ويلارد ليبي
ويلارد ليبي (Willard Libby) هو كيميائي وفيزيائي أمريكي ولد في جراند فالي بكولورادو في 17 ديسمبر 1908 وتوفي في 8 سبتمبر 1980 بلوس أنجلوس.
تحصل على بكالوريوس علوم من جامعة كاليفورنيا في بيركلي سنة 1931 وتحصل على الدكتوراة سنة 1933. طوّر ليبي في حقبة الثلاثينات تقنية صناعة عداد غايغر. خلال الحرب العالمية الثانية عمل على مشروع مانهاتن في جامعة كولومبيا مع هارولد يوري. في سنة 1945 أصبح بوفسورا في جامعة شيكاغو وفي سنة 1959 أصبح بوفسور كيمياء في جامعة كاليفورنيا في بيركلي.
تحصل سنة 1960 على جائزة نوبل في الكيمياء وذلك لقيادته الفريق الذي اكتشف طريقة التأريخ بالكربون المشع.
إسهامات ويلارد ليبي في مجال استخدام الكربون المشع
ما أقدم مدينة على وجه الأرض؟ وكانت الإجابة عن هذا السؤال لأول مرة في عام ١٩٥٨ هي جيروكو (أريحا حاليا)، التي كانت توجد منذ ٩٠٠٠ سنة. لقد تمكنا من التعرف على ذلك عن طريق استخدام تقنية الكربون المشع في تحديد التواريخ، وهو الأمر الذي يعد من بنات أفكار العالم الكيميائي الأمريكي ويلارد (فرانك) ليبي. ويستخدم هذا الأسلوب حاليا في معرفة تاريخ جميع أنواع البقايا والمصنوعات اليدوية الأثرية القديمة، التي قد يرجع تاريخها إلى ٧٠٠٠٠ عام.
مثل الكثير من العلماء الشباب، قضى ليبي جزءاً كبيرا من أيام حياته المهنية الأولى في إنجاز الأعمال الحربية. فقد كان عمره لا يزال ٣١ عاما حينما اندلعت الحرب في أوروبا، وما لبث أن عكف على فصل النظائر المشعة لليورانيوم حتى يمكن له تصنيع القنبلة الذرية (الانشطار النووي ١٩٣٨). بعد انتهاء الحرب، ظل النشاط الإشعاعي يمثل جزءا مهما من عمله.
يعد عنصر الكربون ١٤ - الذي تم اكتشافه لأول مرة في عام ١٩٤٠ - أحد نظائر الكربون (طومسون ١٩٠٧)، ويشترك معه في التركيب الكيميائي نفسه إلا أنه له وزن ذري مختلف. وهو من العناصر المشعة (١٨٩٩)، وذلك على العكس تماما من النظير الأكثر شيوعا له المعروف باسم كربون ١٢. يتكون عنصر الكربون ١٤ باستمرار داخل الغلاف الجوي، حيث تصطدم الأشعة الكونية بذرات النيتروجين (هس ١٩١٢).
مثل عنصر الكربون ١٢، يتم امتصاص عنصر الكربون ١٤ (باعتباره ثاني أكسيد الكربون) من الهواء من جانب النباتات خلال عملية البناء الضوئي، وبهذا تستطيع النباتات الحية جميعها الحصول على كمية قليلة من الكربون المشع (كربون ١٤) داخل أنسجتها، التي يتم تجديدها باستمرار في أثناء بقائها على قيد الحياة. عندما يموت أحد النباتات (أو أحد الحيوانات كان قد تغذى على نباتات تحتوي على عنصر الكربون ١٤)، فإنه لن يقوم بامتصاص عنصر الكربون ١٤ بعد الآن، ولذا تبدأ كمية هذا العنصر في التناقص من جسم الكائن الحي. فبقياس نسبة عنصر الكربون ١٤ المتبقية فيما كان كائنا حيا في يوم ما - على سبيل المثال، قطعة من الخشب المستخدم في صنع الأثاث مثلاً أو الرماد المتطاير من حرق الأخشاب أو مخطوطة قديمة أو ثوب بال أو إحدى المومياءات، استطاع ليبي أن يعرف عمره منذ أن كان النبات حيا.
يتسم عنصر الكربون ١٤ بأن له فترة عمر نصف (رذرفورد وسودي ١٩٠٣) تبلغ ٥٧٠٠ سنة - فبعد عشر فترات من عمر النصف (57000 سنة) تبقى حوالي جزء واحد من المليون من الكربون المشع الأصلي. ويحدد هذا إلى أي مدى يمكننا الرجوع إلى الوراء بالتاريخ باستخدام الكربون المشع - ٦٠٠٠٠ سنة على أكثر تقدير - حتى مع استخدام أكثر الآلات حساسية لقياس مستوى الكربون المشع. وعلى أية حال، فإن التكنولوجيا كانت لها فوائد جمة بالنسبة لعلماء الآثار والمؤرخين.
على الرغم من هذا، يجب تصحيح التواريخ التي تم اكتشافها باستخدام الكربون المشع. فمستوى الإشعاع الكوني يتنوع عبر فترات طويلة من الزمن، وكذلك الحال مع الكمية التي يتم إنتاجها من عنصر الكربون ١٤ في الهواء. ويمكن الحصول على التواريخ الصحيحة من خلال مقارنة تاريخ الكربون المشع بتاريخ آخر تم اكتشافه باستخدام بعض الوسائل الأخرى، عن طريق حصر عدد حلقات الشجر مثلا. يمكن لهذ التصحيح أن ينقل بعض التواريخ مئات السنين إلى الوراء. فهذا النوع من الحسابات أيضا يوفر لنا طريقة لاكتشاف مستوى الإشعاع الكوني في أية حقبة من الزمن الماضي بالإضافة إلى مقارنة ذلك بالأشياء الأخرى الموجودة بالبيئة، مثل نشاط الشمس.