب الأولى في تخصص الرياضيات في جامعة كامبريدج).

المسيرة المهنية

بعد انتخابه زميلًا في كلية الثالوث عام 1884، درّس وكتب في الرياضيات والفيزياء في الكلية حتى عام 1910، ممضيًا العقد الأخير من القرن التاسع عشر يكتب أطروحته عن الجبر الشامل، والعقد الأول بالتعاون مع طالبه السابق برتراند رسل في كتابة المجلد الأول من مبادئ الرياضيات. كان وايتهيد أحد حواريي كامبريدج.

في عام 1890، تزوج وايتهيد بإيفلين ويد وهي امرأة أيرلندية ترعرعت في فرنسا وأنجبا ابنة هي جيسي وايتهيد وابنين هما توماس نورث وايتهيد وإيريك وايتهيد. توفي إيريك وايتهيد في القتال أثناء تأدية خدمته في الفيلق الجوي الملكي خلال الحرب العالمية الأولى. أصبح هنري وايتهيد أخو ألفريد أسقف مدراس، وكتب التقرير الإثنوغرافي المعروف «قرية الآلهة في جنوب الهند» والذي ما يزال ذا قيمة حتى الآن.

في عام 1910، استقال وايتهيد من منصب كبير المحاضرين في قسم الرياضيات في الثالوث وانتقل إلى لندن دون أن يُدبر عملًا في المقام الأول. بعد أن أمضى سنةً كاملة دون عمل، قبل وايتهيد منصب محاضر في الرياضيات التطبيقية والميكانيك في كلية جامعة لندن، ولكنه ترك المنصب بعد عام ليتسلم كرسي غولدسميد في الرياضيات التطبيقية والميكانيك، المنصب الذي كان يأمل أن يؤخذ بعين الاعتبار منذ زمن.

في عام 1914، قبل وايتهيد منصب بروفيسور الرياضيات التطبيقية في كلية لندن الإمبراطورية المفتتحة حديثًا، وفيها عُين صديقه القديم أندرو فورسيث بروفيسورًا رئيسًا في قسم الرياضيات.

في عام 1918، بدأت مسؤوليات وايتهيد الأكاديمية بالتوسع بشكل كبير عندما قبل عدة مناصب إدارية عليا داخل نظام جامعة لندن حيث كانت لندن الإمبراطورية قسمًا من ذلك النظام. انتُخب عميدًا لكلية العلوم في جامعة لندن في أواخر عام 1918 (بقي في هذا المنصب لأربع سنوات)، وعضوًا في مجلس جامعة لندن عام 1919، ورئيس المجلس الأكاديمي (القيادة) وهو منصب شغله حتى رحيله إلى أمريكا عام 1924. تمكن وايتهيد من استخدام نفوذه الجديد للضغط من أجل افتتاح قسم جديد في تاريخ العلوم، وأسس لدرجة بكالوريوس في العلوم (كانت الجامعة تمنح سابقًا درجة في بكالوريوس الفنون فقط)، وأتاح ارتياد الكلية لعدد أكبر من الطلاب الأقل ثراءً.

حتى نهاية فترة وجوده في إنجلترا، حول وايتهيد تركيزه إلى الفلسفة. رغم عدم خوضه في أي تدريب سابق في الفلسفة، أصبحت أعماله الفلسفية اللاحقة ذات اعتبار كبير. بعد ما نشر كتابه «مفهوم الطبيعة» عام 1920، شغل منصب رئيس الجمعية الأرسطية بين عامي 1922 و1923.

الانتقال إلى الولايات المتحدة عام 1924

في عام 1924، دعا هنري أوزبورن تايلور وايتهيد ذا الثلاثة والستين عامًا لينضم إلى الكلية في جامعة هارفرد بمنصب بروفيسور الفلسفة.

خلال ذلك الوقت في هارفرد، أنتج وايتهيد أكثر مساهماته الفلسفية أهميةً. في عام 1925، كتب كتابه «العلم والعالم الحديث» والذي أشيد به مباشرةً بصفته بديلًا عن الازدواجية الديكارتية التي أصابت العلم الشعبي. نُشرت المحاضرات بين عامي 1927 و1928 في كتاب بعنوان «الصيرورة والواقع» والذي قورن بكتاب إيمانويل كانط «نقد العقل الخالص».

أمضى آل وايتهيد بقية حياتهم في الولايات المتحدة. تقاعد ألفريد نورث وايتهيد من هارفرد عام 1937 وبقي في كامبريدج، ماساتشوستس، حتى وفاته في الثلاثين من ديسمبر عام 1947.

تُعد سيرة وايتهيد التي كتبها فيكتور لو والواقعة في مجلدين أفضل عرض لحياة وايتهيد. ومع ذلك، بقيت تفاصيل كثيرة من حياة وايتهيد غامضةً لأنه لم يترك أي أرشيف شخصي، وامتثلت عائلته لوصيته بأن أتلفت أوراقه بعد موته. إضافةً لذلك، عُرف عن وايتهيد إيمانه شبه المتعصب بالحق في الخصوصية وبأنه كتب رسائل قليلة جدًا تساعد في الحصول على إضاءات عن حياته. كتب لو في مقدمته: «لا يوجد أي كاتب سيرة محترف يفكر بعقل سليم بأن يلمس وايتهيد».

يعمل حاليًا مشروع وايتهيد البحثي في مركز دراسات الصيرورة بقيادة المحرر التنفيذي بريان غي. هينينغ والمحرر العام جورج آر. لوكاس الابن على إصدار نقدي حول أعمال وايتهيد المنشورة وغير المنشورة. نُشر المجلد الأول من «إصدار إدنبرة النقدي للأعمال الكاملة لألفريد نورث وايتهيد» عام 2017 عن طريق بول إيه. بوغارد وجاسون بيل بعنوان «محاضرات ألفريد نورث وايتهيد في هارفرد 1924-1925: الافتراضات الفلسفية المسبقة للعلم».

هوايتهد

رياضي انجليزي أسهم في تكوين المنطق الرياضي وفي فلسفة العلم . يقول هوايتهد في ترجمته لنفسه :

