أرمجدون

أرمجدون أو هرمجدون هي كلمة جاءت من العبرية هار-مجدون أو جبل مجدو، بحسب المفهوم التوراتي هي المعركة الفاصلة بين الخير والشر أو بين الله والشيطان وتكون على إثرها نهاية العالم. وتقع هضبة "مجيدو" في منطقة فلسطين على بعد 90 كلم شمال القدس و 30 كلم جنوب شرق مدينة حيفا وكانت مسرحا لحروب ضارية في الماضي كما تعتبر موقعا أثريا هاما أيضا.

و هي عقيدة مسيحية ويهودية مشتركة، تؤمن بمجئ يوم يحدث فيه صدام بين قوى الخير والشر، وسوف تقوم تلك المعركة في أرض فلسطين في منطقة مجدو أو وادي مجدو، متكونة من مائتي مليون جندي يأتون ل وادي مجدو لخوض حرب نهائية.

و يذكر أنه في عام 1984 أجرت مؤسسة يانكلوفينش استفتاء ظهر منه أن 39% من الشعب الأمريكي أي حوالي 85 مليون يعتقدون أن حديث الإنجيل عن تدمير الأرض بالنار - قبل قيام الساعة - بحرب نووية فاصلة.

وعند المسلمين فإن هناك إيمان بمعركة كبرى في آخر الزمان تقع بين المسلمين والكفار دون الإشارة إلى اسم هرمجدون تحديداً، وينتهي الأمر بانتصار المسلمين في المعركة.

الموقع الجغرافي للمعركة

يقول قاموس الكتاب المقدس للدكتور بطرس عبد الملك ص99:

تقع مجدون في مرج ابن عامر، وزاد في قيمتها الاستراتيجية أنها تقع على خط المواصلات بين القسمين الشمالي والجنوبي من فلسطين.

وهرمجدون: كلمة عبرية مكونة من مقطعين، هر أو هار: بمعنى جبل، مجدون: اسم وادٍ في فلسطين يقع في مرج ابن عامر على بعد 55 ميلاً شمال تل أبيب و20 ميلاً جنوب شرق حيفا وعلى بعد 15 ميلاً من شاطيء البحر المتوسط، وتعرف مجدون الآن باسم (تل المتسلم) وكلمة هرمجدون: بمعنى جبل مجدون.(3)

وجاء في قاموس يانج للكتاب المقدس ص62:

هذه الكلمة لموقع معركة اليوم الأعظم للرب القادر حسب النص (في اليوم العظيم، يوم الرب القدير، فجمعهم في المكان الذي يدعى بالعبرية هرمجدون وهذه الكلمة تعني جبال مجدون في الوادي الكبير بمدينة مجدون القديمة حيث دارت معارك الأزمنة الغابرة، وهي تشير إلى معركة شرسة مدمرة ستدور رحاها في ذلك الوادي (وادي يزرعيل)).(4)

وتوضح خارطة فلسطين: إن سهل يزرعيل عبارة عن وادٍ مسطح ممتد من جميع طرق حيفا على البحر المتوسط مروراً بمجدو في طريقه إلى يزرعيل حيث ينحدر بعد ذلك إلى أسفل (بيت شان) التي تقع تحت مستوى سطح البحر في وادي الأردن حيث يفصل هذا الوادي منطقة الجليل الجبلية في الشمال عن منطقة الريف بالهضبة المركزية في الجنوب).(5)

الموقع التاريخي للمدينة

جاء في سفر الرؤيا ص16 ما يلي: (لقد شهد هذا المكان عدة حروب وقد دمرت المدينة وأعيد بناؤها في غضون عشرين عاماً، وتوجد هذه المدينة حالياً التي كانت إحدى أهم مدن سليمان والملك آخاب على انقاض المدينة القديمة وتحمل نفس الاسم (هرمجدون) والتي ـ كما يقول البعض ـ ستشهد يوم حساب الرب لهذا العالم).(6)

ويضيف الكاتب مال لنديسي في كتابه كوكب الأرض العظيم الراحل:

  • (هناك في تاريخ الكتاب المقدس معارك دامية لا تعد، دارت رحاها بهذه المنطقة ويقال: إن نابليون قد وقف بهضبة مجدو ناظراً إلى الوادي متذكراً هذه النبوءة وقال: جميع جيوش العالم باستطاعتها أن تتدرب على المناورات للمعركة التي ستقع هن).(7)

ويربط البهائي كارلوتاجيزن بين هذه المعركة والأحداث التي تدور حالياً على الساحة الدولية فيقول:

