نسبة الذكاء

(بالتحويل من امتحان ذكاء)

نسبة الذكاء أو حاصل الذكاء (بالإنجليزية: Intelligence Quotient ويُعرف بالاختصار: IQ) تعبير يُستخدم للدلالة على ذكاء الشخص ,هو الدرجة الكلية المشتقة من عدة اختبارات قياسية مصممة لقياس الذكاء الإنساني. وتُبنى نسبة ذكاء الشخص على أساس مقارنة درجاته في اختبار ذكاء بدرجات الآخرين في الاختبار نفسه.

كان عالم النفس ويليام شتيرن أول من صاغ اختصار IQ للمصطلح (بالألمانية: Intelligenzquotient) كمصطلح للتعبير عن طريقة القياس في اختبارات الذكاء في جامعة فروتسواف والتي أيدها في كتابه المنشور عام 1912. تاريخياً فإن نسبة الذكاء هو الدرجة الناتجة من قسمة العمر العقلي للشخص (الذي يُحصل عليه من خوض اختبار نسبة الذكاء) على العمر الرقمي للشخص، كليهما في صورة سنوات وشهور. وبعدها يتم ضرب الناتج في 100 للحصول على نتيجة نسبة الذكاء. عندما جرى تطوير اختبارات نسبة الذكاء الحالية، تم تحديد متوسط نتيجة اختبار الذكاء للعينات المتوسطة بقيمة 100 مع وجود انحراف معياري قيمته 15 نقطة أعلى أو أقل، على الرغم من الوضع تاريخياً لم يكن هكذا. وطبقا لهذا التعريف، فإن نتيجة حوالي ثلثي السكان تراوح ما بين 85 نقطة و115 نقطة. أمَّا حوالي نسبة 2.5 في المائة فقط من نتائج السكان هي أعلى من 130 نقطة على المقياس، كما أن 2.5 في المائة أقل من يبلغ معدل ذكائها 70 نقطة فقط.

تُستخدم نتائج نسبة الذكاء كتقديرات للذكاء. على عكس المسافة والكتلة على سبيل المثال، فإنه لا يمكن تحقيق قياس مجرد للذكاء بسبب الطبيعة التجريدية لمفهوم «الذكاء». أظهرت الدراسات أن نتائج نسبة الذكاء مرتبطة بعوامل مثل المرضية ومعدل الوفيات، والحالة الاجتماعية الأبوية، و–إلى حد ما- نسبة الذكاء الأبوية البيولوجية. في حين تم البحث في توريث نسبة الذكاء لقرابة القرن، إلا أنه لا يزال هناك جدال حول أهمية الوراثة في العملية وعن آلية الوراثة ذاتها.

تُستخدم نسبة الذكاء من أجل اختبارات تحديد المستوى التعليمية، وقياس التخلف العقلي، وتقييم المتقدمين للوظائف. حتى عندما يحسن الطلاب نتائجهم في الاختبارات القياسية، فإنهم لا يحسنون دائما من قدراتهم الإدراكية مثل الذاكرة والانتباه والسرعة. تُدرس نسبة الذكاء في سياق الأبحاث كمؤشرات على الأداء الوظيفي والدخل المالي. تُستخدم نسبة الذكاء أيضا في دراسة توزيع الذكاء النفسي بين السكان والعلاقات بينه وبين المتغيرات الأخرى. يمكن أن تعطينا دراسة الأنماط المختلفة للاتفاعات في نتائج الاختبار فكرة جيدة عن الذكاء البشري.

نبذة تاريخية

عادة ما ينظر البعض إلى الذكاء بوصفه مرادفاً لمعدل الذكاء (IQ)، وهو المفهوم الذى ابتكره ألفريد بينية أوائل القرن العشرين فى فرنسا بهدف التعرف على تلاميذ الممدارس الذين يحتاجون إلى رعاية تربوية خاصة.

طور عالما النفس الفرنسيان، ألفرد بينيه، وتيودور سيمون، أول اختبارات ذكاء حديثة عام 1905م. وفي الاختبارات اللاحقة، أدخل بينيه وسيمون فكرة قياس العمر العقلي. وأرادا أن يفصلا الأطفال الذين يحتمل أن يواجهوا صعوبة في التحصيل المدرسي، عن الأطفال المحتمل نجاحهم. وتفحص بينيه دقة الاختبارات في إطار الأداء الفعلي للطلاب في الصفوف. وبعد ذلك أسقط أو راجع تلك الأجزاء من الاختبارات التي أظهر فيها العمل المدرسي للفرد مقدرة أفضل أو أضعف مما دلت عليه درجات الاختبار.