I ولدت في ١٥ فبراير سنة ١٨٦١ في رامسجيت في جزيرة ثانت باقليم كنت . واسرتي وجدي وأبي وأعمامي وإخوتي كانوا يعملون في حقلي التربية والدين والإدارة المحلية . . . وحوالى سنة ١٨٦٠ رسم والدي كاهنا من كهنوت الكنيسة الانجليكانية . وحوالى سنة ١٨٦٦ أو سنة ١٨٦٧ ترك المدرسة ( التي كان يديرها ) ليتفرغ للواجبات الكهنوتية أولاً في رامسجيت Ramsgate؛ ثم عين في سنة ١٨٧١ راعياً لأبروشيه القديس بطرس، وهي منطقة معظمها زراعية ، وكانت كنيستها تبعد بمقدار ٢أو٣ أميال عن رامسجيت ٠ . . وظل هناك حقى وفاته في سنة ١٨٩٨ ... ولم يكن أبي من أهل الفكر، لكنه كان ذا شخصية . . . وفي سن الخامسة عشرة ، أعني في سنة ١٨٧٥، أرسلت إلى المدرسة في شربورن Sherborne ( - اقليم دورستشير€٢^$٩^00)في أقصى جنوب انجلتره . . . ومن الناحية العقلية، كان تعليمي وفق المقياس العادي في ذلك الوقت . فبدأت تعلم اللغة اللاتينية في سن العاشرة ، واليونانية في سن الثانية عشرة . وباستثناء أيام العطلات ، أتذكر أنني كنت أقراً فيكل يوم ، حقى سن التاسعة عشرة والنصف ، بضع صفحات من النصوص اللاتينية واليونانية ، وأفحص تراكيبها النحوية . وقبل الذهاب إلى المدرسة كنت استطيع تكرار صفحات من قواعد نحو اللغة اللاتينية ، وكلها باللاتينية ، وأحفظ أمثلة عليها . وكانت الدراسات الكلاسيكية (اللاتينية- واليونانية) تتخللها دراسة الرياضيات . وطبعاً كانت هذه الدراسات الكلاسيكية تشمل التاريخ- تواريخ هيرودوتس واكسينوفون وثوكيديدس وسلوست ، وليفى ، وتاكيتوس ٠ ٠ ٠ وأذكر أن هذه الكلاسيكيات كانت تذرس جيداً ، مع مقارنة لا واعية بين الحضارة القديمة والحياة الحديثة . وأعفيت من نظم الشعر اللاتيني ومن قراءة بعض الشعر اللاتيني ، وذلك من أجل تكريس وقت أطول للرياضيات . وكنا نقراً الكتاب المقدس باللغة اليونانية ، أعني الترجمة السبعينية للعهد القديم . . .

وبدأت حياتي الجامعية في خريف ١٨٨٠ في كلية الثالوث بجامعة كمبردج؛ وهناك استمرت إقامتي بدون انقطاع حقى صيف ١٩١٠، لكن عضويتي في كلية الثالوث ، اولاً بوصفي scholar وبعد ذلك بوصفي زميلاً fellow استمرت بدون انقطاع. ولن ابالغ فيوصف ما أدين به لجامعة

كمبردج ، وخصوصاً لكلية الثالوث ، فيما يتعلق بالتدرب الاجتماعي والعقلي.

وكان التعليم الرسمي فىكمبردج تم بكفاءة بواسطة رجال مهمين ذوي قدرة من الطراز الآول . بيد أن الدروس المخصصة لكلطالب في المرحلة الجامعية الأولى (مرحلة البكالوريوس ) كانت تشمل نطاقاًضيقاً . مثلا : خلال كل مرحلة البكالوريوس في كلية الثالوث كانت كل الدروس القي أتلقاها هى في الرياضيات : البختة والتطبيقية . ولم أدخل ابداً أي فصل دراسي آخر . لكن المحاضرات لم تكن تزلف غيرجانبواحدمن التعليم . والأجزاء الناقصةكانت تكفلها المحادثات المستمرة مع أصدقاثنا من طلاب مرحلة البكالوريوس، أو مع أعضاء هيئة التدريس . وكانت تبدا مع تناول طعام العشاء في السادسة أو السابعة مساء ، وتستمر حتى العاشرة مساء، وقد تتوقف في وقت أبكر أو أشد تأخيراً , وفيا يتصل بي ، كنت أتبع ذلك بالعمل في الرياضيات لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات 1

ولم تكن جماعات الأصدقام تتكون وفقاً لاتفاق موضوع الدراسة . وكنا جميعاً قد اتينا من نفس النوع من المدارس، وبنفس النوع من الدراسة السابقة . وكنا نتناقش في كل شيء- السياسة ، الدين ، الفلسفة ، الأدب- مع ميل خاص إلى الأدب . وأدت هذه التجربة إلى قدر كبير من القراءة المتنوعة . مثلاً ، في الوقت الذي حصلت فيه على الزمالة في ١٨٨٥ كنت اعرف عن ظهر قلب تقريباً أقساماً من كتاب 1 نقد العقل المحض , لكنت . والأن نسيتها، لان الياس اصابني مبكراً . ولم أقدر أبداً على قرا«؛ هيجل : وبدأت محاولتى معه بدراسة بعض ملاحظاته عن الرياضيات ، فادهشتني وبدت لي لغواً تاماً . وكان ذلك حقا من ناحيتي،لكنني لا أكتب هذا لايضاح سلامة ادراكي .

وإذا رجعت بالذكرى إلى أكثر من نصف قرن، أقول إن الأحاديث كان لها مظهر الحوار الأفلاطوني اليومي ٠ وكان يشترك فيها هنري هد، ودارسي تومسون، وجم استيفن والاخوة لولن ديفز ولودس ديكنسون، وناث ور، وسورلي، وغيرهم كثيرون - وبعضهم قد لمعت شهرتهم فيما بعد، والبعض الأخر وكانوا مقتدرين أيضاً ، لم يجتذبو اهتمام الجمهور فيما بعد وتلك كانت الطريقة التي ب كانت ( جامعة ) كمبردج ترب ابناءها . لقد كانت صورة أخرى من المنهج الأفلاطوني . وكان ا الحواريون ا الذين كانوايجتمعون في أيام السبت في غرف بعضهم البعض ، من العاشرة مساء حتى اية ساعة من ساعات الصباح ، كانوا تركيزاً لهذم التجربة . وكان الأعضاء النشطون ثمانية أو عشرة من مرحلة البكالوريوس أو من شباب حملة البكالوريوس، لكن كثيرا ماكان يشترك فيها بعض الأعضاء الأكبرسنا من I طاروا بأجنحتهم» . هناك كنا نتناقش مع ميتلند Maitland المؤرخ ،

وهنري جاكسون وسدجوك ٢اءز•هذ5 وبعض Verrai! وفرال

القضاة أو العلماء أو أعضاء البرلمان الذين جاؤ واإلى كمبردج لقضاء عطلة نهاية الأسبوع . وكان التأثير رائعاً . وهذا النادي قد بدأ في أخريات العشرينات ، بدأه تنسون -Tenny son وأصحابه . ولا يزال مزدهراً حتى اليوم .

وكان تعلمي في كمبردج ومافيه من تأكيد على الرياضيات وعلى حرية المناقشة بين الأصدقاء امراً من شأنه أن يرضى عنه أفلاطون • لكن مع تغير الزمن ، غيرت كمبردج مناهجها , إن نجاح هذا التعليم في القرن التاسع عشركان عارضاً سعيداً توقف على ظروف اجتماعية عفى عليها لحسن الحظ . إن التربية الأفلاطونية كانت محدودة جداً في تطبيقها على الحياة.

وفي خريف سنة ١٨٨٥ حصلت على الزمالة في كلية الثالوث ، وأضيف إلى ذلك القيام بالتدريس فكان مزيداً من الحظ . وآخر منصب توليته هو محاضر قديم Senior Lecturer ، وقد استقلت منه في سنة ١٩١٠، حينما انتقلنا إلى لندن ,

وفي ديسمبر سنة ١٨٩٠ تزوجت بايفلين ولوبي Evelyn Willoughby . وكان تأثير زوجتي على نظرتي إلى العالم أساسياً إلى حد أنه ينبغي ذكر ذلك بوصفه عاملاً جوهرباً في إنتاجي الفلسفي . . .

