البرشا

(بالتحويل من برشا)

إحدى القرى في محافظة المنيا بجمهورية مصر العربية.وهي تقع شرق نهر النيل وتتبع مركز ملوي ( المعمار .

كان الشارع الذي تم الانتهاء من رصفه مؤخرًا ترعة قديمة جافة مملوءة بأشجار السنط ، تسكنها الحيات والعقارب، ولا يغامر أحد بالسير فيها، وكان المسجد الكبير هو البناء الوحيد المبني بالطوب والأسمنت، في البلدة كلها؛ ومئذنته الفريدة كانت ( في ذلك الوقت من أعلى المآذن في المنيا وربما في الصعيد ) بالمناسبة بنيت هذه المئذنة في السبعينيات في أعقاب حرب أكتوبر 1973م ، وبناها رجل مسيحي فنان اسمه فلاموني ( ما زال على قيد الحياة وعمره بضع وسبعون سنة ) وكانت المئذنة آية في الفن والجمال، وقد لبتشكيلاتها من المربعات والمثلثات المتعانقة من الطوب الأحمر ، وللأسف عند تمحير هذه المئذنة وبياضها في التسعينيات طُمست هذه التشكيلات الفنية البديعة، وكان فلاموني فنانًا بمعنى الكلمة وبنَّاء لا تجد مثيلاً لعبقريته الفذّة، واشتهر هذا الرجل ببناء البوابات الضخمة الكبيرة بشكل فني رائع . وقد لا يعرف الكثيرون أن هذا المسجد أول مسجد يتم تجديده في البرشا، وأن الاسم الرسمي لهذا المسجد في وزارة الأوقاف مسجد الشهداء، وقد أطلق عليه هذا الاسم تخليدًا لشهداء أكتوبر . أما مسجد السلام فلم يكن موجودًا أو ربما كان مصلية صغيرة غير مسقوفة ( لا أذكر ) وكان جامع الشيخ فرج مبنيًا بالطين بأكمله، ومكان الوضوء فيه عبارة عن حوض حجري واسع يُملأ بالمياة ويصطف حوله الناس للوضوء، وكان المسجد مُسوَّرا بسور طيني ارتفاعه متران تقريبًا. وبعد بناء هذا المسجد تم نقل ضريح الشيخ فرج إلى مكان آخر على يد الشيخ يوسف رحمة الله عليه ( وهو صاحب الفضل الكبير في بناء المساجد والمعاهد الدينية بالبرشا ) . لا أعرف تحديدًا أول مسجد تم بناؤه في البرشا ، البعض يقول إنه مسجد الشيخ فرج النجار ( ارجو من الإخوة تصويب هذه المعلومة إن كانت غير صحيحة ) وقد كان هذا الرجل الصالح يعيش منذ مائتي عام تقريبًا. وقد اشترك مع زوجته في بناء هذا المسجد بالطوب اللبن، وقد سمعنا أن الشيخ يوسف رحمه الله عندما نقل جثة هذا العبد الصالح إلى مقبرته الجديدة بعد تجديد المسجد كانت وكأنه مات لتوه. وربما كان أول مسجد في البرشا مسجد أثري قديم مازال محرابه و بعض جدرانه الطينية باقية إلى الآن، يقع هذا المسجد على يمينك طرف الجبانة في الملف بحري قطعة الأرض التابعة للوحدة المحلية التي يقال إنها ستبنى مساكن شعبية بعد أن تتجاوز المعهد الديني بمائتي متر تقريبًا. وكانت هناك قنطرة تعود إلى الأربعينيات مكان موقف السيارت قبلي البلد الآن ، كانت عبارة عن جسر حجري متآكل عليه سقف خسبي ضخم وقوي ، كنا نلعب عليها ونحن صغار ( هل يذكرها أحد الآن؟ ) . وكانت التجمعات العمرانية سنة 1980 محدودة للغاية، فقد كانت حدود البلدة تنتهي من الناحية القبلية عند الموقف القبلي الآن ، ولم تكن العزبة القبلية التي تجدها على يمينك وأنت نازل من الكوبري موجودة بالمرة ، أما من الناحية البحرية فكانت حدود البلدة تنتهي عند الجمعية الزراعية ( اختفت تمامًا الآن ) بعدها بيتان أو ثلاثة ، ثم الجبانة و حقول زراعية ممتدة لمسافة كيلو متر تقريبًا بعدها تبدأ أول بيوت نزلة البرشا. أما من الغرب فكانت الترعة القديمة الجافة ( التي أصبحت الآن طريقًا أسفلتيًا آخر البلد