آرنو بينزياس
آرنو بينزياس (بالإنجليزية: Arno Penzias) هو عالم فيزياء أمريكي. حاز على جائزة نوبل للفيزياء عام 1978 عن «اكتشافه للأشعة الخلفية الكونية الميكرونية». وشاركه في الجائزة زميله في هذا الاكتشاف وهو روبرت ويلسون، كما شاركهم في الجائزة بيوتر كابيتسا.
ولد آرنو بينزياس في 26 أبريل 1933 في ميونيخ بألمانيا، ثم رحل مع والديه إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
إسهامات أرنو بينتسياس في دراسة الكون
منذ حوالي عام ١٩٥٠، كانت هناك نظريتان متضادتان حول أصل الكون، ولكل نظرية مؤيدوها ومعارضوها، وهما: نظرية الانفجار الكوني الكبير ونظرية الكون الثابت؛ حيث تمت مقارنة شكل الكون الذي تغير بفعل الوقت بذلك الذي ظل كما هو دون تغيير. وقد تقبل كلا الجانبين فكرة "اتساع الكون" (١٩٢٩) والتي مفادها أن الكثير من المجرات مثل مجرة درب التبانة أو على الأقل مجموعات من المجرات، كانت تتحرك بعيدا عن بعضها البعض.
بيد أن كلتا النظرتين قد تضمنتا العديد من المشكلات. فقد اعتقد أتباع نظرية الانفجار الكوني أن الكون كان ذات يوم كثيفا وحار للغاية - وقد كان كذلك بالفعل - وأن المادة والطاقة قد انتشرتا وبردت حرارتهما من ذلك الحين وتجمعتا لتشكل النجوم والمجرات. لكن هل تستطيع قوانين الفيزياء العمل في مثل هذه الظروف الشديدة؟ بالنسبة لمن يؤيد نظرية الكون الثابت، من الممكن أن يظل مظهر الكون كما هو فقط إذا ظهرت مجرات جديدة في الفضاء في أثناء ابتعاد المجرات الموجودة الآن. لكن هل لا يتسبب مثل هذا الظهور المستمر في خرق قوانين الحفاظعلى المادة و/أو الطاقة؟ (آينشتاين ١٩٠٧).
لقد كانت نظرية الانفجار الكوني تتمتع بالفعل ببعض المصداقية. فقد كانت تتماشى مع الطريقة التي تبدو بها المجرأت منتشرة في الفضاء. كما أنها يمكن أن تشرح كميات النظائر العديدة للهيدروجين والهليوم التي كشفها تحليل الضوء المنبعث من النجوم. وكان هذا أحد "الأثرين" اللذين ربما نتجا عن الانفجار الكوني وتنبأ بهما عالما الفيزياء الأمريكيان رالف ألفر وجورج جاموف.
أما الأثر الآخر، فربما يتمثل في التوهج المتبقي من ذلك الشهاب المتوهج الأولي. ونظراً لاستمرار الكون في النمو والبرودة، فإن نوى الهيدروجين والعناصر الأخرى كانت لديها القدرة على الإمساك بالإليكترونات والاحتفاظ بها، وبهذا تكونت ذرات كاملة للمرة الأولى. في تلك اللحظة التى حدثت بعد ٣٠٠٠٠٠ سنة من لحظة البداية، استطاعت الأشعة فوق البنفسجية التي كانت محاصرة بين الجسيمات الهروب فجأة محدثة وميضا هائلاً. فمثل هذه الأشعة يجب أن تكون موجودة على الرغم من تغيرها إلى حد كبير. ومنذ ذلك الحين، زاد اتساع الكون وبردت الأشعة لتتحول إلى فيض صغير من الموجات اللاسلكية القصيرة، التي تمثل "الخلفية الكونية من الموجات الدقيقة". وقد تنبأ الأمريكيون أن هذه الأشعة قد تشبه أنماط الطاقة التي تنبعث من جسيم أسود (معتم) تصل درجة حرارته إلى ٢,٧ درجة فوق درجة الصفر المطلق.
لم يذهب أحد ليبحث عن هذا الأثر، فلم يعتقد أحد آنذاك أنه يمكن اكتشافه. وفي عام ١٩٦٥، تم الكشف عنه بمحض الصدفة، حيث حاول كل من أرنو بينتسياس وروبرت ولسون، اللذين كانا يعملان في إحدى شركات الاتصالات، اكتشاف مصدر التداخل اللاسلكي في قنوات لاتصال من الأقمار الصناعية. وقد كان ذلك بمثابة إعادة جديرة بالملاحظة للطريقة التي اكتشف بها كارل جانسكاي كيفية وصول الموجات اللاسلكية من مجرة درب التبانة في عام ١٩٣٢. في أثناء محاولتهما لقطع هذا التداخل، كان بينتسياس وولسون ما زالا يسمعان صوتا مصاحباً (يشبه صوت الأفعى) لتشويش قادم من جميع أنحاء السماء، مثلما تنبأ كل من ألفر وجاموف. بل لقد كانت درجة حرارة الأشعة مناسبة هى الأخرى. وقد كان هذا دليلاً قوي على أن الكون كان حار وكثيفاً بدرجة كبيرة جداً ذات يوم.
واجه مؤيدو نظرية الكون الثابت (١٩٥٠) مشكلة جقيقية في شرح سبب وجود خلفية من الموجات الدقيقة، حيث كانوا يقولون إن الكون الذي نعيش به لم يطرأ عليه أي تغيير وبهذا. أصبحت نظرية الانفجار الكوني الكبير مقبولة على نطاق واسع حيث إنها تصف الأيام الأولى. بل وربما اللحظات الأولى، في حياة الكون. أسهب بعض الباحثين الآخرين في شرح هذه النظرية (جوث ١٩٨٠)، كما عملت بعض الدراسات التي أجريت حول خلفية الموجات الدقيقة على إضافة بعض التفصيلات. إن معظم علماء الفلك الآن يتقبلون فكرة أن الكون الذي نعيش فيه له بداية، وما زالوا يتناقشون حول كيفية (أوحتى إمكانية) انتهائه.