ولمدة ثماني سنوات تقريباً (١٨٩٨ - ١٩٠٦ ) سكنا في بيت الطاحونة القديمة في جونتشستر، على ثلاثة أميال من كمبردج ٠ ..

ونشرت أول مؤلفاتي ، وعنوانه : ه بحث في الجبر الكلي )Treatise on Universal Algebra ٨، في فبراير سنة ١٨٩٨ ، وكنت قد بدأت تأليفه في يناير سنة ١٨٩١ . وما فيه من أفكار تقوم في معظمها على كتابين لهرمن جرسمن هما : ا نظرية الامتداد ا، طبعة سنة ١٨٤٤، ول نظرية الامتداد » طبعة سنة ١٨٦٢ . وأولهما اهم كثيراً . لكن لسوء الحظ لم يفهمه أحد حين نشر ، ذلك أنه سبق زمنه بقرن من لزمان .

كذلك كان لكتاب سير وليم ردوان هاملتون :٠ الترايع ا ( سنة ١٨٥٣ ) وبحث سابق كتبه سنة ١٨٤٤، وكذلك كان لكتاب ل المنطق الرمزي » ( سنة ١٨٥٩ ) لبول Boole تأثير مساو في أفكاري . وكل عملي التالي في المنطق الرياضي مأخوذ derived من هذه المصادر , لقد كان جرسمن -Grass mann عبقرية اصيلة ، لم تقدر أبداً التقدير الكافي . لقد كتب ليبنتس ، وساكيري Saccheri وجرسمن في هذه الموضوعات قبل أن يستطيع الناس فهمها أو إدراك أهميتها . بل إن ساكيري المسكين هو نفسه لم يفلح في إدراك ما قام به من انجازت، وليبنتس لم ينشر أعماله في هذ الموضوع .

وكانت معرفتي بأبحاث ليبنتس تقوم كلها على كتاب لوي كوتيرا : امنطق ليبنتس» الذي ظهرسنة ١٩٠١ .

وأدى نشر كتابي « بحث في الجبر الكلى» إلى انتخابي عضواً في الجمعية الملكية في سنة ١٩٠٣ وبعد ذلك بثلاثين سنة تقريباً (في سنة ١٩٣١ ) صرت زميلاً في الأكادبمية البريطانية نتيجة لأبحاثي في الفلسفة ابتداء من سنة ١٩١٨ وبين سنة ١٨٩٨ وسنة ١٩٠٣ كنت أحضر المجلد الثاني من الجبر الكلي، لكنه م ينشر بداً

وفي سنة ١٩٠٣ نشر برترند رسل : ٠مبادىء الرياضيات «. وكان هو الآخر «المجلد الأول». هنالك كتشفنا أن مشروعينا لإصد ارمجلدين ثانيين كانا عملياً يتناولان نفس الموضوعات، لهذا اتفقنا عل ان ننتج عملا مشتركاً . ورجونا أن نفرغ من هذا العمل في وقت قصير، حوالى العام . لكن أفقنا اتسع، وخلال ثماني أو تسع سنوات أنتجنا , المبادىء الرياضية ا Principia Mathematica . ولا يدخل في مجال هذا المجمل مناقشة هذا العمل . لقد دخل رسل الجامعة عند بداية العقد التاسع من القرن التاسع عشر. وقد أعجبت بنبوغه ، شأني شأن سائر الناس، أولا بوصفه تلميذى ، وبعد ذلك بوصفه زميلى وصدبقى . لقد كان عاملا فعالاً عظياً في حياتي ، خلال فترة كمبردج . لكن وجهات نظرنا الأساسية- الفلسفية والاجتماعية- كانت متباينة ، وهكذا رغم اختلاف اهتماماتنا وصل تعاوننا إلى نهاية طبيعية

وعند نهاية السنة الجامعية ، في صيف سنة ١٩١٠، تركنا كمبردج . . . وخلال الدورة الأكاديمية الأولى لي في لندن (١٩١٠ - ١٩١) م أشغل أي منصب أكاديمي . وكتابي ه المدخل إلى الرياضيات» يرجع إلى هذه الفترة . وخلال الدورات الجامعية من سنة ١٩١١ حتى صيف سنة ١٩١٤ شغلت عدة مناصب في كلية الجامعة في لندن ، ومن سنة ١٩١٤ حتى صيف ١٩٢٤ كنت استاذاً في الكلية لامبراطورية للعلوم والتكنولوجيا في كنسنجتون . وخلال السنوات الأخيرة من هذم الفترة كنت عميدا لكلية العلوم في الجامعة (جامعة لندن )، ورئيسا للمجلس الأكاديمي الذي يتولى الاشراف على الشؤون الداخلية الخاصة بالتربية والتعليم في لندن ، وكنت عضوا في مجلس الجامعة Senate . كذلك كنت رئيساً لمجلس إدارة كلية جولدسمث، وعضواً في مجلس كلية الهندسة في الإقليم. . .

وهذه التجربة في مشاكل ( لتعليم في ) لندن ، وقد طالت إلى اربع عشرة سنة ، غيرت آراثي في مشكلة التعليم العالي في الحضارة الصناعية الحديثة ٠ وكانت العادة - وهي لم تمت بعد اتخاذ نظرة ضيقة إلى مهمة الجامعات , لقد كان هناك نمط اوكفورد-كمبردج،والنمط الألماني . واي نمط آخر كان ينظر إليه بازدراء جاهل . فجماهير العمال المضطربة التي كانت تنشد الاستنارة العقلية ، والشباب من كل طبقة الذين كانوا يطلبون معرفة ملائمة ، وأنواع المشاكل التي جدت عن هذا الطريق - كل هذا كان عاملا جديداً في المدنية لكن عالم العلم كان غائصاً في الماضي .

وجامعة لندن هي اتحاد من المعاهد المختلفة ذات الأنماط المتباينة التى تهدف إلى مواجهة هذه المشكلة الجديدة في الحياة الحديثة . وقد اعيد تشكيلها حديثا تحت تأثير لورد هولدين Haldane وكان هذا نجاحا رائعاً . وجماعة الرجال والنساء - من رجال الأعمال والمحامين والأطباء والعلميين وعلماء الأدب والرؤساء الإداريين للأقسام - الذين كرسوا أوقاتهم ، بعضها أوكلها ، إلى مشكلة التعليم الجديدة هذه انجزوا تحولاً كانت الحاجة إليه ماسة جداً . ولم يكونوا وحدهم في هذا العمل , ففي الولايات المتحدة الأمريكية ، وفي ظروف غغتلفة ، كانت جماعات مماثلة تقوم بحل مشاكل مشايهة . وليس من المبالغة أن نقول إن هذا التكييف الجديد للتعليم والتربية كان واحداً من العوامل التي بمكن ان تنقذ الحضارة وأقرب شبه له هو ما قامت به الأديرة قبل ذلك بالف عام . , .