من غرب ) ، ومن الشرق كان موضع المعهد الديني بمثابة نهاية الدنيا بالنسبة لنا، وأذكر أننا في الثمانينات ذهبنا إلى مقبرة الشيخ أحمد الخطيب التي تتوسط البيوت الآن فظللنا نمشي مسافة طويلة جدًا وسط الرمال، وكنا نرى – ونحن هناك – البلد بعيدة تفصلنا عنها مسافة بعيدة من الرمال الممتدة. وفي أقصى الجنوب من ناحية الجبل كان هناك تل رملي ضخم في منطقة اسمها المصيدة ( وسميت المصيدة بهذا الاسم لأنها عبارة عن منخفض واسع جدا تحيط به تلال رملية كان يمتلأ بالمياة أيام الفيضان، ثم تنحسر المياة بعد الفيضان تاركة الكثير من الأسماك التي يقوم الناس بصيدها ) أما هذا التل الرملي فكان اسمه الكحروتة، كانت النساء العقيمات يتوجهن إلى ذلك التل الرملي ويتدحرجن، وبعد الكحرتة يباشرهن أزواجهن معتقدين أن هذه الكحرتة تسبب لهن الحمل وتشفيهن من العقم ( ومن العجيب أن الكثيرات كما سمعنا أنهن حملن فعلا بعد الكحرتة !! ) . ( الاثار بالبرشا) الحلقة الثالثة الآثار الرومانية والفرعونية والأساطير القديمة :

كانت البرشا في العهد الفرعوني مقاطعة فرعونية ( اسمها مترجما إلى العربية مقاطعة الأرنب ) ، وكانت بها مقابر فرعونية لدفن أمراء الأشمونين. وهذه المقابر منحوتة في صخر الجبل قبلي في الطريق إلى التل في المنطقة المعروفة باسم الطرافة، وهذه المقابر لم تكن محمية من هيئة الآثار ، ومن ثم سرق معظم تماثيلها ونقوشها القديمة وقد حكى لي والدي أنه شاهد عندما كان طفلاً صغيرًا ( في الأربعينيات ) بعض من يخرجون الجثث المجنطة ويبيعون أكفانها للخواجات بثلاثين جنيها ( مبلغ كبير جدًا في ذلك الوقت ) ، وفي بداية الثمانينات تنبهت هيئة الآثار لتلك الكنوز ووضعت عليها بوابات حديدية ، ويمكن لمن يزور هذه المنطقة أن يرى النقوش المرسومة على جدران الكهوف من الخارج ، وفي إحدى المغارات يمكنك أن ترى من خلال البوابة الحديدية تمثال أمير وأميرة منحوت في الصخر من داخل المغارة، وقد قطع نصف تمثال الأميرة ... . وكانت هذه المقابر الفرعونية تستغل من قبل المسيحيين قبل الفتح الإسلامي لمصر كمخابئ من الاضهاد الروماني، وسوف يجد الزائر في بعض المقابر صور لصلبان منقوشة داخل الكهوف ، وكتابات بالقبطية القديمة على الجدران، بل وسيرى أيضًا بقايا آثار شموع الإضاءة في طبقات هباب كثيفة منعكسة على الجدران. عندما تتقدم قليلاً ناحية الجنوب ترى دربًا جبليًا يتجه إلى الشرق ، وعندما تتقدم لمسافة كيلو مترين تقريبًا تجد منطقة مليئة باشلاء الجثث الرومانية القديمة التي نهبها لصوص المقابر ، ويطلق على اسم هذه المنطقة ( جبانة الكفرة ) وكان في إمكانك أن ترى – في ذلك الوقت إذ لم تعد هذه الجثث موجودة الآن – أشخاصا طوال القامة جدا يصل طول الواحد ثلاثة أو أربعة أمتار ، كما ترى في الأرض مقابر مبنية بالطوب اللبن مستطيلة الشكل والقوالب طويلة جدًا طول الواحد منها حوالي 35 سم بها بقايا أشلاء آدمية . وهذه المنطقة فيما يبدو مقبرة رومانية قديمة ، سرقت من الأهالي وأهملت تمامًا ، وأظن أن هيئة الآثار لو نقّبت فيها ستجد كتوزًا لا حصر لها من الآثار . ولنتقدم ناحية الجنوب قليلاً لنرى قطعا من جدار ضخم عرضه متر ونصف تقريبا، مبني بالطين والقوالب الرومانية الضخمة وهذه القطع المتناثرة يبدو من شكلها أنها كانت مثل سور قديم لحصن أو ما شابه ذلك ، وهذا السور يُسمى ( حيطة العجوزة ) ولهذه التسمية قصة أسطورية يحكيها أهلونا الذين تجاور حقولهم هذا السور ، حيث يقولون (( كانت هناك امرأة عجوز عقيم رزقت بطفل على كبر ، وقال لها العرافون إن ابنها سيقتله التمساح، فبنت هذا السور لتمنع عن وليدها تماسيح النيل ، وعندما كبر الطفل طلب من أمه تمساحًا يلعب به ، فأحضرت له تمساحًا خشبيًا؛ وأثناء لعب الطفل بالتمساح عقر يده مسمار ومات !! )) هذه القصة الأسطورية تخيلوا أنني سمعتها طفلا صغيرا في الثمانينياتن وظلت في الذاكرة حتى كنت في الجامعة ، وقرأتها بالصدفة في كتاب نزهة الآفاق في اختراق الآفاق للإدريس ، وهو كتاب مؤلف في القرن السادس عشر الميلادي، وقال بالنص ومن هذا السور قطع في الصعيد يسميها المصريون حائط العجوز !! وفي معجم البلدان لياقوت الحموي الجزء الثاني خبر عن هذا السور ، واسم بانيته العجوز دلوكة القبطية ( وهي من ملكات مصر الوهميين الائي صنعهن التراث الشعبي الفلكلوري الأسطوري ) وحين نتقدم أمتارا من سور العجوز نجد مقبرة رومانية ضخمة مبينية بالحجر الجيري يسميها أهل المنطقة مقام الست زبيدة ، ولا أعلم شيئًا عن قصة الست زبيدة هذه ( نرجو ممن يعرف عنها شيئًا إفادتنا ) لكن طراز البناء شكله روماني ، ولعل امرأة مشهورة دفنت بهذه المقبرة ، وأعتقد أن هذه المقبرة المزعومة كانت بمثابة جزء من السور القديم المعروف بحائط العجوز . ( أنبه أن هناك تاريخا مجهولا للمنطقة لا بد من دراسته ونشره ) . وحين نتقدم جنوبًا ونصبح أمام قرية جلال باشا الشرقية نجد كهفًا فرعونيًا كان مقبرة فرعونية قديمة لحاكم إقليم الأرنب القديم ( هذا ما جاء عنه في كتاب الاثار المصرية في وادي النيل للرحالة جيمس بيكر ) . أما الشيخ سعيد فهي تسمية ربما لأحد الصالحين القدماء الذين عاشوا في هذا الكهف قديمًا ، وتقول أسطورة الشيخ سعيد إنه كان رجلا صالحا عندما جاءه الموت دعا الله أن يمسخ أغنامه حجارة لكي لا يموتوا جوعًا ، ويجد من يطالع هذا الكهف من الخارج بعض الأحجار المتناثرة الشبيهة بالغنم ، وبالطبع وضعت هذه القصة عندما لاحظ واضعها هذه الأحجار المتناثرة فوق الكهف . ونعود مرة أخرى إلى منطقة المصيدة ونعبر التل الرملي الذي يفصلها عن البلد ( وهذا التل الآن جزء من وصلة الطريق الصحراوي الشرقي ، وعلى يمينه بالضبط كهفان صخريان منحوتان في الجبل يراهما السائر فوق الطريق ) وأورد لكم الآن قصة عجيبة جدًا حكاها لنا الأجداد ، وربما يذكرها كبار السن ، قصة غريبة وأسطورية لكن العجيب أنها واقعية سمعناها من الكثيرين. أسفل هذين الكهفين كانت الساحة الرملية المعروفة باسم الحاجر مليئة بالأحجار الضخمة المربعة ( التي تشبه أحجار الأهرام ) مئات الأحجار ، فجأة بدأت تلك الأحجار في التناقص شيئًا فشيئًا إلى أن اختفت تمامًا !!!! أما عن كيفية اختفاء هذه الأحجار التي يزن الواحد منها أطنانًا فالبعض يقول إن سحرة مغاربة كانوا يُعَزِّمون عليها، ثم تطير بهم إلى المغرب ، وهناك يستخرجون ما فيها من الكنوز . اختفاء هذه الأحجار واقع لا شك فيه ، اما كيفية اختفائها فهو سر مجهول لا يعرفه أحد حتى الآن !! وتفسير السحرة المغاربة تفسير غير واقعي وأسطوري. أترككم الآن وأتمنى إفادتي بمزيد من المعلومات التي تتمم ما جاء من نقص في هذه المقالة ، وليتكم تتحدثون عن ذكرايتكم المتعلقة بهذه الأماكن ،

( المواصلات ) .

