مشاركة الجيش العراقي في حرب أكتوبر
شارك الجيش العرافي في الحرب العربية الرابعة ضد إسرائيل في 6 أكتوبر 1973 حيث حلقت طائرات الهوكر هنتر العراقية بالضربة الجوية الأولى للحرب على الجبهة المصرية ثم أرسلت بغداد قواتها البرية إلى الجولان وطائراتها إلى دمشق للمشاركة على الجبهة السورية. والمشاركة العراقية في الحرب هي الأكبر بعد سورية ومصر.
الجبهة المصرية
قبل الحرب
قام رئيس الأركان المصري الفريق سعد الدين الشاذلي بزيارة للعاصمة العراقية بغداد في 26 مايو - 2 يوليو 1972 وقابل الرئيس العراقي أحمد حسن البكر وطرح مشاركة العراق في حرب محتملة ضد إسرائيل وكان الجانب العراقي يرى أن العراق يواجه مشكلتين رئيسيتين الأولى هي النزاع مع إيران حول شط العرب في الجنوب والثانية الثورة الكردية في الشمال وأن على العراق الاحتفاظ بقواته قرب هذه المناطق لكنه على استعداد أن يرسل قواتا عسكرية حال نشوب الحرب أما عن طائرات الهوكر هنتر التي كان مقرارا حسب اجتماع مجلس الدفاع العربي في نوفمبر 1971 أن ترسل للأردن فقد أبدى العراق رغبته للشاذلي أن يتم إرسال الطائرات لمصر وذلك بعد تجديدها وإصلاحها. في فبراير 1973 زار رئيس أركان القوات المسلحة العراقية الفريق عبد الجبار شنشل العاصمة المصرية القاهرة لتبدأ بعد ذلك الطائرات العراقية بالتوافد إلى الجبهة المصرية.[١]. وقد وضعت الحكومة العراقية سبعة ملايين جنيه استرلييني في حساب باسم الحكومة المصرية في لندن لتتمكن الحكومة المصرية من شراء ما تحتاجه من معدات كما ابلغت الحكومة المصرية بزيارة الرجل الثاني في الحكومة العراقية انذاك السيد صدام حسين إلى فرنسا لشراء معدات عسكرية للجانب المصري وطلبت منها ان تبلغها باحتياجاتها.[٢] في نهاية مارس 1973 وصل من العراق السرب المقاتل التاسع والعشرين (طائرات هنتر) والسرب المقاتل السادس (طائرات هنتر)[٣] وكان الاتفاق بين مصر والعراق يقضي بارسال سربين كاملين من طائرات الهوكر هنتر بعد أن يتم إصلاح الطائرات الناقصة إلى إلا أن العراقيين لم يتمكنوا من إصلاح جميع الطائرات فتم إرسال السربين وهما غير مكتملين.[٤] وبلغ مجموعات طائرات الهنتر العراقية التي وصلت مصر 20 طائرة استقرت في مطار مطار قويسنا بمحافظة المنوفية.[٥] وقد ساعد وصول الطيارين العراقيين والفنيين في فترة مبكرة قبل بدء العمليات، علي إندماجهم مع رفاق السلاح الجوي المصري ومن الناحية العسكرية أتاح لهم وصولهم المبكر قبل بدء القتال بشهور فرصة التعرف علي طبيعة الأرض التي سيطيرون عليها، والعلامات الأرضية التي سيراها الطيارين أثناء تحليقهم، والواجبات التي سيقومون بها، ومصطلحات الطيران، تلك المصطلحات التي تختلف إختلافاً كبيراً من قطر عربي لأخر، خاصة فيما يتعلق بالتوجيه الإرضي. كلف السرب العراقي بالواجبات القتالية التالية :
- ضرب مواقع صواريخ هوك في سيناء (الجدي، الطاسة، سمارة)
- ضرب مواقع المدفعية المعادية عيار 175 ملليمتر شرق الشط
- ضرب وتدمير دبابات العدو في المحور الأوسط من سيناء ومنطقة الطاسة.