  • (ان معركة هرمجدون هي معركة دينية بين الإسرائيليين والمسيحيين والمسلمين، والأحداث التي تدور في العالم وبصفة خاصة منذ عام 1991 تمهد المسرح الدولي لمعركة هرمجدون، كما أن المسائل والقضايا الراهنة تشير بوضوح إلى أن هذه المعركة ستحدث عن قريب).(8)

المعركة عند اليهود والنصارى

يستند اليهود إلى النص العبري الوارد في سفر الرؤيا/ 16 بأن المعركة المسماة (معركة هرمجدون) ستقع في الوادي الفسيح المحيط بجبل مجدون في أرض فلسطين وان المسيح سوف ينزل من السماء ويقود جيوشهم ويحققون النصر على الكفار، والنص كما يلي:

  • (ثم سكب الملاك السادس جامه على النهر الكبير ـ الفرات ـ فنشف ماؤه لكي يُعدَّ طريق الملوك الذين من مشرق الشمس، ورأيت من فم التنين ومن فم الوحش ومن فم النبي الكذاب ثلاثة أرواح نجسة شبه ضفادع فإنهم أرواح شياطين صانعة آيات تخرج على ملوك العالم وكل المسكونة لتجمعهم لقتال ذلك اليوم العظيم يوم الله القادر على كل شيء، ها أنا آت كلص، طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عرياناً، فجمعهم إلى الموضع الذي يدعى بالعبرانية هرمجدون).(9)

وصرح القس (بيلي جراهام) عام 1977 (بأن يوم مجدو على المشارف، وأن العالم يتحرك بسرعة نحو معركة مجدو، وان الجيل الحالي يكون آخر جيل في التاريخ، وان هذه المعركة ستقع في الشرق الأوسط).(12)

وبهذا المعنى قال رئيس القساوسة الانجليكانيين: (سيدمر الملك المسيح تماماً القوى المحتشدة بالملايين للدكتاتور الفوضوي الشيطاني).(13)

وكان اليهود أكثر تشوقاً لهذا اليوم الموعود الذين يسمونه يوم الله، فقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية نبأً من القدس المحتلة أثناء حرب الخليج عام 1991 للحاخام مناحيم سيزمون الزعيم الروحي لحركة حياد اليهودية يقول: (إن أزمة الخليج تشكل مقدمة لمجيء المسيح المنتظر).

وهذه الاعتقادات ظهرت عند السياسي اليهودي تيودور هرتزل حيث يقول: (انه ظهر لي ـ في عالم الرؤيا ـ المسيّا ـ المسيح ـ الملك على صورة شيخ حسن وخاطبني قائلاً: إذهب واعلم اليهود بأني سوف آتي عما قريب لاجترح المعجزات العظيمة وأسدي عظائم الأعمال لشعبي وللعالم كله).(15)

كما قال النبي يوئيل عن هذا اليوم: (انفخوا في البوق في صهيون، اهتفوا في جبلي المقدس، ارتعدوا يا جميع سكان العالم، يوم الرب مقبل، وهو قريب، يوم ظلمة وغروب، يوم غيم وضباب).(17)

هرمجدون لدى السياسيين

يتسابق الساسة الاستعماريون إلى تثبيت فكرة المعركة بتفسيرها اليهودي لدى الشعوب للحصول على مكاسب سياسية رخيصة وتنفيذاً لمآرب الصهيونية العالمية وإرضاءً لدولة إسرائيل العنصرية، وبهذا الصدد تقول الكاتبة الأمريكية (جريس هالسل) في كتابها (النبوءة والسياسة) (ان النبوءات التوراتية تحولت في الولايات المتحدة الأمريكية إلى مصدر يستمد منه عشرات الملايين من الناس نسق معتقداتهم ومن بينهم أناس يرشحون أنفسهم لانتخابات الرئاسة الأمريكية وكلهم يعتقدون قرب نهاية العالم ووقوع معركة هرمجدون، ولهذا فهم يشجعون التسلح النووي ويستعجلون وقوع هذه المعركة باعتبار ان ذلك سيقرب مجيء المسيح).(18)

وفي هذا المعنى تحدث الرئيس الأمريكي ريكن عام 1980 مع المذيع الانجيلي (جيم بيكر) في مقابلة تلفزيونية أجريت معه قال: (إننا قد نكون الجيل الذي سيشهد معركة هرمجدون).(19)

وفي تصريح آخر له: (ان هذا الجيل بالتحديد هو الجيل الذي سيرى هرمجدون).(20)

أما الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش عام 2008 قد نقلت عنه مجلة دير شبيغل الألمانية مايلي: (منذ ذلك الوقت أصبح بوش واحداً من الستين مليون أمريكي الذين يؤمنون بالولادة الثانية للمسيح وهذا ما دعاه إلى القول: بأن المسيح هو أهم الفلاسفة السياسيين في جميع الأزمنة لأنه ساعدني على التوقف عن شرب الخمر).(21)

