ماركوس أوريليوس
ماركوس أوريليوس أنطونينوس أوغسطس (باللاتينية: Marcus Aurelius Antoninus Augustus) (26 أبريل 121 - 17 مارس 180) هو فيلسوف رواقي والإمبراطور الروماني السادس عشر (161 - 180) وخامس الأباطرة الأنطونيين الرومان. وهو أبو الإمبراطور كومودوس.[١] كان أحد آخر "خمسة أباطرة جيدون" حكموا الإمبراطورية الرومانية من 96 إلى 180م، كما أنه يُعتبر من أهم وأبرز الفلاسفة الرواقيين.[٢] تولى عرش الإمبراطورية الرومانية مع أخيه المُتبنى لوسيوس فيروس من 161م وحتى وفاة فيروس في 166م، ومن ثم مع ابنه كومودوس منذ عام 177م.
أُطلق عليه مسمى الفيلسوف من بين الأباطرة الرومانيين، كان ممارساً للفلسفة الرواقية، استولت كتاباته الفلسفية الشخصية والتي سُميت لاحقاً بالتأملات مصدراً هاماً للمفهوم الحديث للفلسفة الرواقية القديمة، والتي مازالت تعتبر من قبل الكثير من المعلقين كأحد أعظم الأعمال الفلسفية والصروح الأدبية في الحكم والإدارة.
انتصرت الإمبراطورية الرومانية خلال عهده ضد إعادة الإمبراطورية الفرثية في الشرق، حيث أخمد جنراله أفيديوس كاسيوس التمرد الذي حصل في العاصمة الفرثية قطيسفون في عام 164م. ونجح أوريليوس في قتال القبائل الجرمانية: الماركومانيون والكواديون والسارماتيون، خلال الحروب الماركومانية في أوروبا الوسطى إلى بلاد الغال عبر نهر الدانوب. بالرغم من تهديدات القبائل التي الجرمانية بدأت بالتسبب بواقع مزعج للإمبراطورية.
وبموته في عام 180م انتهى عهد ما يُعرف بباكس رومانا، والذي تلاه اضطرابات متزايدة في الغرب مَهدت لبداية سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية.
المنشأ
الاسم
يُعتقد بأن اسم ولادته كان ماركوس أنيوس فيروس (باللاتينية: Marcus Annius Verus)، وتختلف بعض المصادر بنسب اسمه هذا عندما تبناه جده بعد وفاة أبيه، أو عندما بلغ رُشده. ربما كان معروفاً عند ولادته أو في أحد مراحل حياته المبكرة باسم ماركوس أنيوس كاتيلوس سيفيروس (باللاتينية: Marcus Annius Catilius Severus).[٣][٤] وربما قد سُمي ماركوس كاتيلوس سيفيروس أنيوس فيروس (باللاتينية: Marcus Catilius Severus Annius Verus). عند تنصيبه للعرش عُرف باسم ماركوس أيليوس أوريليوس فيروس سيزر (باللاتينية: Marcus Aelius Aurelius Verus Caesar)، وعند اعتلاءه العرش وحتى موته كان يُعرف بماركوس أوريليوس أنطونينوس أوغسطس (باللاتينية: Marcus Aurelius Antoninus Augustus).[٥]
أصول العائلة
نشأت عائلة ماركوس في إسبيخو، وهي بلدة صغيرة تقع في جنوب شرق قرطبة في بايتيكا الإيبيرية. وبرزت عائلته في أواخر القرن الأول الميلادي، كان جد ماركوس الأكبر ماركوس أنيوس فيروس الأول سيناتوراً وبريتور سابق. في 73-74 عُين جده ماركوس أنيوس فيروس الثاني باتريكيان. تزوج والده ماركوس أنيوس فيروس الثالث بدوميتييا لوسيلا.
لوسيلا هي ابنة أحد الباتريكيان، والدتها دوميتييا لوسيلا الكبرى ورثت ثروة كبيرة من جد أمها وجد أبيها المتبنى. وقد حصلت لوسيلا الصغرى قدراً من هذه الثروة من أمها، بما في ذلك مصنع قرميد في أحد ضواحي روما، وكان مربحاً حينها عندما شهدت روما طفرة توسع.
