عبيد الله بن زياد

(بالتحويل من عبيدالله بن زياد)


عبيد الله بن زياد بن أبيه هو والي العراق ليزيد بن معاوية. قتله المختار بن أبي عبيد.

كانت هند بنت أسماء بن خارجة الفزارية من جميلات العرب في زمانها، لم يكن في زمانها امرأة شبيهها جمالا وكمالا وعقلا وأدبا، فتزوجت عبيد الله بن زياد بن أبيه وكانا لا يفترقان في سفر ولا حضر، فقتل سنة 67 يوم الخازر، وهو نهر من روافد الزاب قرب الموصل، وهي معه، فقالت: لا يستمكن هؤلاء مني، ثم شدت عليها قباءه وعمامته ومنطقته، وركبت فرسه الكامل، ثم خرجت حتى دخلت الكوفة في بقية يومها وليلتها ليس معها دليل أو أنيس، ثم كانت بعد من أشد خلق الله حزناً عليه وتذكراً له، وكانت تقول: إني لأشتاق إلى القيامة لأرى فيها عبيد الله بن زياد.

ولما نزل بشر بن مروان بن الحكم بالكوفة أميراً على العراقين وصفت له، فخطبها وتزوجها فولدت له عبد الملك، ومات بشر سنة 75 فأرسل إليها الحجاج بن يوسف الثقفي لما ولي العراق يطلب الطفل عبد الملك ليربيه تربية الأمراء، فأذعنت.

وكان الحجاج بن يوسف يحب أن يتزوج من بيوتات العرب، وكان الناس يتقربون إلى الحجاج بذلك، فدله محمد بن عمير الدارمِي على هند بنت أسماء ووصفها له وقال: تزوجها أيها الامير فإنها في بيت قيس، فأرسل الحجاج أيوب بن القِرِّية - وكان من فصحاء العرب - وقال له: اخطب عليّ هند بنت أسماء، ولا تزد على ثلاث كلمات، فأتاهم فقال: أتيتكم من عند من تعلمون، والأمير معطيكم ما تسألون، أفتنكحون أم تردّون؟ قالوا: بل أنكحنا وأنعمنا. فرجع ابن القرّية إلى الحجّاج فقال: أقرّ اللّه عينك، وجمعٍ شملك، وأنبت ريعك؛ على الثبات والنبات، والغنى حتى الممات؛ جعلها اللّه ودوداً ولوداً، وجمع بينكما على البركة والخير.

وعَرَف أبوها أنه أُتي في ذلك من قِبَل محمد بن عمير فتركه مديدة ثم دخل على الحجاج فقال: أيها الامير ألا تزوجت فلانة بنت محمد بن عمير؟ وكانت ابنته هند حاضرة، فقال له: أتقول هذا وهند تسمع! فقال: نعم أنت أكرم علي منها، فقال: وهل له بنت؟ قال: نعم، ووصفها له ورغبه فيها وقال: تزوجها فانها في بيت تميم، فدعا الحجاج محمد بن عمير وأرسله مع أسماء وغيره يخطب اليه، فاعتل فلم يقبل عذره، وضايقه حتى عقد له عقد النكاح، فلما خرجا استوقف أسماء محمد في الدهليز ودفع في صدره وقال له:

جزيتك ما أسديته يا ابن حاجب جزاءً كنقر الديك أو قدر الشبر
بقولك للحجاج إن كنت ناكحاً فلا تدع هنداً من بنات بني بدر
فان أباها لا يرى أن واحداً بكفؤٍ لها إلا المتوجَ من فهر
فزوجتها الحجاج لا متكارهاً ولا راغباً عنه ونعم أخو الصهر
أتيتَ سروري إذ أردت مساءتي وقد يحسن الإنسان من حيث لا يدري
فإن كان ذا عاراً فقد جئت مثله وإن كان ذا فخراً فلا تتركن شكري

وذكرت النساء عند الحجاج فقال: عندي أربع نسوة، هند بنت المهلب، وهند بنت أسماء بن خارجة، وأم الجلاس بنت عبد الرحمن بن أسيد، وأمة الله بنت عبد الرحمن بن جرير بن عبد الله البجلي. فأما ليلتي عند هند بنت المهلب فليلة فتى بين فتيان، يلعب ويلعبون، وأما ليلتي عند هند بنت أسماء، فليلة ملك بين الملوك، وأما ليلتي عند أم الجلاس فليلة أعرابي مع أعراب في حديثهم وأشعارهم، وأما ليلتي عند أمة الله بنت عبد الرحمن بن جرير، فليلة عالم بين العلماء والفقهاء.