وتطورت الاختبارات الخاصة بمعدل الذكاء بعد ذلك فى الولايات المتحدة الأمريكية وأصبحت بمثابة مقياس موحد يقيس الذكاء النظرى للفرد. وتم تقنين هذا المقياس حول الرقم 100، ويتم حسابه لدى الرجال والنساء بشكل منفصل.

ومنذ ذلك الحين جرى تبني هذه الاختبارات على نطاق واسع في بلدان عديدة.

اختبار الذكاء

يستخدم المربّون وعلماء النفس اختبار الذكاء من أجل تحديد العمر العقلي للشخص، وهو مستوى الفهم والأداء الذي يصله الشخص. ويتألف هذا الاختبار من سلسلة من المهام العقلية مرتبة حسب تسلسل صعوبتها. وتشمل معظم اختبارات الذكاء مهمات تتعلق بالذاكرة، والتعليل، والتعريفات، والقدرة الحسابية، واستدعاء الحقائق.

وقد توصل علماء النفس إلى تحديد العمر الذي عنده يستطيع معظم الناس أن يُجيبوا إجابة صحيحة عن كل سؤال في اختبار الذكاء. ولنفرض أن طفلاً في العاشرة طُلب منه أن يُعرّف كلمات معينة، وأن يبين علاقات الكلمات والأفكار، وأن يحل مسائل حسابية سهلة، وأن يتذكر حقائق معينة. هذا الطفل سوف يحاول بقدر الإمكان إنجاز هذه المهام. فإذا أدى المهام المتوقعة من ابن تسع سنوات، ولم يستطع انجاز المهام المتوقعة من ابن عشر سنوات، يكون عمره العقلي تسع سنوات.

حساب نسبة الذكاء

لا يمكن تحديد ذكاء الشخص من خلال العمر العقلي وحده. فالطفل الذي عمره 6 سنوات، وعمره العقلي 8 سنوات، يُعد أكثر ذكاء من طفل عمره 10 سنوات، وله من العمر العقلي 8 سنوات أيضًا.

ويقسم اختبار نسبة الذكاء الأصلي العمر العقلي على سنوات العمر، ثم يضرب النتيجة في مائة ليتجنب الكسور. وهكذا فإن ابن أربع سنوات، ذا العمر العقلي 6 سنوات، يحرز نسبة ذكاء (6÷4)×100، أي 150. وطفل عمره 10 سنوات وعمره العقلي 8، تكون نسبة ذكائه (8÷10)×100 أي 80. وفي معظم اختبارات نسبة الذكاء، تعد المائة درجة متوسطة بالنسبة لمستوى عمر الشخص.

ومنذ عام 1960م، أخذت كل اختبارات نسبة الذكاء، تخصص قيمة (100) لمتوسط درجات المفحوصين. وبعدها يحدد الفاحصون قيمًا فوق (100) أو تحتها للدرجات الأخرى، حسبما تكون النتيجة، ارتفاعًا أو انخفاضًا، بالنسبة للمتوسط. فالذكاء يتطور بمعدلات بطيئة بعد البلوغ، وهكذا يستخدم الفاحصون هذه الطريقة لتحديد نسبة الذكاء عند البالغين.

الاختبارات الحالية

هناك العديد من اختبارات نسبة الذكاء المعتمدة في العالم المتحدث باللغة الإنجليزية. يعتبر مقياس وكسلر لذكاء البالغين هو اختبار نسبة الذكاء الأكثر شيوعا ومقياس وكسلر لذكاء الأطفال للأطفال في عمر المدرسة. هناك بعض الاختبارات الأخرى المستخدمة بكثرة مثل مقياس ستانفورد بينيت للذكاء واختبار وودكوك جونسون للقدرات الإدراكية ونظام التقييم الإدراكي ومقياس القدرات المختلفة ومصفوفات ريفن المتتابعة.

المصداقية والفعالية

يعتبر علماء النفس بشكل عام أن اختبارات نسبة الذكاء تتمتع بمصداقية إحصائية مرتفعة. تشير المصداقية المرتفعة إلى أنه على الرغم من تنوع نتائج من يخوضون الاختبار عند أخذ نفس الاختبار في ظروف مختلفة، وعلى الرغم من اختلاف نتائجهم عندما يخوضون اختبارات مختلفة عند نفس العمر، إلا أن النتائج تتفق مع بعضها بشكل عام وباختلاف الأوقات. مثل كل الكميات الإحصائية، نجد أن كل تقديرات الذكاء لها خطأ معياري معين يقيس عدم التأكد في التقدير. في الاختبارات الحديثة، نجد أن عامل الخطأ يبلغ ثلاث نقاط. يرى علماء النفس بشكل عام أن نتائج اختبار نسبة الذكاء تتمتع بمصداقية إحصائية كافية للعديد من الأغراض العملية.