الحياة المبكرة
ولد ماركوس أوريليوس في روما في 26 أبريل عام 121م، وهو الابن الوحيد لماركوس أنيوس فيروس الثالث ودوميتيا لوسيلا الصغرى، بالإضافة لأخته أنيا كورنيفيكيا فوستينا (باللاتينية: Annia Cornificia Faustina) المولودة في 122 أو 123م. مات والده على الأرجح في عام 124م عندما كان ماركوس يبلغ 3 أعوام. وبالرغم من معرفته الضئيلة لأبيه، إلا أنه ذكر في كتاباته التأملات بأنه تعلم "التواضع والرجولة" من ذكرياته لأبيه ومن سمعته بعد وفاته. لم تتزوج أمه لوسيلا وبعد وفاة أبيه، وربما لم تبقى طويلاً مع ابنها ماركوس بسبب العادات الأرستقراطية السائدة المتبعة، حيث أن ماركوس كان تحت رعاية المربيات. يُشيد ماركوس لأمه بتعليمها إياه "التقوى الدينية، والبساطة في المأكل"، وبكيفية تجنب "أساليب الأثرياء". كما يردد ذكر أمه في رسائله ويشير لها بالحنية، وهو ممتن لها، لأنها وكما يقول: "مع أن موتها كان محتوماً وهي يافعة، لكنها قضت آخر أيامها معي".
بعد موت أبيه، رعاه جده من أبيه ماركوس أنيوس فيروس الثاني ، واشترك في رعايته رجل آخر يُدعى لوسيوس كاتيليوس سيفيروس (باللاتينية: Lucius Catilius Severus). يَنعت ماركوس سيفيروس بأنه جده من أمه، وعلى الأرجح بأنه يكون زوج أم لوسيلا الكبرى.[٦] نشأ ماركوس في منزل والديه في تل كايليان، وهي منطقة يُشير إليها بحنية بأنها تنتمي إليه، وكانت منطقة راقية، يتواجد عليها بعض المباني والعديد من الفلل الأرستقراطية، كان جده يمتلك قصراً خاصاً بجانب اللاترن، حيث أمضى ماركوس الكثير من طفولته فيه.
أشاد ماركوس في كتاباته لجده لتعليمه إياه "الشخصية الجيدة، وتجنب الطباع السيئة". ماركوس كان أقل رأفةً مع عشيقة جده التي أتخذها وعاش معها بعد وفاة زوجته روبيليا فوستينا. اكتشف كاتب سيرة ماركوس الحديث أنتوني بيرلي تلميحاً يدل على توتر جنسي في كتابات ماركوس عن العشيقة، كان ماركوس ممتناً لأنه لم يبقى معها طويلاً[٧]، وشكوراً للآلهة لأنه لم يفقد عذريته في الوقت الخاطئ، ولمقاومته لوقت أطول. ومعتزاً بأنه لم يُشبع رغباته مع بنديكتا أو ثيودوتس.[ملاحظة ١]
الحياة العلمية 128-136
بدأ ماركوس الدراسة في سن السابعة على الأرجح، تلقى تعليمه منزلياً كما هو متبع حسب العادات الأرستوقراطية. يشكر ماركوس إلى لوسيوس سيفيروس لتشجيعه إياه بتجنب المدارس العامة. يُعرف 3 ممن قاموا بتدريسه في الصغر وهم: يوفوريك، جيمينوس، وآخر غير مسمى. لم يرد أي ذكر لهؤلاء الثلاثة في المصادر القديمة، ربما لأنهم كانوا عبيداً أو معتقون. وربما قام يوفوريك بتعليم ماركوس أساسيات اللغة الإغريقية لاسمه اليوناني، ويُقال بأنه علم ماركوس الأدب. يوصف جيمينوس على أنه ممثل، ومن المحتمل بأنه علم ماركوس النطق اللاتيني، وفن الخطابة العامة.[٨] والآخر كان مسؤولاً عن مراقبته، ورعاية أخلاقه وتطويره بشكل عام.[٨] كان ماركوس يتحدث عنه بإعجاب في التأملاتعلمه "بأن أتحمل الألم، وأن أرضى بالقليل، وأن أعمل بنفسي، وأهتم بشؤوني الخاصة، لأن أكون بطيئاً في الاستماع للافتراءات".