ولأعود الآن إلى جانب آخر من حياتي ، أثناء السنوات الأخيرة من عملي في كمبردج ، أقول إنني شاركت في الكثير من المجادات السياسية والأكاديمية . لقد انفجرت فجأة مسألة تحرير المرأة ، بعد أن ظلت على نار هادئة طوال نصف قرن ٠ وكنت عضواً في لجنة الجامعة University Syndicate التي كتبت تقريراً عن الماواة في الأوضاع في الجامعة . لكننا هزمنا بعد مناقشات عاصفة وشغب من جانب الطلاب . وإذا لم تخني الذاكرة ، فإني اقول إن ذلك حدث حوالي سنة ١٨٩٨ ؛ لكن حدثت بعد ذلك ، وإلى قيام الحرب في سنة ١٩١٤، احداث عاصفة في لندن وغيرها من الأماكن ٠ وكان الانقسام في الراي على وفق الانقسام الحزبي ؛ فمثلا، كان بلغرر Balfour المحافظ مناصراً للمرأة، بينا كان آسكوث Asquith الذي من حزب الأحرار ضد المرأة . لكن الحركة نجحت عند نهاية الحرب في سنة ١٩١٨ .

وآرائي السياسية كانت ، ولا تزال ، في جانب حزب الأحرار وضد حزب المحافظين ، وأنا أكتب الآن بحسب تقسيم الأحزاب في انجلتره . لكن حزب الأحرار قد زال الآن ( سنة ١٩٤١) عمليا ، ولو أعطيت صوتي في انجلتره لأعطيته إلى الجناح المعتدل في حزب العمال . لكن لا توجد الآن Ä أحزاب ft في انجلتره . . .

ومؤلفاتي الفلسفية بدأت في لندن قبيل نهاية الحرب . وكانت جمعية ارسطو في لندن مركزاً ساراً للمناقشة ، وفيها عقدت صداقات حميمة .

وخلال عام ١٩٢٤، وأنا في سن الثالثة والستين، تشرفت بدعوة من كلية جامعة هارفرد للانضمام إلى قسم الفلسفة فيها . واصبحت استاذاً غير متفرغ Professor Emeritus عند نهاية العام الجامعي ١٩٣٦ - ١٩٣٧ . ويعجز لساني عن التعبير الوافي عن التشجيع والماعدة اللذين لقيتهما من جانب السلطات الجامعية ( في جامعة هارفرد) وزملائى في الكلية وطلابي واصدقائي ٠ لقد غبرت انا وزوجني بالمودة ,

وما في كتبي المنشورة من عيوب ونقائص، وهي لا شك كثيرة ، ترجع إلي أنا وحدي وأنا اتجاسر على ابداء ملاحظة تنطبق على كل عمل فلسفي : «إن الفلسفة محاولة للتعبير عن لا نهاثية الكون يعبارات قاصرة قصور اللغة». ( (( فلسفة الفرد نورث هوايتهد» باشراف بول آرثر شلب، ص٣- ١٤ ، نيويورك ط١سنة ١٩٤١ ،ط٢ سنة ١٩٥١ ).

وتوفي هوايتهد في ٣٠ ديسمبر سنة ١٩٤٧

٥٤٨

هوايتهد

فلفته

من المعتاد تقسيم نشاط هوايتهد الفكري إلى ثلاث مراحل :

١ - المرحلة الأولى كرسها خصوصاً للأبحاث الرياضية والمنطقية ؛

٢ - والمرحلة الثانية كرسها لفلسفة الفزياء ؛

٣ - والمرحلة الثالثة كرسها للميتافيزيقا وللدر التاريخي للأفكار الميتافيزيقية ، في تكوين الحضارة .

لكن يلاحظ مع ذلك بعض التداخل بين المراحل الثلاث بعضها في بعض .

١- المرحلة الأولى (سنة ١٨٩٨- ١٩١٤)

يمثل هذه المرحلة الأولى كتابان أساسيان هما : < الجبر الكلي ا ( سنة ١٨٩٨ ) وا المبادىء الرياضية » ( سنة ١٩١٠، جس٢ سنة ١٩١٢، ج٣ سنة ١٩١٢)، وإلى جانبيهيا كتب هوايتهد أبحاثاً صغيرة مهمة نذكر منها : « التصورات الرياضية للعالم المادي» (سنة ١٩٠٦)، ا بديهيات الهندسة الاسقاطية ، ( سنة ١٩٠٦ ) ، ا بديهيات الهندسة الوصفية»(سنة١٩٠٧).

ويدل عنوان كتاب ا الجبر الكلي » على عحاولة هوايتهد تنفيذ جزء من البرنامج الذي وضعه ليبنتس حين طالب بوضع علم كلي . يقول هوايتهد في مقدمة كتابه هذا : 1 ينبغي أن يكون المثل الأعلى للرياضيات هو انشاء حساب Calculus يسهل التفكير في أي ميدان من ميادين الفكر أو التجربة الخارجية ، يمكن فيه تقرير توالي الأفكار أو الأحداث وصياغتها صياغة دقيقة، بحيث يصبح كل تفكير جاد، ليس فلسفة او تفكيراً استقرائياً أو أدباً تخيلياً يصبح رياضيات تنمى بواسطة حساب» («الجبر الكلي» ص٢)

وفي الكتاب الأول من ٠ الجبر الكلي II يحاول أن يحدد الأفكار الجبرية التالي : التساوي ، الجمع ، الضرب- على نحو يناسب أي جبر، بغض النظر عن القوانين الأكثر خصوصية في الجبر وعن التفسير الذي نعطيه . فكان يرى مثلا أن القوانين التالية :

سبص:صبس

(س٣ص)*ع-س+(ص*ع)

س (ص٣ع) = س ص سع

هي قوانين مشتركة بين كل أنواع الجبر ■ لكن هناك

قوانين أخرى يمكن أن تختلف فيها أنواع الجبر المختلفة ، مثل القوانين التالية :

سص:صس

١س ص)٤ - س٤ ص)

س ب س- س

وأنواع الجبر التي تنتهك القانون :اس + س=سا يسميها عددية numerical ، ويصنفها بدورها إلى أنواع على النحو التالي : إن الجبر العددي من نوعع هو الذي من عناصره نستطيع أن نكون الصنف OC ( الفا اليونانية ) بحيث أن :

(١) أي عضوين في C° يمكن أن يجمعا ويضربا على نحومفهوم؛

(٢) كل عنصر في كل الجبر هو ناتج عنصرين أو أكثر من عناصر ك

(٣) كل شيء هو حاصل ع من أعضاء C° إذا كان ، وفقط إذا كان ينتسب إلى OC .