استعمالات اختبارات نسبة الذكاء

يستخدم المعلمون في بعض البلدان اختبارات نسبة الذكاء لتساعدهم في تقدير تقدُّم الأطفال وفق ما تسمح به قدراتهم. فإذا سجّل الطفل نقاطًا عالية في اختبار نسبة الذكاء، ولكنه ضعيف الأداء في صفِّه، فقد يحاول المعلم أن يجزئ مهمات التعلم، إلى وحدات أصغر، أو أكثر ألفة. وبهذه المساعدة، يمكن للطفل أن يتقدم بشكل أسرع. ويمكن لاختبارات نسبة الذكاء أيضًا، أن تقدم وسيلة لتجميع الأفراد على أساس تماثل قدراتهم. وعندها يمكن أن يتم تكييف التعليم في الصف ليناسب كل مجموعة من التلاميذ. وتستخدم بعض السلطات المدرسية درجات نسبة الذكاء في تحديد ما إذا كان ينبغي السماح للطالب أن يأخذ مقررات أو برامج خاصة.

الانتقاد والآراء

نسبة الذكاء هي الطريقة الأكثر بحثا لقياس الذكاء، والأكثر استخداما بفارق كبير في الاختيارات العملية. لكن وبينما يسعى اختبار نسبة الذكاء إلى قياس بعض مفاهيم الذكاء، إلا أنه يفشل في تقديم قياس دقيق لتعريفات الذكاء المتنوعة. تقيس اختبارات نسبة الذكاء بعض مناطق الذكاء، في حين تتجاهل مناطق أخرى مثل الإبداع والذكاء الاجتماعي.

عند تصميم اختبار ذكاء، يحاول العلماء أن يستخدموا أسئلة حول موضوعات سبق لكل متقدم للاختبار أن تعرض لها بقدر متساو. ولكن يصعب أداء مثل هذا العمل بإتقان، ونتيجة لذلك، يتولى كل اختبار ذكاء قياس خبرة معينة إلى حد ما. فالطفل، الذي يتكلم الإنجليزية مثلاً، يحتمل أن يحرز درجات في اختبار مكتوب بالإنجليزية، أعلى مما يحرز طفل ظل يتكلم الأسبانية، إلى أن بدأ يتعلم الإنجليزية في المدرسة. وعلى نحو مماثل ينتظر من طفل اعتادت أسرته القراءة والسفر، أن يسجل درجات أعلى من درجات طفل يفتقر إلى هذه الخبرات.

إن الحياة المنزلية والمدرسية التي تشجع التعلم تتيح للطفل مع تدرجه في العمر، أن يسجل درجات أعلى في اختبار نسبة الذكاء. ومن جهة أخرى، ينتظر من الفتيان المحرومين الذين يذهبون إلى مدرسة متدنية المستوى، أن يسجلوا درجات أدنى على مر السنين. ويمكن أن يعكس انخفاض درجاتهم افتقارهم إلى عدة خبرات أحرزها غيرهم من الأطفال. وكذلك ربما سجل أطفال درجات منخفضة بسبب سوء التغذية خلال سنوات عمرهم المبكرة.وهكذا تعتمد نسبة الذكاء على الوراثة والبيئة معًا.

وقد حاول أناس تصميم اختبارات عادلة ثقافيًا أو خالية من تأثيرات ثقافية. وتحتوي هذه الاختبارات على أفكار ورموز وكلمات فقط، يعرفها الأشخاص ذوو الخلفيات المختلفة. وهي تسمى أحيانًا الاختبارات غير الشفهية (بغير كلمات) لتقابل الاختبارات الشفهية التي تستخدم الكلمات. وبعض هذه الأنواع من الاختبارات يستخدم فقط صورًا وجداول يمكن أن يفهمها أبناء ثقافات مختلفة.

ودرجات نسبة الذكاء لا تتغير من سنة لأخرى عند معظم الناس. وإن كانت درجات بعض الأفراد يمكن أن تتغير من اختبار لآخر. وقد يسجل الناس حين يقدمون على اختبار وهم في حالة جيدة ومريحة ويشعرون بالثقة، درجات أعلى نوعًا ما، مما يسجلونه لو كانوا يشعرون بالمرض أو التعب.

ويعارض بعض المربين وعلماء النفس استخدام نسبة الذكاء لتقسيم الطلاب إلى مجموعات. ويخشى هؤلاء الخبراء، أن يميل الأستاذ إلى معاملة الطفل وفقًا لتصنيف مجموعته. فالأطفال المصنفون بمستوى بطيء قد يظنون أنه ينتظر منهم أن يتعلموا ببطء، ويفعلوا ذلك حتى لو كان في مقدورهم أن يتقدموا على نحو أسرع.