في سن الثانية عشر كان جاهزاً للدراسة الثانوية، ويُعرف اثنان من معلميه في هذه المرحلة وهما أندرو (باللاتينية: Andro) عالم هندسة وموسيقي، ودايوغنيتيس (باللاتينية: Diognetus) رسام كبير، كان ماركوس يَكن اعتباراً لدايوغنيتيس ليس فقط لكونه رساماً، ولكن بسبب تعريفه له لنهج فلسفة الحياة، ويذكر ماركوس بأن دايوغنيتيس علمه "بان أتجنب الاندفاع، بأن أرتاب بقصص متكهني الغيب والمحتالين بالأعمال السحرية وطرد الأرواح الشريرة وما إلى ذلك، بأن لا أنخرط في صراع الديوك أو لأن لا ينالني الحماس لمثل هذه الرياضات"، "لأن أذعن بالقول الصريح، ولأن أفقه بالفلسفة"، "لأن أكتب الحوارات الفلسفية في فترة الصبا". في أبريل 132م، أخذ ماركوس رداء وعادات الفلاسفة تحت أمر من دايوغنيتيس، كان يدرس بينما يرتدي عباءة يونانية فظة، وكان ينام على الأرض حتى أقنعته أمه بالنوم على السرير.
في حوالي العام 132 أو 133م، تولى تدريسه ألكسندر كوتايوم وتروسيوس أبر وإوتيتشيوس بروكلوس. لا يعرف إلا القليل عن آخر اثنان، كلاهما يدرسان اللاتينية، ولكن ألكسندر كان أديباً كبيراً، وقد امتن ماركوس له لتعليمه أسلوبه في الأدب.
خلافة هادريان
في أواخر 136م أوشك الإمبراطور هارديان على الموت إثر نزيف حل به. وبينما كان يتماثل للشفاء في فيلته في تيفولي، اختار -خِلافاً لرغبات الجميع- لوسيوس سيونيوس كوماندوس (والد ماركوس بالتبني) خليفةً وابناً له، وليس من الواضح ما الذي دَفعهُ لاتخاذ هذا القرار، بيد أنه وعلى الأرجح يريد وضع ماركوس -الذي كان صغيراً حينئذ- على سلم العرش. أخذ كوماندوس اسم لوسيوس أيليوس سيزر بعد تبنيه، وكانت صحته سيئة للغاية؛ حيث أنه، وخلال حفل مراسم تنصيبه كخليفة للعرش لم يستطع حمل درعاً كبيراً بمفرده. وبعد مرابطة قصيرة لأيليوس على جبهة الدانوب، عاد إلى روما ليُلقي خطبة في مجلس الشيوخ الروماني في أول يوم في 138م، ولكن في ليلة ما قبل الخطبة اشتد به مرضه، وتوفي على أثر نزيف حل به.
وفي 24 يناير 138م، عَين الإمبراطور هارديان خلفته الجديد أوريليوس أنطونيوس زوج فوستينا الكبرى خالة ماركوس. والذي كان من شروطه أن يتبنى أوريليوس ماركوس أوريليوس ولوسيوس فيروس، فأصبح ماركوس يُعرف باسم ماركوس أوريليوس أيليوس فيروس، ولوسيوس فيروس باسم لوسيوس أيليوس أوريليوس كوماندوس. وبطلب من هارديان تم عقد خطبة ماركوس على فوستينا ابنة أوريليوس. ويُقال بأن ماركوس استقبل حزيناً نبأ هارديان تبنيه له كجده. حيث رحل من منزل أمه إلى منزل هارديان الخاص مع عدم رغبته بذلك. في وقت ما من عام 138م طلب هادريان في مجلس الشيوخ بإعفاء ماركوس من منصبه ككويستور قبل عيد ميلاده الرابع والعشرين. وقبل المجلس طلبه، وخدم ماركوس تحت يد أنطونيوس القنصل حتى عام 139م. غير تبني ماركوس مساره الوظيفي المعتاد لطبقته. فلو لم يُتبنى لكان على الأرجح سيصبح تريومفير مونيتاليس (باللاتينية: Triumvir Monetalis)، وتعنى بإدارة سك العملات وهي وظيفة ذات تقدير عالٍ، ومن بعدها كان بمقدوره أن يخدم كأطربون عسكري. ولكنه على الأرجح ابتغى السفر ومواصلة التعليم بدلًا من ذلك. وكما يتضح بأن ماركوس انعزل عن بقية المواطنين. ولكن كاتب سيرته يؤكد بأن شخصيته لم تتأثر؛ كان يبدي نفس الاحترام في علاقته عندما كان مواطنًا عاديًا، وكان معتنٍ ومقتصدًا لممتلكاته كما كان عندما عاش في منزل خاص.
