ليبرتارية
الليبرتارية أو التحررية أو مذهب الحرية (بالإنجليزية: Libertarianism) ويسميها البعض "مذهب مؤيدي مبادئ الحرية"، هي المذهب السياسي الفلسفي الذي من أولوياته الحفاظ على الحرية الفردية، ويدعو إلى إزالة القيود المفروضة على الفرد من قبل الدولة وتقليص حجمها قدر المستطاع.
الليبرتارية إيديولوجية مضادة للدولة تفسر مبادئ الليبرالية تفسيراً ياخذه إلى منتهاه المنطقى. وترجع جذور مذهب الحرية إلى كتابات فيلسوف السياسة الذى عاش فى القرن السابع عشر الإنجليزى جون لوك، والذى أصر على أولوية حقوق الفرد فى الحياة والحرية والملكية، "استبعاد التدخل القهرى للدولة، المنتهك الأول للحرية. ومع ذلك، فإن تعظيم قيمة الحرية الفردية على كل ما عداها يعد موقفاً معروفاً فى الفكر المحافظ ويشكل أنصار مذهب الحرية جزءاً من اليمين الراديكالى المحافظ فى كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وينضوى تحت لواء الليبراليين الجدد الفيلسوف الأمريكى روبرت نوزيك (انظر كتابه الفوضى والدولة واليوتوبيا، الصادر عام 1974) والذى يختزل دور الدولة إلى مجرد كونها "أداة الحماية"؛ والاقتصادى فردريش هايك. ويؤكد هايك أن الاقتصاد والسياسة المثاليين هما "تتظيمات تلقائية" تماثل السوق الحر، تصاغ فى إطارها العلاقات بين الأشخاص على غرار نموذج التبادل السوقي؛ ويختزل دور الحكومة إلى مجرد الحفاظ على النظام، وتقديم تلك الخدمات العامة التى لا يمكن أن تتشأ تلقائياً نظراً لحاجتها لاستثمارات رأسمالية أولية ضخمة. ويفترض أن يفضى هذا إلى تعددية فى القيم الفردية و الاجتماعية (انظر على سبيل المثال دراسته المعنونة مبادئ النظام الاجتماعى الليبرالى، المنشورة فى كتاب كوسبيجنى و كرونين (محرران): ايديولوجيات السياسة، (المنشور عام 1975).
ويدعو أنصار الليبرتارية إلى تعظيم الحقوق الفردية، والحد من دور الحكومة، وإلى اقتصاد السوق الحر. وقد وجدت هذه الأفكار دعما قويا فى الولايات المتحدة، حيث تتعايش بغير تناغم مع النزعة المحافظة والليبرالمية الجديدة. وقد دعا الرئيس رونالد ريجان خلال فترة حكمه الأولى (1980-84) إلى سياسة انطوت على العديد من مبادئ مذهب الحرية، على الرغم من أن هذه الأفكار لم تتفذ بالكامل من قبل إدارته.
يؤمن الليبرتاريون بأن الفرد يملك نفسه تماماً، وبالتالي فإن لديه الحرية في التصرف فيها وفي ممتلكاته كما يشاء شرط ألا يكون هذه في التصرفات تعد على حريات الآخرين وممتلكاتهم. وفقا لموقع منبر الحرية، المدعوم من قبل مؤسسة أطلس للأبحاث الاقتصادية فإن الليبرتاريين "يعارضون معظم أو كلّ الممارسات الحكومية، حتّى ولو كانت مؤيَّدة بأغلبية ديمقراطية. كما ويعتقدون أنه إذا كان الأفراد لا يمارسون الإكراه ضد الآخرين، فإنه يتعيّن على الحكومة أن تتركهم في طمأنينة وسلامة" كما يعارض الليبرتاريون "تدخّل الحكومة في الاقتصاد (عدا عن منع المؤسسات التجارية أو الصناعية من الاشتراك في الإكراه أو الاحتيال)" وبعضهم يعارض "كافة أنواع الضرائب" إلا أن معظمهم "يؤيدون فقط ما يكفي من الضرائب التي يعتقدون بأنها ضرورية لحماية حريّة الفرد. إن معظمهم يؤيدون وجود حكومة، إلا أنهم يدعون إلى تخفيض حجم ونطاق الحكومة إلى المهام الأساسية لحماية الحريّة الفردية، والملكية الخاصة، والسوق الحرّة."
يختلف الليبرتاريون في تعريف الحرية ومقدار درجة الحرية الممنوحة للشخص، ودور الحكومة في المجتمع (بعضهم لا سلطويين ضد مبدأ وجود حكومة من الأساس).
أما فى الفلسفة، فيشير الليبرتارية إلى نظرية فى الفعل الإنسانى تعارض الحتمية وتصر على أن الأفعال الإتسانية الواعية غير قابلة للتفسير فى ضوء المصطلحات العلية البسيطة.
وجهات نظر ليبرتارية
قد تقسم الليبرتارية إلى أقسام عديدة، إلا أن هذه الأقسام لا تعني بالضرورة أن لكل قسم تعريفا واضحا أو جملة آراء وسياسات تحدد ماهية ذلك القسم. من أقسام الليبرتارية
- الجيوليبرتارية، وهي المبدأ السياسي الذي يدمج بين الليبرتارية والجورجية. والجورجية هي الفكرة القائمة على أساس أن أراض الدولة هي ملك لجميع المواطنين وبالتالي فإذا أراد شخص أن يمتلك قطعة ما فإن عليه دفع ثمن أجرتها للمجتمع ككل.
- الليبرتارية اليسارية هو المذهب ذو النظرية المساواتية للمصادر الطبيعية حيث يرون ألا حق لشخص ما امتلاك هذه المصادر لنفسه، ويدعون إلى توزيع الثروة بناء على إيمانهم أن المصادر الطبيعية ملك للجميع. ويقرن هذا المذهب غالبا مع الليبرتارية الاشتراكية. ويعد نعوم تشومسكي أحد المدافعين عن هذا الاتجاه في الطيف السياسي الليبرتاري (لا يعد تشومسكي ليبرتاريا). ويرى آخرون أن لليبرتارية اليسارية تعريف آخر، فهم يرون أنها ليبرتارية تدعو إلى إنهاء مبدأ الملكية الفكرية مع بعض التوجهات اليسارية كتأييد الاتحادات العمالية.
- الليبرتارية المحافظة وقد تعد هذه نوعا من أنواع الليبرتارية اليمينية. وقد يقسم البعض أتباعها إلى دستوريين وباليو ليبرتاريين ومحافظي الحكومة الصغرى وغيرهم. ويختلفون عن المحافظين في تأييدهم لحرية اقتصادية أكبر (اقتصاد سوق كلي) ورفضهم لتدخل الحكومة في السوق وسن القوانين في وجه التجار، وفي معارضتهم لمبدأ البنوك المركزية. وهم بشكل عام أكثر تسامحا مع حقوق المثليين والهجرة غير القانونية وقوانين تحليل المخدرات. وممن قد يصنف في هذا القسم باري جولدواتر ورون بول ومري روثبورد ولودفيج فون ميزس وميلتون فريدمان.
- الليبرتارية الاشتراكية، وتهدف إلى إقامة مجتمع تغيب عنه كل مؤسسات الإكراه والعنف، وتقرن غالبا باللاسلطوية الاشتراكية، واللاسلطوية الشيوعية.