تشييدية (اجتماع)

التشييدية الاجتماعية أو النزعة التصورية الاجتماعية (بالإنجليزية: Social constructionism) مصطلح عام يطلق أحياناً على النظريات التى تركز على طبيعة التشكل الاجتماعى للحياة الاجتماعية. وبالطبع يمكن - بمعنى ما - إدراج كافة علماء الاجتماع ضمن هذا الاتجاه العام، الأمر الذى سوف يؤدى بطبيعة الحال الى تفريغ هذا المفهوم من معناه. و لكن النزعة التصورية الاجتماعية - بالمعنى الأكثر دقة وتحديداً - ترجع على الأقل إلى أعمال ويليام إيزاك توماس وإلى علماء اجتماع مدرسة شيكاغو، وكذلك إلى علماء الاجتماع الظاهراتى، مثل ألفريد شوتز. فمثل هذا الاتجاه يركز على فكرة أن البشر هم الذين أسهموا - بشكل إيجابى وخلاق - فى خلق المجتمع الإنسانى. فهم يتصورون العالم باعتباره شيئا تم صنعه او اختراعه، و ليس شيئاً معطى أو موجوداً من قبل أو أمراً مسلماً به. كما يرون أن العوالم الاجتماعية شبكات تفسيرية نسجت بواسطة الأفراد والجماعات.

وقد دخل هذا المصطلح بصفة رسمية إلى اللغة المتخصصة لعلم الاجتماع من خلال مؤلف بيتر بيرجر وتوماس لوكمان المعنون: التصور الاجتماعى للواقع، الصادر عام 1966، الذى يمثل دراسة فى علم الاجتماع المعرفى، ويقدم محاولة إبداعية للتوفيق بين أفكار إميل دوركايم وجورج هربرت ميد. فالملامح الأساسية للنظام الاجتماعى - حسب رأى بيرجر ولوكمان - لايمكن تحديدها إلا على أساس مبدأ أن "المجتمع نتاج إنسانى. فالمجتمع حقيقة موضوعية، كما أن الإنسان نتاج اجتماعى". وقد قدم بيرجر ولوكمان دراسة حالة رئيسية للدين لتوضيح هذه النزعة التصورية (انظر مؤلف بيرجر بعنوان: الحقيقة الاجتماعية للدين، الصادر عام 1969). ولكن ظهرت فى نفس الوقت نظرية الوصم فى تفسير الانحراف، وتطورت واكتسبت شهرة وانتشاراً، مؤكدة - فى سياق مناظر - أن الإنحراف يتم تشكيله أو تصويره اجتماعياً. وبنفس الطريقة كان الباحثون فى علم الاجتماع التربوى يثيرون جدلاً مستمداً من أعمال مارى دوجلاس وباسيل بيرنشتين مؤداه أن المعرفة التربوية تتشكل هى الأخرى اجتماعياً ولأن الأسلوب العام المعبر عن النزعة التصورية قد تبلور من خلال مصادر مختلفة كثيرة، جاءت صياغاته محملة - أحياناً - بنزعة ظاهراتية ارتبطت كل منها بأصول المصدر الذى تبلورت من خلاله (كما هو الحال على سبيل المثال فى مؤلف ساتلز المعنون: النزعة التصورية للمجتمع المحلى الصادر عام 1972.

كما نجد فى علم النفس أيضاً مصطلحاً آخر يرتبط بمصطلح النزعة التصورية الاجتماعية، هو مصطلح المذهب التصوري Constructivism، والذى يستمد عادة من أعمال جان بياجيه، ويشير إلى أن الأبنية المعرفية أو الإدراكية التى تشكل معرفتنا للعالم، تتطور خلال التفاعل بين الموضوع من ناحية و البيئة من ناحية أخرى. وفى علم النفس الاجتماعى يستخدم هذا المصطلح عادة (على سبيل المثال فى أعمال روم هارى Rom Haire) ليشير إلى مجموعة أفكار مناظرة لهذه الأفكار التى ذكرناها.

والعادة أن تجرى المقابلة يين النزعة التصورية الاجتماعية والنزعة الماهيوية أو الجوهرية، لأن الأولى تخالف الأفكار التى تؤكد على الطبيعة الجوهرية الثابتة للظواهر، وتتشكل فى جذورها التاريخية والاجتماعية بدلاً من قبولها لها لطبيعة ثابتة التكوين.

المفهوم

يهتم مفهوم التشييدية الاجتماعية بالمغزى أو الفكرة أو الدلالة التي يوجها المجتمع على كائن أو حدث ، واعتمادها من قبل سكان ذلك المجتمع فيما يتعلق بكيفية وجهة نظرهم إلى الكائن أو الحدث وكيفية التعامل معه، وفي هذا الصدد ، ستُقبل التشييدية الاجتماعية كفكرة على نطاق شاسع  بشكل فطري للمجتمع.