المهمات المدنية والعلاقات العائلية 127 م-136 م
في عام 127م عندما كان يبلغ 6 سنوات، انضم ماركوس إلى الإكوايتس بطلب من الإمبراطور هادريان. بالرغم من كون هذا غير مسبوق كلياً، وأن سبق وقد انضم أطفال من قبل، إلا أن ماركوس كان لا يزال صغيراً. كان هادريان يَكن الكثير من الحنية للطفل ماركوس، ولقبه بالحق الأعلى (باللاتينية: Verissimus).
ماركوس هو ابن اخت الأمبراطور (لاحقاً) انطونيوس بيوس. وبعد اعتلاء انطونيوس بيوس منصب الامبراطورية تبنى ماركوس الذي بات يعرف بماركوس ايليوس اوريليوس انطونيوس وزوّجه من ابنته عام 145. وعام 161 أصبح ماركوس امبراطوراً، وظل في الحكم حتى قتله ابنه كومودوس في فيينا (يندوبونا) عام 180، بعد حملة عسكرية قادها في شمال وسط أوروبا.
طوال هذه الفترة خاض ماركوس اوريليوس حروب دفاعية عن أرجاء امبراطوريته الضخمة على الجبهتين الشمالية والشرقية، منها نجاح قواته في رد هجمات البارثيين الإيرانيين على اراضي سورية عام 166.وحافظ على سورية الرومانية كأهم مناطق الامبراطورية، وفي خضم همومه السلطوية والاستراتيجية كان مهتماً بالتشريع والقوانين واصول الإدارة. في سنة 166 م أرسل الإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس من مستعمرته في الخليج العربي مبعوثاً إلى الصين. ومن ناحية ثانية، برغم حرصه على الصالح العام الذي تجسد في اقدامه على بيع ممتلكاته الخاصة لتخفيف محنة مواطنيه من المجاعة والأوبئة وحدبه على الفقراء وتشييده المستشفيات والمياتم، فإنه ناهض المسيحية واعتبرها مصدر تهديد للامبراطورية.
مؤلفاته
ان ماركوس اوريليوس خلّد اسمه بين الاباطرة العظام لسبب لا صلة مباشرة له بالسلطة. إذ أنه اشتهر بطول باعه في مضمار الفلسفة اليونانية، ووضع مؤلفاً باللغة اليونانية من 12 فصلا عرف بـ«التأملات»، يعد من أبرز آثار الفكر الفلسفي الرواقي، ويعرض إيمانه بأن الحياة الخلوقة السوية تفضي إلى السكينة والطمأنينة، ويشدد على فضائل الحكمة والعدالة والاعتدال والصلابة في المواقف.
آثاره في العالم الإسلامي
- قوس ماركوس اوريليوس (في العاصمة الليبية طرابلس -«ويات»)، في حي باب البحر. ويعتبر واحداً من الآثار الرومانية العديدة التي تزخر بها ليبيا شرقاً وغرباً، ولا سيما في شحات ولبدة الكبرى (لابتيس ماغنا) وصبراتة. ويرى الباحثون في التاريخ الفينيقي لليبيا أن اتجاهات أبواب قوس ماركوس اوريليوس تمثل اتجاهات المدينة الفينيقية القديمة التي اقيمت عليها مدينة رومانية في طرابلس.