وشارك في هذا التوجه تقرير لمنظمة حقوق الإنسان صدر في قبرص عام 1990 يقول: (توجد هيئات وجمعيات سياسية وأصولية في الولايات المتحدة وكل دول العالم تتفق في أن نهاية العالم قد اقتربت، واننا نعيش الآن في الأيام الأخيرة التي ستقع فيها معركة هرمجدون، وهي المعركة الفاصلة التي ستبدأ بقيام العالم بشن حرب ضد إسرائيل، وبعد أن ينهزم اليهود يأتي المسيح ليحاسب أعداءهم ويحقق النصر، ثم يحكم المسيح العالم لمدة ألف عام يعيش العالم في حب وسلام كاملين).(22)

الملحمة الكبرى عند البهائية

وللبهائية رأي في معركة هرمجدون يخالف ما ذهب إليه أصحاب الديانات الثلاث، ففي كتاب (معركة هرمجدون) للبهائي كارلوتاجيزن/ يقول:

  • (يدعي اليهود السامريون والعبرانيون ان النبي المنتظر الملقب بالمسيح الرئيس (المسيّا) إلى الآن لم يظهر)(23) وهو يفسر العبارات التي وردت في سفر الرؤيا إصحاح/ 16 بقوله: (إن الوحوش الثلاثة هي: الذي يخرج من فم التنين: صدام حسين، وان الذي يخرج من فم الوحش: الرئيس الأمريكي، والنبي الكذاب هو الباب).(24)

كما يربط بين أحداث العراق عام 1991 م عند غزو صدام للكويت وما بعدها من حروب وبين هذه المعركة فيقول: (ان معركة هرمجدون هي معركة دينية بين الإسرائيليين والمسيحيين والمسلمين، والأحداث التي تدور في العالم وبصفة خاصة منذ عام 1991م تمهد المسرح الدولي لمعركة هرمجدون، كما أن المسائل والقضايا الراهنة تشير بوضوح إلى أن هذه المعركة ستحدث عما قريب).(25)

كل هذه الأفكار يرجعها إلى تصور البهائيين الذي يفسرونها كما يلي: (قبل معركة هرمجدون سيكون هناك 144 ألف فرد على معرفة بالله وفهم ميثاقه، وسيأتي هؤلاء الافراد من المجموعة التي **رت الميثاق البهائي وخالفوا في سنة 1957 م خطة الرب وألقوا بميثاقه بعيداً وسيستطيع هؤلاء القوم أن يتغلبوا على الكذبة التي آمنوا بها وستطولهم فيها أحكام الميثاق وسيجتمع هؤلاء الـ 144 ألف مؤمن بعد تفجير نيويورك، وبعدها ستبدأ معركة هرمجدون الكبرى وعند نهايتها سيكون ثلثا العالم قد دمروا وهلكو).(26)

ويخلص كارلوتا إلى القول:

  • (وبعد انتهاء معركة هرمجدون معركة آخر الزمان، سيدخل هذا المجلس الذي أسس في ـ كانون ثاني ـ 1991 (المجلس البهائي الدولي الثاني) مرحلة جديدة كمحكمة عالمية، وفي هذا الحين ستصبح الدول الوحوش الأربعة وهي: (إنجلترا ـ فرنسا ـ روسيا ـ الولايات المتحدة) وهي أولى الدول البهائية، وعندما تعتنق جميع دول العالم المذهب البهائي ستتولد محكمة الرب من جديد في هذا العالم).(27)

نظرة المسلمين لهذه المعركة

لا نجد ذكر لهذه المعركة عند أهل السنة والجماعة ، بينما نراها عند الشيعة.

يرى الشيعه أنه قد ورد ذكر لهذه المعركة والمعركة التي تسبقها وهي معركة تحرير القدس في احاديث مسندة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وإلى أهل بيته الكرام والتي تذكر المراحل النهائية لحركة الإمام المهدي المنتظر في آخر الزمان، يقول الشيخ علي الكوراني: (بعد هلاك قوات السفياني في الحجاز والهزيمة التي تمنى بها على يد رايات الشرق في العراق تعود المعركة إلى ساحتها الأساسية بلاد الشام استعداداً لأكبر معارك المنطقة في أحداث الظهور، معركة تحرير القدس، التي يمتد محورها من دمشق إلى طبرية فالقدس).(28)