الضربة الجوية
شاركت الطائرات العراقية في الضربة الأولى في 6 أكتوبر وقامت الطائرات العراقية بمهاجمة العدو في مجموعات قتالية مكونة من 3 إلي 4 طائرات، وفي بعض الأحيان كانت الطائرات الهوكر هنتر يطير جنباً إلي جنب مع الطائرات الميج 17 المصرية وذلك ليسهل علي رجال الدفاع الجوي المصري التعرف عليها، خاصة وان الهوكر هنتر غير مستخدمة في صفوف القوات الجوية المصرية، كما ان شكلها الأمامي يشبه طائرة الفانتوم الأمريكية، وقد تمكن الطيارون العراقيون من تدمير مواقع الصواريخ هوك، ومواقع مدفعية العدو في الطاسة، وتعطيل عدد كبير من دبابات العدو.
وفي يوم 7 أكتوبر اعلن العراق مشاركته الرسمية بالحرب ثم بدأ بطلب جنود احتياط لارسالهم إلى الجبهة السورية، حيث بلغ عدد القوات المشتركة في القتال 18 الف جندي واربعمئة دبابة.[٦]. وفي هذا اليوم بعث العراق برقية عن طريق المهندس عبد الفتاح عبد الله، وزير شئون رئاسة الجمهوية العراقية إلى الرئيس أنور السادات تبين ان العراق وضع سربين سوخوي وسرب ميج 21 تحت امرة سوريا لكنه يطلب اجراءات تمركزها واستخدامها من قبل القيادة السورية كما يؤكد ان مطارات العراق الامامية ستكون بخدمة سوريا والاردن كما ان العراق سيرسل على الفور قطع غيار للهوكر هنتر الموجودة في مصر وتطلب البرقية من مصر تبلغ سوريا بفحوى الرسالة لان اللاسلكي بين العراق وسوريا معطل.[٧] إعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ودعوتها إلى حل المشاكل بين العراق وبينها بالطرق السلمية، وعن طريق المفاوضات، لتامين الجبهة الشرقية للعراق. وقد اصدر مجلس قيادة الثورة العراقي بيانا بهذا الصدد ذكر فيه ((ولما كان العراق يتحمل مسئولية قومية المعركة فانه يتوجه إلى الجارة إيران بالدعوة إلى اعادة علاقات حسن الجوار والتعاون وحل المشكلات القائمة وفق روح الجيرة وروح الروابط الاسلامية التي تجمع بين الشعبين العراقي والايراني ومصالحهما المشتركة))..[٨]
وأمتدت العمليات التي إشتركوا فيها من أول أيام 6 أكتوبر وحتي توقف إطلاق النار 24 أكتوبر، وتسلم السفير العراقي سمير النجم من وزير الحربية المصري أحمد إسماعيل، وسام نجمة الشرف العسكرية الذي منحة الرئيس المصري أنور السادات إلي قائد السرب العراقي الذي حارب علي الجبهه المصرية ويذكر الفريق سعد الدين الشاذلي أن القوات البرية المصرية كانت ترفع طلباتها بالقول "نريد السرب العراقي" أو "نريد سرب الهوكر الهنتر" وهو ما اعتبره الشاذلي شهادة لكفاءة السرب العراقي وحسن أداءه خلال حرب أكتوبر.[٤].
بلغت خسائر السربين العراقيين في نهاية الحرب 8 طائرات هنتر ومقتل 3 طيارين وأسر 3 طيارين.[٥]
الجبهة السورية
التحرك باتجاه سوريا
في الساعة العاشرة من يوم 7 أكتوبر 1973 اصدرت القوات المسلحة العراقية الأمر الإنذاري للتهيؤ للقتال على الجبهة السورية أو الأردنية – إذا اندلع فيها القتال – وكانت أكبر المشاكل التي واجهها الجيش العراقي في تنفيذ هذا الامر معضلة تأمين ناقلات للدبابات حيث كان عددها لايكفي إلا لنقل لواء مدرع واحد، وقد خصصت لنقل اللواء المدرع الثاني عشر من الفرقة العراقية الثالثة.