أفلام
فيلم جلادييتور "gladiator"بطوله راسل كرو"russell crowe" وهو من أشهر الافلام التي انتجت بهذا الصدد
- The Fall of the Roman Empire,سقوط الإمبراطورية الرومانية (1964)، بطولة اليك غينيس Alec Guinness
- Richard Harris
- '"فيلم صمت الحملان. ساعد في انتشار مقولات ماركوس اوريليوس المقتبسة من كتابه ' تأملات :" عن اي شيء، ولا يسال 'ما هو في ذاته؟ ما هي طبيعته؟ "
- مسلسل roman empire من إنتاج شبكة "نتفلكس"
ملاحظات
- ^ جاريات على أرجح الظن
ماركس أورليوس
امبراطور روماني ، وفيلسوف ذو نزعة رواقية .
حياته
ولد في روما في ۹/۲۹/ سنة ۱۲۱ بعد الميلاد من أسرة نبيلة ، وكان اسمه Marcus Annius Verus ولما توفي أبواه في سن مبكرة من عمره ، رباه جده . وكان من معلميه Marcus Cornelius Fronto، وقد جرت بين المعلم وتلميذه مراسلات تكشف عن سخاوة نفس التلميذ واجتهاده . وقد أعجبت مناقبه الامبراطور هادریانوس إلى حد أنه نصح Aurelius Antoninus ( وهو المعروف باسم Antoninus Pius- وكان هادریانوس قد عينه ليخلفه امبراطورا - أن يتبنى هذا الولد ، وأن يجعله وريثا له على عرش الامبراطورية الرومانية .
وفي سن الحادية عشرة تعرف ماركس إلى آراء الرواقيين بفضل الفيلسوف دیوجنیتوس Diognetus فارتدى مارکس زي الفلاسفة الرواقيين وعاش عيشة الزهد والتقشف وتحمل الآلام، وترك دراساته الأخرى ليتفرغ لتحقيق مبادىء الرواقيين ويمارس الحياة الرواقية.
ولما تولى انطونيوس النقي عرش الامبراطورية الرومانية تبنى ماركس ، وزوجه من ابنته فاوستینا Faustina. اتخذ مارکس اسم من تبناه وصار يطلق عليه اسم Marcus Aurelius Antoninus . وخلال الثلاث وعشرين سنة التالية ، وبوصفه رفيقا وزميلا لأنطونينوس ، عني بدراسة فن الحكم ، إلى أن توفي الامبراطور أنطونيوس في سنة ۱۹۱ ، فتولى عرش الامبراطورية الرومانية . وأشرك معه في الحكم Lucius Verus على الرغم من معارضة مجلس الشيوخ ، وكان لونيوس فيروس هذا ابنا بالتبني ثانية لانطونينوس ، ولم يكن كفؤا لتولي الحكم ، فاشترك الاثنان في حكم الامبراطورية ، وزوجه مارکس من ابنته لوكلا Lucilla ولكن سنوات حكم مارکس اورلیوس ، هذا الرجل الحكيم الهاديء المحب للسلام ، حفلت بالحروب الدامية ، والاضطرابات الداخلية ، والكوارث الطبيعية : من زلازل وحرائق وسيول . ولما عاد فيروس بجيشه من حملة في سوريا عاد معه ببذور طاعون انتشر في سائر أنحاء الامبراطورية وتدفقت جحافل من قبائل الكوادي والمركومان Quadi and Marcomanni على حدود بانونيا Pannonia ، فاضطر مارکس إلى مغادرة روما وتولى قيادة الفيالق الرومانية على الدانوب المحاربة هذه القبائل المغيرة .