وكان في نية هوايتهد في الجزء الثاني ، الذي لم يظهر أبداً ، أن يبحث في انواع الجبر الحطي linear algebras ، او أنواع الجبر الذي من الدرجة الأولى . أما في المجلد الأول الذي نشره فقد تناول أنواع الجبر التي من النوع العالي، وذلك في الأقسام الخمسة الأخيرة من كتابه هذا المقسم إلى سبعة أقسام ( او كتب ) . وفيها يبحث بالتفصيل الدقيق حساب الامتداد الذي أسسه جرسمن . أما في القسم الثاني فقد بحث في الجبر غير العددي ، أي جبر المنطق كما وضعه جورج بول Boole . وفي القسم الأول يبحث في التكافؤ . وهوايتهد ينظر إلى التاوي («=» )على أنه يعبر عن اضافة تكافؤ، هي أقل من الهوية identity . وحجته في ذلك أنه لو لم يكن الأمر هكذا لكانت سهص-صه س بغير معفى تمامامثلعحع

كذلك يقرر هوايتهد في هذا الكتاب أن « تبرير قواعد الاستنتاج في اي فرع من فروع الرياضيات ليس جزءاً من الرياضيات : إنه مهمة التجربة أو الفلسفة . أما مهمة الرياضيات فهي أن تتبع القاعدة فقط t ( الكتاب نفسه صفحة و )

ويهاجم التصور التقليدي للرياضيات ، الذي ينظر إليها على انها علم العدد والكم فقط أو علم الكم المنفصل وا لمتصل

أما الكتاب الثاني : , المبادىء الرياضية , Principia

هوايتهد

٥٤٩

، فقد كتبه بالاشتراك مع برترند رسل ، وظهر الجزء الأول منه في سنة ١٩١٠ .

والنصف الأول من هذا الجزء عنوانه : «المنطق الرياضي ، . ويبدأ هذا النصف بتحرير لجبر بول في أبسط تفسيراته القضائية ( نبة إلى : قضية منطقية ) ، لكن دون اعتباردا = ا، ا صفر»،و أ »، لأنه لا داعي إليها في هذا التفسير. واستعملت الحروف اق، و«ص » ٩٠، ,ال]، وغيرها للدلالة على المتغيرات القضائية . وعبرعن عمليات السلب ، والجمع ، والضرب - أي : النفي ، وا لتبا دل ، والعطف - هكذا :

٩ ? ٧٩١? <? -"ق ، ق٧ص ،ق. ص

وتقرأ هكذا : ق سالبة ، ق أو ص ، ق يد ص

والاثنتان الأوليان منها اعتبرت أولية5ع٧ز1ذ0ن]•أي غير عحددة ؛ أما الثالثةفحددت باستعمالالأولى والثانية هكذا :

(٩~٧م~)~ (ق٧ص)

كذلك حددت «٩<م» و «و=»وحددت هاتان هكذا على التوالي «٧٩?»~ و «?<٩) »وتقرآن : ٠ ق تتضمن ص , ٤»قتكافىءص «

واتخذت القوانين كبديهيات صورية وهي :

١(٧٩?)<٠٩?<(?٧?)

[(٩٧٢) ت(٧٩?)] ت (1 ح٩) ?٩٧) ت (٧٩?)

ثم استنبط منها حوالى مائتي قانون ، استنبطت من هذه البديهيات بوصفها نظريات .

وطريقة الاستنباط المستعملة على نوعين :

١ - احلال تعبيرات ملائمة عحل المتغيرات

٢ - الغاء الجزء الأول من نظرية أو بديهية من الشكل «٩< م» إذا كان هذا الجزء الأول هو نفسه نظرية أو بديهية .

وراى هوايتهد ورسل أن التعريفات هي اصطلاحات للاختصار . فمثلا «٩ < ?» ,«٩ •?» و ٩ج?هي مجرد كتابة اختزالية للصيغ :

~ ) .( ٧٩م -) » ,«٧٩? ~» ,«(٩~٧لإ~) ا»

والقسم التالي من الجزء لأول من كتاب , المبادىء

الرياضية , يتناول نظرية التكميم quantification• والتكميم الكلي هو خلع مكمم كلي (*،)[ او «y» الخ ) ويمكن ان يقرأ : أيا ما كان الموضوع س ( أو ص الخ ) ،، خلعه على عبارة لها صورة التقرير لكنها نكشف عن تكرار (إنابة) للمتغيراص» ( أوص الخ). فمثلا :

دس) (س يهم كل انسانعس يهم سقراط )

أما التكميم الوجودي فيقوم في تطبيق البادئة ٠(X a) ا- ويمكن أن تقرأ : ايوجد موضوع هوص بحيث أن... فمثلاً قولنا : بعض الاعداد الأولية زوجية, يمكن أن يعبر عنه هكذا

(ax )(xisa Prime. X is even)

(- أس ) ( س عدد أولي . ص عدد زوجي )

ويقال عن الأصناف إن لها نفس العدد الأصلي حين تكون المجال ومعكوس المجال لاضافة الواحد والواحد .

ويكفينا هذا القدر لبيان الموضوعات التي يتناولها هوايتهد ورسل في كتابهما « المبادىء الرياضية، ونحيل القارىءإلى كتابنا : ا المنطق الصوري والرياضي المزيدمن البيان .

٢ - المرحلة الثانية (١٩١٧-١٩٢٥)

وتمثلها الكتب الأربعة التالية :

١-» تنظيم الفكر» (سنة ١٩١٧)

The Organization of Thought

٢ - ٠ مبادىء المعرفة الطبيعة»(سنة١٩١٩ )

The principles of Natural Knowledge

٣ - , تصور الطبيعة»(سنة ١٩٢٠ )

The Concept of Nature

٤ - ٠ مبادى ء النسبية 8 ( ١٩٢٢ )

The Principles of Relativity

يضاف إليها ، من المرحلة الثالثة ، الثلث الأخير من

كتاب :

٠٠٥ العملية والواتع» ( سنة ١٩٢٩ )

Process and Reality

وفي تصور هوايتهد لفلسفته في الفزياء تأثر بثلاثة

١ - الأول ضررر اعادة السر في النمريران ياساب:

عوايتهد

في العلم كنتيجة ضرورية لنظرية أينشتين في النسبية وهوايتهد يتفق مع اينشتين في بعض الأمور، ويمختلف معه في امور اخرى.

٢ - والعامل الثاف هو الصعويات الايستمولوجية التي أوقعت النظريات التقليدية الحديثة الفلسفة الحديثة فيها. وهو ما أدى بهوايتهد إلى رفض التمييز يين الطبيعة من حيث هي مذركة والطبيعة من حيث تصورها النظريات العلمية .

٣ - والعامل الثالث هو تأثير برجسون في هوايتهد ، وقد وتع تحت هذا التأثير بتوسط من صديقه فى . ولدون كار Wildon Carr H٠ الذي كان يؤلف كتاباً عن برجسون في الوقت الذي كانت فيه فلسفة العلم عند هوايتهد بسبيل التكوين ، وكانا يتناقشان كثيرا في فلسفة برجون ٠ وبيرجسون أيضاً تأثر هوايتهد في نظريته الخاصة بأولوية العملية ، وهي نظرية أساسية في فلسفته في العلم وفي ميتافيزيقاه على السواء. كذلك تأثر بصمويل الكسندر كما يشيرهوإلى ذلك في مقدمة كتابه اتصورالطبيعة ا.

