تيخو براهي

(بالتحويل من تيكو براهي)

إسهامات تيكو براهي في علم الفلك

لقد كان تيكو براهي عالم الفلك الخاص لملك الدانمارك. وقد استخدم تیکو براهي، في أثناء عمله بالمرصد الملكي (في يورانيبورج)، أفضل المعدات التي كانت متاحة قبل اختراع التليسكوب لقياس مواقع وحركات النجوم والكواكب. وقد كان العالم الألماني الشاب جوهانس كبلر المساعد الرئيسي لهذا العالم لفترة من الوقت، وقد قدم جوهانس كبلر بعض الإنجازات الخاصة به التي حققت له الشهرة في الفترة من 1604 حتى 1609.

شاهد براهي عام 1572 نجما جديدا في كوكبة ذات الكرسي، ولم يكن هذا النجم موجودا من قبل. وكانت المعرفة السائدة في هذا الوقت تقول إن الأجرام السماوية خالدة وغير متغيرة، وبالتالي فإن هذا النجم متجدد التألق يوجد ضمن نطاق الغلاف الأرضي؛ حيث تخضع الطبيعة إلى التغير والفناء. ولكن القياسات الدقيقة التي قدمها براهي أثبتت أن النجم الجديد لا يغير موضعه بناء على علاقته بالنجوم الأخرى التي توجد حوله في أثناء السنة، وأنه نجم مرئي. وبالتالي، يخبو هذا النجم بين النجوم الأخرى ويصبح من الصعب التوصل إليه. ومن هنا أثبت هذا العالم أن الأجرام السماوية يمكن أن تتغير وأنها تخضع للقوانين نفسها التي تطبق على الظواهر الطبيعية التي توجد على كوكب الأرض ، وقد كان هذا الاكتشاف غاية في الأهمية.

كان براهي شخصا مليئا بالحيوية ، ويقال إنه كان يضع قطع من الذهب والفضة على أنفه لكي يخفي التشوهات التي أصابته نتيجة قيامه بمبارزة أحد منافسيه على أخذ المكانة الأولى في علم الرياضيات. كذلك ، يقال إنه تُوفي من جراء إصابته بالتهابات شديدة في مجری البول.

الاختلاف بين تيكو براهي وكوبرنيكس

بعد أن اكتشف عالم الفلك الدانمارکی تیکو براهي النجم الجديد عام 1573، استمر في تحدي نموذج النظام الكوني الذي كان معترفا به في هذه الفترة، مثلما فعل كوبرنيكس من قبل عام 1543.

في عام 1577، قام هذا العالم بتتبع مسار أحد المذنبات مستخدما معداته الدقيقة وأثبت من جميع المذنبات عبارة عن أجسام بعيدة تبعد كثيرا عن القمر وأن هذه الظاهرة لا توجد في غلاف الكرة الأرضية فقط. ويمكن لمسار هذه المذنبات أن يقطع عبر مدارات الكواكب ، وبالتالي فإن هذه الكواكب لا يمكن أن تكون معلقة من أجسام سماوية متبلورة كما كان يعتقد الكثير. كما أن مدارات المذنبات لم تكن على هيئة دوائر كاملة ، بل كانت مستطيلة بعض الشيء. ومع مرور الوقت، ضاعت مصداقية النظريات التي وضعها كل من أرسطو وبطلیموس حول الكون والتي استمرت لأكثر من 1500 عام.

لكن، لم يتفق براهي مع كوبرنيكس على طول الطريق. فإذا كان كوكب الأرض يدور بالفعل حول الشمس، فلا بد أن تكون هناك درجة من اختلاف الرؤية بين الأجرام السماوية ، حيث تتحرك تلك الأجرام إلى الأمام أو الخلف بنسب متفاوتة بسبب اختلاف الرؤية من على سطح الأرض. ولكن لم يتمكن براهي من رؤية مثل هذه الحركة، وهذا يعني با أن تكون الأرض ثابتة تماما ولا تدور مطلقا وإما أن الأجرام السماوية توجد على مسافة بعيدة جدا ولذلك لا يمكن ملاحظة الاختلافات التي توجد بينها وقد اختار براهي الاقتراح الأول. هذا، وقد اتضح من النموذج الذي قدمه هذا العالم لشكل الكون - ذلك النموذج الذي تل شعبية كبيرة في هذه الفترة - أن الكواكب الخمسة المعروفة في هذه الفترة تدور حول الشمس. أما الشمس والقمر أيضا) فتدور حول كوكب الأرض الثابت.

لقد فاق البعض النظريات التي قدمها كوبرنيكس. فعلى سبيل المثال، نجد أن العالم الإنجليزي توماس ديجز لم يصدق أن جميع النجوم معلقة بكرة سماوية، بل كان يرى أن النجوم توجد على مسافات مختلفة وتمتد بشكل لا نهائي. كما قدم هذا العالم بعض الاقتراحات التي أثارت مزيدا من الجدل ومن اقتراحاته أن النجوم في حد ذاتها شموس ويقل ضوء هذه الشموس حسب المسافة التي تبعدها. ومن الممكن أن يكون لهذه الشموس کواکب مثل الشمس التي توجد لدينا. ومثل هذه الآراء توضح أن الأرض أبعد بكثير من أن تكون مركزا للكون.

بالإضافة إلى ذلك، قدم العالم الإيطالي جيوردانو برونو بعض النظريات الأخرى التي لا تقترح فقط احتمالية وجود عوالم أخرى، وإنما تقترح أيضا إمكانية الحياة في مثل هذه العوالم. ولقد تم الحكم على هذا العالم بالإعدام حرقا عام 1600 بسبب اتهامه بالهرطقة وكان تأييده لآراء كوبرنيكس واحدا من التهم التي وجهت إليه.

هذا، وقد خلف براهي قدرا كبيرا من القياسات الدقيقة الخاصة بحركة النجوم والكواكب لتلاميذه وأتباعه. ومن الجدير بالذكر، أنه دون الاكتشافات التي توصل إليها هذا العالم، لم يكن مساعده، جوهانس كبلر، ليتمكن من التوصل لقوانين حركة الكواكب السيارة عام 1609.