وبنى الحجاج قصراً في البصرة، عُرِف بقصر الحجاج، ونزل به، فقال لها يوما: هل رأيت أحسن من هذا القصر؟ فقالت: ما أحسنه! قال: اصدقيني، فقالت: أما إذ أبيت، فوالله ما رأيت أحسن من القصر الاحمر! وكان دار الإمارة بالبصرة، بناه زوجها الأول عبيد الله بن زياد، فغضب الحجاج وأمر ابن القِرِّية أن يأتي هندَ بنت أسماء فيطلقها بكلمتين، ويُمَتَعها بعشرة آلاف درهم؛ فأتاها فقال لها: إن الحجّاج يقول لك: كنتِ فبِنْتِ، وهذه عشرة آلاف مُتْعة لك؛ فقالت: قل له: كنا فما حَمدنا، وبِنّا فما ندمْنَا؛ وهذه العشرة الآلاف لك ببشارتك إياي بطلاقي.

وخطبها عمران بن موسى بن طلحة فردته، وأرسلت إليه: إني والله ما بي عنك رغبة، ولكن ليس زوجي إلا من لا يودي قتلاه ولا يرد قضاؤه، وليس ذلك عندك.

وقيل لهند: أي أزواجك كان أحب إليك؟ فقالت: ما أُكرم النساءُ إكرامَ بشر بن مروان، ولا هاب النساءُ هيبة الحجاج، ووددت أن القيامة قد قامت فأرى عبيد الله بن زياد، وأشتفي من حديثه، والنظر إليه.

ولما مات الحجاج قالت هند:

ألا يا أيها الجسد المسجّى لقد قرت بمصرعك العيون
وكنت قرين شيطان رجيم فلما مت سلّمك القرين

فأمر عبيد الله بالجهاز من وقته والمسير والتهيؤ إلى الكوفة من الغد، ثم خرج من البصرة فاستخلف اخاه عثمان وأقبل إلى الكوفة ومعه مسلم بن عمر والباهلي وشريك بن الاعور الحارثى، وحشمه وأهل بيته حتى دخل الكوفة، وعليه عمامة سودآء وهو متلثم والناس قد بلغهم إقبال الحسين ‎رضي الله عنه، فهم ينتظرون قدومه، فظنوا حين رأوا عبيد الله انه الحسين ‎رضي الله عنه، فاخذ لايمر على جماعة من الناس إلا سلموا عليه وقالوا: مرحبا بك يا بن رسول الله قدمت خير مقدم، فرأى من تباشرهم بالحسين ‎رضي الله عنه ماسائه فقال مسلم بن عمرو لما اكثروا: تأخروا هذا الامير عبيد الله بن زياد وسار حتى وافي القصر بالليل ومعه جماعة قد إلتفوا به لا يشكون أنه الحسين رضي الله عنه، فأغلق النعمان بن بشير عليه وعلى خاصته.

والي الكوفة في زمن واقعة عاشوراء، وبأمره قتل الحسين وأصحابه. ويسمى ابن زياد باسم ابن مرجانة أيضاً نسبة إلى أمه مرجانة وكانت جارية بغي من المجوس، لمّا أدخلوا عليه سبايا أهل البيت في دار الإمارة بالكوفة بعد مقتل الحسين، خاطبته زينب رضي الله عنهابكلمة يا ابن مرجانة إشارة إلى نسبه الوضيع، وفضحاً لهذا الحاكم المغرور.

من مشاهير ولاة الأمويين؛ عينه معاوية عام 54هـ والياً على خراسان، وفي عام 56 هـ عزله من ولاية خراسان وعينه والياً على البصرة، وبعد موت معاوية ومبايعة يزيد للخلافة، وقيام مسلم بن عقيل في الكوفة عيّن والياً على الكوفة إضافة إلى احتفاظه بولاية البصرة وتمكّن من السيطرة على الأوضاع المضطربة فيها، وأمر بقتل مسلم بن عقيل.

بعد مسير الإمام الحسين رضي الله عنه من مكّة إلى العراق، سيّر إليه عبيدالله ابن زياد جيشاً بقيادة عمر بن سعد لمقاتلته أو إرغامه على مبايعة يزيد، وهو الذي أصدر الأوامر بقتل سيّد الشهداء وسبي أهل بيته (سفينة البحار 580:1).

بعد موت يزيد ادعى ابن زياد الخلافة لنفسه، ودعا أهالي البصرة والكوفة لمبايعته، إلا أن أهل الكوفة طردوا دعاته من مدينتهم فهرب ابن زياد خوف الانتقام، وبقي مدّة في الشام. وعند اتّساع ثورة الخوارج انتدب للقضاء عليهم، سار في عام 65هـ على رأس جيش لمحاربة الخوارج بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي واشتبك معهم في عين الوردة. قتل عام 67 في إحدى المعارك مع جيش الخوارج وارسل راسه إلى محمد بن الحنفية وقيل أيضاً أنه أرسل الرأس إلى عبد الله بن الزبير.

Ubayd-Allah ibn Ziyad]] fa:عبیدالله بن زیاد fr:Ubayd Allah ben Ziyad it:Ubayd Allah ibn Ziyad ur:ابن زیاد