نظرية النخبة

(بالتحويل من نظرية الصفوة)

نظرية النخبة أو نظرية الصفوة (بالإنجليزية: Elite theory)، هي نظرية تسعى إلى وصف وشرح علاقات القوة في المجتمع المعاصر، نظرية تفترض أن أقلية صغيرة، تتكون من نخب اقتصادية، وشبكات تخطيط السياسات، يشكلون سلطة مستقلة في الدولة، بعيداً عن عملية انتخابات ديمقراطية. النظرية مرتبطة بقوة مع مفاهيم بناء الدولة، وبناء الأمة.

يرجع الفضل إلى أعمال اثنين من العلماء الإيطاليين فى القرن التاسع عشر هما فلفريدو باريتو وموسكا فى تسليط الضوء على الملاحظات المتكررة عبر التاريخ البشرى المعروف، والتى مؤداها آن القلة كانت تتولى حكم الأغلبية، وهى الملاحظات التى مثلت إسهاما مهما فى علم الاجتماع السياسى الحديث.

التاريخ

المدرسة الإيطالية للنخبوية

كان فيلفريدو باريتو (18481923وغايتانو موسكا (18581941وروبرت ميشيلز (18761936)، من المؤسسين للمدرسة الإيطالية للنخبوية، والتي أثرت على نظرية النخبة اللاحقة، في التقاليد الغربية.

تستند نظرة المدرسة النخبوية الإيطالية إلى فكرتين:

  1. تقع النخبة، في موقع السلطة، وفي المؤسسات الاقتصادية، والسياسية الرئيسية.
  2. الاختلاف الذي يميز النخب، هو أن لديهم موارد شخصية، مثل الذكاء، والمهارات، واهتمامات خاصة في الحكومة؛ في حين أن الباقين غير أكفاء، وليس لديهم القدرة على حكم أنفسهم، النخبة واسعة الحيلة، وتسعى جاهدة لجعل الحكومة تعمل.

غايتانو موسكا

عرض موسكا (فى كتابه الذى نشره عام 1899 -بالإيطالية - بعنوان: أسس علم السياسة، وترجم الى الإنجليزية ونشر بعنوان: الطبقة الحاكمة، فى عام 1939)، عرض أول صياغة لنظرية الصفوة، أوضح فيها الخصائص المميزة للحكام، ومن ثم قدم تفسيراً لسيطرتهم السياسية، أرجع فيه هذه السيطرة الى التنظيم المحكم والقوى للحكام أنفسهم. غير أنه أوضح أن تلك السيطرة يمكن أن تستمر طالما مورست بطريقة تتسق مع قيم المجتمع (الصيغة السياسية) الذى توجد فيه. فإذا لم تمارس بهذا الشكل، فإن صفوة أخرى جديدة سوف تحل محلها إن عاجلا أو آجلأ، وستكون صفوة مهيأة للحكم بما يتسق مع القيم السائدة.

شدد موسكا، على الخصائص الاجتماعية، والشخصية للنخب. وقال إن النخب هي أقلية منظمة، وأن الجماهير أغلبية غير منظمة.

تتكون الطبقة السائدة من النخبة، الحاكمة والنخب الفرعية. يقسم العالم إلى مجموعتين:

  1. الطبقة السياسية.
  2. الطبقة غير السياسية.

يؤكد موسكا، على أن النخب لديها تفوق فكري، وأخلاقي، ومادي، يحظى بتأثير وتقدير كبير.

فيلفريدو باريتو

مع أنه يعتقد عادة أن باريتو قد استمد فكرته عن الصفوة من موسكا، إلا أنه كان صاحب الفضل فى إطلاق اسم الصفوة على أفراد تلك الأقلية الحاكمة، ومن ثم نسب إليه الفضل الأكبر فى ابتكار نظرية الصفوة. غير أن باريتو قد تابع تطوير هذه الفكرة باعتبارها جزءا من نسقه المعقد فى علم الاجتماع الذى أسهم به فى تاريخ هذا العلم. وقد ذهب فى ذلك النسق النظرى إلى أن الفعل الاجتماعى يتحدد بواحدة أو أكثر من العواطف أو "الرواسب" الست الأساسية، التى غالبا ما يتم تبريرها من خلال مجموعات من الأفكار ذات المستوى الفكرى الرفيع (مثل أفكار: الديموقراطية، والقومية، والحرية) والتى يطلق عليها مصطلح المشتقات (بالإنجليزية: Derivations).