وتقوم فكرة هوايتهد الأساسية في فلسفة الطبيعة على رفض التمييز بين الطبيعة المحسوسة والطبيعة كما هي في ذاتها ، وهو التمييز الذي قال به جالليو ونيوتن وعليه سار كثير من علاء الفزياء . فمثلاً يميز جالليو بين I الحرارة» كي نشعر بيها بالحس مباشرة ، وبين I الحرارة ا بوصفها حركة غير ملاحظة للذرات ، حركة هى من الضالة بحيث لا يمكن أن تقع تحت الحواس ، تبعاً للنظرية الحركية للحرارة والغازات . وقد توسع نيوتن في هذا التمييز الثنائي بأن طبقه ليس فقط على الكيفيات المحسوسة ، بل وايضاً عل المكان ، والزمان والحركة . ذلك أن نيوتن كان يرى أن الزمان والمكان اللذين نحس بهما مباشرة ليسا هما الزمان والمكان كما يتصورهما علم الفزياء . كذلك يتفق اينشتين مع نيوتن في النظر إلى الزمان على انه يمضي على سواءا٧إا••لا9ع2•ز»010 ونيوتن يطبق على المكان ماقاله عن الزمان ، فيقول في كتاب ا المبادىء: I كل الأشياء موضوعة في الزمان وفقاً لترتيب التوالي ؛ وفي المكان وفقاً لترتيب الوضع إنه من طبيعتها أو ماهيتها أن تكون أماكن (نيوتن: « المبادئء الرياضية للفلسفة الطبيعية ») .

وقد حاول هوايتهد التوفيق بين نظرية نيوتن في المكان والقاثلة بأن المكان مطلق ، وبين نظرية اينشتين القائلة بأن

المكان نسبي " وقد قام بهذا التوفيق بأن رفض نظرية اينشتين القائلة بأن المكان علاقة بين أشياء فزيائية ، وقال بدلاً من ذلك إن المكان علاقة بين أحداث مدركة بالحس مباشرة ، أي أنه أرجع نسبية المكان إلى الإدراك الحسي، لا إلى الواقع الموضوعي في الطبيعة .

ويحاول هوايتهد أن يعرف ترتيب أجزاء المكان في المكان ، خلال مدة معينة ، عن طريق تصورات زمانية ، ليجمع بذلك بين المكان والزمان على نحو قريب ما فعله اينشتين ٠ فبين أن المدد الخاصة بأنظمة مكانية غختلفة تتقاطع ، أي أن بينها أحداثاً مشتركة . وترتيب المكان في لحظة استمرار نظام مكاني ما يتحدد بتقاطعه مع لحظات مدد نظام مكاني آخر .

ع01ا11فلسفة هوايتهد• s. c.Northrop ويلخص

العلمية على النحوالتالي : ا لقدعمل على ايجادفلسفة العلم عند هوايتهد ثلاثة عوامل :

١ - توكيد برجسون للكفاية الشاملة للعيان المباشر وأولية العملة Process؛

٢ ٠ الصعوبات الايستمولوجية التي وقع فيها الفلاسفة المحدثون من جراء تمييز نوعين من الطبيعة ؛

٣ - اعادة بناء التصررات الأساسية في العلم المعاصر كنتيجة ضرورية للاكتشافات الحديثة ، خصوصالنظرية اسشتين في النسبية

وفلسفته في العلم فيها قوة وضعف هذه التأثيرات الثلاثة» . ويعدد ألوان الضعف في فلسفته هذه وهي : (١) نظريته في العلاقة الباطنة بين الأحداث المدركة بالحس ؛ (٢) نظرية غير سليمة عن الموضوعات العلمية وعن معادات التحويل ؛ (٣) الاخفاق في تفسير العلية العلمية أو الزمان العام ؛(٤) تنازع مبالغ فيه مع النتائج المقررة والمحققة للعلم المعاصر؛ (٥) ميل عام إلى اعتقاد وجود تحرر للمعرفة في الوعي الحسي اكبر مما يكشف عنه فعلا.

أما نقط القوة فهى في نظره : (١) نظرية هوايتهد تفسر بعض الوقائع التي لم يقدم لها اينشتين تفسيراً ؛ (٢) فلسفة هوايتهد في العلم تعالج مشاكل ابستمولوجية وعلمية لا تواجهها نظرية اينشتين . (غلمر نورثروب : «فلسفة هوايتهد في العلم»، فصل في كتاب ٠ فلسفة ألفرد نورث هوايتهد» ، ص ٢٠٥ - ٢٠٦ ، نيويورك ط ٢ سنة ١٩٥١)

هوايتهد

٣- المرحلة الثالثة (سنة ١٩٢٥ - ١٩٤٧ ) أ , الفلسفة العضوية ( أو فلسفة العضوية )

ويتجلى إسهام هوايتهد في الفلسفة بالمعنى المحدد في هذه المرحلة الأخيرة . ونبدأ بفلسفته العضوية التي أودعها في كتابه « العملية والواقع» (سنة ١٩٢٩) Process and

٠ Reality

في هذا الكتاب يسعى هوايتهد إلى أن يضع مكان فلسفة الجوهر التقليدية فلسفة عضوية لأنه رأى أن الفلسفة العضوية Philosophy of organism هي التي تستطيع وحدها أن تزودنا بتفسير للكون تبدو فيها : العملية 55•00]2• ، والفعل الديناميكي ، والاعتماد المتبادل ، والخلق- المعطيات الأولى للتجربة المباشرة .

وعلى طريقته في معظم مؤلفاته ، يستعرض هوايتهد استعراضاً تاريخياً الآراء التى قالها الفلاسفة في الموضوعات التى يتناولها ، ويصدر عليها احكاماً تقويمية . فمن أحكامه أن فكر أفلاطون اشد حسياً من فكر كنت ؛ وان برجسون أكثر إيحاء بالأفكار الخصبة من هيجل ؛ ويزعم أن لوك كان أقرب إلى الفلسفة العضوية من ديكارت ؛ ويفضل ليبنتس على أرسطو , ويعرف الفلسفة الغربية بأنها سلسلة من التعليقات على أفلاطون ! وهو يود إنقاذ بعض هذه التعليقات أو إعادة صياغتها ، بينما يود محو بعضها الآخر. وكنت أقل الفلاسفة العظام حظاً من القبول عنده ! ويزعم أن فلسفته في العضوية هي عود إلى ما قبل كنت من آراء ، كما يزعم ان الثورة الكوبرنيكية التي قامبها كنت ي نظرية المعرفة كانت أقل ثورية بما اعتقد أنصاره .

ويلاحظ على هذه الأحكام على المذاهب الفلسفية والفلاسفة أغها تتسم بالجهل الفاضح بهذه المذاهب وأصحاها ، مع الادعاء لمستعلي الكاذب من جانب رجل رياضيات كان قليل البضاعة من المعرفة بتاريخ المذاهب الفلسفية .