اختبارات الذكاء والبيئة مقابل الوراثة

اختبارات الذكاء مجال من المجلات السجالية بين دعاة أولوية البيئية فى مقابل مشايعى أولوية الوراثة.

ويرى كثير من دعاة اختبارات الذكاء أن بطارية اختبارات الذكاء العادية مصممة بهدف قياس الذكاء الذى ينتقل بموجب عوامل الوراثة، وغير المقابل، من ثم، للتحديل الطفرى. لكن بعض النقاد يذهبون إلى القول بأن هذه الاختبارات لا تهدف بالأساس إلى تقديم مقياس محدد للذكاء، غير القابل للتعديل، وأن القول بوجود مقياس ثابت لا يستند إلى أساس ولا يمكن تبريره منطقيا استنادا إلى مفهوم الذكساء المرتبط بالثقافة. وعلى الرغم من تعدد الجهود والمحاولات التى أنفقت فى هذا الجدل، فإنه لم يصل إلى نتائج مقنعة فى أى الاتجاهين، وظلت التقديرات الخاصة بإمكانية توريث الذكاء تتراوح بين صفر، 80%. وانبنت غالبية هذه التقديرات على دراسات خاصة بأفراد نشأوا فى بيئات مختلفة تتشابه خصائصهم الوراثية أو تتماثل (خاصة بين الأشقاء والتوائم). وفى هذا السياق ادعى البعض أنه يمكن عزل عوامل الوراثة عن عوامل البيثة، الأمر الذى يسمح بتقدير التأثيرات الخاصة لكل منهما على حدة. والواقع أن تحقيق ذلك أمر على جانب كبير من الصعوبة، الأمر الذى أدى إلى توجيه انتقادات عديدة إلى هذه الدراسات تركزت على الصعوبات التى تحول دون تحديد العوامل المرتبطة بالبيئة تحديدا مستقلا بشكل يمكننا من الوصول إلى مثل هذه التقديرات.

وانتشرت على أوسع نطاق اتهامات مؤداها أن السير سيريل بيرت، وهو واحد من أشهر الذين ساهموا فى هذا المنقاش خلال سنوات منتصسف المقرن العشر ين، قد ز ور نتائجه التى تؤكد أن المكون الوراثى هو المسئول عن النسبة العظمى من التنوع (تتراوححول 80%) فى تقديرات معدل الذكاء ويسير على هذا الدرب، من المعاصرين، هانز أيزنك، عالم المنفس الذى يؤكد على ارتفاع الممكون الوراثى لمعدل الذكاء، وليون كامين، عالم الوراثة البشرية الذى يرى أن الجدل (حول قضايا الوراثة والبيئة) لم ينته بعد، كما أنه يحتوى فى الوقت نفسه على جوانب من سوء المفهم للأسباب التى سلفت الإشارة إليها. (انظر مؤلف أيزنك وكامين المعنون: الذكاء: معركة حول العقل، الصادر 1981). ويقدم أرثرجينسن تحليلا أثار جدلاً حامياً فى مقال عنوانه: إلى أى مدى يمكن أن نزيد معدل الذكاء والتحصيل الدراسى؟ المنشور فى المجلة التربوية لجامعة هارفارد عام 1969، يقدم رأياً مؤداه أن العوامل الوراثية هى التى تستطيع تفسير الذكاء إلى حد بعيد، وأن فقر الأمريكان السود لا يكفى لتفسير الاختلافات المرتبطة بأدائهم لاختبار الذكاء بالمقارنة بالبيض. وذهب النقاد إلى أن البيانات التى حصلها جينسن غير صحيحة، وأن إجراءات تنفيذ دراسته ليس لها مسوغ علمى. لكن الشئ المؤكد، والذى لايمكن إنكاره، أن الاختبارات الخاصة بمعدل الذكاء قد تعرضت على طول تاريخها لسوء الاستخدام إلى حد بعيد، فى محاولة لإثبات نقص وضعة "أجناس" بعينها، وذلك من خلال استخدام معايير للتقييم لها خصوصيتها من الناحية الثقافية. وليس من الواضح تماما ما إذا كانت الاختبارات الحديثة قد استطاعت تجنب هذا التحيز. ولهذا السبب فمن اللغو أن نعول على نتائج هذه الاختبارات فى كونها تمدنا بمؤشر للمستوى الثابت أو الوراثى للذكاء العام، يمكن الاعتماد عليه.

انظر أيضاً