وفي سنة ۱۹۹ توفي فيروس، وأصبح ماركس وحده هو الامبراطور. وفي سنة ۱۷۰ تمرد افيديوس كاسيوس ، قائد القوات الرومانية في آسيا الصغرى ، وأعلن نفسه امبراطورة . فأسرع مارکس بالتوجه نحو آسيا ، لكنه علم أن ضباط كاسيوس Cassius قتلوه ، فأبدى ماركس من كرم النفس ما جعله يأمر بإحراق أوراق كاسيوس ودعا مجلس الشيوخ إلى العفو عن أسرة كاسيوس . وفي أثناء هذه الحملة توفيت زوجته فاوستينا ، وكانت قد رافقته فيها ؛ بعد أن أنجبت منه خمسة أبناء ، ماتوا جميعا في حياة أبيهم باستثناء ولد واحد شریر هو كومودس Commodus الذي عاش وخلف أباه على عرش الامبراطورية ،
ولما عاد مارکس من الشرق ، استأنف تتاله المضني ضد القبائل المتبربرة على نهر الدانوب وهناك توفي بين الارهاق والقلق ، وكانت وفاته وهو في التاسعة والخمسين من عمره ، وبعد أن حكم الامبراطورية تسع عشرة سنة ( من ۷ مارس سنة 161 إلى 17 مارس سنة ۱۸۰ ).
آراؤه الفلسفية
سجلها في مجلد سمي باسم : والتأملات ». كتبه باللغة اليونانية وكان يتقنها إلى جانب لغته الأصلية اللاتينية ، ويقع في ۱۲ مقالة . وقد كتبه أثناء حملته في وادي الدانوب ضد القبائل المتبربرة . وهو يتناول فيه أراءه في الأخلاق وفي الدين . وتتوالى هذه التأملات دون ترتيب محكم ، إنما هي خواطر إننالت عليه وهو في معمعان المعارك ونظرا لتفكك سردها ، فقد افترض البعض أنها مجرد تعليقات ومذكرات سيستعين بها بعد ذلك في تأليف كتاب محکم التأليف ، ورأى البعض الآخر أنها خواطر ومناجيات لم يقصد بها ماركس إلا الأفضاء عن مكنون فكره لنفسه .
وقد طبعت هذه «التأملات ، لأول مرة في سنة ۱۰۰۸ على يد Xylander وفقا لمخطوط مفقود الأن هو الCodex Palatinus . والمخطوط الوحيد الباقي لنا الآن هو مخطوط الفاتيكان رقم ۱۹۰۰ () (Vaticanus 1950 (A ولكنه كثير التمزيق ، ولا تزال طبعة سنة 1558 - بعد ضياع مخطوطها - هي المعتمدة في كل النشرات التالية . وإلى جانب ذلك توجد شذرات متفاوتة الطول موجودة في عدة مخطوطات . والعنوان في هذه الطبعة الأولى هو ra es tavrov بينها هو في بعض مخطوطات الشذرات هو m kap eatrov
؛ لكن العنوان الأول هو الأرجح . والتقسيم إلى ۱۲ مقالة يقوم على الطبعة الأولى ولا يوجد في هذه الطبعة الأولى تقسيم إلى فصول ، وإنما يوجد لأول مرة في طبعة ليون سنة .۱۹۲۹
وخير طبعة نقدية لها حتى الأن هي التي ظهرت في مجموعة تويبنر Teubner سنة ۱۸۸۲ بتحقيق يوهانس استش Johannes Stich. وقد زودها بمقدمة جيدة عن المخطوطات والطبعات .
و « التأملات » تنتسب إلى الفلسفة الشعبية ذات الصبغة الرواقية ، تلك الفلسفة التي كانت عاملا أساسيا في التكوين الثقافي في الامبراطورية الرومانية ، وكان من روادها: موسونيوس Musonius وديون الفرد ساوي Dion de Prusa وابكتاتوس . وكان ماركس أورتيوس من أشد المعجبين بابکتاتوس ، ومعه يتفق في كثير من الآراء .
وقد حرر مارکس اورلیوس تأملاته هذه على شكل حكم واداب وجد فيها دوافع لسلوكه ودواعي الاطمئنان قلبه . وهو يسوقها على هيئة تقريرات ، دون أن يحفل بالبرهنة عليها ، إنها بمثابة عقائد دينية يؤمن بها من أعماق نفسه . وقد أعجبه في الرواقية ، لا مذهبها في الطبيعيات بل تلك القواعد الأخلاقية الداعية إلى رباطة الجأش وطمأنينة النفس في وسط العواصف ، وأداء الواجبات عن طيب خاطر وقوة إرادة ، ومحبة الانسانية كلها .