ويستدل الكوراني في استنتاجه هذا بالآيات الكريمة من سورة الإسراء: (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَْرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) والآيات اللاحقة لها، فالأولى أرسل الله عليهم عبادة المسلمين خلال الفتح الإسلامي سنة 16هـ، والثانية أو العقوبة الثانية ستكون هزيمتهم على يد المسلمين أيضاً عندما يعود المسلمون إلى رشدهم).(29)

وقد أوردت مصادر الشيعة أحاديث معركة المهدي الكبرى هذه (وأن طرفها المباشر السفياني وخلفه اليهود ودول أوروبا، ويمتد محورها من أنطاكية إلى عكا أي طول الساحل السوري اللبناني الفلسطيني ثم إلى طبرية ودمشق والقدس وفيها تحصل هزيمتهم الكبرى الموعودة)(30)وتورد الروايات أن المهدي المنتظر يعقد بعد هذه المعركة هدنة مع الروم مدتها سبع سنين ويبدو أن عيسى عليه السلام يكون وسيطاً فيها فيغدر الروم وينقضونها ويأتون بثمانين فرقة (راية) في كل فرقة إثنا عشر ألف، وتكون هذه هي المعركة الكبرى التي يقتل فيها كثير من أعداء الله تعالى، وقد وصفت بأنها الملحمة العظمى أو مأدبة مرج عكا أي مأدبة السباع وطيور السماء من لحوم الجبارين).(31)

ونورد هنا بعض الاحاديث التي أشارة إلى هذه المعركة:

كما أُثر عن الإمام علي رضي الله عنه وأبنائه أقوال تشير إلى مكان الملحمة في مرج ابن عامر من عكا ويافا على الساحل حتّى القدس في السهل الفلسطيني ويشيرون إلى زمانها أنها بعد ظهور المهدي المنتظر وتحريره القدس من قبضة اليهود ونقض الروم الهدنة معه التي توسط فيها عيسى عليه السلام بعد نزوله وكلها حوادث لم تحدث بعد ولا حدثت في التاريخ البعيد حيث سيظهر الله دينه وينصر عباده ويسود الإسلام في أمم الأرض. ومن هذه الاقوال:

  • ورد في بشارة الإسلام ص 251 عن الإمام الصادق : (ثم تسلم الروم على يده فيبني لهم مسجداً ويستخلف عليهم رجلاً من أصحاب ثم ينصرف)(38) وهذا يدل على أن الروم ليس فقط ينهزمون من المعركة وإنما يسلمون على يديه وينظمون إلى حضيرة الإسلام ليستخلف عليهم رجلاً من أصحابه يمعلمهم الإسلام وأحكامه.

مصادر

  • د. أحمد حجازي/ معركة هرمجدون وعودة المسيح والمهدي المنتظر/ ص 66.
  • أحمد أحمد علي السقا: عودة المسيح المنتظر لحرب العراق/ ص66/ ط1، 2004ـ الكتاب العربي.
  • كارلوتاجيزن/ معركة هرمجدون وتأسيس مملكة الرب/ ص 93.
  • أحمد علي/ عودة المسيح/ ص61.
  • أمير عرب/ المهدي المنتظر/ ص 623.
  • محمّد عيسى داود/ المفاجأة/ ص 544 طبع مدبولي الصغير/ القاهرة.
  • كارلوتاجيزن/ معركة هرمجدون/ ص 11 ترجمة أحمد علي.
  • جريس هالسل/ النبوءة والسياسة/ السقا/ ص 68.
  • معركة هرمجدون/ كارلوتاجيزن/ ترجمة أحمد علي/ ص70.
  • الكوراني ((من أممة الشيعة الاثنى عشرية))/ الممهدون للمهدي/ ص 52/ ط 3/ 1424 الدار الإسلامية.
  • يوسف المقدسي الشافعي ص 270.
  • الغرباوي/ بشرى البشر/ ص 238.
  • بشرى البشر في حقيقة المهدي المنتظر ص15.
  • محمّد منلاوي/ صراع الأديان/ ص 270/ دار المحجة البيضاء.

طالع أيضا

bg:Армагедон ca:Harmagedon cs:Armagedon da:Harmagedon de:Harmagedon el:Αρμαγεδδών Armageddon]] eo:Armagedono es:Armagedón fa:آرماگدون fi:Harmageddonin taistelu fr:Armageddon fur:Armageddon he:ארמגדון id:Harmagedon is:Harmagedón it:Armageddon (Apocalisse) ja:ハルマゲドン ko:하르마게돈 ku:Harmegedon no:Harmageddon pl:Har-Magedon pt:Armagedom ro:Harmagedon ru:Армагеддон sk:Armagedon sv:Harmagedon tl:Armagedon tr:Melhame-i Kübra uk:Армагеддон wo:Armagedon zh:哈米吉多頓