ذهب باريتو إلى أنه من يين هذم الرواسب ثمة اثنين يفوقان غيرهما أهمية بكثير، هما: "راسب استمرار التجمعات" الذى يستثير الشجاعة والقوة، "وراسب التفاعل" الذى يستثير الدهاء والحلول التوفيقية. وتأثراً منه بمكيافيللى، أطلق باريتو على الحكام الذين يتحركون بدافع مع الراسب الأول اسم "الأسود"، على حين أطلق على الحكام الذين يحركهم الراسب الثانى اسم "الثعالب". ثم انتقل بعد ذلك إلى استخدام تلك التفرقة - بين الأسود والثعالب - فى صياغة نظريته فى "دورة الصفوة". وترى هذه النظرية أن كل مجتمع يتأسس على العنف، ومن ثم بالأسود، و لكن بعد أن يستقر المجتمع وتنتظم أموره تقل حاجته إلى الشجاعة والقوة، وفى النهاية تزداد باضطراد الحاجة إلى مهارات "الثعالب" الأكثر دهاء، وهم الذين بتولون بعد ذلك مهمة الحكم. ويمكن أن يستمر حكم الثعالب إلى المدى الذى تصبح فيه هوية المجتمع وقدرته على تحديد الاتجاه مفتقرة إلى الوضوح، وعندها تبرز حاجة المجتمع إلى خصانص وسمات الأسود مرة أخرى.

شدد باريتو، على التفوق النفسي، والفكري للنخب، معتبرا أنها كانت أعلى الإنجازات في أي مجال.

ناقش وجود نوعين من النخب:

  1. النخب الحاكمة.
  2. النخب غير الحاكمة.

كما وسع فكرة أن النخبة بأكملها، يمكن استبدالها بنخبة جديدة، وكيف يمكن للمرء أن ينتقل من النخبة، إلى غير النخبة.

روبرت ميشيلز

طور عالم الاجتماع روبرت ميشيلز، قانون الحديد من الأوليغارشية، حيث يؤكد أن المنظمات الاجتماعية والسياسية يديرها عدد قليل من الأفراد، والتنظيم الاجتماعي، وتقسيم العمل هما المفتاح.

كان يعتقد أن جميع المنظمات، كانت نخبوية، وأن للنخب، ثلاثة مبادئ أساسية تساعد في الهيكل البيروقراطي للتنظيم السياسي:

  1. الحاجة للقادة والموظفين المتخصصين والمساعدين.
  2. الاستفادة من التسهيلات، من قبل القادة داخل منظمتهم.
  3. أهمية الصفات النفسية للقادة.

نظرية الصفوة في العصر الحديث

وعلى الرغم من الطبيعة الشكلية، و اللاتاريخية، والسيكلوجية الواضحة لتلك الأفكار، إلا أننا نلاحظ أنه كان يتم إحياؤها وتجديدها - من حين لآخر - منذ أيام موسكا وباريتو على يد نفر من العلماء الذين يسعون إلى سد الفجوات فى النظريات الأخرى المتصلة بتوزيع القوة، ومن ثم وجدنا مثلاً تشارلز رايت ميلز يستخدم هذه الأفكار فى كتابه صفوة القوة، الصادر عام 1956، لكى يتغلب من خلالها على نزعة الاختزال الاقتصادى عند الماركسية. ولذلك أيضاً استخدمت هذه الأفكار بواسطة أصحاب اتجاه الصفوة الديموقراطية" (انظر باكراك فى كتابه نظرية النزعة الصفوية الديموقراطية، الصادر عام 1967)، و الذى برز خلال عقد الستينيات للتغلب على الطبيعة الغامضة غير المحددة لنظريات التعددية.

وللوقوف على عرض للتراث الغزير حول نظرية الصفوة والدراسات الأساسية المستندة إلى بحوث البيروقراطية، والإدارة، والعسكرية، وقوة المجتمع المحلى، انظر: جيرينت بارى فى كتابه الصفوات السياسية، الصادر عام 1969.

انظر أيضاً