وتغلب على هذه التأملات نزعة إلى وحدة وجود متفائلة . فعنده أن العالم كله وما فيه من موجودات وأحداث تسري فيه روح الألوهية ، وتقوده هذه الروح إلى غاية كلية . وهذه الروح الإلهية تتجلى أيضا على هيئة قانون وضرورة طبيعية ، وتعني بالعالم وشؤونه . وما يجري في العالم إنما يجري عن عقل محکم وضرورة ثابتة. ومهمة الانسان هي أن يعمل على تحقيق هذه الغاية التي استهدفتها روح الألوهية . والسعادة هي في التوافق مع هذه الإرادة الكلية والشقاء إنما يرجع إلى افتقار الإنسان إلى تحصيل السعادة عن طريق الأمور الخارجية التي لا تعتمد على إرادتنا نحن ، مثل الثروة والمجد في الدنيا ، وإنما تقوم السعادة في التوافق مع مجرى العالم ، وهو أمر لا يستطيع شيء في السماء ولا في الأرض أن يمنعنا منه . وهذا السلوك يقوم في جانبه السلبي على التسليم غير الشروط للإرادة الإلهية ، وفي جانبه الايجابي على العمل في سبيل سعادة سائر الناس .
ماركوس أوريليوس
ماركوس أوريليوس (121 - 180م). إمبراطور وفيلسوف روماني، اتبع الفلسفة الرواقية، وهي مذهب فلسفي نشأ في اليونان في القرن الرابع قبل الميلاد. كتب ماركوس سلسلة من الأفكار جمعها ونشرها باسم تأملات. ويعد هذا العمل وصفًا ذاتيًا جوهريًا تقليديًا لفسلفة الرواقية. انظر: الفلسفة الرواقية.
ولد ماركوس في روما في عائلة من النبلاء. وقبل أن يصبح أنطونيوس بايوس إمبراطوراً في عام 138م تبنى كلاً من ماركوس ولوسيوس فيروس. كان لوسيوس فيروس ابنًا لعضو في مجلس الشيوخ. وقد اشترك كل من ماركوس ولوسيوس في الحكم لحين وفاة لوسيوس في عام 169م. عانت الإمبراطورية الرومانية، خلال معظم فترة حكم ماركوس، الأوبئة وحركات التمرد والكثير من الحروب على امتداد جبهتها الأمامية. وقد اتجه ماركوس إلى فلسفة الرواقية من أجل راحته الشخصية. تقبل ماركوس زعم الفلسفة الرواقية بأن العالم تحكمه قوة كونية خيِّرة. وكان معجبًا بمعتقدات الرواقية القائلة بتناسق القوانين الطبيعية والمعنوية المتمثلة في الروح السماوية الموجودة في كل شيء. وكان يزعم بأن الروح لا تحيا بعد الممات، ولكن بدلاً من ذلك فإن الكون يعيد استيعابها، وكان يرى في إعادة الاستيعاب سببًا لتقبل الموت بهدوء.
ويعارض الدين الإسلامي الحنيف هذا الزعم؛ ذلك أن الروح من أمر الله وأنه هو الذي يأخذها أو يردها بأمره، وليس الكون. أما تقبل الموت بطمأنينة فهو نتاج طبيعي لعمق الإيمان بأن لكل أجلٍ كتابًا وأن مردّ الناس جميعهم إلى الله.
كان ماركوس يكره الأنانية، وعلَّم نفسه كيف يتجاهل الإساءات ويتسامح تجاهها. وربما كان أنبل خصاله إحساسه بالمسؤولية تجاه البشرية وإيمانه بأن كل الناس مواطنون، وأنهم يجب أن يعيشوا معاً في سلام.
- ^ McLynn, Frank. Marcus Aurelius: Warrior, Philosopher, Emperor. London: Bodley Head, 2009. ISBN 978-0-224-07292-2
- ^ Birley, Anthony R. Marcus Aurelius: A Biography. New York: Routledge, 1966, rev. 1987. ISBN 0-415-17125-3
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةHistoria MA I.9–10
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةBirley ch. 2 p. 33
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةMarcus Aurelius p. 78
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةBirley, Marcus Aurelius, 33
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةBirley, Marcus Aurelius, 35
- ^ أ ب خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةReferenceC