أبوأنس الشامي

عمر يوسف جمعة صالح المعروف باسم أبوأنس الشامي: ولد سنة 1968 في منطقة السالمية في الكويت. من اصول فلسطنية لكنه يحمل الجنسية الأردنية. تقلد منصب مسئول اللجنة الشرعية في جماعة التوحيد والجهاد.

نشئته

عاش طفولته في كنف والديه، ورباه والده منذ نعومة اظفاره على حب اللغة العربية فكان متحدثا بالفصحى منذ ان بلغ الرابعة عشرة من عمره، كان يكره اللهجة العامية ولا يمازح إلا بالفصحى، انتسب إلى مسجد الزبن في السالمية منذ صغره وتعلق قلبه بالمساجد، حفظ القرآن الكريم في الخامسة عشرة من عمره، وبعد اتمام الثانوية العامة توجه للدراسة الشرعية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية, هناك اجتمع إلى شباب الجهاد واقتنع بكثير من آرائهم واطروحاتهم وتشجع لها.

سفره لافغانستان

في بداية صيف العام 1990 اي قبل الغزو العراقي للكويت سافر إلى أفغانستان بصحبة زميله في الجامعة أبو همام الفلسطيني ومكثا في معسكر الفاروق للتدريب والاعداد العسكري نحو ثلاثة أشهر أتما خلالها استعمال الأسلحة الخفيفة والكلاشنيكوف ومضاد الطائرات وتصنيع المتفجرات ثم اديا القسم على عدم استخدام ما تعلماه ضد المسلمين وذلك بعد قيامهما ببيعة امير المعسكر على «السمع والطاعة في المنشط والمكره» عادا بعد ذلك لتتبدل حال «أبو انس الشامي» الذي بدأ يبشر بالجهاد في كل مجلس يجلسه وازداد حرصه على طلب العلم والدعوة اليه.

زواجه

في صيف العام 1991 تزوج أبو انس من فتاة فلسطينية من قطاع غزة تحمل وثيقة سفر مصرية وكان أهلها يعيشون في السعودية قبل أن تنتقل للعيش مع زوجها في الأردن, استقر بهما الحال في حي «الارسال» بمنطقة صويلح الأردنية حيث عمل الشيخ إماما في مسجد «مراد» في الحي ذاته. رزق أبو أنس الشامي بمولودته الأولى في أوائل العام 1993 واسماها «ميمونة» ثم رزق بعد ذلك بنحو ثلاث سنوات بابنه «انس» ثم بعده بسنتين جاء ابنه «مالك».

طلبه للعلم

غادر «أبو انس الشامي» الأردن إلى السعودية مرات عدة للقاء المشايخ والعلماء وطرح بعض الاسئلة عليهم ومناقشتهم في امور كانت تؤرقه كثيرا منها الوجود الاميركي في منطقة الخليج وكان محاورا ممتازا منتصرا لرأيه يملك الحجة القوية والفكرة كانت حاضرة دائما في ذهنه. آلمه كثيرا اعتقال المشايخ سفر الحوالي وسلمان العودة وناصر العمر وكان يعتبر ان هذا المثلث هو «صمام الامان للأمة وانهم القادة الفعليون للحركة الإسلامية». عندما أنهى دراسته في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عمل إماما في مسجد مراد في حي الإرسال في منطقة صويلح. غرب العاصمة عمان.

اجتهد «أبو أنس الشامي» بتدريس العلوم الشرعية في مسجده متأثرا بفكر الشيخ الدكتور سفر الحوالي، ونشط في الدعوة، وتأثر بطرحه عدد كبير من الشباب، وامتاز بشخصيته الهادئة، وخلقه الكريم، ومرونته مع المخالفين، على الرغم من مواقفه السياسية المتشددة، والتي كانت جلية في موقفه المدافع عن «أبو محمد المقدسي» (عصام البرقاوي) الذي يعتقد «بكفر الانظمة العربية الحاكمة» ويدعو «إلى البراءة منها».

غادر «أبو انس الشامي» الأردن إلى البوسنة والهرسك للتدريس والدعوة ثم عاد ليعمل مدرسا ومربيا وواعظا متطوعا في مركز الامام البخاري الذي ساهم بتأسيسه في منطقة ماركا الشمالية في العاصمة الأردنية عمان, وفي مارس من العام 2003 تم اعتقاله لإعلانه في صفوف طلابه وأتباعه «ان النظام الحاكم في الأردن حول البلاد إلى ثكنة عسكرية اميركية يأتمر بأمرها وينتهي بنهيها وان الحرب القادمة ليست ضد النظام العراقي وانما ضد الإسلام» وذلك أثناء الاستعدادات الاميركية لشن الحرب على العراق، وكان يدعو الناس إلى وجوب معارضة التوجه الحكومي في مساندة الاميركان والتوجه إلى العراق لدعم الجهاد هناك, بعد ذلك تم إطلاق سراحه ليعود مجددا إلى حث طلابه وأتباعه على «الجهاد ضد المحتل الأميركي» في العراق.

ذهابه للعراق

بعد أن شعر بأنه «أدى ما عليه من أمانة التبليغ» توجه إلى العراق بعد أن أشاع خبر نيته السفر إلى السعودية للعمل وذلك بعد عودته من أداء مناسك العمرة في شهر سبتمبر العام 2003، وهناك انضم إلى جماعة «التوحيد والجهاد» التي يتزعمها الشيخ أبو مصعب الزرقاوي.

لم يمض وقت طويل حتى تفاجأ الناس أن «أبو أنس» أصبح المسئول الشرعي للجماعة والمستشار المؤتمن القريب من الشيخ أبي مصعب ألزرقاوي وقد ظهرت له على بعض المواقع الجهادية على الإنترنت تسجيلات صوتية ومقالات يتحدث فيها عن معركة الفلوجة في أبريل 2004 وتكمن أهمية هذه التسجيلات والمقالات أنها أصبحت بمثابة «الوثيقة» التي تؤكد وتوضح دور الجماعة في الأحداث الجارية في العراق.

وليس غريبا على من عرف «أبو انس الشامي» أن يجد في وصفه للمعركة بعضا من اللطائف والطرائف فهو صاحب روح مرحة تميل إلى الترويح عن الآخرين من خلال الضحك ولهذا فقد وصف هذه الحادثة بعد سرده لحال معركة خاضها مع أحد زملائه في المعركة واضطرهم الرصاص الاميركي المنهمر على رؤوسهم من الاحتماء في محل لبيع الطيور, «وبعد أن توقف إطلاق النار - يقول- «أفقت من هول الصدمة وطردت العصافير عني ونزلت وصاحبي وكان الرمي قد اشتد علينا جدا, وركبت رأسي واستعرت العناد ولست بعنيد في العادة ورقيت بيتا مواجها لهم ولم يكن يفصلني عنهم إلا الشارع وبيت واحد وكان معي قنبلة يدوية فرميت بها عليهم وانتظرت الصوت فلم اسمع شيئاً فقد كان الصاعق عراقيا فلم ينفجر والله المستعان.

فنزلت وتقدمت اقصد زاوية الفرع المواجهة لهم مباشرة وأفاجأ بالهمر تعلوه (البكتا) قد ولج الفرع وتقدم وصرت معه وجهاً لوجه, كانت لحظات عصيبة، وتقهقرت إلى الوراء واستندت بظهري فانفتح الباب خلفي وكدت اسقط فسلمني الله - لكنني فقدت نعلي - ودخلت البيت ورموا البيت برصاصهم وأنا اشعر انه سينهدم ويسقط لقد (ملخوه) كما يقول إخواننا هنا وربضت مكاني ولم يكن معي إلا بندقية كلاشنيكوف بمخزنين مضمومين إلى بعضيهما وكنت قد فرغت مخزنا ونصف المخزن وكان معي في ثوبي عدد من الرصاص فجعلت املأ المخزن وانتظر العاقبة.

لا ادري,,, لكنني كنت اشعر حقيقة أن اجلي لم يحن وأن رحلتي في الحياة لم تؤذن بانقضاء, رمى الأوغاد, ثم انسحبوا مؤثرين السلامة. وتسورت الجدار حتى آخره ثم خرجت امشي راجعا وأنا اشعر بالإعياء وطنين أذني لا يهدأ فلقيت أبا خطاب وكان يصرخ باحثا عني، فلما أبصرني صرخ بأعلى صوته: أبو انس, وقلت له مداعبا: أبا خطاب جهز لي سرية حتى استرد نعلي, وتضاحكنا هذه النعل لها قصة طريفة وذلك إنها كانت قد بليت واهترأت وكان الشيخ أبو مصعب ألزرقاوي يلح علي أن استحدث أخرى وأنا أسوَّف وأقول له هذه النعل عزيزة علي فقد اهدانيها أخ عزيز من المدينة النبوية فلا أفرط فيها. وكان يمازحني ويقول: لا ادري كيف يقاتل مجاهدا بمثل هذا النعل؟

وكتبت في ذلك اليوم إلى الشيخ أبي مصعب ألزرقاوي ابشره بأن أمنيته قد تحققت وحيل بيني وبين نعلي. ويضيف: «أردت إن أقول: إننا بحمد الله مع فداحة الخطر وشدة المحنة فقد كنا نعيش طمأنينة وسكينة بهمم عالية وفي عيشة هنية، ومع قصف الرعود فقد كنا نتمازح ونضحك كأننا بين ظهراني أهلنا آمنين وذلك فضل الله علينا».

بعد ذلك أصيب أبو انس في معارك الفلوجة أثناء القصف وفقد حاسة السمع في إحدى أذنيه وذلك في يوم 7 ابريل 2004 و«استمر في الجهاد والذهاب إلى المساجد وحث الناس على مساندة المجاهدين وإيوائهم وإخفائهم عن أعين الاميركان المحتلين» وبالفعل - كما يروي - فقد «قام كثير من الناس بواجبهم الشرعي تجاه المجاهدين وكانوا لنا نعم المعين».بقي «أبو انس الشامي» مسئولا للجنة الشرعية في «التوحيد والجهاد» والمستشار المؤتمن لزعيمها أبو مصعب الزرقاوي.

استشهاده

استشهد الشيخ «أبو أنس الشامي» في قصف صاروخي أمريكي استهدفه وبعض رفاقه من قادة الجماعة في منطقة أبو غريب غرب بغداد بينما كانوا يستقلون سيارة في منطقة زراعية تملكها عشيرة شنيتر نقلا عن أقربائه وذلك يوم الجمعة 17 سبتمبر 2004. وأن أقرباء أبو أنس بدؤوا يتقبلون التعازي في وفاته في ضواحي عمان.

ونشرت عائلته نعياً في الصحف المحلية جاء فيه أنه "طلب الشهادة فنالها, فهنيئاً له بها", وقال أحد أشقائه أن شقيقا آخر له يعيش خارج الأردن تبلغ بمقتل أبو أنس. ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن والده يوسف جمعة (64 عاماً) انه عرف من ابنه الأكبر جمعة, الموجود في الإمارات, بمقتل نجله في العراق.

لكنه قال في منزله في ضاحية الزهور: "لا أستطيع وصف شعوري. لست سعيداً ولا حزيناً لوفاته". وأضاف: "رأيته للمرة الأخيرة قبل سنة عندما أخبرني انه ذاهب إلى السعودية". بعد أسبوعين تلقى منه رسالة تقول انه في العراق.

مصادر

جريدة الراي العام الكويتية الصادرة بتاريخ الاثنين 20 سبتمبر 2004

وصلات خارجية

مجلة العصر منبر التوحيد والجهاد