اللواء المدرع 12
وصل اللواء المدرع 12 إلى مشارف دمشق قبل غروب شمس يوم 10 أكتوبر[٩] لكنه لم يقابل أحدا من الشرطة العسكرية السورية وقرر آمر اللواء المقدم سليم شاكر الأمامي ان يواصل السير إلى دمشق حيث ألتقى بضابط برتبة رائد ذكر أنه قائد الشرطة العسكرية السورية وحين سئلة آمر اللواء العراقي عن معرفة القيادة السورية بوصول القوات العراقية أجاب القائد السوري بضرورة توجه اللواء إلى الجبهة حينها طلب آمر اللواء العراقي من قائد الشرطة العسكرية الاتصال برئاسة الاركان السورية لابلاغهم بوصول لواء مدرع عراقي ومعرفة أين يريدونه أن يذهب أجاب قائد الشرطة العسكرية أن الأوامر تقضي بان تتوجه كل القوات إلى الجبهة.[١٠]
قرر آمر اللواء المدرع 12 التوجه إلى الطريق العام دمشق - درعا متفاديا الذهاب إلى القنيطرة مباشر إذ سيكون حينها في وسط ساحات القتال ولن يجد الوقت الكافي لإنزال الدبابات من الناقلات والانفتاح القتالي لقطاعات اللواء، كما أن أمر اللواء يعرف بشكل جيد المنطقة بين درعا ودمشق وذلك يرجع لعمله كضابط استخبارات في اللواء المدرع السادس العراقي الذي كان مقره في مدينة المفرق الأردنية وقام خلال عمله آنذاك بجولات استطلاع للمنطقة من المفرق إلى درعا إلى الرفيد والحارة ثم إلى دمشق.[١١]
شرع اللواء المدرع 12 في التقدم على خط دمشق - درع وتولت مفارز الشرطة العسكرية السورية السيطرة وتوجيه أرتال اللواء. ويصف المقدم سليم شاكر الأمامي المسير[١٢]
تابع اللواء 12 مدرع مسيره إلى أنخل حيث حاول أمر اللواء التحدث مع المركز المروري هناك وتكررت الاقتراحات بالعودة إلى الأركان العامة حينها قال لهم أمر اللواء أنه سيواصل السير حتى درعا ثم سيدخل إلى الحدود الأردنية لأنه لن يسمح أن يطلع النهار لتغدو أرتال اللواء هدفا سهلا للطيران الإسرائيلي، حينها وصل ضابط سوري برتبة مقدم ذكر أنه أمر لواء مدرع وقد أنسحبت قطاعاته وأنه سيترك مواقعه في أنخل وهي جاهزة كموقع دفاعي جيد. فقام اللواء المدرع 12 بالانتشار في أنخل وأخذ المواقع الدفاعية قبل طلوع شمس يوم 11 أكتوبر.[١٣]
وكانت قوات اللواء المدرع 12 تتألف كتيبة دبابات المعتصم وكتيبة دبابات قتيبة فيما تركت كتيبة دبابات القادسية في العراق لعدم توافر الناقلات. وقد تقرر أن يلحق اللواء المدرع الثاني عشر بالفرقة الخامسة مشاة.
لواء المشاة الآلي الثامن
كان اللواء الثامن يتألي من كتيبتي مشاة آلية وكتيبة دبابات وبسبب تخصيص ناقلات الدبابات للواء المدرع 12 أضطرت كتيبة الدبابات أن تسير ذاتيا حتى تصل ناقلات الدبابات الأردنية وفي 9 أكتوبر 1973 بدأت الناقلات الأردنية برفع السرايا العراقية، ثم عززن بعدد من الناقلات العراقية، إلا أنها كانت من النوع القديم والبطيء الحركة، وقد وصلت رسالة من رئيس أركان الجيش الفريق الركن عبد الجبار شنشل تنبيء اللواء الثامن بالتوجه إلى الجبهة السورية للقتال لأن الأردن اعتذر عن فتح جبهته لعدم استعداده للحرب.[١٤]
وصل اللواء إلى دمشق في الساعة 02:00 من يوم 12 أكتوير 1973 وتوجهوا إلى أنخل حيث سبقهم إلى هناك اللواء المدرع الثاني عشر.