كان الوصول إلى البرشا من ملوي مسألة شاقة للغاية، كان الطريق ( الذي هجرناه الآن بعد إنشاء الكوبري ) ترابيًا تحوطه أشجار الكافور الضخمة العملاقة من الجانبين، وبالطبع لم يكن هناك ( فيما أذكر ) موقفًا للسيارت، كان عليك أن تستأجر حنطورًا بعشرة قروش، أو سيارة من موقف الأجرة العام ( المواجه للكوبري الأوسط وما زال باقيًا حتى الآن ) بربع جنيه تقريبًا، أما الفلاحون أصحاب الدواب فكانوا يستخدمون الحمير ، وكان من المألوف أن ترى عشرات الحمير تسير بأصحابها عبر هذا الطريق، وعندما كانوا يصلون إلى ملوي يتركون حميرهم في الوكالة ( جراش معد لاستضافة الحمير ، مكانه الآن عمارة تحت الإنشاء يملكها الدكتور أحمد صادق بجوار قسم شرطة ملوي ) وكانوا يدفعون قرشًا أو قرشين تبعا لعدد استضافة الحمار ، وقد يصل الأمر لدفع خمسة قروش عند مبيت الحمار بالوكالة. أما عبور النهر فكانت هناك العوامة القديمة التي يملكها المجلس ( وكانت عوامة صغيرة حجمها أقل من نصف العوامة الحالية ) ولنش صغير حجمه متر في متر ونصف يقوده الحاج عبد الحكيم، والفلايك الشراعية .. وأحيانًا تسكن الريح فتُربط الفلايك في اللنش الصغير ويسحبها عابرًا بها النهر .. ومن المناظر المألوفة في ذلك الوقت منظر المراكبية وهي تحاول إنزال الحمير في الفلوكة ، وعناد الحمير الضعيفة ، أما الحمير القوية العالية ( وكانوا يسمون هذا النوع من الحمير الجحوش المكَّفة ) فكانت تقفز من تلقاء نفسها لتدخل الفلوكة في رشاقة ومهارة. وكان الذين لا يملكون حميرًا عندما يعبرون النهر إما أن ينتظرهم أقاربهم بالحمير ( على البر الشرقي ) أو يستأجرون الحمير ( ما بين قرشين وخمسة حسب كرم الزبون ) . وعندما كانت إحدى الجنازات تعبر من البر الغربي إلى الشرق كنت ترى عشرات الحمير التي يتنافس أصحابها على التقاط الزبائن، لم يكن في البرشا في ذلك الوقت ولا سيارة واحدة ، وظهرت بعد ذلك ربما سنة 1982م سيارتان ( لا أذكر أسماء صاحبيهما ) . وكان الطريق المؤدي إلى القرية ترابيًا تمامًا ، وأثناء الفياضان كانت الحمير تخوض بالراكبين عشرات الأمتار وسط برك المياة. كان الانتقال من البرشا إلى ملوي مغامرة كبيرة لا يقوى عليها كبار السن والمرضى، ومن ثم لم يكن غريبًا أن ترى صبيًا يقول لأصحابه أثناء اللعب مفاخرًا : ( حد فيكم راح ملوي قدي ..؟ ) ( والان اصبح الذهاب الي البرشا اسهل بعد انشاء الكوبري الدولي الذي يربط الطريق الصحراوي الغربي بالشرقي ) ((عائلات البرشا)) من اشهر العائلات بقرية البرشا عائلة الماذون محمد علي حمد وهو اول من انشء (كتابا) لتعليم ابناء القرية وهو ماذونها وتعلم علي يديه العديد من ابناء القرية يوم لم يكن هناك مدارس للتعليم وحفظ علي يديه العديد والعديد (القران الكريم)ولاتزال الماذونية متوارثه بالعائلة ولمحمد علي ثلاثة ابناء (علي محمد علي )؛(عبد الباقي محمد علي) ؛(محمد محمد علي )توافاهم الله جميعا ولهم من الذرية الكثير