التركيز الرئيسي للبنية الاجتماعية هو الكشف عن الطرق التي يشارك بها الأفراد والجماعات في بناء واقعهم الاجتماعي المتصور. إنه ينطوي على النظر في طرق تطوير الظواهر الاجتماعية وإضفاء الطابع المؤسسي عليها ومعروفتها وجعلها طبيعة للبشر.

تطبيقات

بناء علم النفس الشخصي

طورت علم نفس البناء الشخصي بشكل أساسي منذ ظهورها في الخمسينيات من القرن الماضي كنظرية بناءة للشخصية ونظام لتحويل عمليات صنع المعنى الفردي إلى حد كبير في السياقات العلاجية. وكانت تعتمد على فكرة الأشخاص كعلماء قاموا بانشاء واختبار نظريات حول عوالمهم. لذلك مثلت أحد المحاولات الأولى لتقدير الطبيعة البناءة للتجربة والمعنى الذي يعطيه الأشخاص لتجربتهم. من ناحية أخرى، لقد طُورت التشييدية الاجتماعية بشكل أساسي كشكل من أشكال النقد الذي يهدف إلى تحويل الآثار المترتبة لعمليات صنع المعنى الاجتماعي. بمرور السنين ، تطور التشييدية الاجتماعية لتصبح مجموعة من الأساليب المختلفة ، مع عدم وجود رأي التشييدية الاجتماعية. ومع ذلك ترتبط الأساليب المختلفة ضمن المصطلح العام للبناء الاجتماعي ارتباطًا عميقا ببعض الافتراضات المشتركة حول اللغة والمعرفة والواقع.

هناك طريقة معتادة للتفكير في العلاقة بين علم النفس للبناء الشخصي والبنية الاجتماعية وهي معاملتهم ككيانين منفصلين متشابهان في بعض الجوانب ، ولكنهما مختلفان أيضًا في الجوانب الأخرى. هذه الطريقة لتصور هذه العلاقة هي نتيجة منطقية للاختلافات الظرفية لظهورها. في التحليلات اللاحقة ، صيغت هذه الاختلافات بين علم النفس للبناء الشخصي والبنية الاجتماعية في عدة نقاط من الضغط ، صيغت على أنها معارضة ثنائية: ذاتية واجتماعية ،وبنائية. على الرغم من أن بعض القضايا الأكثر أهمية في علم النفس المعاصر موضحة في هذه المساهمات ، إلا أن تحديد الموقع المستقطب حافظ أيضًا على فكرة الفصل بين علم نفس البناء الشخصي والبناء الاجتماعي ، مما يمهد الطريق أمام فرص محدودة للحوار بينهما فقط.

قد تكون إعادة صياغة العلاقة بين علم نفس البناء الشخصي والبناء الاجتماعي مفيدة لكليهما. من ناحية ، يمتد ويثري نظرية التشييدية الاجتماعية ويشير إلى فوائد تطبيق مجموعة أدوات علم النفس للبناء الشخصي في العلاج والبحوث الإنشائية. من ناحية أخرى ، فإن إعادة صياغة يسهم في نظرية علم النفس بناء الشخصية ويشير إلى طرق جديدة لمعالجة التشييدية الاجتماعية في المحادثات العلاجية.

علم النفس التربوي

يعتبر علم النفس التربوي مثل التشييدية الاجتماعية ،حيث يشير التشييدية الاجتماعية على أن الناس يعملون معًا لبناء القطع الأثرية. بينما يركز البناءالاجتماعي على القطع الأثرية التي تُنشأ من خلال مجموعة من التفاعلات الاجتماعية ، ويركز التشييدية الاجتماعية على تعليم الفرد وذلك بسبب تفاعلاته الاجتماعية.

تمت دراسة التشييدية الاجتماعية بواسطة العديد من علماء النفس التربويين الذين يهتمون بتداعياتهم على التعليم والتعلم. لمعرفة المزيد عن الأبعاد النفسية للبنية الاجتماعية ، راجع عمل إرنست فون جلازرسفيلد وألف سوليفان بالينكسار.

العلاج الشامل

العلاج الشامل هو شكل من أشكال العلاج النفسي الذي يسعى إلى جعل الأشخاص تربطهم علاقة فيما بينهم ، والتعامل مع تفاعلات الجماعية وأنماطها وديناميتها التفاعلية.

دراسات الاتصال

في عام 2016، نشرت مراجعة ببليوغرافية للبناء الاجتماعي على النحو المستخدم فيها. وهي تتميز بنظرة جيدة على الموارد من هذا المنظور التأديبي.