أعمال القتال
وخلال تقدم القوات الإسرائيلية على محور جيعا-كفر ناسج، باغتهم اللواء المدرع 12 الواصل حديثا لساحة المعركة وكبدهم خسائر كبيرة واسر عدد من اطقم الدبابات والجنود..[١٥]. وقد بين التقرير السري المرقم (7) المعد من قبل مكتب الشؤون العسكرية المصرية عن سير المعارك والمقدم للرئيس أنور السادات عن الموقف في الجبهة السورية النص التالي:(اشترك اللواء العراقي في تثبيت العدو وتوجيه ضربة مضادة ومنعه من تطوير هجومه شرقا ومنع قوات العدو من الاتصال بكتيبة مظلات العدو التي نزلت في منطقة العدسية واستعاد الأوضاع) [٧]
حجم المشاركة على الجبهة السورية
الفرقة المدرعة الثالثة ولواءان جبليان وأخر مشاة علاوة على الفرقة المدرعة السادسة، زائد أربعة أسراب طائرات مقاتلة من نوع ميغ 21 وسوخوي 7ز [١٦]
خسائر الجيش العراقي في سوريا
323 شهيدا عراقيا من الفرقة المدرعة الثالثة 137 دبابة وناقلة جنود 26 طائرة عراقية تم دفن الشهداء العراقيين في منطقة السيدة زينب الكائنة جنوب دمشق.[١٦]
القوة الجوية
- طالع أيضاً: دور سلاح الجوي العراقي في حرب تشرين
لم تكن القوة الجوية العراقية مرابطة علي الجبهة السورية، إنما تحركت مع خيوط الضوء الأولي فجر يوم 7 أكتوبر إلي الجبهة السورية، بعد صدور قرار القيادة العراقية الإشتراك بالحرب.
كانت القوة الجوية العراقية الأسراب المقاتلة التالية:[بحاجة لمصدر]
- سربين مقاتلات ميغ 19 وسرب تدريب
- سربين مقاتلات سوخوي 7 وسرب تدريب
- جناح مقاتلات ميغ 21 وسربين تدريب
- جناح مقاتلات هوكر هنتر وسرب تدريب
- سربين مقاتلات ميج 23 وسرب تدريب
المصادر
- ^ كتاب مذكرات حرب أكتوبر الفريق سعد الشاذلي الطبعة الرابعة 2003، ص.216
- ^ كتاب مذكرات حرب أكتوبر الفريق سعد الشاذلي الطبعة الرابعة 2003، الفصل السابع والعشرون
- ^ اللواء الطيار الركن ناجي سالم
- ^ أ ب كتاب مذكرات حرب أكتوبر الفريق سعد الشاذلي الطبعة الرابعة 2003، ص.217
- ^ أ ب اللواء الطيار الركن ناجي سالم
- ^ كتاب حرب الساعات الستة واحتمالات الحرب الخامسة ،عبد الستار الطويلة، الهيئة المصريةالعامة للكتاب، 1997، صفحة 353
- ^ أ ب محمد حسنين هيكل، أكتوبر 73، السلاح والسياسة، الطبعة الاولى، 1993، مركز الاهرام
- ^ كتاب حرب الساعات الستة واحتمالات الحرب الخامسة ،عبد الستار الطويلة، الهيئة المصريةالعامة للكتاب، 1997، صفحة 356
- ^ الجيش العراق وحرب تشرين 1973، العقيد الركن سليم شاكر الإمامي، دار الحكمة لندن، ص.35
- ^ الجيش العراق وحرب تشرين 1973، العقيد الركن سليم شاكر الإمامي، دار الحكمة لندن، ص.36
- ^ الجيش العراق وحرب تشرين 1973، العقيد الركن سليم شاكر الأمامي، دار الحكمة لندن، ص.37
- ^ الجيش العراق وحرب تشرين 1973، العقيد الركن سليم شاكر الأمامي، دار الحكمة لندن، ص.39
- ^ الجيش العراق وحرب تشرين 1973، العقيد الركن سليم شاكر الأمامي، دار الحكمة لندن، ص.41
- ^ الفريق رعد مجيد الحمداني كتاب قبل ان يغادرنا التاريخ الدار العربية للعلوم – ناشرون، الطبعة الاولى في عام 2007، ص.22
- ^ من كتاب الحرب طريق السلام (حمدي الكنيسي)،الفصل السابع، صفحة 359
- ^ أ ب الفريق رعد مجيد الحمداني كتاب قبل ان يغادرنا التاريخ الدار العربية للعلوم – ناشرون، الطبعة الاولى في عام 2007