وفيي يتصل بالمنهج، يرى هوايتهد أن المنبج الفلسفي يتضمن تعميماً ، يتجه من الجزني العيني إلى الكلي . وهذا التعميم يقوم على الوصف أكثر مما يقوم على الاستنباط . وينعي على بعض الفلاسفة اتخاذهم الاستنباط deduction محكاً للاختيار في البحث الفلسفى . إذ يرى أن الاستنباط ليس إلآ وسيلة مساعدة للتحقق ، لا ينبغي أن تكون له

الأولوية في المناهج الفلسفية . والمنهج الذي يدعو إليه هوايتهد هو ما يسميه بمنهج التعميم الوصفي الذي يتخذ شكل وصف للعملية الديناميكية أولى من أن يتولى وصف البنية الاستاتيكية . ويضع مكان الوصف المورفولوجي وصفا للعملية الديناميكية للحياة ٠

والمعيار الايستمولوجي عنده هو على نوعين : معيار عقلي هو الإحكام المنطقي واتفاق الفكر مع نفسه ، ومعيار تجريبى هو قابلية التطبيق والموافقة adequacy. والمذهب الفلسفي ينبغي ان يكون محكاً ومنطقياً . ولا ينبغي تصور كيان مع صرف النظر عن سائر الكيانات ، كا لا يمكن فهم كيان إذا لم تتحدد علاقته بسائر الكيانات وفقاً لقواعد منطقية . لكن المعرفة تتطلب أيضاً تبريراً نجريبياً . وينبغي ان تكون المقولات قابلة للتطبيق وموافقة . وهي تكون قابلة للتطبيق إذا كانت تصف كل التجربة الخاصة بها بوصفها تكشف عن نفس التركيب . وتكون موافقة إذا كانت تشتمل على كل التجربة الممكنة في رؤيتها التصورية ٠

وعن طريق تطبيقه لمنهج التعميم الوصفي، وضع هوايتهد ثبت مقولات بالتصورات التى تكحكم فلسفة العضوية , وقد صنف هذه المقولات وفقأ لتقسيم رباعي

هو:

١ - مقولة الأقصى category of the ultimate؛

٢ - مقولات الوجود ؛

٣ — مقولات التفسير؛

•Categorical obligations ٤ - الالتزامات المقولية

أما مقولة الأقصى فهي النشاط الإبداعي ، والنشاط الإبداعي هوكلي الكليات ، هو المبدأ الميتافيزيقي الأقصى الذي على اساسه تقوم كل الأشياء بدون استثناء . وكل واقعة في الكون هي - على نحو او آخر- شاهد على النشاط الابداعي . والله نفسه يندرج تحت مقولة الأقصى ٠ والنشاط الابداعي بوصفه المبداً الميتافيزيقي الاقصى هوأبضاً مبدا الجدة novelty، وهو الذي يزود بالسبب في انبثاق ما هو جديد ٠

وواضح من هذا أن هذا المبدأ هونفسه مبدا ا لتطورالخالق عند برجسون . ولم يأت فيه هوايتهد بأي جديد سوى سوء التعبير ا

أما مقولات الوجود فشمان : (١) الكيانات الواقعية ؛

(٢) الادراكات prehensions ؛ (٣) العقد nexus؛ (٤) الأشكال الذاتية؛ (٥) الموضوعات السرمدية ؛ (٦) القضايا؛ (٧) التعددات؛ (٨) التقابلات contrasts .

ومعظم - أو كل — هذه المقولات هي مجرد مسميات أخرى لمعان تقليدية . فالكيانات الواقعية هي الجواهر الجزئية التي يتألف منها العالم ، وهي الوقائع النهائية للكون . والإدراكات هي الوقاثع العينية لوجود علاقات ، تكشف عن طابع متجه vector character، وتتضمن الانفعال ، والعرض ، والتقويم ، والببية . والعقدة هي واقعة جزئية لاجتماع كيانات واقعية معاً . والشكل الذاتي هو الكيفية المحددة لأمور واقعية خاصة والموضوعات السرمدية هى الإمكانات المحضة التي بها تحدد الوقائع في أشكال ها الذاتية . والقضايا هي التي تعطي معنى للتمييز بين الحق والباطل -والتعددات تدل على الانفصالات بين غغتلف الكيانات . والتقابلات تدل على حالة التركيب الناشئة في إدراك أو واقعية عينية للكون في علاقات ، relatedness.

وإلى جانب مقولات الوجود هذه ، يتحدث هوايتهل عن سبع وعشرين مقولة للتفسير وتسعة التزامات مقولية .

والكيانات الواقعية تبقى في عملية فناء دائم ، وكلما فنيت انجرت في التقدم الخالق ، وتنتقل إلى كيانات واقعية أخرى من خلال عملية الادراك ، وتحقق خلوداًموضوعياً . ويقول هوايتهد أن عملية الفناء والانشاء الجديد هذا ينبغي أن تفهم على أنها شرح لعبارة لأفلاطون في محاورة II طيماوس , هذا نصها : , لكن ما يدركه الظن بمعونة الاحساس وبدون العقل ٠ هو دائماً في عملية كون وفساد ، وليس موجوداً وجوداً حقيقياً أبداً fl . إن الكون هو كون حدوث ، وتغير، وفساد (فناء) ومقولة الكيانات الواقعية تنطبق انطباقا كلياً . إنها تنطبق على المادة غير الحية كإ تنطبق على كل ضروب الحياة . وتنطبق على وجود الانان ، كما تنطبق على وجود اله .

وهنا نجد هوايتهد يقرر أن الله ليس خارجاً عن هذا النظام . إنه في نطاق المقولات . ومع ذلك فإن الله يتميز من سائر الكيانات الواقعية بأنه لم يحدث عن شيء ، بينا سائر الكيانات حادثة . إن الله كيان واقعي ، لكنه ليس حادثاً وا؛*:!actual occasion . وكل حادث يكشف عن بنية مزدوجة تتألف من قطب فزيائي وقطب عقلي . والحادث الواقعي ، بسبب قطبه الفزياثي ، يدرك حوادث واقعية أخرى ،

وبسبب قطبه العقلى يدرك موضوعات سرمدية . واله هو ايضاً يبدي عن بنية مزدوجة : إن له طبيعتين : طبيعة أصلية ، وطبيعة تالية consequent nature . وطبيعته الأصلية primordial تقوم في الاحاطة بكل الموضوعات السرمدية ، وفي الشوق إلى تحقيقها بالفعل ؛ وهي تناظر القطب العقلي للأحداث الواقعية . أما طبيعته التالية ، وهي نتيجة رد فعل العالم في اله ، فتناظر القطب الفزيائي للأحداث الواقعية .

والأحداث الواقعية ، والجماعات التي تؤلفها ، هي في عملية ثنمو معا حق تصل إلى المرحلة النهائية القى تسمى , الاشباع satisfactionfl. وهذم العملية من النمومعاً ، والتي فيها تحدث إدراكات جديدة باستمرار، يسميها هوايتهد باسم , النمو عا concrescence. ويقول : , في عملية النمومعاً يوجد توال من المراحل تنشا فيها ادراكات prehensions جديدة بالتكامل مع إدراكات في المراحل السابقة . . . وتستمر العملية حتى تصيركل الادراكات عناصر في إشباع تام محدد ه. وكل حادث واقعي من حيث هو متموضع في عملية النمو معاً يكشف عن مطلب يتعلق بالمستقبل . والمستقبل هو، بمعنى ما ، عنصر داخل في تركيب وجود كل حادث واقعي . ويعبر هوايتهد عن هذا حين ينعت الحادث الواقعي بأنه subject- superject، ويمكن أن يترجم هذا بقولنا : موضوع تحتاني ، وموضوع فوقافي - إن كل حادث هو في نفس الوقت الموضوع التحتاني الذي يجرب ، والموضوع الفوقافي لهذه التجربة ؛ إنه المعطى التجريبي الحاضر، لكنه أيضاً النتيجة المستقبلة أو الهدف لتجربته الحاضرة. وهذا الهدف أو المشروع المستقبل يسمى , الهدف الذاتي ٠ -subjec tive aim الذي يضبط حدوث الحادث الواقعي ويقوده إلى إشباعه النهاثى . وهكذا يحدث كل تغير في نطاق متصل مكاني - زماني ، فيه كل الموجودات تعاني عضة الزمان . إن كل حدث event في الكون يتصف بالماضي والحاضر والمستقبل . وعلى الرغم من أن الأحداث الواقعية تفنى ، فإنها تدخل في التركيب الباطن لأحداث واقعية أخرى فيها تتموضع . وهكذا فإن كل واقعة حاضرة في الكون تتكون بواسطة كل المراحل السابقة . وكذلك كل واقعة حاضرة تتألف من إمكانياتها للتحقق في المستقبل عن طريق هدفها الذاتي . وهذا هو مبدأ العملية process ٠

وهوايتهد يقيم مذهبه كله على أساس أن كل الأشياء في

هوايهذ

سيلان دائم ، وهو مذهب قال به هرقليطس . وإلى جانب نظرية السيلان هذه يقول هوايتهد بفكرة منافسة لها هي : بقاء كل الأشياء . وهاتان الفكرتان تؤلفان في نظره مشكلة الميتافيزيقا كلها . ويحاول هوايتهد - على عادته - التوفيق بين هاتين الفكرتين المتضاربتين ، وذلك عن طريق نظريتين : نظرية الهوية المكونة لذاتها ، ونظرية النظام الكوني . ويحاول الأخذ بفكرة الانسجام الأزلي، التي قال بها ليبنتس

ب - فلسفة الدين

وهذا يقودنا إلى الحديث عن فلسفة الدين عند هوايتهد ، كما تتجلى في كتبه التالية :

١ - « الدين في مراحل تكوينه» ( سنة ١٩٢٦، ١٦٠ ص )

Religion in the Making

٢ - « العملية والواقع 8 ( سنة ١٩٢٩ القسم الخامس )

Process and Reality

٣ - « مغامرات الأفكار , ( سنة ١٩٣٣ ، ٣٩٢ص )

Adventures of Ideas

ونبداً بتعريفه للدين . يقول في كتابه ه العلم والعالم لحديث؛) إن ل الدين هو رؤية شيء يقوم عبر، ووراء ، وداخل ، السيلان الجاري للأشياء المباشرة ؛ رؤية شيء حقيقي ، لكنه ينتظر أن يتحقق ؛ شيء هو إمكانية بعيدة ، لكنها أعظم الوقائع الحاضرة ؛ شيء يعطي معنى لكل ما يمضي ، ومع ذلك يفلت من الإدراك ؛ شيء امتلاكه هو الخير النهائي ، ولكنه مع ذلك وراء كل متناول ؛ شيء هو المثل الأعلى النهائي ، والمسعى الذي لا أصل فيه«( ص ٢٦٧وما يتلوها ).

ويقول في كتاب « الدين في مراحل تكوينه»: « إن البصيرة الدينية هي إدراك هذه الحقيقة وهي أن نظام العالم ، وعمق حقيقة العالم ، وقيمة العالم في مجموعه وفي أجزائه ، وجمال العالم ، ومتعة الحياة ، وسلام لحياة ، والتغلب عل الشر- هي أمور مرتبطة معا ، لا غرضا ولكن بسبب هذه الحقيقة وهي أن الكون يكشف عن نشاط خلاق creativity ذي حرية لا نهاية ها ، وعن ملكة من الأشكال ذوات إمكانيات لا متناهية ؛ ولكن هذا النشاط الخلاق وهذه الأشكال عاجزة كلها عن انجاز الواقعية بمعزل عن الانسجام المثالي الكامل ، الذي هو الله «( ص ١١٩ وما يليها ) .

ومحك الاختبار في التجربة الدينية هو المحبة . وهو يضع ذلك في مقابل إله ارسطو، المحرك الأول غير المتحرك ، الذي لا يعفى بخلقه . لكن إله المحبة عنده يخضع للمقولات والمبادىء الميتافيزيقية التي ذكرناها . إن اسمههو الشاهد الرثيسي على النظام الميتافيزيقي - وعلى ضوء هذا يمكن النظر إلى طبيعة الله من وجهتي نظر اثنتين : أصلية ، وتالية : فمن وجهة النظر الأصلية اله إمكان لا متناه أو لا عحدود . إنه وحدة وملاء المشاعر التصورية بغض النظر عن أية مشاعر فزيائية ، وتبعاً لذلك يفتقر إلى ملام الفعلية actuality. إنه بوصفه وحدة مشاعر تصورية وعمليات، هو فعل خلاق حر وهو لا ينحرف بالأحداث الجزئية التي تؤلف العالم الواقعي . إن العالم الواتعي يفترض الطبيعة الأصلية، لكن الطبيعة لأصلية لا تفترض العالم الواتعي مقدما . وكل ما تفترضه الطبيعة الأصلية مقدماً هو الطابع العام المجرد للنشاط الخلاق الذى هو الشاهد الرئيسى عليه . والطبيعة الأصلية، بوصفها امكانا لا عدودا ، تشتمل على الموضوعات السرمدية وتفسر النظام الكاثن في أهميتها بالنسبة إلى عملية الخلق .

أما طبيعته التالية consequent nature فهي مشتقة ، أي ليست أصلية . إنها تعبر عن رد فعل العالم تجاه الله . وهكذا فإن الطبيعة التالية خاضعة لعملية التحقق الفعلى في العالم الواقعي . واله يشارك ، مع كل حادث وكل غفدة nexus ، العالم الواقعي . إنه بوصفه تالياً ، فإن اللم يتكيف بواسطة العالم .

إن الطبيعة الأصلية حرة ، كاملة ، سرمدية، ناقصة التحقيق الفعلى ، ولا واعية . أما الطبيعة التالية فمعينة، ناقصة ، باقية ، متحققة تماماً بالفعل، وواعية . وبسبب هذه الطبيعة التالية يقيم اله مع العالم علاقة عناية. وحبته ذات العناية يعبر عنها من خلال اهتمام رحيم بالآ يضيع شيء سدى - إنه ينجي كل شيء في العالم ، ويحافظ عليه في حياته هو. وعناية الله تتجلى في أعمال الحكمة الإلهية . والأحداث في العالم الزماني تتحول بواسطة محبة اله وحكمته، ثم تعود عحبته وحكمته بعد ذلك إلى العالم . والتعريف النهائي لله هو أنه الرفيق العظيم، والزميل المتألم الذي يفهم .